مقال الكاتبة المصرية سارة عابدين
مقال الكاتبة المصرية سارة عابدين
هاشم حنون فنان عراقي من مواليد محافظة البصرة عام 1957، درس الرسم في معهد الفنون الجميلة ببغداد لمدة خمس سنوات، ثم درس النحت لمدة أربع سنوات في أكاديمية الفنون. أقام عدة معارض شخصية في بغداد، ثم انتقل إلى عمّان وأقام فيها ستة معارض فنية، وانتقل إلى كندا عام 2010 وأقام فيها ستة معارض فنية حتى الآن.
تراوح تجربة حنون الفنية بين التشخيص والتجريد، وبين الألوان الساطعة والألوان الكابية ودرجات الأصفر والأوكر (لون الكركم)، حتى أن المتفرج في بعض الأحيان قد يتعجب من ذلك التباين الشديد في مشروعات حنون الفنية المختلفة.
عن هذا التباين وعن طريقته في العمل، يقول حنون -في مقابلة حصرية مع الجزيرة نت- إنه قبل الشروع في الرسم يختار "الثيمة" التي يعمل عليها، وغالبا تبدأ بعمل ثم تنتقل تدريجيا لأعمال أخرى، حتى ينتج مجموعة كاملة صالحة للعرض ثم يختار لها العنوان المناسب.
يتعامل حنون مع الرسم مثل كتابة السيرة الذاتية، لذلك فإن أعماله تتغير مع الزمن، ومع انتقاله من مدينة لأخرى، فهو ضد الرتابة والتكرار. ومراحل التحول في أعماله غير مقصودة، تأتي بشكل عفوي، لكنها في الوقت نفسه تثري أعماله وتعطيها حيوية بصرية، لذلك فهو لا ينغلق داخل طريقة بعينها، لكنه ينتقل بين التشخيص والتجريد والاختزال بحسب ما تفرضه التجربة الفنية.
المدينة في أعمال حنون
للمدينة وجود دائم ومستمر في أعمال حنون، ويبدو شديد الارتباط بها، عن هذا الارتباط يقول إنه بعد أن ترك البصرة مدينته الأولى، ثم انتقل إلى بغداد، ثم إلى الأردن، فكر في البحث عن مدينة جميلة ليستقر بها مع أسرته، وبالفعل سافر بشكل غير نظامي عبر عدة دول بغرض الوصول لأوروبا، حتى يعيش مع أسرته بسلام، لكنه لم يفلح وعاد من جديد إلى عمّان. بدأ بعد ذلك التفكير بطريقة نظامية للهجرة تحقق أمله.
في عام 2009، تم قبول طلبه اللجوء إلى كندا هو وأسرته عن طريق مفوضية الأمم المتحدة. يذكر حنون كل هذه المسيرة الطويلة من التنقلات بين المدن، وكيف حفزته لرسم المدن في المرة الأولى عام 2005، وكانت تمثل مجموعة من المدن التجريدية غير المرئية، منفذة بطريقة الطباعة الحريرية على الورق، وبعد هذا المشروع استمر فترة طويلة يرسم المدن التي أحبها، مثل مدينة عمان التي رسم لها مجموعة كبيرة من الأعمال التي عرضت عام 2018 تحت عنوان "مدن الحنين".
في معرضه "الحياة في المدينة" الذي أقيم مؤخرا في مدينة فانكوفر الكندية، أنجز حنون مجموعة من الأعمال تمثل مدينتي فانكوفر وفيكتوريا الكندية، بطريقته الخاصة وأسلوبه الذي رسمه على مدار سنوات طويلة، حيث مدنه الزاخرة بالألوان الزاهية المشرقة التي تشعر المتلقي بالسعادة. يؤكد حنون أن الجمال هو رسالته الأهم، وهدفه هو محاولة زرع المتعة وتذوق الجمال من خلال أعماله التي ينجزها.
أما عن تأثير هجرته إلى كندا على تجربته الفنية، يقول حنون إن البدايات بكندا لم تكن سهلة، بسبب اختلاف الحياة تماما عن المجتمع العربي، لكنه كفنان قادم من العراق، استمر في الرسم بروح شرقية، لكنها في الوقت نفسه تواكب المفاهيم الفنية الحديثة والتجارب الفنية العالمية، لذلك نجحت أعماله في كندا خلال عشر سنوات، وأصبح له عدد كبير من اللوحات بين مقتني الأعمال الفنية وقاعات العرض.
التجريد العربي والتجريد الغربي
يتحدث حنون عن علاقة المتلقي العربي بالتجريد، مستعيدا الأعمال الفنية في الحضارات القديمة لمصر وبلاد الرافدين، والتي تزخر بالرسوم والمنحوتات الشديدة التقنية والمهارة، لكنها تعتمد على التشخيص ونقل الحياة اليومية لتلك الفترات القديمة.
تغير ذلك في الحضارة الإسلامية التي كانت أكثر اعتمادا على جماليات الزخرفة والخط العربي، وهي أعمال فنية أقرب للتجريد وبعيدة عن التشخيص لأسباب دينية.
وبالرغم من ذلك بقي المتلقي العربي حتى الآن متحفظا بخصوص الأعمال الفنية التجريدية، عكس المتلقي الأوروبي الذي تمكن من التفاعل مع المدارس الفنية الحديثة بالرغم من تراث الفن الأوروبي القائم على التشخيص.
أما عن مكان التجريد العربي بالنسبة للتجريد الغربي، فيرى حنون أن الفنان العربي غالبا ما يقوم باستنساخ تجارب الفنانين الغربيين، مما يجعلها بعيدة عن المتلقي الغربي وأصحاب قاعات العرض الغربية، لأن الفنان الغربي يملك تاريخا طويلا وتجارب مختلفة في التجريد.
فهم يرسمون أعمالا تجريدية ويعملون على التغيير المستمر في حركة الفن التشكيلي، عن طريق البحث والتنظير للتجارب الفنية، وليس فقط الرسم والتصوير، لذلك تبقى الفجوة كبيرة بين التجريد العربي والتجريد الغربي؛ أما هو كفنان فيحاول دائما متابعة تجارب الحداثة والتجديد العربية والعالمية، حتى يتمكن من متابعة العمل في مشروعه الفني الخاص.
هاشم حنون فنان عراقي من مواليد محافظة البصرة عام 1957، درس الرسم في معهد الفنون الجميلة ببغداد لمدة خمس سنوات، ثم درس النحت لمدة أربع سنوات في أكاديمية الفنون. أقام عدة معارض شخصية في بغداد، ثم انتقل إلى عمّان وأقام فيها ستة معارض فنية، وانتقل إلى كندا عام 2010 وأقام فيها ستة معارض فنية حتى الآن.
تراوح تجربة حنون الفنية بين التشخيص والتجريد، وبين الألوان الساطعة والألوان الكابية ودرجات الأصفر والأوكر (لون الكركم)، حتى أن المتفرج في بعض الأحيان قد يتعجب من ذلك التباين الشديد في مشروعات حنون الفنية المختلفة.
عن هذا التباين وعن طريقته في العمل، يقول حنون -في مقابلة حصرية مع الجزيرة نت- إنه قبل الشروع في الرسم يختار "الثيمة" التي يعمل عليها، وغالبا تبدأ بعمل ثم تنتقل تدريجيا لأعمال أخرى، حتى ينتج مجموعة كاملة صالحة للعرض ثم يختار لها العنوان المناسب.
يتعامل حنون مع الرسم مثل كتابة السيرة الذاتية، لذلك فإن أعماله تتغير مع الزمن، ومع انتقاله من مدينة لأخرى، فهو ضد الرتابة والتكرار. ومراحل التحول في أعماله غير مقصودة، تأتي بشكل عفوي، لكنها في الوقت نفسه تثري أعماله وتعطيها حيوية بصرية، لذلك فهو لا ينغلق داخل طريقة بعينها، لكنه ينتقل بين التشخيص والتجريد والاختزال بحسب ما تفرضه التجربة الفنية.
المدينة في أعمال حنون
للمدينة وجود دائم ومستمر في أعمال حنون، ويبدو شديد الارتباط بها، عن هذا الارتباط يقول إنه بعد أن ترك البصرة مدينته الأولى، ثم انتقل إلى بغداد، ثم إلى الأردن، فكر في البحث عن مدينة جميلة ليستقر بها مع أسرته، وبالفعل سافر بشكل غير نظامي عبر عدة دول بغرض الوصول لأوروبا، حتى يعيش مع أسرته بسلام، لكنه لم يفلح وعاد من جديد إلى عمّان. بدأ بعد ذلك التفكير بطريقة نظامية للهجرة تحقق أمله.
في عام 2009، تم قبول طلبه اللجوء إلى كندا هو وأسرته عن طريق مفوضية الأمم المتحدة. يذكر حنون كل هذه المسيرة الطويلة من التنقلات بين المدن، وكيف حفزته لرسم المدن في المرة الأولى عام 2005، وكانت تمثل مجموعة من المدن التجريدية غير المرئية، منفذة بطريقة الطباعة الحريرية على الورق، وبعد هذا المشروع استمر فترة طويلة يرسم المدن التي أحبها، مثل مدينة عمان التي رسم لها مجموعة كبيرة من الأعمال التي عرضت عام 2018 تحت عنوان "مدن الحنين".
في معرضه "الحياة في المدينة" الذي أقيم مؤخرا في مدينة فانكوفر الكندية، أنجز حنون مجموعة من الأعمال تمثل مدينتي فانكوفر وفيكتوريا الكندية، بطريقته الخاصة وأسلوبه الذي رسمه على مدار سنوات طويلة، حيث مدنه الزاخرة بالألوان الزاهية المشرقة التي تشعر المتلقي بالسعادة. يؤكد حنون أن الجمال هو رسالته الأهم، وهدفه هو محاولة زرع المتعة وتذوق الجمال من خلال أعماله التي ينجزها.
أما عن تأثير هجرته إلى كندا على تجربته الفنية، يقول حنون إن البدايات بكندا لم تكن سهلة، بسبب اختلاف الحياة تماما عن المجتمع العربي، لكنه كفنان قادم من العراق، استمر في الرسم بروح شرقية، لكنها في الوقت نفسه تواكب المفاهيم الفنية الحديثة والتجارب الفنية العالمية، لذلك نجحت أعماله في كندا خلال عشر سنوات، وأصبح له عدد كبير من اللوحات بين مقتني الأعمال الفنية وقاعات العرض.
التجريد العربي والتجريد الغربي
يتحدث حنون عن علاقة المتلقي العربي بالتجريد، مستعيدا الأعمال الفنية في الحضارات القديمة لمصر وبلاد الرافدين، والتي تزخر بالرسوم والمنحوتات الشديدة التقنية والمهارة، لكنها تعتمد على التشخيص ونقل الحياة اليومية لتلك الفترات القديمة.
تغير ذلك في الحضارة الإسلامية التي كانت أكثر اعتمادا على جماليات الزخرفة والخط العربي، وهي أعمال فنية أقرب للتجريد وبعيدة عن التشخيص لأسباب دينية.
وبالرغم من ذلك بقي المتلقي العربي حتى الآن متحفظا بخصوص الأعمال الفنية التجريدية، عكس المتلقي الأوروبي الذي تمكن من التفاعل مع المدارس الفنية الحديثة بالرغم من تراث الفن الأوروبي القائم على التشخيص.
أما عن مكان التجريد العربي بالنسبة للتجريد الغربي، فيرى حنون أن الفنان العربي غالبا ما يقوم باستنساخ تجارب الفنانين الغربيين، مما يجعلها بعيدة عن المتلقي الغربي وأصحاب قاعات العرض الغربية، لأن الفنان الغربي يملك تاريخا طويلا وتجارب مختلفة في التجريد.
فهم يرسمون أعمالا تجريدية ويعملون على التغيير المستمر في حركة الفن التشكيلي، عن طريق البحث والتنظير للتجارب الفنية، وليس فقط الرسم والتصوير، لذلك تبقى الفجوة كبيرة بين التجريد العربي والتجريد الغربي؛ أما هو كفنان فيحاول دائما متابعة تجارب الحداثة والتجديد العربية والعالمية، حتى يتمكن من متابعة العمل في مشروعه الفني الخاص.