لقاء مع شمس الأدب العربي د. سناء الشعلان---طلال السكر في صحيفة صحفي
لقاء مع شمس الأدب العربي د. سناء الشعلان
صحفي. جو - الرّوائية د. سناء الشعلان هي امرأة تصمّم على أنّ الحياة خُلقت للحبّ والعمل والخير والصلاح، ولذلك هي خارجة عن الكره والحقد والتباغض. إنّها امرأة الفرح والجمال.
هي امرأة اللحظات المقتنصة، وقلم البوح الذي لا يخرسه خوف أو رياء أو تأجيل، كانت طفلة لا تعرف السكون أو الرتابة أو الحزن أو البكاء.
أمسكت القلم لاول مرة عندما كان عمرها ثلاث سنوات كي ترسم لا لتكتب، كانت تحبّ الرسم بالرصاص، وترى الشعلان فيه من الحزن والخجل الكثير.
أصولها الفسطينية أضافت لها الإصرار والتّحدي والشّجاعة والفخر بنفسها وقضيتها.
كان ل "صحفي. جو" الحوار التالي:
من هي د. سناء الشعلان؟
هي امرأة تصمّم على أنّ الحياة خُلقت للحبّ والعمل والخير والصلاح، ولذلك هي امرأة خارجة عن الكره والحقد والتباغض. إنّها امرأة الفرح والجمال.
كيف كانت الطفلة سناء؟
كانت طفلة لا تعرف السكون أو الرتابة أو الحزن أو البكاء، قليل هي المرات التي بكيت فيها في حياتي على الرغم من أنّني جياشة المشاعر بطريقة محيّرة، وكنت صاحبة الأسئلة التي لا تعرف حدوداً. فسألت عن الله وعن شكله وحياته، وسألت عن مصدر وكيفية تكوّن الأطفال؟
واحتتجتُ بشدة على فقر ويتم الكثير،واستنكرت بطفولة ساذجة على الله أن يتركهم في بأسهم دون عون. أمي الحبيبة كانت امرأة مستحيلة، وما كنت لأكون أنا لو لم تكن هي أمي هي عوني وملهمتي، فقلة من النساء من يستطعن التعامل مع طفلة شقية عنيدة متمردة تريد كلّ شيء وتسأل عن كلّ شيء، وتشكّ في كلّ شيء مثل أمي، التي ملأت نفسي حباً لطبيعتي المتعبة، وما تبرّمت بي يوماً، وكانت تتفهّم أخطائي وعثراتي، وتشاركني أحلامي، وتؤمن بي، فلو كفرت بي أمي لما نفعني إيمان كلّ البشر بي.
كيف تقدم الروائية د.سناء الشعلان نفسها للقارئ العربي؟
سناء الشّعلان الرّوائية هي امرأة اللحظات المقتنصة، وقلم البوح الذي لا يخرسه خوف أو رياء أو تأجيل.
ما هي الفكرة أو الصورة التي تستفزك للكتابة؟
صورة إنسان حزين أو طفل يبكي أو كائن يعذّب.
هل تأثرت بكّتاب آخرين؟
كلّ من قرأتُ لهم تأثّرت بهم بمعنى ما.
ماذا أضافت لك أصولك الفلسطينية؟
أضافت لي الإصرار والتّحدي والشّجاعة والفخر بنفسي وقضيتي وأمّتي وديني وموروثي.
أنتِ من مواليد برج الجوزاء يملكون في العادة أمزجة خاصة. ما أغرب ما تملك سناء الجوزائية من عادات في الكتابة؟
لا أستطيع أن أكتب أيّ عمل إبداعي إلاّ على ورق أزرق وبقلم حبر سائل أزرق أو أحمر، كذلك لا يمكن إن أكتب إلاّ إذا كنت أسمع موسيقى وأضع عطراً.
ما قيمة الدّراما للطّفل؟
الدراما بلا شكّ تكتسب أهميتها من بعدين أساسيين: البعد الأوّل، وهو الأهم: دمج الطفل في حالة التلقّي، بحيث يغو مشاركاً في بناء الفكرة وفي تطويرها، فضلاً عن تلقيها، وهذا التلقي لا يكون تلقيناً بليداً، بل هو حالة إبداعية كاملة تجعل الطفل مشاركاً حقيقياً في عملية تعليمه وبناء معماره الجمالي التربوي والقيمي والعلمي،وبذلك يغدو تعليمه لا عبر الآخر فقط، بل ومن داخل مفاهيمه و إدراكاته التي بلورها عبر سلسلة من التلقي المباشر المتفرّع من المشاركة بتقديم العمل أو متابعته، ولاشكّ أنّ هكذا تلقي يضمن أثراً أعمق وأطول في نفس الطفل، فهو يعدّه لحساسية عالية لكلّ ما يُشاهد ويسمع.
البعد الثاني: أنّ العمل الدرامي يحلّ مشكلة البحث عن الشّكل الفني المناسب، فهو يقدّم شكلاً محبّباً للأطفال، يقدمون عليه بحماس، ويتفاعلون معه بشكل جماعي،ولا يخفى على الجميع قيمة التلقي الجماعي عند الطفل، إذ إنّه يعلي من قيم التواصل الإنساني.
ما الذي يعطي التميّز لما تكتبه سناء الشعلان؟
أعتقد أننّي معنية جداً بدواخل الإنسان، ومتعاطفه مع ضعفه ومآسيه،وقادرة على التعبير بلغة شعرية عن خلجات إنكساراته وعن مآل صراعاته دون تحرّج أو مجاملة أو هروب، أنا أعرّي الواقع، وأفضح عيوبه بكلّ مصداقية وجرأة. لذا التوقف عند ما أكتب هو تحّدى الاكتشاف والمكاشفة والبوح. وكلّ ذلك بنص إبداعي يحتفي بالتجريب والشكل، ويخرق الرتابة والكلاسيكية.
وفق وجهة نظرك الخاصة: متى ينجح الكاتب في أن ينتج أدب أطفال هادفاً قادراً على الوصول إلى منظمة الطفل العقلية والشعورية؟
فقط عندما يكون مسكوناً بطفله الداخلي الذي لا يفارقه أبداً، ويجعله يرى ويسمع ويفرح ويحزن بقلب طفل وبعقل راشد.
هل كانت الأسرة أو محيطها من أقارب وأصدقاء تهتمّ بالأدب والفكر ؟
أمي المرأة العظيمة في حياتي لم تزعم يوماً أنّها قد قرأت عملاً أدبياً واحداً، فطفولتها البائسة لم تنعم عليها بالكثير خلا تلك القصص الخرافية التي كان لي ولع شديد بها، لكن الكتاب الأوّل الوحيد الذي ملكته في حياتي، وكان قصة أي من أهدته لي، لم أكن حينها أعرف القراءة، فما كنت قد تجاوزت الثالثة بعد، ولكني سعدت بها، وظننتُ أنّها المطبوعة الوحيدة من نوعها في العالم، لكنّ القصص والكتب توالت�' بعدها، وانهالت�' علي من والدي اللذين لاحظا غرامي العجيب بكتبي، إلى أن تعلّمت القراءة، وقد تعلمتها في الصف الأوّل بسرعة عجيبة، وطفقتُ حينها اكتشف عوالم قصصي، وما ظننت أبداً إنّها بهذا الجمال، وكانت قصة أجهل مؤلفها اسمها "دراجة عماد" هي القصة الأولى التي قرأت في حياتي.
ما موقع الحبّ في حياتك؟ وكيف تنظرين إليه؟
أنّا مخلوقة من الحبّ، وهو حلمي الملحّ، لا أستطيع أن أتعامل مع أيّ شيء إن لم أحبّه، ولا أستطيع أن أتخلّى عن أيّ شيء أحبّه، لذلك فأنا رتيبة فيما يخصّ أثاث البيت والأشياء القديمة، ولا أحتمل فكرة تغيرها أو تجديدها، قلبي ضعيف للغاية، مشاعري جيّاشة ومتأجّجة بشكل دائم، وذلك أمر متعب ومرهق لا سيما عندما يصبح من الواجب ضبط تلك المشاعر، فكرت في العشق ألف مرّة، وحضّرت له الكؤؤس والهدايا وأطواق الياسمين، وبحثتُ عنه طويلاً، وصرّحت دائماً للأهل والأصدقاء بأنّني أبحث عنه، و انتظرته، و تخيّلته يأتي من كلّ الجهات، وتساءلت�' طويلاً كيف سيكون من سأحبّ؟؟!! لكنّه ما جاء بعد، على الرغم من أنّني ادخرتُ له أشواق العمر وحكايا العشق ولحظات التمنّي... وما أزال أنتظره.
متى أمسكت بالقلم وكتبت�'؟ ومن قرأ لك أوّل مرة؟
أمسكتُ بالقلم منذ كان عمري ثلاث سنوات كي أرسم لا كي أكتب، فقد كنت أحبّ الرسم بالرصاص، ففيه من الحزن والخجل الكثير، لكن أوّل كلمات قصصية كتبتها كانت في سن السادسة، كان قصة قصيرة عن طفل يتيم.
هل تعتقدين أنّ مسرح الأطفال قد يكون حلاّ لمشكلة الفكرة والشكل في أدب الأطفال؟
أعتقد أنّ المأزق الذي يعاني منه كتّاب أدب الأطفال لا يتجلّى فقط في الفكرة وفي انتقائها فحسب، بل يتجلّى كذلك في البحث عن شكل مناسب؛ لأنّ التلقىّ عند الطفل قد يرتبط بالدرجة الأولى بالشكل المحفّز والذكي القادر على النفوذ إلى عوالم الطفل الداخلية. وأظنّ أنّ للمسرح تأثراً كبيراًعلى الطفل إذا ضُّمن له الفكرة البنّاءة،والأداء الصحيح، والابتكار اللافت، عندها فط يغدو المسرح رديفاً حقيقياً للتعلّم والبناء الأخلاقي والمعرفي والجمالي والتلقي المبدع عند الطفل.
لذا فالمبدع العربي مطالب بقليب نظره من جديد في الكتابة المسرحية للطفل.
هل تعتقدين أنّ من السهل تقديم إبداعات للطفولة متكئة على التراث؟
على العكس تماماً، فالأمر غاية في الصعوبة والحساسية، والخطأ فيه لا يُغتفر؛إذ به يرتبط فهم الطفل لتراثه، وفتح مداركه عليه،وتوجيه قيمه نحوه،وهكذا أدب يحتاج إلى الكثير من الدراسة والتحليل والاستقراء للتاريخ ولواقع الطفولة العربية ،حتى يتسنّى تقديم أعمال تستفيد من التراث، وتقدّمه في حلّة قشيبة، بما يخدم ثقافة الطفل،وينمّي قدرته على التخيّل والاحتذاء. لذا فالمؤسسات الثقافية والمبدعين بل والآباء والأمهات والمربون عليهم أن يطالبوا بأدب أطفال يستلهم التراث في بعض ما يكتب ضمن خطة مدروسة الأشكال والغايات والوسائل.
تتحدثين كثيراً عن الطفل العربي في حين تغفلين الطفل غير العربي لماذا؟
ليست قضية إغفال، بل قضية أولويات حيوية، فالمستقبل العربي مرهون بالطفل العربي لاسيما في ضوء واقع مأزوم بالتحديات والعقبات، وأمتنا تتعرّض لتحديات مصيرية، وعلينا أن نحسن إعداد رهان المستقبل، وهو رهان الإنسان،ثم أنّ الطفل العربي له خصوصيته شأنه شأن أيّ طفل في العالم، ومن الواجب أخذ هذه الخصوصية بعين الاعتبار عندما نكون في معرض تقديم أدبه.
نلاحظ توظيفك للأسطورة والموروث الشعبي في كثير من أعمالك القصصية، فإلى أي حد تستفيدين من ذلك في محاكاة واقعنا المعيشي؟
هذا العالم المجنون الذي نعيش لا يقل غرابة عن أيّ خيال أسطوري أو فنتازي، إذن لا غرو أن نستطيع أن أعبّر عنه- شأن الكثير من الأدباء- بكلّ أدوات المخيال الإنساني عبر عصوره الطويلة.
لماذا تكتب سناء الشعلان عن المرأة؟
التجربة النسوية تجربة فريدة ومستقلة وغنية بمعطيات الواقع، وإرهاصات إزماته، ومخاضات تجربته، وهذه التجربة قد عانت طويلاً من التهميش، أو من التقزيم في أحسن الحالات، وقد عانت في الوقت نفسه من الوقوع في فخّ القوالب الجاهزة والجامدة التي سجنت بها على يد الإبداع الذكوري، بل وعلى يد الإبداع النسوي الذي لم يتجاوز قيود وأشكال الإبداع الذكوري في بعض الأحيان، إن لم اقل كثيراً.
هل يمكن القول إنّك تركزين على القهر والحرمان للنّفس البشرية عبر ماتقدّمينه من نصوص إبداعية ؟
أعتقد أنني معنية جداً بدواخل الإنسان، ومتعاطفه مع ضعفه ومآسيه، وقادرة بالتعبير بلغة شعرية عن خلجات إنكساراته وعن مآل صراعاته دون تحرّج أو مجاملة أو هروب، أنا أعرّي الواقع، وأفضح عيوبه بكلّ مصداقية وجرأة. لذا التوقف عند ما أكتب هو تحّدى الاكتشاف والمكاشفة والبوح. وكلّ ذلك بنص إبداعي يحتفي بالتجريب والشكل، ويخرق الرتابة والكلاسيكية.
صحفي. جو - الرّوائية د. سناء الشعلان هي امرأة تصمّم على أنّ الحياة خُلقت للحبّ والعمل والخير والصلاح، ولذلك هي خارجة عن الكره والحقد والتباغض. إنّها امرأة الفرح والجمال.
هي امرأة اللحظات المقتنصة، وقلم البوح الذي لا يخرسه خوف أو رياء أو تأجيل، كانت طفلة لا تعرف السكون أو الرتابة أو الحزن أو البكاء.
أمسكت القلم لاول مرة عندما كان عمرها ثلاث سنوات كي ترسم لا لتكتب، كانت تحبّ الرسم بالرصاص، وترى الشعلان فيه من الحزن والخجل الكثير.
أصولها الفسطينية أضافت لها الإصرار والتّحدي والشّجاعة والفخر بنفسها وقضيتها.
كان ل "صحفي. جو" الحوار التالي:
من هي د. سناء الشعلان؟
هي امرأة تصمّم على أنّ الحياة خُلقت للحبّ والعمل والخير والصلاح، ولذلك هي امرأة خارجة عن الكره والحقد والتباغض. إنّها امرأة الفرح والجمال.
كيف كانت الطفلة سناء؟
كانت طفلة لا تعرف السكون أو الرتابة أو الحزن أو البكاء، قليل هي المرات التي بكيت فيها في حياتي على الرغم من أنّني جياشة المشاعر بطريقة محيّرة، وكنت صاحبة الأسئلة التي لا تعرف حدوداً. فسألت عن الله وعن شكله وحياته، وسألت عن مصدر وكيفية تكوّن الأطفال؟
واحتتجتُ بشدة على فقر ويتم الكثير،واستنكرت بطفولة ساذجة على الله أن يتركهم في بأسهم دون عون. أمي الحبيبة كانت امرأة مستحيلة، وما كنت لأكون أنا لو لم تكن هي أمي هي عوني وملهمتي، فقلة من النساء من يستطعن التعامل مع طفلة شقية عنيدة متمردة تريد كلّ شيء وتسأل عن كلّ شيء، وتشكّ في كلّ شيء مثل أمي، التي ملأت نفسي حباً لطبيعتي المتعبة، وما تبرّمت بي يوماً، وكانت تتفهّم أخطائي وعثراتي، وتشاركني أحلامي، وتؤمن بي، فلو كفرت بي أمي لما نفعني إيمان كلّ البشر بي.
كيف تقدم الروائية د.سناء الشعلان نفسها للقارئ العربي؟
سناء الشّعلان الرّوائية هي امرأة اللحظات المقتنصة، وقلم البوح الذي لا يخرسه خوف أو رياء أو تأجيل.
ما هي الفكرة أو الصورة التي تستفزك للكتابة؟
صورة إنسان حزين أو طفل يبكي أو كائن يعذّب.
هل تأثرت بكّتاب آخرين؟
كلّ من قرأتُ لهم تأثّرت بهم بمعنى ما.
ماذا أضافت لك أصولك الفلسطينية؟
أضافت لي الإصرار والتّحدي والشّجاعة والفخر بنفسي وقضيتي وأمّتي وديني وموروثي.
أنتِ من مواليد برج الجوزاء يملكون في العادة أمزجة خاصة. ما أغرب ما تملك سناء الجوزائية من عادات في الكتابة؟
لا أستطيع أن أكتب أيّ عمل إبداعي إلاّ على ورق أزرق وبقلم حبر سائل أزرق أو أحمر، كذلك لا يمكن إن أكتب إلاّ إذا كنت أسمع موسيقى وأضع عطراً.
ما قيمة الدّراما للطّفل؟
الدراما بلا شكّ تكتسب أهميتها من بعدين أساسيين: البعد الأوّل، وهو الأهم: دمج الطفل في حالة التلقّي، بحيث يغو مشاركاً في بناء الفكرة وفي تطويرها، فضلاً عن تلقيها، وهذا التلقي لا يكون تلقيناً بليداً، بل هو حالة إبداعية كاملة تجعل الطفل مشاركاً حقيقياً في عملية تعليمه وبناء معماره الجمالي التربوي والقيمي والعلمي،وبذلك يغدو تعليمه لا عبر الآخر فقط، بل ومن داخل مفاهيمه و إدراكاته التي بلورها عبر سلسلة من التلقي المباشر المتفرّع من المشاركة بتقديم العمل أو متابعته، ولاشكّ أنّ هكذا تلقي يضمن أثراً أعمق وأطول في نفس الطفل، فهو يعدّه لحساسية عالية لكلّ ما يُشاهد ويسمع.
البعد الثاني: أنّ العمل الدرامي يحلّ مشكلة البحث عن الشّكل الفني المناسب، فهو يقدّم شكلاً محبّباً للأطفال، يقدمون عليه بحماس، ويتفاعلون معه بشكل جماعي،ولا يخفى على الجميع قيمة التلقي الجماعي عند الطفل، إذ إنّه يعلي من قيم التواصل الإنساني.
ما الذي يعطي التميّز لما تكتبه سناء الشعلان؟
أعتقد أننّي معنية جداً بدواخل الإنسان، ومتعاطفه مع ضعفه ومآسيه،وقادرة على التعبير بلغة شعرية عن خلجات إنكساراته وعن مآل صراعاته دون تحرّج أو مجاملة أو هروب، أنا أعرّي الواقع، وأفضح عيوبه بكلّ مصداقية وجرأة. لذا التوقف عند ما أكتب هو تحّدى الاكتشاف والمكاشفة والبوح. وكلّ ذلك بنص إبداعي يحتفي بالتجريب والشكل، ويخرق الرتابة والكلاسيكية.
وفق وجهة نظرك الخاصة: متى ينجح الكاتب في أن ينتج أدب أطفال هادفاً قادراً على الوصول إلى منظمة الطفل العقلية والشعورية؟
فقط عندما يكون مسكوناً بطفله الداخلي الذي لا يفارقه أبداً، ويجعله يرى ويسمع ويفرح ويحزن بقلب طفل وبعقل راشد.
هل كانت الأسرة أو محيطها من أقارب وأصدقاء تهتمّ بالأدب والفكر ؟
أمي المرأة العظيمة في حياتي لم تزعم يوماً أنّها قد قرأت عملاً أدبياً واحداً، فطفولتها البائسة لم تنعم عليها بالكثير خلا تلك القصص الخرافية التي كان لي ولع شديد بها، لكن الكتاب الأوّل الوحيد الذي ملكته في حياتي، وكان قصة أي من أهدته لي، لم أكن حينها أعرف القراءة، فما كنت قد تجاوزت الثالثة بعد، ولكني سعدت بها، وظننتُ أنّها المطبوعة الوحيدة من نوعها في العالم، لكنّ القصص والكتب توالت�' بعدها، وانهالت�' علي من والدي اللذين لاحظا غرامي العجيب بكتبي، إلى أن تعلّمت القراءة، وقد تعلمتها في الصف الأوّل بسرعة عجيبة، وطفقتُ حينها اكتشف عوالم قصصي، وما ظننت أبداً إنّها بهذا الجمال، وكانت قصة أجهل مؤلفها اسمها "دراجة عماد" هي القصة الأولى التي قرأت في حياتي.
ما موقع الحبّ في حياتك؟ وكيف تنظرين إليه؟
أنّا مخلوقة من الحبّ، وهو حلمي الملحّ، لا أستطيع أن أتعامل مع أيّ شيء إن لم أحبّه، ولا أستطيع أن أتخلّى عن أيّ شيء أحبّه، لذلك فأنا رتيبة فيما يخصّ أثاث البيت والأشياء القديمة، ولا أحتمل فكرة تغيرها أو تجديدها، قلبي ضعيف للغاية، مشاعري جيّاشة ومتأجّجة بشكل دائم، وذلك أمر متعب ومرهق لا سيما عندما يصبح من الواجب ضبط تلك المشاعر، فكرت في العشق ألف مرّة، وحضّرت له الكؤؤس والهدايا وأطواق الياسمين، وبحثتُ عنه طويلاً، وصرّحت دائماً للأهل والأصدقاء بأنّني أبحث عنه، و انتظرته، و تخيّلته يأتي من كلّ الجهات، وتساءلت�' طويلاً كيف سيكون من سأحبّ؟؟!! لكنّه ما جاء بعد، على الرغم من أنّني ادخرتُ له أشواق العمر وحكايا العشق ولحظات التمنّي... وما أزال أنتظره.
متى أمسكت بالقلم وكتبت�'؟ ومن قرأ لك أوّل مرة؟
أمسكتُ بالقلم منذ كان عمري ثلاث سنوات كي أرسم لا كي أكتب، فقد كنت أحبّ الرسم بالرصاص، ففيه من الحزن والخجل الكثير، لكن أوّل كلمات قصصية كتبتها كانت في سن السادسة، كان قصة قصيرة عن طفل يتيم.
هل تعتقدين أنّ مسرح الأطفال قد يكون حلاّ لمشكلة الفكرة والشكل في أدب الأطفال؟
أعتقد أنّ المأزق الذي يعاني منه كتّاب أدب الأطفال لا يتجلّى فقط في الفكرة وفي انتقائها فحسب، بل يتجلّى كذلك في البحث عن شكل مناسب؛ لأنّ التلقىّ عند الطفل قد يرتبط بالدرجة الأولى بالشكل المحفّز والذكي القادر على النفوذ إلى عوالم الطفل الداخلية. وأظنّ أنّ للمسرح تأثراً كبيراًعلى الطفل إذا ضُّمن له الفكرة البنّاءة،والأداء الصحيح، والابتكار اللافت، عندها فط يغدو المسرح رديفاً حقيقياً للتعلّم والبناء الأخلاقي والمعرفي والجمالي والتلقي المبدع عند الطفل.
لذا فالمبدع العربي مطالب بقليب نظره من جديد في الكتابة المسرحية للطفل.
هل تعتقدين أنّ من السهل تقديم إبداعات للطفولة متكئة على التراث؟
على العكس تماماً، فالأمر غاية في الصعوبة والحساسية، والخطأ فيه لا يُغتفر؛إذ به يرتبط فهم الطفل لتراثه، وفتح مداركه عليه،وتوجيه قيمه نحوه،وهكذا أدب يحتاج إلى الكثير من الدراسة والتحليل والاستقراء للتاريخ ولواقع الطفولة العربية ،حتى يتسنّى تقديم أعمال تستفيد من التراث، وتقدّمه في حلّة قشيبة، بما يخدم ثقافة الطفل،وينمّي قدرته على التخيّل والاحتذاء. لذا فالمؤسسات الثقافية والمبدعين بل والآباء والأمهات والمربون عليهم أن يطالبوا بأدب أطفال يستلهم التراث في بعض ما يكتب ضمن خطة مدروسة الأشكال والغايات والوسائل.
تتحدثين كثيراً عن الطفل العربي في حين تغفلين الطفل غير العربي لماذا؟
ليست قضية إغفال، بل قضية أولويات حيوية، فالمستقبل العربي مرهون بالطفل العربي لاسيما في ضوء واقع مأزوم بالتحديات والعقبات، وأمتنا تتعرّض لتحديات مصيرية، وعلينا أن نحسن إعداد رهان المستقبل، وهو رهان الإنسان،ثم أنّ الطفل العربي له خصوصيته شأنه شأن أيّ طفل في العالم، ومن الواجب أخذ هذه الخصوصية بعين الاعتبار عندما نكون في معرض تقديم أدبه.
نلاحظ توظيفك للأسطورة والموروث الشعبي في كثير من أعمالك القصصية، فإلى أي حد تستفيدين من ذلك في محاكاة واقعنا المعيشي؟
هذا العالم المجنون الذي نعيش لا يقل غرابة عن أيّ خيال أسطوري أو فنتازي، إذن لا غرو أن نستطيع أن أعبّر عنه- شأن الكثير من الأدباء- بكلّ أدوات المخيال الإنساني عبر عصوره الطويلة.
لماذا تكتب سناء الشعلان عن المرأة؟
التجربة النسوية تجربة فريدة ومستقلة وغنية بمعطيات الواقع، وإرهاصات إزماته، ومخاضات تجربته، وهذه التجربة قد عانت طويلاً من التهميش، أو من التقزيم في أحسن الحالات، وقد عانت في الوقت نفسه من الوقوع في فخّ القوالب الجاهزة والجامدة التي سجنت بها على يد الإبداع الذكوري، بل وعلى يد الإبداع النسوي الذي لم يتجاوز قيود وأشكال الإبداع الذكوري في بعض الأحيان، إن لم اقل كثيراً.
هل يمكن القول إنّك تركزين على القهر والحرمان للنّفس البشرية عبر ماتقدّمينه من نصوص إبداعية ؟
أعتقد أنني معنية جداً بدواخل الإنسان، ومتعاطفه مع ضعفه ومآسيه، وقادرة بالتعبير بلغة شعرية عن خلجات إنكساراته وعن مآل صراعاته دون تحرّج أو مجاملة أو هروب، أنا أعرّي الواقع، وأفضح عيوبه بكلّ مصداقية وجرأة. لذا التوقف عند ما أكتب هو تحّدى الاكتشاف والمكاشفة والبوح. وكلّ ذلك بنص إبداعي يحتفي بالتجريب والشكل، ويخرق الرتابة والكلاسيكية.