يغادر مجلس الشورى في نهاية هذا الشهر الأديب الأريب الأستاذ / حمد العسعوس أبو أيمن بعد أكثر من 25 عاما قضاها في المجلس، وأزيد عن 45 عاما في خدمة الوطن. كان من الرعيل الأول الذين دلفت أقدامهم إلى مقر المجلس بعد وضْع نظامه الأساسي وتشكيل الدورة الأولى عام 1
يغادر مجلس الشورى في نهاية هذا الشهر الأديب الأريب الأستاذ / حمد العسعوس أبو أيمن بعد أكثر من 25 عاما قضاها في المجلس، وأزيد عن 45 عاما في خدمة الوطن. كان من الرعيل الأول الذين دلفت أقدامهم إلى مقر المجلس بعد وضْع نظامه الأساسي وتشكيل الدورة الأولى عام 1414هـ.
الحديث عن أبو أيمن حديث ذو شجون؛ فما أن يأخذ الكلام جانباً عنه إلا وتنهمر الذكريات الجميلة والمواقف الخالدة، فلا يستطيع لملمتها متحدث بارع ولا كاتب ملهم، جِماع ذلك كله أنه الأستاذ المربي والقائد المحنك قبل أن يكون المستشار والمدير والموظف الزميل.
لا أدري من أين أبدأ وكيف أصف ذلك الأثر الجميل الذي تركه في نفسي شخصياً وزملائي الذين نرى أنفسنا أبناءً له، وإخواناً صغاراً في حضرته.. قبل أن نكون زملاء عمل معه.
كما هو الشاعر والروائي والكاتب ؛ الصبغة الأولى التي تركها الأستاذ حمد العسعوس في مجلس الشورى قلمه الباذخ رقياً لغوياً وجمالاً بلاغياً ورصانة أدبية من حيث دقة الضبط وسمو الوصف ورفعة الكلمة.. حتى يخيل لي أن جميع مكاتبات المجلس قد اصطبغت بلغته وحديثه وكلماته وجمله وصياغته الباهرة في سمتها ورصانتها وعلو شأنها وعمق أثرها.
وفِي المقابل .. أبو أيمن ملاذ أمين ومستشار حكيم لكل منسوبي المجلس من قمة الهرم إلى أسفله، فلا يمكن أن تدخل مكتبه إلا وتجد موظفا كبيراً أو صغيراً يفضي له بشجونه أو يتطلع إلى نصحه، ولا يلبث أبو أيمن إلا أن يبادره بالخيارات الوجيهة والحكيمة والصحيحة، ثم.. ما يلبث أبو أيمن إلا أن يبدد غيمة البؤس ويكسر عن ذلك الموظف جمود الموقف وكآبة منظره بالانتقال إلى الحديث عن قصة عابرة وموقف مشابه، يبهرك بجمال نهايته وربطه لأحداث مضت بواقع اليوم.. وهي ما تجعل الموظف يخرج وهو يرى نفسه وموقفه بالشكل الصحيح، ليعود الزميل وقد وعى الحجم الطبيعي والدور المثالي والنظرة المستقبلية لما هو عليه.
وأيضاً.. الأستاذ حمد مستشار رفيع لأغلب القيادات التي تعاقبت على المجلس، كسب ثقتها وودها واحترامها وتقديرها جميعاً، بعفوية تامة خالية من أي مظاهر التكلف، يحضر أخيراً في كثير من المواقف ولا يلبث إلا أن يكون أولاً فيها، بصير في رؤيته، واقعي في نهجه، حكيم في رأيه، وجيهاً في شخصيته كما هو محبوباً في شخصه.
أحسب نفسي أنني من أكثر الموظفين قرباً له في فترة خلت.. كانت الأجمل عمراً وظيفياً لي، القرب منه ليس كمشاهدته من بعيد.. وأنا أسلو نفسي عن ابتعاده عن مجتمع المجلس اليوم.. أجدني مرهقا - وأنا في ذروة نشاطي الصباحي - عن التعبير عنه، ذلك لأن الكلمات تقصر عن وصف لطفه ونبله وأخلاقه؛ هو المعلم والمربي والأستاذ والقائد والوالد والأخ الأكبر، هو روح المجلس وقلبه النابض بجمال العمل وطيب الحياة، هو الجمال والكمال، هو الصدق، هو النزاهة، هو الإخلاص.. هو مثال حيٌ على التضحية والأداء بصمت، لا يحلو له العمل إلا بعيداً عن الضوء، يهرب من الـ أنا، ينكر ذاته ويعظم جهود المميزين حوله وينسب أثره لهم، لذا كان إقباله إقبال السرور والسعادة حتى في ذروة العمل ومظان مشقته.
نستودعك الله يا أبا أيمن.. وهو الذي لا تضيع ودائعه، نستودع دينك وأمانتك وخواتم عملك الصالح الطيب المبارك فيه. كنت وستبقى ملء السمع والبصر رغم تواضعك وانزوائك عن الأنا وبعدك عن تصدر المشاهد والمواقف، حتى وإن أخذت مكاناً بعيداً عن أعين الناس؛ إلا أنك الرجل تُذكر .. فيذكر الخير والسماحة والبشاشة والروح الطيبة والنفس السامية.
الحديث عن أبو أيمن حديث ذو شجون؛ فما أن يأخذ الكلام جانباً عنه إلا وتنهمر الذكريات الجميلة والمواقف الخالدة، فلا يستطيع لملمتها متحدث بارع ولا كاتب ملهم، جِماع ذلك كله أنه الأستاذ المربي والقائد المحنك قبل أن يكون المستشار والمدير والموظف الزميل.
لا أدري من أين أبدأ وكيف أصف ذلك الأثر الجميل الذي تركه في نفسي شخصياً وزملائي الذين نرى أنفسنا أبناءً له، وإخواناً صغاراً في حضرته.. قبل أن نكون زملاء عمل معه.
كما هو الشاعر والروائي والكاتب ؛ الصبغة الأولى التي تركها الأستاذ حمد العسعوس في مجلس الشورى قلمه الباذخ رقياً لغوياً وجمالاً بلاغياً ورصانة أدبية من حيث دقة الضبط وسمو الوصف ورفعة الكلمة.. حتى يخيل لي أن جميع مكاتبات المجلس قد اصطبغت بلغته وحديثه وكلماته وجمله وصياغته الباهرة في سمتها ورصانتها وعلو شأنها وعمق أثرها.
وفِي المقابل .. أبو أيمن ملاذ أمين ومستشار حكيم لكل منسوبي المجلس من قمة الهرم إلى أسفله، فلا يمكن أن تدخل مكتبه إلا وتجد موظفا كبيراً أو صغيراً يفضي له بشجونه أو يتطلع إلى نصحه، ولا يلبث أبو أيمن إلا أن يبادره بالخيارات الوجيهة والحكيمة والصحيحة، ثم.. ما يلبث أبو أيمن إلا أن يبدد غيمة البؤس ويكسر عن ذلك الموظف جمود الموقف وكآبة منظره بالانتقال إلى الحديث عن قصة عابرة وموقف مشابه، يبهرك بجمال نهايته وربطه لأحداث مضت بواقع اليوم.. وهي ما تجعل الموظف يخرج وهو يرى نفسه وموقفه بالشكل الصحيح، ليعود الزميل وقد وعى الحجم الطبيعي والدور المثالي والنظرة المستقبلية لما هو عليه.
وأيضاً.. الأستاذ حمد مستشار رفيع لأغلب القيادات التي تعاقبت على المجلس، كسب ثقتها وودها واحترامها وتقديرها جميعاً، بعفوية تامة خالية من أي مظاهر التكلف، يحضر أخيراً في كثير من المواقف ولا يلبث إلا أن يكون أولاً فيها، بصير في رؤيته، واقعي في نهجه، حكيم في رأيه، وجيهاً في شخصيته كما هو محبوباً في شخصه.
أحسب نفسي أنني من أكثر الموظفين قرباً له في فترة خلت.. كانت الأجمل عمراً وظيفياً لي، القرب منه ليس كمشاهدته من بعيد.. وأنا أسلو نفسي عن ابتعاده عن مجتمع المجلس اليوم.. أجدني مرهقا - وأنا في ذروة نشاطي الصباحي - عن التعبير عنه، ذلك لأن الكلمات تقصر عن وصف لطفه ونبله وأخلاقه؛ هو المعلم والمربي والأستاذ والقائد والوالد والأخ الأكبر، هو روح المجلس وقلبه النابض بجمال العمل وطيب الحياة، هو الجمال والكمال، هو الصدق، هو النزاهة، هو الإخلاص.. هو مثال حيٌ على التضحية والأداء بصمت، لا يحلو له العمل إلا بعيداً عن الضوء، يهرب من الـ أنا، ينكر ذاته ويعظم جهود المميزين حوله وينسب أثره لهم، لذا كان إقباله إقبال السرور والسعادة حتى في ذروة العمل ومظان مشقته.
نستودعك الله يا أبا أيمن.. وهو الذي لا تضيع ودائعه، نستودع دينك وأمانتك وخواتم عملك الصالح الطيب المبارك فيه. كنت وستبقى ملء السمع والبصر رغم تواضعك وانزوائك عن الأنا وبعدك عن تصدر المشاهد والمواقف، حتى وإن أخذت مكاناً بعيداً عن أعين الناس؛ إلا أنك الرجل تُذكر .. فيذكر الخير والسماحة والبشاشة والروح الطيبة والنفس السامية.