انا والقذافي وفرويد حميده نعنع
انا والقذافي وفرويد
حميده نعنع
كانت القاعة مليئة برجال الفكر والصحافيين والكتاب حين دخل القذافي الى القاعة محطاطا بحرسه من الفتيات الجميلات . تأمل القاعة ورحب بنا ، الى جانبي جاك بيرك استاذي في المدرسة العليا للاداب ، وعلى اليمين يجلس الفيلسوف روجيه غارودي . كنت يافعة ومتحمسة لقضيتنا العربية . شرح العقيد ( كما يحب ان ينادونه) على سبورة خضراء كتابه الاخضر ، كنت اسجل بعض النقاط فيما يتعلق بما كتبه عن المرأة وهي اراء متخلفة عبارة عن صياغة لعقلية المجتمع الابوي علما بأنه خطا في تحرير المرأة الليبية بضع خطوات ، وهذا ماجعلني البي الدعوة الى المؤتمر . عندما قال : ان المرأة تختلف عن الرجل فهي تحيض والرجل لايحيض لذلك هناك اعما ل لايجوز ان تعمل بها دهشت لهذا الكلام ووجدت نفسي اقارن القذافي بسواه من الحكام العرب فقلت لنفسي كلهم سواء لكن ميزة القذافي انه اكثر صراحة ، استشهد بماركس ولينين وفرويد لدعم وجهة نظره في امور كثيرة . انتهى من الشرح وتوجه الينا " من يريد التعليق " ؟
نظرت حولي في القاعة فلم يرفع احد يده . انهم يخافون على مصالحهم لمن له مصالح ، وبعضهم جاء مجاملة ، بعضهم الآخر لايريد ان يعلق على موضوع محرج ، كنت اعمل في جريدة السفير الممولة من ليبيا ، وفكرت ان طرحي لاسئلة محرجة قد يسئ الى تمويل الجريدة ، لكن المرأة المتمردة في داخلي استيقظت ونست انها امام حاكم ، ونست المحظورات ، رفعت يدي عاليا فلاحظني القذافي وقال لرئيس الجلسة : دع السيدة تسأل ، انا لااعرف الدبلومسية وقد اساء لي طبعي هذا عدة مرات
قلت له : الاخ العقيد انك لم تقرأ فرويد كما اعتقد ، او قرأته ولم تفهمه جيدا ، رحت اشرح له فريد كما قرأته في افضل كتاب صدر عنه لهنري لوفيفر . ضجت القاعة بالصفير وبعضهم طلب مني الجلوس لكنني اسمريت في شرح وجهة نظري حول حرية المرأة ، وقلت ان الاختلاف الفسيولجي مع الرجل ليس سببا في دونيتها وتقسيم العمل بينها وبين الرجل، واستمريت اشرح والعقيد ينظر الي بهدوء ، ويسجل بعض النقاط. ثم انتقلت الى الاستشهاد بلينين كان ذلك خطا لان ماقال ( وقد نسيت ) هو لتروتسكي ويبدو ان من حرر الكتاب لم تكن لديه ثقافة ماركسية ....رددت على كل اطروحاته وعندما اراد رئيس الجلسة اساكاتي منعه القذافي قائلا : يبدو ان هذه السيدة العربية قد قرأت الكتاب جيدا عكسكم جميعا وانا احب ان اتناقش معها . انتهت الجلسة وخرجنا. وانا في الباب كان هناك العقيد ورفيقه مصطفى الخروبي وحرسه فقال لي : حسنا سنتابع النقاش . كانت التلفزة تنقل الجلسة وقد دهش الناس لجرأتي . اتصل بي طلال صاحب السفير مرعوبا وقال لي : غدا تسافرين ، ولا تنتظري يوما واحدا
في سا عة مبكرة من اليوم الثاني ارسل لي القذافي السيدة زهرة رئيسة الاتحادومعها فتاتان من حرسه الخاص قالت زهرة : استعجلي ياسيدتي ان العقيد يريد ان يراك ، ولكنني لم اسرع وعلى مهلي ارتديت ثيابي وعدلت شعري ( كان شعري طويلا ويحتاج وقتا لتعديله) . اتجهنا الى مكتب القذافي نظرت الى قاعة الانتظار فرأيتها مليئة بمن يريد مقابلته ، لكن مرافقاتي قدنني الى مكتبه مباشرة . دخلت عليه فقام من خلف مكتبه وسلم علي ببشاشة .كان يرتدي جلابيةبيضاء وعلى اكتافة عباءة خليجية مطرزة بالذهب ، وحتي أكسر جليد اللحظة قلت له: يبدو ان الملك فيصل ( كان قبل يومين العاهل السعودي في زيارة لليبيا ) قد اهداك هذه العباءة.. ضحك بصوت مرتفع قائلا اليس هناك من عباءات مقصبة الا في السعودية. كنت احمل النسخة الخاصة بي من الكتاب الاخضر في يدي .. جلس الى جانبي على الكنبة ومد يده يريد اخذ الكتاب مني ، وكنت مسجلة عليه ملاحظات ليس من المفضل ان يراها اخذت منه الكتاب معتذرة قائلة هذه نسختي الخاصة ولا اريد ان ترى ملاحظاتي لان في ذلك اعتداء على حريتي ، ضحك وطلب نسخة اخرى من الكتاب تناقشنا نصف ساعة ولم ننه النقاش فقال لي : اريدك ان تبقي في طرابلس اريد ان اراك ثانية لاجراء حديث للنشر . خرجت من مكتبه وعدت الى الفندق ، اتصلت بطلال وقلت له لااستطيع السفر فقد طلب الي العقيد اجراء حوار ، كان طلال يعرف عادات الليبيين اكثر مني ، فاجابني يوم واحد فقط اذا لم يجر الحوار سافري ، هناك اشخاص يجسلو ن شهر ا وشهرين بانتظار مقابلته ، اما مدير مكتبه ابراهيم بجاد فلا تجد له اثر.
من حسن الحظ استقلني في اليوم الثاني واجريت الحوار . كان حوارا مهما فهمت فيه شخصيته ، نشر الحديث في جريدة السفير فكان قنبلة ذرية في العالم العربي ، وللحديث بقية
حميده نعنع
كانت القاعة مليئة برجال الفكر والصحافيين والكتاب حين دخل القذافي الى القاعة محطاطا بحرسه من الفتيات الجميلات . تأمل القاعة ورحب بنا ، الى جانبي جاك بيرك استاذي في المدرسة العليا للاداب ، وعلى اليمين يجلس الفيلسوف روجيه غارودي . كنت يافعة ومتحمسة لقضيتنا العربية . شرح العقيد ( كما يحب ان ينادونه) على سبورة خضراء كتابه الاخضر ، كنت اسجل بعض النقاط فيما يتعلق بما كتبه عن المرأة وهي اراء متخلفة عبارة عن صياغة لعقلية المجتمع الابوي علما بأنه خطا في تحرير المرأة الليبية بضع خطوات ، وهذا ماجعلني البي الدعوة الى المؤتمر . عندما قال : ان المرأة تختلف عن الرجل فهي تحيض والرجل لايحيض لذلك هناك اعما ل لايجوز ان تعمل بها دهشت لهذا الكلام ووجدت نفسي اقارن القذافي بسواه من الحكام العرب فقلت لنفسي كلهم سواء لكن ميزة القذافي انه اكثر صراحة ، استشهد بماركس ولينين وفرويد لدعم وجهة نظره في امور كثيرة . انتهى من الشرح وتوجه الينا " من يريد التعليق " ؟
نظرت حولي في القاعة فلم يرفع احد يده . انهم يخافون على مصالحهم لمن له مصالح ، وبعضهم جاء مجاملة ، بعضهم الآخر لايريد ان يعلق على موضوع محرج ، كنت اعمل في جريدة السفير الممولة من ليبيا ، وفكرت ان طرحي لاسئلة محرجة قد يسئ الى تمويل الجريدة ، لكن المرأة المتمردة في داخلي استيقظت ونست انها امام حاكم ، ونست المحظورات ، رفعت يدي عاليا فلاحظني القذافي وقال لرئيس الجلسة : دع السيدة تسأل ، انا لااعرف الدبلومسية وقد اساء لي طبعي هذا عدة مرات
قلت له : الاخ العقيد انك لم تقرأ فرويد كما اعتقد ، او قرأته ولم تفهمه جيدا ، رحت اشرح له فريد كما قرأته في افضل كتاب صدر عنه لهنري لوفيفر . ضجت القاعة بالصفير وبعضهم طلب مني الجلوس لكنني اسمريت في شرح وجهة نظري حول حرية المرأة ، وقلت ان الاختلاف الفسيولجي مع الرجل ليس سببا في دونيتها وتقسيم العمل بينها وبين الرجل، واستمريت اشرح والعقيد ينظر الي بهدوء ، ويسجل بعض النقاط. ثم انتقلت الى الاستشهاد بلينين كان ذلك خطا لان ماقال ( وقد نسيت ) هو لتروتسكي ويبدو ان من حرر الكتاب لم تكن لديه ثقافة ماركسية ....رددت على كل اطروحاته وعندما اراد رئيس الجلسة اساكاتي منعه القذافي قائلا : يبدو ان هذه السيدة العربية قد قرأت الكتاب جيدا عكسكم جميعا وانا احب ان اتناقش معها . انتهت الجلسة وخرجنا. وانا في الباب كان هناك العقيد ورفيقه مصطفى الخروبي وحرسه فقال لي : حسنا سنتابع النقاش . كانت التلفزة تنقل الجلسة وقد دهش الناس لجرأتي . اتصل بي طلال صاحب السفير مرعوبا وقال لي : غدا تسافرين ، ولا تنتظري يوما واحدا
في سا عة مبكرة من اليوم الثاني ارسل لي القذافي السيدة زهرة رئيسة الاتحادومعها فتاتان من حرسه الخاص قالت زهرة : استعجلي ياسيدتي ان العقيد يريد ان يراك ، ولكنني لم اسرع وعلى مهلي ارتديت ثيابي وعدلت شعري ( كان شعري طويلا ويحتاج وقتا لتعديله) . اتجهنا الى مكتب القذافي نظرت الى قاعة الانتظار فرأيتها مليئة بمن يريد مقابلته ، لكن مرافقاتي قدنني الى مكتبه مباشرة . دخلت عليه فقام من خلف مكتبه وسلم علي ببشاشة .كان يرتدي جلابيةبيضاء وعلى اكتافة عباءة خليجية مطرزة بالذهب ، وحتي أكسر جليد اللحظة قلت له: يبدو ان الملك فيصل ( كان قبل يومين العاهل السعودي في زيارة لليبيا ) قد اهداك هذه العباءة.. ضحك بصوت مرتفع قائلا اليس هناك من عباءات مقصبة الا في السعودية. كنت احمل النسخة الخاصة بي من الكتاب الاخضر في يدي .. جلس الى جانبي على الكنبة ومد يده يريد اخذ الكتاب مني ، وكنت مسجلة عليه ملاحظات ليس من المفضل ان يراها اخذت منه الكتاب معتذرة قائلة هذه نسختي الخاصة ولا اريد ان ترى ملاحظاتي لان في ذلك اعتداء على حريتي ، ضحك وطلب نسخة اخرى من الكتاب تناقشنا نصف ساعة ولم ننه النقاش فقال لي : اريدك ان تبقي في طرابلس اريد ان اراك ثانية لاجراء حديث للنشر . خرجت من مكتبه وعدت الى الفندق ، اتصلت بطلال وقلت له لااستطيع السفر فقد طلب الي العقيد اجراء حوار ، كان طلال يعرف عادات الليبيين اكثر مني ، فاجابني يوم واحد فقط اذا لم يجر الحوار سافري ، هناك اشخاص يجسلو ن شهر ا وشهرين بانتظار مقابلته ، اما مدير مكتبه ابراهيم بجاد فلا تجد له اثر.
من حسن الحظ استقلني في اليوم الثاني واجريت الحوار . كان حوارا مهما فهمت فيه شخصيته ، نشر الحديث في جريدة السفير فكان قنبلة ذرية في العالم العربي ، وللحديث بقية