ابتهال الشايب الشيء الجميل في وطني
الشيء الجميل في وطني
ولدت في قلب مدينة (الأقصر) من عائلة (الشقيرات)، كان أغلب أبناء العائلة من الأقارب يعيشون في قلب المدينة، لم أذق طعم الريف الجنوبي الجميل، حرمت عيناي من نقائه، ولم أتعرف على أفكاره، فلقد تربينا تربيةً مدنيةً بحتة، إلى أن دعاني حمدي رضوان أحد أعضاء (مركز دندرة) إلي المؤتمر الاقتصادي الثالث التابع للمركز بقنا يوم 25 نوفمبر 2017، المؤتمر عقد في قرية (دندرة) التي أراها لأول مرة، شوارع القرية ضيقة، أناس يمتازون بالبساطة والصفاء، يرتدون الجلباب الأبيض الناصع، وعلي رؤوسهم عمائم بيضاء مثبتة بإتقان، ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، لونها أخضر لامع تحت ضوء الشمس الشتوية الرقيقة.
كان المؤتمر برعاية (الأمير هاشم الدندراوي) في البداية ظننت أنه سعودي الجنسية، لم أكن أعرف أن هناك عائلة دندراوية، وهي عائلة من أصول عربية عريقة تعيش في قرية (دندرة) منذ زمن،وهو رجل يرتدي جلبابًا رماديًا، وعمامةً بيضاء، يتحدث بلباقةٍ شديدة، يتقن الإنجليزية الأمريكية، ذو ثقافةٍ واسعة، و شخصيةٍ قوية، له هيبة كبيرة، ومن حديثي مع بعض أعضاء المركز علمت أنه يعتبر (كبير) هذه البلدة، يستشيرونه في كل الأمور، يتدخل في الصلح بين العائلات، وذو كلمةٍ مسموعة، كل هذا ذكّرني بشخصية (رفيع بيه) في مسلسل (الضوء الشارد) للكاتب محمد صفاء عامر، فهو يشبهه إلي حد كبير، من حيث الحسم والاحترام والحكمة، أنشأ مركز(دندرة الاقتصادي)؛ حتى يساعد أهل قرية (دندرة)، والقرى المجاورة في إيجاد فرص عمل مناسبة، فاستعان بخبرات أجنبية من الخارج، وأقام ورشًا لتدريب الشباب على الحرف والأعمال؛ لكي يجيد الشاب فيما بعد حرفةً يستطيع أن يعمل بها في حياته، وهو يقيم المؤتمر الاقتصادي كل عام.
في عام 2016، قدّم في المؤتمر تجربة صناعة (الشيبس) من الموز، ودرّب من يرغب من الشباب على هذا العمل، ونجح بالفعل، أما في هذا المؤتمر قدّم تجربة سنغافورة في صناعة الملابس من الموز، فهم ينزعون ألياف الموز، ويقومون بعملية الغزل ،والنسيج ،والدباغة، والتنظيف، والكي حتى تصير قماشًا، وبذلك يتم استغلال بواقي ألياف الموز، وهناك مشاريع أخرى كثيرة والتي عرضت في (معرض المشاريع البادئة)، والذي كان يقدّم تجارب الشباب المختلفة في مجال العمل، منها مشاريع إعادة تدوير المخلفات البلاستيك للمحافظة على البيئة، وإنتاج المخللات، وإنتاج الأعلاف، حيث يقومون باستغلال بواقي قصب السكر ليحولوه إلي تبن لتغذية المواشي، وإنتاج عسل النحل من أشجار تسمى (أشجار السدر)، هذا بالإضافة إلي المنتجات اليدوية من الحلي والحقائب، وأيضًا صيانة أجهزة المحمول، والكمبيوتر، واستغلال جلود الأرانب لصناعة الحقائب والحلي، وكل هذا يباع بأسعار مناسبة، ومن هنا تتحقق الاستفادة لجميع الأطراف، كل هذا من أجل تنمية الريف، وتوفير فرص عمل مناسبة للشباب، وتوفير دخل خاص دون الحاجة لترك القرية التي ينتمي الشاب إليها، والسفر إلى القاهرة أو إلى خارج مصر، وعند انتهاء المؤتمر ظللت أنظر من نافذة السيارة إلى شوارع القرية، شعرت أنها منزوية على نفسها، بعيدة كل البعد عن صخب المدينة المزعج، لهم مشاكلهم الخاصة، لكنها تكاد تكون مشاكل محدودة، و روح حميمية تعيش داخل النفوس، حيث نوافذ البيوت تكاد تكون في مواجهة بعضها البعض، وبعض النوافذ تطل على لون الزرع الأخضر، هذا بالإضافة إلي بعض الأفكار التي تعرفت عليها من خلال حديثي مع بعض أعضاء المركز.
في الواقع أرى أن الأمير (هاشم الدندراوي) الذي لم أتحدث إليه بشكل خاص نموذج يحتذى به خاصة في مساعدة الآخرين، وتوفير جو ملائم للعمل بعيدًا عن الإحباط والسلبيات التي نراها في كل مكان.
الصعيد به أشياء جميلة لم يودوا المخرجين عرضها بصورة جيدة علي شاشات التليفزيون بل فضلوا الصور السلبية، مازال هناك أشياء جيدة لم يهتم بها الإعلام الاهتمام الكافي التي تستحقه، وسط معاناة مصر من الإرهاب ، والظروف الاقتصادية القاسية.
نحن حقًا في حاجة إلي أمل ما !
ابتهال الشايب
.
ولدت في قلب مدينة (الأقصر) من عائلة (الشقيرات)، كان أغلب أبناء العائلة من الأقارب يعيشون في قلب المدينة، لم أذق طعم الريف الجنوبي الجميل، حرمت عيناي من نقائه، ولم أتعرف على أفكاره، فلقد تربينا تربيةً مدنيةً بحتة، إلى أن دعاني حمدي رضوان أحد أعضاء (مركز دندرة) إلي المؤتمر الاقتصادي الثالث التابع للمركز بقنا يوم 25 نوفمبر 2017، المؤتمر عقد في قرية (دندرة) التي أراها لأول مرة، شوارع القرية ضيقة، أناس يمتازون بالبساطة والصفاء، يرتدون الجلباب الأبيض الناصع، وعلي رؤوسهم عمائم بيضاء مثبتة بإتقان، ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، لونها أخضر لامع تحت ضوء الشمس الشتوية الرقيقة.
كان المؤتمر برعاية (الأمير هاشم الدندراوي) في البداية ظننت أنه سعودي الجنسية، لم أكن أعرف أن هناك عائلة دندراوية، وهي عائلة من أصول عربية عريقة تعيش في قرية (دندرة) منذ زمن،وهو رجل يرتدي جلبابًا رماديًا، وعمامةً بيضاء، يتحدث بلباقةٍ شديدة، يتقن الإنجليزية الأمريكية، ذو ثقافةٍ واسعة، و شخصيةٍ قوية، له هيبة كبيرة، ومن حديثي مع بعض أعضاء المركز علمت أنه يعتبر (كبير) هذه البلدة، يستشيرونه في كل الأمور، يتدخل في الصلح بين العائلات، وذو كلمةٍ مسموعة، كل هذا ذكّرني بشخصية (رفيع بيه) في مسلسل (الضوء الشارد) للكاتب محمد صفاء عامر، فهو يشبهه إلي حد كبير، من حيث الحسم والاحترام والحكمة، أنشأ مركز(دندرة الاقتصادي)؛ حتى يساعد أهل قرية (دندرة)، والقرى المجاورة في إيجاد فرص عمل مناسبة، فاستعان بخبرات أجنبية من الخارج، وأقام ورشًا لتدريب الشباب على الحرف والأعمال؛ لكي يجيد الشاب فيما بعد حرفةً يستطيع أن يعمل بها في حياته، وهو يقيم المؤتمر الاقتصادي كل عام.
في عام 2016، قدّم في المؤتمر تجربة صناعة (الشيبس) من الموز، ودرّب من يرغب من الشباب على هذا العمل، ونجح بالفعل، أما في هذا المؤتمر قدّم تجربة سنغافورة في صناعة الملابس من الموز، فهم ينزعون ألياف الموز، ويقومون بعملية الغزل ،والنسيج ،والدباغة، والتنظيف، والكي حتى تصير قماشًا، وبذلك يتم استغلال بواقي ألياف الموز، وهناك مشاريع أخرى كثيرة والتي عرضت في (معرض المشاريع البادئة)، والذي كان يقدّم تجارب الشباب المختلفة في مجال العمل، منها مشاريع إعادة تدوير المخلفات البلاستيك للمحافظة على البيئة، وإنتاج المخللات، وإنتاج الأعلاف، حيث يقومون باستغلال بواقي قصب السكر ليحولوه إلي تبن لتغذية المواشي، وإنتاج عسل النحل من أشجار تسمى (أشجار السدر)، هذا بالإضافة إلي المنتجات اليدوية من الحلي والحقائب، وأيضًا صيانة أجهزة المحمول، والكمبيوتر، واستغلال جلود الأرانب لصناعة الحقائب والحلي، وكل هذا يباع بأسعار مناسبة، ومن هنا تتحقق الاستفادة لجميع الأطراف، كل هذا من أجل تنمية الريف، وتوفير فرص عمل مناسبة للشباب، وتوفير دخل خاص دون الحاجة لترك القرية التي ينتمي الشاب إليها، والسفر إلى القاهرة أو إلى خارج مصر، وعند انتهاء المؤتمر ظللت أنظر من نافذة السيارة إلى شوارع القرية، شعرت أنها منزوية على نفسها، بعيدة كل البعد عن صخب المدينة المزعج، لهم مشاكلهم الخاصة، لكنها تكاد تكون مشاكل محدودة، و روح حميمية تعيش داخل النفوس، حيث نوافذ البيوت تكاد تكون في مواجهة بعضها البعض، وبعض النوافذ تطل على لون الزرع الأخضر، هذا بالإضافة إلي بعض الأفكار التي تعرفت عليها من خلال حديثي مع بعض أعضاء المركز.
في الواقع أرى أن الأمير (هاشم الدندراوي) الذي لم أتحدث إليه بشكل خاص نموذج يحتذى به خاصة في مساعدة الآخرين، وتوفير جو ملائم للعمل بعيدًا عن الإحباط والسلبيات التي نراها في كل مكان.
الصعيد به أشياء جميلة لم يودوا المخرجين عرضها بصورة جيدة علي شاشات التليفزيون بل فضلوا الصور السلبية، مازال هناك أشياء جيدة لم يهتم بها الإعلام الاهتمام الكافي التي تستحقه، وسط معاناة مصر من الإرهاب ، والظروف الاقتصادية القاسية.
نحن حقًا في حاجة إلي أمل ما !
ابتهال الشايب
.