قراءة لرواية اغتصاب الياسمين بقلم الأستاذة فوزية أوزدمير
صدرت رواية اغتصاب الياسمين
الجزء الأول " أحلام مخبأة "
للروائيّة الإعلاميّة السورية
رشا الحسين
عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع ب " مصر " في طبعتها الأولى
سنة 2020
عندما نقرأ فإنّنا نعيش حياة أنا آخرين
وهذا ما سوف يعاينه المتلقي حين يغوص داخل الرواية ، لأنّ الرواية قبل أن تكون مجرّد حروف وجمل يوردها كاتبها ، تكون جزءاً من رؤيته - هو - أي ما يحتويه من عالم فلسفته في الحياة
حين نبحر معه في عالم مليء بالحكمة التي تفلسفت الأشياء وفق منظور
" قديم جديد "
فالقديم كما دوّنته النّاصة رشا في سطور هذه الرواية ، التزامها بكثرة الحبكات سواء كانت أعراف اجتماعية أو سياسية أو تاريخية ، كالأساطير القديمة في حركتها الزمنية المرافقة للحدث والأحداث ، والجديد فيها أنّها تكشف لنا عمق الأشياء المستغلقة حتى ولو كانت بسيطة ، حين اعتمدت الراوية أسلوب اليوميات والمذكرات ، بوصفها تواريخ وأمكنة بشكل دقيق ، إلى جانب تقنية سرد الذاكرة ، منوعة بذلك أجناس الرواية ، ومحدثة نوعاً من حوارية الخطاب الروائيّ ، حيث تسير الرواية بشكل يتداخل فيها زمن
الحاضر / والماضي
بطريقة سينمائية تعتمد على " الفلاش باك " لتدفعنا لتأملها بشكل أعمق يساعدنا على فهم كنهها ، والانسجام معها
تزدهي هذه الرواية في جزئها الأول ، كما يبدو لي من خلال القراءة بكثرة الحكم التي تورد على لسان الحكاية ، أو هذا ما يوحي للقارئ على لسان الرواية
حين تتقاطع مع الأحداث والشخوص ، وبالمواقف التي تأتي لتعلم القارئ " المتلقي " أنّ ثمّة زوايا في حياتك ستزورك وفق الأقدار ، الأقدار قد تكون من صنع يدك / وقد تكون من صنع الآخر ، فهي بالنهاية أقدار ، وهذا ما حصل مع بطلة روايتها " أثير "
لتضيف إلى القائمة كلّ الشخوص المحاورة للحدث
فالكاتبة عزفت بريشة الكلام وصمت الوشوشات ، عندما يصطف الحديث في مسلك الحكاية على مشارق يوميات عدة مصطلحات فلسفية تلخص الهدف من وجود الإنسان في مدارات الحياة ، حيث تورد مصطلح " النفس الكلية " ثم جزيئات من الشكل العام للنفس ودواخلها عند أبطالها ، والذي يعني أنّ الكون بمكوناته هو من صنع يد واحدة ، تتحدث لغة واحدة ، لا يفهمها إلا من تمعن في الكون أكثر وحاول الاقتراب من كنهه..
والرواية هنا تقصد عالمنا في كلّ أحواله الزمانية والمكانية بطريقة بنتها الكاتبة على ثنائية
الشكل / والمضمون
التي اعتمدتها في سردها للوقائع التاريخية والاجتماعيةالقصصيّة والسياسية المتداولة ضمن سياسات الوقت الراهن والذي يسبقه في قادم الأيام
هذا الربط المتراتب كمتوالية ديكارتيّة جعلت من الحكاية رمز لما يحدث في كل مرّة ، عند التزامها بالتنوع السياقي للسردية السيرذاتية على اللغة السهلة ، لتفتح أفق القراءة أوسع للمعرفة بتواريخ الأحداث التي رافقت السرد ، كما وردتها الرواية بشكلها الاصطلاحي " الأسطورة الشخصية "
حين أدرجتها بمفهومها ، والذي يعني أنّ لكلّ إنسان قصته التي كتبتها الأقدار ، وعليه أن يبحث عنها ، ويسير في الحياة ليطبقها بصورته الذاتية ، وهذا ما جادت به أقدار شخوص الرواية جميعهم
أثير / رنيم / روز / سرحان / حيان / أم جوزيف / الدكتور شوقي /غطفان / الأب / الأم / سمير / هيام / دريد / جمال /سوسن .. إلخ
حتى لا يبقى حبيس الخوف المسيطر على كلّ منافذ حياته ، فيصير نقطة جوفاء في هذا العالم الفسيح بكلّ ممتلكاته السياسية والاجتماعية ، وحتى لا يكون أحد المراقبين الفلكيين بلا مبالاة
هذا التاريخ الذي يعيد نفسه بصور مختلفة وشخوص مختلفة في كلّ حين حين حصرته الراوية في زاوية الحقيقة الواقعية التي تطفو على السطح الآن بكلّ منعطفاتها الأيدولوجية
تسيطر اللغة التصويرية بحرفيّة إبداعية ، وكأنّ النّاصة تحمل بيدها كاميرتها الخاصة ، لتسلط الضوء على السيناريو الملفوظ والمرئي على حد سواء وبذات التوقيت ، حين يتنوع الأسلوب المستخدم وفق الحدث المرسوم الذي تدور فيه أحداث الرواية على خشبة مسرح الحياة ، فهي تنقلنا عبر أروقة المكان والزمان بإعادة اللقطة الجوانيّة للأحداث مرة بخيط تنسجه على الرؤية وآخر على الواقع ، ففي البداية يسيطر الأسلوب الموضوعي على سياق الرواية ، متكئة على اللغة الشعرية النثرية ، لتغمرنا بالتفاصيل التي تساعدنا على تلقي الأحداث بشكلها الاتساقي التي ستجيء تباعاً بعد ذلك ، إنها تدمج الصورة المحكية مع الواقع حتى ولو بأسماء مستعارة لشخوصها ضمن سياق الحديث الذي يتنقل بدوره على لسان الشخصيات المتحدثة ، وبذلك يسيطر الأسلوب الداخلي على السياق الظاهري بصورة أو أخرى ، وكأنّ بها بها تقرأ " body language "
وبمثل هذا التنويع خلقت لنا جواً من الاقتراب والابتعاد عن أحداث الحكاية ، بحيث نستطيع الاندماج بمشاعرنا عبرّ حروفها
فهذه القصص الواردة في طبيعتها الحقيقية في أحداثها الحكائية ،من خلال لكل شيء لغته وصورته عند الراوية وحركته هي ما عايشته في حقيقة الأمر ، كلّها تفاصيل صورتها ربّما اللغة الشعرية الشعورية بأناقة وبشكل جمالي يعبر بحقيقة الواقع عن الشكل والمضمون ، ويضفي قيمة تذوق آخر للرواية فكلّ شخصياتها الرئيسية ، وحتى الفرعية التي تعاقب الفصول لا تقل أهمية عن الشخصية الرئيسية الحقيقية والرواية بلسان " الأنا " و" الأنا الآخر " والتي هي في الواقع " الأنا الأولى "
كلّها تتحرك وفق منظومة الهندسة المعمارية لهرميّة الحكاية ، بحيث أكملت المشهد شكل يخدم الفكرة التي تسعى الراوية جاهدة لإيصالها
فهي يبدو للحظة قد خلطت الأوراق بين حقبات زمانية متنوعة ، وكذلك التنقلات المكانية منها في سياقه الحكائي ، ليعيش المتلقي الفترات بين ماضي ، وحاضر ، ومستقبل ، ولا يدري في ذات الآونة كيف يفرق بين كلّ هذه الأحداث ، فكلّ شيء في استمرار متدفق الإيقاع ولو على مراحل زمنية كما عهده ، ربما يعتقد المتلقي أنه في دائرة مغلقة في تفاصيل مليئة بالتنقلات والحبكات المثيرة الواردة كجزء من النص ، أو حتى خارج إطار النص ، فكل شيء يجري هو من طبيعة الواقع الذي يعيد نفسه ، بتواريخ ربما مسجلة أو غير مسجلة ، ولكن الفكرة ذاتها بصورة مستنسخة في بعض الأحيان وجديدة في أغلبها
أما من ناحية الدلالة ، فعالم الراوية رشا ، يزخر بالعديد من الدلالات المرتبطة كثيراً بعام الحكم التي وردت في متنها ، فالنّاصة هنا لملمت من الليل والنهار عادات تمتلئ بعادات المكان والزمان والحديث يصطف في مسلك الحكاية والحلم من مهامات الوجد في الأخذ والعتاب واللوم ، فيرسو عند مرفئ القطيع وتنفك ظفائر الصوف كتثاؤب النجوم ، هي عزف أحلام الصبايا وإشارة الدلالات والتلميح والإيحاء في يوميات ، السيرذاتية والعطاء الروحي لفجر الذاهبات بأحلام اليقظة على متون الفارس ذو الحصان الأبيض ، حين حلبت من غبار الذكريات غنيمة الحلم ، فكانت الفكرة تلّد وتتسرب في المخادع تفرد ظلالها على الوسادة الخالية ، لفكرة ممزوجة بأكيد الحلم الراسي في منامات الروح المطوية في يبادر الخدر المسائي ، فالدلالة التاريخية مرتبطة بالدلالة الاجتماعية ، ومرتبطة بالدلالة السياسية والثقافية والدينية ، التي إن دلت على شيء ، فهي تدل عن سعة إطلاع الكاتبة
وكل تلك الدلالات مرتبطة بشكل وثيق بالدلالات الإنسانية التي سعت الكاتبة رشا إلى التنوير عليها
هذه الرواية تجمع بين ثلاثة أبعاد متراصة ومترابطة ، فهي مترافقة جنباً إلى جنب في السردية التي تجمع بين البعد الثقافي / والفلسفي / والسياسي على شاكلة " الأسطورة الذاتية وتحقيق الحلم " لتخلق في ذهن قارئها العديد من التساؤلات التي تجعل منه إنساناً آخر بعد أن ينهيها ، حيث سيصبح لصوت الريح رسالة ، ولابتسامة طفل عابر بسمة ، ولوجود هذا الكائن وجوب وجوده الوجودي ، وتمتعه بعقلية حرة وفكر غير متداعي أو مسلوب الإرادة ، وللخوف والانتظار حد ، ولتلك المغتصبة تحت أي مسمى " كيان "
ومثل تلك المشاعر التي سنكتسبها كفيلة بأن تخلق لدينا الرغبة في قراءة هذا العمل الأدبي الرصين والإبداعي في فكره وطرحه ، الذي تتجلى صورته في واقعنا البائس المرير بحلته القشيبة .
الجزء الأول " أحلام مخبأة "
للروائيّة الإعلاميّة السورية
رشا الحسين
عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع ب " مصر " في طبعتها الأولى
سنة 2020
عندما نقرأ فإنّنا نعيش حياة أنا آخرين
وهذا ما سوف يعاينه المتلقي حين يغوص داخل الرواية ، لأنّ الرواية قبل أن تكون مجرّد حروف وجمل يوردها كاتبها ، تكون جزءاً من رؤيته - هو - أي ما يحتويه من عالم فلسفته في الحياة
حين نبحر معه في عالم مليء بالحكمة التي تفلسفت الأشياء وفق منظور
" قديم جديد "
فالقديم كما دوّنته النّاصة رشا في سطور هذه الرواية ، التزامها بكثرة الحبكات سواء كانت أعراف اجتماعية أو سياسية أو تاريخية ، كالأساطير القديمة في حركتها الزمنية المرافقة للحدث والأحداث ، والجديد فيها أنّها تكشف لنا عمق الأشياء المستغلقة حتى ولو كانت بسيطة ، حين اعتمدت الراوية أسلوب اليوميات والمذكرات ، بوصفها تواريخ وأمكنة بشكل دقيق ، إلى جانب تقنية سرد الذاكرة ، منوعة بذلك أجناس الرواية ، ومحدثة نوعاً من حوارية الخطاب الروائيّ ، حيث تسير الرواية بشكل يتداخل فيها زمن
الحاضر / والماضي
بطريقة سينمائية تعتمد على " الفلاش باك " لتدفعنا لتأملها بشكل أعمق يساعدنا على فهم كنهها ، والانسجام معها
تزدهي هذه الرواية في جزئها الأول ، كما يبدو لي من خلال القراءة بكثرة الحكم التي تورد على لسان الحكاية ، أو هذا ما يوحي للقارئ على لسان الرواية
حين تتقاطع مع الأحداث والشخوص ، وبالمواقف التي تأتي لتعلم القارئ " المتلقي " أنّ ثمّة زوايا في حياتك ستزورك وفق الأقدار ، الأقدار قد تكون من صنع يدك / وقد تكون من صنع الآخر ، فهي بالنهاية أقدار ، وهذا ما حصل مع بطلة روايتها " أثير "
لتضيف إلى القائمة كلّ الشخوص المحاورة للحدث
فالكاتبة عزفت بريشة الكلام وصمت الوشوشات ، عندما يصطف الحديث في مسلك الحكاية على مشارق يوميات عدة مصطلحات فلسفية تلخص الهدف من وجود الإنسان في مدارات الحياة ، حيث تورد مصطلح " النفس الكلية " ثم جزيئات من الشكل العام للنفس ودواخلها عند أبطالها ، والذي يعني أنّ الكون بمكوناته هو من صنع يد واحدة ، تتحدث لغة واحدة ، لا يفهمها إلا من تمعن في الكون أكثر وحاول الاقتراب من كنهه..
والرواية هنا تقصد عالمنا في كلّ أحواله الزمانية والمكانية بطريقة بنتها الكاتبة على ثنائية
الشكل / والمضمون
التي اعتمدتها في سردها للوقائع التاريخية والاجتماعيةالقصصيّة والسياسية المتداولة ضمن سياسات الوقت الراهن والذي يسبقه في قادم الأيام
هذا الربط المتراتب كمتوالية ديكارتيّة جعلت من الحكاية رمز لما يحدث في كل مرّة ، عند التزامها بالتنوع السياقي للسردية السيرذاتية على اللغة السهلة ، لتفتح أفق القراءة أوسع للمعرفة بتواريخ الأحداث التي رافقت السرد ، كما وردتها الرواية بشكلها الاصطلاحي " الأسطورة الشخصية "
حين أدرجتها بمفهومها ، والذي يعني أنّ لكلّ إنسان قصته التي كتبتها الأقدار ، وعليه أن يبحث عنها ، ويسير في الحياة ليطبقها بصورته الذاتية ، وهذا ما جادت به أقدار شخوص الرواية جميعهم
أثير / رنيم / روز / سرحان / حيان / أم جوزيف / الدكتور شوقي /غطفان / الأب / الأم / سمير / هيام / دريد / جمال /سوسن .. إلخ
حتى لا يبقى حبيس الخوف المسيطر على كلّ منافذ حياته ، فيصير نقطة جوفاء في هذا العالم الفسيح بكلّ ممتلكاته السياسية والاجتماعية ، وحتى لا يكون أحد المراقبين الفلكيين بلا مبالاة
هذا التاريخ الذي يعيد نفسه بصور مختلفة وشخوص مختلفة في كلّ حين حين حصرته الراوية في زاوية الحقيقة الواقعية التي تطفو على السطح الآن بكلّ منعطفاتها الأيدولوجية
تسيطر اللغة التصويرية بحرفيّة إبداعية ، وكأنّ النّاصة تحمل بيدها كاميرتها الخاصة ، لتسلط الضوء على السيناريو الملفوظ والمرئي على حد سواء وبذات التوقيت ، حين يتنوع الأسلوب المستخدم وفق الحدث المرسوم الذي تدور فيه أحداث الرواية على خشبة مسرح الحياة ، فهي تنقلنا عبر أروقة المكان والزمان بإعادة اللقطة الجوانيّة للأحداث مرة بخيط تنسجه على الرؤية وآخر على الواقع ، ففي البداية يسيطر الأسلوب الموضوعي على سياق الرواية ، متكئة على اللغة الشعرية النثرية ، لتغمرنا بالتفاصيل التي تساعدنا على تلقي الأحداث بشكلها الاتساقي التي ستجيء تباعاً بعد ذلك ، إنها تدمج الصورة المحكية مع الواقع حتى ولو بأسماء مستعارة لشخوصها ضمن سياق الحديث الذي يتنقل بدوره على لسان الشخصيات المتحدثة ، وبذلك يسيطر الأسلوب الداخلي على السياق الظاهري بصورة أو أخرى ، وكأنّ بها بها تقرأ " body language "
وبمثل هذا التنويع خلقت لنا جواً من الاقتراب والابتعاد عن أحداث الحكاية ، بحيث نستطيع الاندماج بمشاعرنا عبرّ حروفها
فهذه القصص الواردة في طبيعتها الحقيقية في أحداثها الحكائية ،من خلال لكل شيء لغته وصورته عند الراوية وحركته هي ما عايشته في حقيقة الأمر ، كلّها تفاصيل صورتها ربّما اللغة الشعرية الشعورية بأناقة وبشكل جمالي يعبر بحقيقة الواقع عن الشكل والمضمون ، ويضفي قيمة تذوق آخر للرواية فكلّ شخصياتها الرئيسية ، وحتى الفرعية التي تعاقب الفصول لا تقل أهمية عن الشخصية الرئيسية الحقيقية والرواية بلسان " الأنا " و" الأنا الآخر " والتي هي في الواقع " الأنا الأولى "
كلّها تتحرك وفق منظومة الهندسة المعمارية لهرميّة الحكاية ، بحيث أكملت المشهد شكل يخدم الفكرة التي تسعى الراوية جاهدة لإيصالها
فهي يبدو للحظة قد خلطت الأوراق بين حقبات زمانية متنوعة ، وكذلك التنقلات المكانية منها في سياقه الحكائي ، ليعيش المتلقي الفترات بين ماضي ، وحاضر ، ومستقبل ، ولا يدري في ذات الآونة كيف يفرق بين كلّ هذه الأحداث ، فكلّ شيء في استمرار متدفق الإيقاع ولو على مراحل زمنية كما عهده ، ربما يعتقد المتلقي أنه في دائرة مغلقة في تفاصيل مليئة بالتنقلات والحبكات المثيرة الواردة كجزء من النص ، أو حتى خارج إطار النص ، فكل شيء يجري هو من طبيعة الواقع الذي يعيد نفسه ، بتواريخ ربما مسجلة أو غير مسجلة ، ولكن الفكرة ذاتها بصورة مستنسخة في بعض الأحيان وجديدة في أغلبها
أما من ناحية الدلالة ، فعالم الراوية رشا ، يزخر بالعديد من الدلالات المرتبطة كثيراً بعام الحكم التي وردت في متنها ، فالنّاصة هنا لملمت من الليل والنهار عادات تمتلئ بعادات المكان والزمان والحديث يصطف في مسلك الحكاية والحلم من مهامات الوجد في الأخذ والعتاب واللوم ، فيرسو عند مرفئ القطيع وتنفك ظفائر الصوف كتثاؤب النجوم ، هي عزف أحلام الصبايا وإشارة الدلالات والتلميح والإيحاء في يوميات ، السيرذاتية والعطاء الروحي لفجر الذاهبات بأحلام اليقظة على متون الفارس ذو الحصان الأبيض ، حين حلبت من غبار الذكريات غنيمة الحلم ، فكانت الفكرة تلّد وتتسرب في المخادع تفرد ظلالها على الوسادة الخالية ، لفكرة ممزوجة بأكيد الحلم الراسي في منامات الروح المطوية في يبادر الخدر المسائي ، فالدلالة التاريخية مرتبطة بالدلالة الاجتماعية ، ومرتبطة بالدلالة السياسية والثقافية والدينية ، التي إن دلت على شيء ، فهي تدل عن سعة إطلاع الكاتبة
وكل تلك الدلالات مرتبطة بشكل وثيق بالدلالات الإنسانية التي سعت الكاتبة رشا إلى التنوير عليها
هذه الرواية تجمع بين ثلاثة أبعاد متراصة ومترابطة ، فهي مترافقة جنباً إلى جنب في السردية التي تجمع بين البعد الثقافي / والفلسفي / والسياسي على شاكلة " الأسطورة الذاتية وتحقيق الحلم " لتخلق في ذهن قارئها العديد من التساؤلات التي تجعل منه إنساناً آخر بعد أن ينهيها ، حيث سيصبح لصوت الريح رسالة ، ولابتسامة طفل عابر بسمة ، ولوجود هذا الكائن وجوب وجوده الوجودي ، وتمتعه بعقلية حرة وفكر غير متداعي أو مسلوب الإرادة ، وللخوف والانتظار حد ، ولتلك المغتصبة تحت أي مسمى " كيان "
ومثل تلك المشاعر التي سنكتسبها كفيلة بأن تخلق لدينا الرغبة في قراءة هذا العمل الأدبي الرصين والإبداعي في فكره وطرحه ، الذي تتجلى صورته في واقعنا البائس المرير بحلته القشيبة .