إثيوبيا تقتل مصر بسد النهضة حامد الأطير
إلى متى الصبر على إثيوبيا وهي ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي وبالاتفاقات الموقعة معها وماضية في تشييد وإكمال سد النهضة أو سد الألفية كما تسميه بسرعة البرق لتنتهي منه فى 2017 ؟ إلى متى الصبر على إثيوبيا وهي تسعى جهارا نهارا لتعطيش وتجويع مصر وشعبها ؟ إلى متى الصبر على إثيوبيا وهي تفرض علينا أمرا واقعا لا يمكن تحمله أو قبوله ؟ إلى متى الصبر والسكوت على إثيوبيا وهي تسد شريان مصر وتقطع رقبتها وتهدد أمنها القومي ؟ إلى متى سنظل - دولة وشعب - مكتوفي الأيدي مسلوبي الإرادة ونحن نُذبح ؟
إن سد النهضة أو - سد الموت - وسيلة من وسائل تركيع مصر تقف وراءه دول عدة تضمر الشر لمصر وتسعى لدمارها ، على رأسهم إثيوبيا نفسها التي لم تنس محاولة الاحتلال الفاشلة للخديوي إسماعيل في 16 نوفمبر 1875 عندما أرسل إلى إثيوبيا حملة من 9500 مقاتل من المرتزقة الأجانب من الأوروبيين والأمريكيين بعد استبعاد خيرة الجنود المصريين ، وإسرائيل التي تحاول تطويق وحصار وخنق مصر لإضعاف قدراتها بصفتها القوة العربية الوحيدة الفاعلة والقادرة على مواجهتها وتأديبها ، وتركيا التي تسعى لإضعاف مصر ليسهل عليها إعادة احتلال الدول العربية مرة ثانية بزعم عودة الخلافة الإسلامية التي يروج لها الدراويش ، غير المدركين بأن الخلافة ليست سوى طريقة ونظام حكم لا أكثر ، وقطر القفاز القذر في يد أمريكا والمنفذة لخطط الكيد والوقيعة بين الدول العربية طمعا في حكم السعودية أو جزء كبير منها بعد تفتيتها ، وأمريكا الداعمة لإسرائيل ، التي لم يتورع رئيسها أوباما عن زيارة إثيوبيا لدعم موقفها وقال بالحرف الواحد: نحن نؤيد اثيوبيا في تطلعاتها للتنمية وحقها في الطاقة النظيفة .
مصر تعتمد على نهر النيل بنسبة (95%) من احتياجاتها المائية وإثيوبيا تعتمد على مياه النهر بنسبة (1%) فقط ، واعتمادها الكلي على مياه الأمطار ، إثيوبيا تضللنا وتضلل العالم بأنها تسعى من وراء بناء السد الى توليد طاقة كهربائية تعود عليها بالنفع سواء بالاستخدام أو بالبيع وبما يساهم فى تحقيق تنمية ومكاسب اقتصادية لها ، والحقيقة أن إجمالي ما يمكن أن يولده هذا السد حسب رأي الخبراء هو (2000) ميجا وات فقط ، إثيوبيا تريد بيع المياه لمصر بالإكراه ولذلك صممت السد بلؤم وخبث ، حيث تضمن التصميم (16) فتحة أي (16) توربين بما يعني أنه إذا أرادت مصر استمرار تدفق ووصول المياه إليها فعليها أن تشتري الكهرباء التي ستتولد نتيجة ضخ المياه ، لأن الكهرباء لا يمكن تخزينها ، وبهذا تكون اثيوبيا قد أجبرت مصر على شراء المياه في صورة كهرباء ، سد اثيوبيا عبارة عن سد خرساني بارتفاع (145) متر يُخزن أمامه (14) مليار متر مياه وسد ركامي بارتفاع (55) متر يخزن (60) مليار متر مياه بإجمالي (74) مليار متر مياه ، مما يعني حدوث جفاف في مصر أثناء فترة الامتلاء والتخزين ، وتخزين المياه بدأ بالفعل في بحيرة سد النهضة بعد أن أعادت إثيوبيا مجرى النيل الأزرق لسابق عهده ، ويُتوقع توليد الكهرباء من توربينين في أكتوبر العام القادم وهذا يعني اكتمال تخزين (14) مليار متر مياه.
السد خطر داهم على مصر وفخا لها ، خطر عليها حال اكتمال بنائه لأنه سيصيبها بالجفاف والعطش وأكثر خطورة عليها إذا دُمر أو انهار ، لأن المياه المُخزنة أمامه بكميتها وقوتها وضغطها ستحطم السد العالي مما سينتج عنه غرق صعيد ودلتا مصر وتدمير الأخضر واليابس وتشريد ما يزيد عن 50 مليون مصري ، ولذا ستكون مصر حال اكتمال السد مُطالبة بحمايته من أي عدوان لتجنب حدوث كارثة الغرق ، وهذا هو الفخ ، لذا فإن المطلوب الآن وبلا إبطاء وقف إثيوبيا عن تكملة السد بأي طريقة ، يضاف لذلك خسارة مصر (9) مليار متر مياه وهو ما يعني تصحر (2) مليون فدان وضياع طاقة تكفي محافظتين وخسارة تقدر بـ (20) مليار دولار وتهجير فلاحين وتوقف مصانع.
إثيوبيا حاولت مرارا انتهاز الظروفً السياسية المصرية والعالمية الحرجة لتنفيذ وبناء سدودها المتعددة ، فقد استغلت انشغال مصر في ثورة 1952 ، وقامت ببناء سد «تيس أباي Tes 1 Abay» بارتفاع 5,11 متر، وهو أول سد إثيوبى على مجرى النهر لتوليد الكهرباء ولولا تهديد عبد الناصر لهايله سلاسي إمبراطور إثيوبيا في ذلك الوقت بالحرب لكان سدا عملاقا بارتفاع (5,112) متر ، ثم بعد ذلك استغلت انشغال مصر فى حرب أكتوبر وقامت ببناء سد «فينشا» عام 1973 بارتفاع (25) مترًا ثم قامت ببناء سد "أويرو" عام 1995 ثم قامت بتوسيع "سد تيس أباي عام 2001 ، ثم بنت سد إضافى بجانبه حمل اسم "تيس أباى2" ومضاعفة قوته إلى 73 ميجا وات وأخيرا استغلت انشغال مصر بثورة 25 يناير 2011 وما تبعها لتبني سد النهضة أو سد الموت كما اسميه أنا لأنه الأشد خطورة على مصر ، فإثيوبيا ستسيطر على ما يقرب من ثلثي المياه التي تعتمد عليها مصر.
ولذا أقولها صراحة: إن لم تكن الاتصالات والمباحثات والمفاوضات التي تمت مع إثيوبيا تُجرى بهدف تصحيح الخطأ الفادح الذي وقعنا فيه منذ قيام ثورة يناير 2011 ، حين تركنا الفرصة كاملة لإثيوبيا لتشرع في بناء سدها وانشغلنا عنها واستغرقنا في معالجة شئوننا الداخلية المضطربة وتطهير البلاد وتخليصها من أنياب عصابة الإخوان الشيطانية الإرهابية التي جلبت علينا أشد الضرر حين قام مرسي الأهطل عامدا متعمدا بإذاعة الاجتماع الذي دعى إليه بعض القوى الوطنية لمناقشة سد النهضة على الهواء مباشرة دون أن يُبلغ المشتركين بذلك .
أقولها صراحة إن لم المفاوضات هادفة إلى تصحيح موقف مصر وإعادة ترتيب إجراءاتها وأوراقها في ملف سد النهضة بما يُظهر أنها تتبع وتلتزم بالقانون الدولي لحفظ حقوقها المشروعة والتاريخية وحصتها المكتسبة في مياه النيل بموجب الاتفاقات الموقعة مع إثيوبيا والسودان وباقي دول الحوض ، وإن لم يكن الهدف من هذه الاتصالات هو التمهيد لخطوة مصرية تالية تضمن إطلاق يد مصر في اختيار الرد المناسب للدفاع عن مصالحها وحقوقها والإبقاء والحفاظ على حياة شعبها ، فإنني أعتبر تلك المفاوضات عبثية وقاتلة ومدمرة لمصر .
ولكي نعرف أهمية وضرورة وقيمة ما تم من اتصالات ومفاوضات مع إثيوبيا علينا أن نعرف رأي القانون الدولي وتنظيمه لحقوق الدول المتشاطئة أي المشتركة على نهر دولي واحد يتضمن عدد من المبادئ في هذا الشأن: منها أن الدول المتشاطئة لها حق السيادة إلى أبعد الحدود في استعمال جزء من النظام الدولي للمياه الذي يقع ضمن اختصاصها على أن يتفق مع الحق المماثل لكل دولة متشاطئة مشتركة معها ، ومنها أن الدول المتشاطئة مخولة في حصة من الاستعمال وفوائد نظام المياه الدولية على أساس عادل ومعقول ، ومنها التزام الدول المتشاطئة التي تنوي تغيير نظام المياه الدولية الذي قد يؤثر في حقوق الدول المتشاطئة الأخرى ، ومنها أن تعطى الفرصة الكافية للدولة الأخرى في الرفض ، ومنها أنه إذا رفضت الدولة المتشاطئة الأخرى بالفعل وأعربت عن رغبتها في الوصول إلى اتفاق أو حل سريع بالوسائل السلمية والمنصوص عليها في المادة ( 33 ) من ميثاق الأمم المتحدة ، فعلى الدولة التي تنوي القيام بالتغيير أن تمتنع عن القيام بالعمل وتسمح بتبادل أي اتفاق معلق أو أي حل آخر ، وإجمالا فهذه هي المبادئ 1- مبدأ حسن الجوار بين الدول 2-مبدأ حسن النية في التعامل بين الدول 3-مبدأ عدم الإضرار بالدول الأخرى 4-مبدأ تنفيذ الالتزامات التعاقدية المصادق عليها 5-مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق 6-مبدأ حل المنازعات بالوسائل السلمية 7-مبدأ اللجوء إلى المفاوضات في حالة الاختلاف
لقد كان لزاما على مصر البدء فى خطوات التشاور والتفاوض والوساطة الدولية التي يقوم بها طرف ثالث ، وقد وسطت مصر السودان - بالرغم من أنها طرف في الخلاف - وكذلك لجأت وباتفاق الدول الثلاث المعنية بهذا الشأن (مصر و إثيوبيا و السودان) لهيئة تحكيم دولية متمثلة في المكتب الفرنسي والمكتب الهولندي ، حتى تكون مصر قد استوفت واتبعت الخطوات القانونية اللازمة ، وحتى لا تُلام إذا ما أقدمت على خطوة أخرى بعد ذلك ، وعلى مصر التحرك بأسرع من البرق لأن الوضع أصبح بحق خطير ، فإثيوبيا تلاعب مصر وتماطلها كسبا للوقت حتى تفرض علينا أمرا واقعا ، خاصة وأنها لم توقف بناء السد أثناء المفاوضات.
وعلى مصر الآن أن تحدد خياراتها دون تردد ، وتعلن للكافة أنها تعاونت وتفاوضت مع إثيوبيا وفشلت بسبب تعنتها ومراوغتها ، وعليها أن تتحرك على المستوى الدبلوماسي والسياسي والشعبي لتدويل القضية كما فعلت سابقا المجر والأرجنتين وكما فعلت كينيا بالأمس القريب مع إثيوبيا نفسها ، ولم يمنعها توقيعها اتفاقية "عنتيبي" مع إثيوبيا من التقدم بشكواها للأمم المتحدة بخصوص سد "جيب ثري" المقام على نهر "أومو" بعد أن اكتمل بنائه ، وكسبت قضيتها بعد أن شرحت الأضرار التي ستقع عليها حال تشغيل هذا السد.
ولأن مصر لا تستطيع اللجوء إلى محكمة العدل الدولية مباشرة إلا بموافقة إثيوبيا ، حيث يُشترط موافقة طرفي النزاع ، وبما أن إثيوبيا لن توافق لعلمها أن مصر هي الرابحة بحكم الاتفاقيات وطبقا لأحكام القانون الدولي ، إذاً فلا يبقى أمام مصر إلا حشد جهودها الدبلوماسية والسياسية والقانونية والشعبية لتوضيح وتأييد وجهة نظرها وبيان حقوقها وإجلاء الموقف أمام دول العالم ، وعليها أن تلجأ إلى المنظمات البيئية العالمية وإلى الاتحاد الأفريقي والي محكمة العدل الأفريقية وإلى الأمم المتحدة لتثبت خرق إثيوبيا لقواعد القانون الدولي ومخالفتها وعدم التزامها بالمعاهدات الموقعة معها ، وبيان حجم وكم الأضرار والأخطار الجسيمة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي ستقع على مصر نتيجة إنشاء سد النهضة ، وحتى تقوم الأمم المتحدة بإحالة الملف إلى محكمة العدل الدولية ، كل هذه الخطوات والإجراءات لتجنب نشوب حرب مصرية إثيوبية ولوقف خطر السد ، أما إذا لم ترتدع إثيوبيا واستمرت في غيها حينها لن يكون هناك مجال للمساومات ولا للمهادنات وستصبح المواجهة مع إثيوبيا حتمية ، فحياة مصر والمصريين دونها الأرواح والدماء.
- - - - - - - - - - - - - -
إن سد النهضة أو - سد الموت - وسيلة من وسائل تركيع مصر تقف وراءه دول عدة تضمر الشر لمصر وتسعى لدمارها ، على رأسهم إثيوبيا نفسها التي لم تنس محاولة الاحتلال الفاشلة للخديوي إسماعيل في 16 نوفمبر 1875 عندما أرسل إلى إثيوبيا حملة من 9500 مقاتل من المرتزقة الأجانب من الأوروبيين والأمريكيين بعد استبعاد خيرة الجنود المصريين ، وإسرائيل التي تحاول تطويق وحصار وخنق مصر لإضعاف قدراتها بصفتها القوة العربية الوحيدة الفاعلة والقادرة على مواجهتها وتأديبها ، وتركيا التي تسعى لإضعاف مصر ليسهل عليها إعادة احتلال الدول العربية مرة ثانية بزعم عودة الخلافة الإسلامية التي يروج لها الدراويش ، غير المدركين بأن الخلافة ليست سوى طريقة ونظام حكم لا أكثر ، وقطر القفاز القذر في يد أمريكا والمنفذة لخطط الكيد والوقيعة بين الدول العربية طمعا في حكم السعودية أو جزء كبير منها بعد تفتيتها ، وأمريكا الداعمة لإسرائيل ، التي لم يتورع رئيسها أوباما عن زيارة إثيوبيا لدعم موقفها وقال بالحرف الواحد: نحن نؤيد اثيوبيا في تطلعاتها للتنمية وحقها في الطاقة النظيفة .
مصر تعتمد على نهر النيل بنسبة (95%) من احتياجاتها المائية وإثيوبيا تعتمد على مياه النهر بنسبة (1%) فقط ، واعتمادها الكلي على مياه الأمطار ، إثيوبيا تضللنا وتضلل العالم بأنها تسعى من وراء بناء السد الى توليد طاقة كهربائية تعود عليها بالنفع سواء بالاستخدام أو بالبيع وبما يساهم فى تحقيق تنمية ومكاسب اقتصادية لها ، والحقيقة أن إجمالي ما يمكن أن يولده هذا السد حسب رأي الخبراء هو (2000) ميجا وات فقط ، إثيوبيا تريد بيع المياه لمصر بالإكراه ولذلك صممت السد بلؤم وخبث ، حيث تضمن التصميم (16) فتحة أي (16) توربين بما يعني أنه إذا أرادت مصر استمرار تدفق ووصول المياه إليها فعليها أن تشتري الكهرباء التي ستتولد نتيجة ضخ المياه ، لأن الكهرباء لا يمكن تخزينها ، وبهذا تكون اثيوبيا قد أجبرت مصر على شراء المياه في صورة كهرباء ، سد اثيوبيا عبارة عن سد خرساني بارتفاع (145) متر يُخزن أمامه (14) مليار متر مياه وسد ركامي بارتفاع (55) متر يخزن (60) مليار متر مياه بإجمالي (74) مليار متر مياه ، مما يعني حدوث جفاف في مصر أثناء فترة الامتلاء والتخزين ، وتخزين المياه بدأ بالفعل في بحيرة سد النهضة بعد أن أعادت إثيوبيا مجرى النيل الأزرق لسابق عهده ، ويُتوقع توليد الكهرباء من توربينين في أكتوبر العام القادم وهذا يعني اكتمال تخزين (14) مليار متر مياه.
السد خطر داهم على مصر وفخا لها ، خطر عليها حال اكتمال بنائه لأنه سيصيبها بالجفاف والعطش وأكثر خطورة عليها إذا دُمر أو انهار ، لأن المياه المُخزنة أمامه بكميتها وقوتها وضغطها ستحطم السد العالي مما سينتج عنه غرق صعيد ودلتا مصر وتدمير الأخضر واليابس وتشريد ما يزيد عن 50 مليون مصري ، ولذا ستكون مصر حال اكتمال السد مُطالبة بحمايته من أي عدوان لتجنب حدوث كارثة الغرق ، وهذا هو الفخ ، لذا فإن المطلوب الآن وبلا إبطاء وقف إثيوبيا عن تكملة السد بأي طريقة ، يضاف لذلك خسارة مصر (9) مليار متر مياه وهو ما يعني تصحر (2) مليون فدان وضياع طاقة تكفي محافظتين وخسارة تقدر بـ (20) مليار دولار وتهجير فلاحين وتوقف مصانع.
إثيوبيا حاولت مرارا انتهاز الظروفً السياسية المصرية والعالمية الحرجة لتنفيذ وبناء سدودها المتعددة ، فقد استغلت انشغال مصر في ثورة 1952 ، وقامت ببناء سد «تيس أباي Tes 1 Abay» بارتفاع 5,11 متر، وهو أول سد إثيوبى على مجرى النهر لتوليد الكهرباء ولولا تهديد عبد الناصر لهايله سلاسي إمبراطور إثيوبيا في ذلك الوقت بالحرب لكان سدا عملاقا بارتفاع (5,112) متر ، ثم بعد ذلك استغلت انشغال مصر فى حرب أكتوبر وقامت ببناء سد «فينشا» عام 1973 بارتفاع (25) مترًا ثم قامت ببناء سد "أويرو" عام 1995 ثم قامت بتوسيع "سد تيس أباي عام 2001 ، ثم بنت سد إضافى بجانبه حمل اسم "تيس أباى2" ومضاعفة قوته إلى 73 ميجا وات وأخيرا استغلت انشغال مصر بثورة 25 يناير 2011 وما تبعها لتبني سد النهضة أو سد الموت كما اسميه أنا لأنه الأشد خطورة على مصر ، فإثيوبيا ستسيطر على ما يقرب من ثلثي المياه التي تعتمد عليها مصر.
ولذا أقولها صراحة: إن لم تكن الاتصالات والمباحثات والمفاوضات التي تمت مع إثيوبيا تُجرى بهدف تصحيح الخطأ الفادح الذي وقعنا فيه منذ قيام ثورة يناير 2011 ، حين تركنا الفرصة كاملة لإثيوبيا لتشرع في بناء سدها وانشغلنا عنها واستغرقنا في معالجة شئوننا الداخلية المضطربة وتطهير البلاد وتخليصها من أنياب عصابة الإخوان الشيطانية الإرهابية التي جلبت علينا أشد الضرر حين قام مرسي الأهطل عامدا متعمدا بإذاعة الاجتماع الذي دعى إليه بعض القوى الوطنية لمناقشة سد النهضة على الهواء مباشرة دون أن يُبلغ المشتركين بذلك .
أقولها صراحة إن لم المفاوضات هادفة إلى تصحيح موقف مصر وإعادة ترتيب إجراءاتها وأوراقها في ملف سد النهضة بما يُظهر أنها تتبع وتلتزم بالقانون الدولي لحفظ حقوقها المشروعة والتاريخية وحصتها المكتسبة في مياه النيل بموجب الاتفاقات الموقعة مع إثيوبيا والسودان وباقي دول الحوض ، وإن لم يكن الهدف من هذه الاتصالات هو التمهيد لخطوة مصرية تالية تضمن إطلاق يد مصر في اختيار الرد المناسب للدفاع عن مصالحها وحقوقها والإبقاء والحفاظ على حياة شعبها ، فإنني أعتبر تلك المفاوضات عبثية وقاتلة ومدمرة لمصر .
ولكي نعرف أهمية وضرورة وقيمة ما تم من اتصالات ومفاوضات مع إثيوبيا علينا أن نعرف رأي القانون الدولي وتنظيمه لحقوق الدول المتشاطئة أي المشتركة على نهر دولي واحد يتضمن عدد من المبادئ في هذا الشأن: منها أن الدول المتشاطئة لها حق السيادة إلى أبعد الحدود في استعمال جزء من النظام الدولي للمياه الذي يقع ضمن اختصاصها على أن يتفق مع الحق المماثل لكل دولة متشاطئة مشتركة معها ، ومنها أن الدول المتشاطئة مخولة في حصة من الاستعمال وفوائد نظام المياه الدولية على أساس عادل ومعقول ، ومنها التزام الدول المتشاطئة التي تنوي تغيير نظام المياه الدولية الذي قد يؤثر في حقوق الدول المتشاطئة الأخرى ، ومنها أن تعطى الفرصة الكافية للدولة الأخرى في الرفض ، ومنها أنه إذا رفضت الدولة المتشاطئة الأخرى بالفعل وأعربت عن رغبتها في الوصول إلى اتفاق أو حل سريع بالوسائل السلمية والمنصوص عليها في المادة ( 33 ) من ميثاق الأمم المتحدة ، فعلى الدولة التي تنوي القيام بالتغيير أن تمتنع عن القيام بالعمل وتسمح بتبادل أي اتفاق معلق أو أي حل آخر ، وإجمالا فهذه هي المبادئ 1- مبدأ حسن الجوار بين الدول 2-مبدأ حسن النية في التعامل بين الدول 3-مبدأ عدم الإضرار بالدول الأخرى 4-مبدأ تنفيذ الالتزامات التعاقدية المصادق عليها 5-مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق 6-مبدأ حل المنازعات بالوسائل السلمية 7-مبدأ اللجوء إلى المفاوضات في حالة الاختلاف
لقد كان لزاما على مصر البدء فى خطوات التشاور والتفاوض والوساطة الدولية التي يقوم بها طرف ثالث ، وقد وسطت مصر السودان - بالرغم من أنها طرف في الخلاف - وكذلك لجأت وباتفاق الدول الثلاث المعنية بهذا الشأن (مصر و إثيوبيا و السودان) لهيئة تحكيم دولية متمثلة في المكتب الفرنسي والمكتب الهولندي ، حتى تكون مصر قد استوفت واتبعت الخطوات القانونية اللازمة ، وحتى لا تُلام إذا ما أقدمت على خطوة أخرى بعد ذلك ، وعلى مصر التحرك بأسرع من البرق لأن الوضع أصبح بحق خطير ، فإثيوبيا تلاعب مصر وتماطلها كسبا للوقت حتى تفرض علينا أمرا واقعا ، خاصة وأنها لم توقف بناء السد أثناء المفاوضات.
وعلى مصر الآن أن تحدد خياراتها دون تردد ، وتعلن للكافة أنها تعاونت وتفاوضت مع إثيوبيا وفشلت بسبب تعنتها ومراوغتها ، وعليها أن تتحرك على المستوى الدبلوماسي والسياسي والشعبي لتدويل القضية كما فعلت سابقا المجر والأرجنتين وكما فعلت كينيا بالأمس القريب مع إثيوبيا نفسها ، ولم يمنعها توقيعها اتفاقية "عنتيبي" مع إثيوبيا من التقدم بشكواها للأمم المتحدة بخصوص سد "جيب ثري" المقام على نهر "أومو" بعد أن اكتمل بنائه ، وكسبت قضيتها بعد أن شرحت الأضرار التي ستقع عليها حال تشغيل هذا السد.
ولأن مصر لا تستطيع اللجوء إلى محكمة العدل الدولية مباشرة إلا بموافقة إثيوبيا ، حيث يُشترط موافقة طرفي النزاع ، وبما أن إثيوبيا لن توافق لعلمها أن مصر هي الرابحة بحكم الاتفاقيات وطبقا لأحكام القانون الدولي ، إذاً فلا يبقى أمام مصر إلا حشد جهودها الدبلوماسية والسياسية والقانونية والشعبية لتوضيح وتأييد وجهة نظرها وبيان حقوقها وإجلاء الموقف أمام دول العالم ، وعليها أن تلجأ إلى المنظمات البيئية العالمية وإلى الاتحاد الأفريقي والي محكمة العدل الأفريقية وإلى الأمم المتحدة لتثبت خرق إثيوبيا لقواعد القانون الدولي ومخالفتها وعدم التزامها بالمعاهدات الموقعة معها ، وبيان حجم وكم الأضرار والأخطار الجسيمة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي ستقع على مصر نتيجة إنشاء سد النهضة ، وحتى تقوم الأمم المتحدة بإحالة الملف إلى محكمة العدل الدولية ، كل هذه الخطوات والإجراءات لتجنب نشوب حرب مصرية إثيوبية ولوقف خطر السد ، أما إذا لم ترتدع إثيوبيا واستمرت في غيها حينها لن يكون هناك مجال للمساومات ولا للمهادنات وستصبح المواجهة مع إثيوبيا حتمية ، فحياة مصر والمصريين دونها الأرواح والدماء.
- - - - - - - - - - - - - -