أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الثقافة وجودة حياة الإنسان زينب علي البحراني

الثقافة وجودة حياة الإنسان زينب علي البحراني
 الثقافة وجودة حياة الإنسان
زينب علي البحراني
في عالمٍ تتسارع خطواته لتحويل الإنسان العادي إلى دُمية خاوية تتحكم بها الآلات والذكاء الاصطناعي؛ لم يبقَ للإنسان العاقِل حلاً للنجاة من تآكُل خلايا دماغه مُبكرًا إلا التشبث بطوقي نجاة مُهمين: "الثقافة الانتقائيَّة" و"المهارات اليدوية الإبداعيَّة"، ولأن أغلبية البشر ينساقون دون تفكير، ويُفضّلون أكل الحياة التي تُطبخ وتقدم لهم جاهزة بدل التفكير بمقادير طبخ حياتهم الخاصة ذات المكوِّنات الآمنة المضمونة فإن القادرين على إنقاذ أنفسهم بعمليَّاتِ عقليّة ستبدو لهم مُعقدة وبطيئة كقراءة الكُتُب ورسم اللوحات سيكونون من تلك الأقليَّة النادرة القادرة على التحكم بتفاصيل حياتها بوعي، وهو ما يُحقق لها جودة حياتها "الداخلية" التي تصنع الفرق بين انسانٍ وآخر، أو بتعبيرٍ أكثر دقة: بين انسان وبين مخلوق تتحكم به الآلة وتُحدد اتجاهات تفكيره ومن ثم سلوكيَّاته.
وفق الرؤى المستقبلية لتمدد الذكاء الاصطناعي والتوقعات المُرتبطة بتوغله في حياة الإنسان والهيمنة عليها؛ فإن الكائن البشري العادي ذو الذكاء المتوسط والأقل من المتوسط لن يمتاز بالحضور الفاعل الذي يحظى به اليوم في عالمنا، وبمقاييس احتياجات العمل والتوظيف ستكون قيمته أقل من قيمة الروبوت الذي يمتاز بذاكرة أعلى ومجهودٍ أقل وانعدام الحاجة للإجازات والاستراحات، لم يعُد الأمر خيالاً عِلميًا محضًا كما كان قبل أعوام، لقد بدأ العد التنازُلي حقًا منذ مُدة ولن يتمكن من النجاة إلا الإنسان الذي يُحافظ على إنسانيته بحرص عن طريق المُحافظة على ارتقاء عقله ومشاعره بالثقافة والمهارات الإبداعية، لأن تراكمها واندماجها مع الخبرة الفردية والمشاعرية للإنسان هو ما يجعل منه مخلوقًا فريدًا من نوعه يتفوق بقدراته العقلية على رتابة الذكاء الآلي المُصطنع.
إن الثقافة هي السبيل الوحيد للمُحافظة على حُريَّة عقل الإنسان من مُختلف عناصر الهيمنة التي تستهدف التأثير على نفسه وجسده ومن ثم تَسْييرِه وِفق هَواها ومصالحها الخاصة، تُعزز من قُدرته على المُلاحظة، وتطوِّر من وعيه بما حوله، وتوقِظ مَلَكَات التفكير الإبداعي الاستثنائي، فتُحافظ بهذا على بصمة روحه الفريدة على كوكب الأرض، وترفع من مستوى جودة تعامله مع ذاته ومع الأحداث من حوله ومن ثم جودة حياته الخاصة والعامة.
*رابط المقال:
https://www.alriyadh.com/1981091
image