أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

المؤتمر الصحافي لنقيب المحامين جورج جريج تقرير رنا رمضان تصوير محمد بكر المرضعة

المؤتمر الصحافي لنقيب المحامين جورج جريج  تقرير رنا رمضان   تصوير محمد بكر المرضعة
 المؤتمر الصحافي لنقيب المحامين جورج جريج
بيت المحامي، الاثنين ٢٢ حزيران ٢٠١٥

هل نحن أمام سجن ابو غريب اللبناني؟
لا أدري، لكننّا أمام أسوأ فضيحة انتهاكات أخلاقية وانسانية وجسدية ونفسية، وقد أقول طائفية ومذهبية، والمتورطون عناصر أمنية رسمية ممن يفترض بهم الحفاظ على القانون وحماية المواطن، حرّاً كان أم سجيناً، وفي الحالة الاخيرة كائناً ما كان جرمه، بما فيه الاتهام بالارهاب.

وتوضيحاً وتصويباً، ان الغرض من هذا اللقاء هو حصراً حماية حقوق الموقوفين كبشر، دون التعاطف مع أسوأ أنواع الجرائم وأحقرها: الارهاب.

ان الغرض من هذا اللقاء هو للتأكيد أن للسجين حقوقاً، وأن لبنان يبقى دولة حقوق الانسان ومرتعاً للحريات وملجأ للمظطهدين في دولهم، ودولة متأهبة في الخطوط الامامية لمواجهة كل أنواع الارهاب والجريمة المنظمة.

هذا اللقاء هو للتأكيد أن الحكم يلفظه القضاء باسم الشعب اللبناني، وأن الممارسات الشاذة على يد العناصر الامنية، ضرباً وتنكيلاً وتحقيراً، تبقى من ضروب التعدي التي تلطخ سمعة فاعليها وتلقي بالشبهات على سوء الادارة السياسية لهذا المرفق الاساسي والسيادي في الدولة اللبنانية.

ان العدالة تكون قضاء بمحاكمة الموقوفين، لا أمناً بتعنيفهم وترهيبهم.

لا بدّ أولاً من طرح بعض التساؤلات والمفاهيم قبل أن أخلص الى سلة مطالب لا يصحّ إغفال أي منها، وإلا تحوّل لبنان الى دولة مارقة في الحوكمة وفي قضايا حقوق الانسان.

١. لماذا غالباً ما يبقى الانسان مستلقياً، لا يستيقظ الا على جلبة الاعلام، أو ضجيج الفضيحة، أو قرقعة مواقع التواصل الاجتماعي. قبل هذه يكون مطمئناً ومطمئناً، وبعدها يستعجل التدابير والاجراءات.

نعم نحن أمام سلطة تجهل السياسة الاستباقية وتتقن فن ردات الفعل.

٢. لماذا توقيت نشر فيديو التعذيب في سجن رومية مع بداية شهر رمضان الفضيل، وهل نحن امام محاولة جديدة لاثارة النعرات والعصبيات وتأليب الرأي العام؟

٣. اذا كان وزير الداخلية على علم بالحادثة منذ شهرين، التاريخ المفترض لهذه الاحداث، ولم يتصرف فتلك مصيبة، واذا كان آخر من يعلم فالمصيبة أعظم، وفي الحالتين لا نقبل باسم حقوق الانسان، وباسم العدالة، الا بأن يأخذ التحقيق مجراه، والمطلوب تحقيق قضائي شفاف، وعدم الاكتفاء بتدابير مسلكية بحجة عدم تعريض المؤسسة.

ان نقابة المحامين ستتولى بشخص النقيب، ومجلس النقابة، ومعهد حقوق الانسان، ولجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان، ولجنة السجون، ولجنة المعونة القضائية، متابعة هذا الملف حتى بلوغ نتيجيتين: معاقبة كل المرتكبين دون أي مظلة سياسية حامية، وتحرير سجون لبنان من كل انتهاك يصيب الانسان بكرامته.

ان نقابة المحامين لن تقبل حتى بنماذج الاحكام التي صدرت عن القضاء الاميركي ازاء انتهاكات سجن ابو غريب العراقي والتي بلغت اقصاها توقيف الفاعل ٤٥ يوماً وتدريكه ١٢ الف دولار اميركي. فالارتكابات في سجن رومية هي ارتكابات تفظيعية خطيرة تطال الانسان بحقوقه وكرامته، وتطال لبنان بسمعته، وتثير النعرات في لحظة سياسية وأمنية مأزومة، بل بالغة الخطورة.

ان نقابة المحامين لن تقبل بتضييع التحقيق ولا بضياع العدالة، رغم ان عدالتنا لا تزال قاصرة عن إصابة الكبار، ولنقابة المحامين تجربة غير مشجعة في هذا الاطار.

بناء عليه، نرى دعوة:

1. هيئات المجتمع المدني الى التضامن والعمل يداً واحدة لتحرير لبنان من انتهاكات حقوق الانسان. ويؤسفني أن أكون شاهد زور خلال مرافعاتي عن حقوق الانسان في لبنان أمام المحافل الاوروبية والدولية، في الامم المتحدة، وأمام الاتحاد الدولي للمحامين في فلورانس، وأمام نقابتي المحامين في باريس ومدريد.

أذكرّ هنا ان نقابة المحامين تضع دورياً تقريراً شاملاً ترفعه الى مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة، يتضمن المعوّقات والانجازات في قضايا حقوق الانسان في لبنان وبخاصة في مجالات حقوق الطفل، والاشخاص ذوي الاعاقة، وحالات الاختفاء القسري، ومناهضة التعذيب، والاتجار بالبشر، والتمييز ضد المرأة، وحقوق غير المواطنين من لاجئين ونازحين ومقيمين وعمالة أجنبية. وكنت أتمنى لو أن بوسع التقرير المقبل أن يرسم حالة وردية عن حقوق الانسان، الا أن الواقع القبيح في السجون كفيل لوحده بتظهير الصورة السوداء والمشهد القاتم.

٢. دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد فوراً، دون انتظار نتائج المعالجة السياسية للخلاف الحالي، الانعقاد بكامل اعضائه والا بمن حضر، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بوقف هذه الممارسات الشنيعة.

٣. الدعوة الى تنفيذ قانون نقل مديرية السجون من سلطة وزارة الداخلية الى سلطة وزارة العدل مع ما يعني ذلك من نقلة نوعية من دولة أمنية الى دولة القانون.

٤. تفعيل آلية تسريع محاكمة الموقوفين الاسلاميين وإصدار الاحكام المناسبة بحقهم ووفق كل حالة، مع التشديد على ضرورة إنزال أقصى العقوبات القانونية بمن تثبت بحقه تهمة الارهاب.

٥. ان نقابة المحامين تدرس طلب إنشاء مركز دائم لها في السجون المركزية والاقليمية لتكون على بينّة مباشرة من البيئة الحقيقية السائدة فيها دون البقاء تحت رحمة الاجهزة او الافلام وكيف ومتى ولماذا تسرّب.


الزميلات والزملاء،

ان لبنان الذي يكافح ليبقى وطن الانسان، ودولة السيادة والحق والقانون والعدالة، لن يسمح بأن تنال منه ومن سمعته عناصر جاهلة وفاقدة مقومّات الانسان والقيم.

كما لن يقبل أن يأخذ الإرهاب من لبنان مكاناً ومطرحاً وملاذاً.

ان امارة رومية لن تتهاوى الا بانتقالها قانوناً الى سلطة وزارة العدل، عندها يمكن أن نصدّق ان هذه الارتكابات لن تتكرر بعد اليوم.

لا للإرهاب في لبنان، ولا للتعذيب في سجون لبنان.

وشكراً.