وقائع وأسانيد ترسيم الحدود البرية والبحرية بين العراق و الكويت هادي عزيز علي
1
وقائع وأسانيد ترسيم الحدود البرية والبحرية مع الكويت
هادي عزيز علي
تدور الأحاديث هذه الأيام في الأوساط الرسمية والشعبية عن ترسيم الحدود العراقية- الكويتية، وترتفع احيانا الأصوات هنا اوهناك للتعبير عن مظلومية تعرّض لها العراق، ونجد ان الكثير من تلك الاصوات ليست لديها المعلومات الكافية حول هذا الموضوع، والمخاض العسير الذي مرّ به والموقف الدولي تجاه العراق بعد حرب تحرير الكويت ونفق الفصل السابع الذي حشرنا فيه. ولغرض اعطاء الرأي في هذا الموضوع لابدّ من الاطلاع على تاريخ العلاقات العراقية- الكويتية وأحكام وقرارات مجلس الأمن الدولي ابتداءً من القرار 660 في3 آب 1990 الى صدور القرار833 لسنة 1993 ومراجعة ارشيف الأمم المتحدة للاطلاع على القرارات والاجراءات والجلسات والحوارات التي انتهت اليها الامم المتحدة وتم بموجبها الترسيم.
أحاول عرض الموضوع باختصار مفيد للوقوف على الأسباب والمستندات التي بموجبها توصلت اليها الامم المتحدة لترسيم الحدود وباشكل التالي:
الوثيقة الاولى، رسالة نوري السعيد : ارسل نوري السعيد رئيس الوزراء آنذاك رسالة الى الحاكم البريطاني للكويت السير ( ف همفرين) بتاريخ 21 تموز1932- باعتبار الكويت تحت الحماية البريطانية حينئذ - لغرض اخذ موافقة السلطات هناك على الوصف التالي للحدود بين العراق والكويت والمقترح من قبل الحكومة العراقية وهو: .
ردّ حاكم الكويت آنذاك برسالة مؤرخة 10 آب 1932 جاء فيها: .
الوثيقة الثانية، محضر اتفاق 1963 بين احمد حسن البكر والشيخ صباح السالم الصباح : بعد انقلاب 8 شباط 1963 جرى لقاء بين احمد حسن البكر رئيس وزراء العراق انذاك والشيخ صباح السالم الصباح ولي العهد ورئيس وزراء الكويت حينئذ تم التوصل فيه الى اتفاق مؤرخ في 4 تشرين الاول 1963 وتضمن اعتراف الجمهورية العراقية باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة بحدودها المبينة بكتاب رئيس وزراء العراق المؤرخ 21 تموز1932 والذي وافق عليه حاكم الكويت بكتابه المؤرخ 10 آب 1932. وقد اودعت الكويت ذلك الاتفاق لدى الامانة العامة للامم المتحدة استناداً لحكم المادة 102 من ميثاق الامم المتحدة .
الوثيقة الثالثة، الخرائط البريطانية: بتاريخ 28 آذار 1991 ارسل الممثل الدائم للمملكة المتحدة رسالة الى مجلس الامن مرفقة بعشر خرائط للحدود العراقية الكويتية والمعدة من قبل المدير العام لدائرة المساحة العسكرية في المملكة المتحدة ، وان تلك الخرائط على قول الرسلة اعتمدت على رسالة رئيس وزراء العراق المؤرخة في 31 تموز1932 ورسالة حاكم الكويت المؤرخة في 10 آب 1932، وقد اعتبر مجلس الأمن هذه الخرائط مناسبة لتخطيط الحدود العراقية- الكويتية استناداً لحكم الفقرة العاملة الثالثة من قرار مجلس الأمن المرقم 687 لسنة 1991 الذي بين لزوم اجراء الترتيبات لتخطيط الحدود. وقد علق مندوب الولايات المتحدة الامريكية على تلك االخرائط قائلا: ( ان المجلس لن يضع الحدود بين العراق والكويت وانما ينفذ الاتفاق الموقع بين الطرفين بتاريخ 4 تشرين الاول 1963 الذي سجل في الامم المتحدة وان العراق لم يحتج قط على هذا الاتفاق او على تسجيله .
هذه المواضيع الثلاثة هي ما تم اعتمادها في ترسيم الحدود بين العراق والكويت والتي كانت محل اعتراض من قبل الجانب العراقي متمثلا بالممثل الدائم للعراق في الامم المتحدة.
الموقف العراقي في الأمم المتحدة: انصب اعتراض العراق على الاجراءات المتخذة من قبل مجلس الأمن، في رسالة وجهها وزير الخارجية العراقي الى الامين العام للامم المتحدة بتاريخ 23 نيسان 1991، وتضمنت مواضيع عدة منها :
أولا - ان محضر الاتفاق المؤرخ في 4 تشرين الاول 1963 بين العراق والكويت لم يستكمل اجراءاته الدستورية، ولا يصح ان يكون وثيقة يمكن الاحتجاج بها، اذ لم تتم المصادقة عليه من قبل السلطة التشريعية العراقية ولم يوقع عليه رئيس الجمهورية العراقية لذا فانه لم يستوف اسبابه وشروطه القانونية، لذا فلا يصح ايداعه لدى الامم المتحدة طبقا للمادة 102 من الميثاق لفقدانه شروط الاتفاقية .
ثانيا – استغرب العراق الطرح المفاجىء للخرائط البريطانية التي وصفها ممثل الامين العام للامم المتحدة بأنها خرائط بريطانية –فهي ليست خرائط عراقية او كويتية – ويسأل عن السند القانوني الذي استند عليه مجلس الامن بالقرار 687/ 1991 في اعتبار الخريطة الواردة في الوثيقة/8 22412 في 28 آذار 1991 بطلب من البعثة الدائمة للمملكة المتحدة، وان المذكرة المقدمة بهذا الشأن لم تشر الى اية خريطة كما هو واضح من النص المنشور في مجموعة معاهدات الامم المتحدة ، المجلد 485 الوثيقة 7063 .
ثالثا – المقترح المتعلق باشتراك الطرفين في تحمل النفقات المطلوبة لترسيم الحدود لم يجد العراق الأساس القانوني الذي يستند عليه طالما ان العملية كلها التي اوصلت الموضوع الى الترسيم لا تخرج عن وصف (عقود الاذعان)، اي ليس للعراق حرية الارادة في تناول هذا الموضوع ولم يكن هناك اتفاق رضائي .
رابعا – ان ابداء المساعدة من قبل الامين العام للامم المتحدة لوضع تدابير ترسيم الحدود يجب ان يوفر التوازن الكامل وان يؤمن لحسم الخلافات التي يمكن ان تطرأ بينهما في المواقف الفنية باسلوب يحقق العدالة والانصاف ، لذا فان العراق يري ان تشكيل اللجنة بالصيغة المقترحة لا يمكن ان يحقق العدالة والانصاف.
وقد ختمت الرسالة بالفقرة التالية.. مثلما قبلنا بالقرار 687/1991 برغم اعتراضنا عليه ونقدنا مضامينه، فاننا سوف نتعاون معكم ونسمي ممثلنا في لجنة الترسيم حتى ولو لم تاخذوا بالاعتبار ما اوردناه انفا من اراء وملاحظات . ونحن نفعل ذلك بسبب استمرار الظروف التي تفرض علينا القبول).
تشكيل لجنة الترسيم: شكلت لجنة ترسيم الحدود تنفيذا لحكم الفقرة الثالثة من قرار مجلس الامن 687/1991 من:
1- مختار كوسوما انمانجا وزير خارجية اندونيسيا السابق رئيسا وقد استقال في 30 /11/ 1992 وعيّن بديله نيكولاس فالتيوس المدير العام المساعد لمكتب العمل الدولي.
2 – ايان بروكلالمدير الفني بهيئة المساحة السويدية.
3 – وليم روبرتسون مدير عام المساحة ومعلومات الاراضي في نيوزيلندا
4 – الدكتور رياض القيسي ممثلا عن العراق
5 – طارق رزوقي ممثلا عن الكويت .
6 - ميكولوس بنش كبير رسامي الخرائط في الامم المتحدة .
عقدت اللجنة 11 دورة بضمنها 82 اجتماعا ، لم يحضر العراق الدورات اللاحقة التي عقدت في 15 تموز 1992 ، وقد وجه العراق رسالة الى الامين العام للامم المتحدة تضمنت وجهة نظر العراق في آليات عمل اللجنة وامتناع حضور ممثل العراق الدورات اللاحقة .
تخطيط القسم البحري: في الدورة الثالثة بين 12 – 16 آب 1991 المنعقدة في جنيف ناقشت اللجنة موضوع تخطيط القسم البحري من الحدود ، وقد بين رئيس اللجنة واثنان من الاعضاء ( الخبراء المستقلون) بعدم امكانية تناول القسم البحري لان الصلاحيات المخولة لهم بالترسيم تنتهي بعد نقطة التقاء خور الزبير بخور عبد الله ( اي البحر) ، وان اللجنة لا تستطيع ان تمنح صلاحيات لنفسها فلا بد والحالة هذه من اتفاق الطرفين على ذلك . وبعد شد وجذب نتيجة لراي رئيس الجنة والعضوين الاخرين ، اضطر مجلس الامن الدولي الى اصدار قراره المرقم 773 لسنة 1992 خول بموجبه لجنة الترسيم ان تنظر في الجزء الشرقي من الحدود الذي يشمل الحدود البحرية ، وقد استقال رئيس اللجنة اثر ذلك في 20 / 11 / 1992 باعثا برسالة الى الامين العام للامم المتحدة تضمنت : ( ان اي تغيير في تفويض اللجنة من قبل مجلس الأمن هو غير وارد اطلاقاً) . بعد الاستقالة انعقدت في جنبف الدورة الثامنة 14 -16 / 12 / 1992 للجنة ووضعت المبدأ الاساسي لها وهو : ( تخطيط الحدود في خور عبدالله يجب ان يكون هو خط الوسط ) .
وجهة نظر العراق في التخطيط البحري: بيّن العراق في رسالة موجهة من قبل وزير الخارجية الى الامين العام للامم المتحدة تضمنت الامور التالية : 1 - ان الحدود في منطقة خور عبدالله لم يتطرق لها القرار 687 لسنة 1991 الفقرة 3 منه لذا فان المطالبة بذلك فاقدة لسندها التشريعي،
2 - كما ان منطقة خور عبدالله لا ينطبق عليها وصف( البحر الاقليمي ) لكي يصار الى تقسيمه بين الدول المتجاورة طبقا لقواعد قانون البحار، خاصة وان هذا الوصف لم يتطرق اليه القرار 687 لسنة 1991.
3 - ومع الفرض بان خور عبد الله بحرا اقليميا فانه ينطبق عليه وصف ( الظروف الخاصة) وهو ما اقره الخبيران المستقلان في اللجنة فيكون والحالة هذه وحسب اتفاقية قانون البحار 1982 تعيين حدود البحر الاقليمي بطريقة تخالف قاعدة خط الوسط في حالة عدم اتفاق الطرفين على قاعدة اخرى.
4 - كما ان للعراق حقوقاً تاريخية في منطقة خور عبدالله التي لم يمارس الكويت الملاحة فيها على نطاق واسع.
5 – ليس من الصلاحيات الممنوحة لمجلس الامن الدولي بموجب ميثاق الامم المتحدة ما يخوله فرض الحدود على دولة عضو في الامم المتحدة لان الحدود الدولية محكومة بموجب احكام القانون الدولي الذي يشترط الاتفاق بين الدول ذات العلاقة وهذا الفرض يندرج تحت الضغط السياسي لمجلس الامن على العراق.
6 – لقد انفق العراق مبالغ طائلة عبر عشرات السنين لتامين الكري والتوسيع وصيانة الممرات المائية المؤدية الى خور عبدالله ، لذا فان تخيط اللجنة يشكل تهديدا خطيرا للعراق في حرية الوصول الى البحار الى الحد الذي يجعله مستقبلا في حكم الدولة المغلقة عديمة السواحل .
ردَّ مجلس الأمن على رسالة العراق: وجه مجلس الامن بتاريخ 6 / 6 / 1993 رسالة الى وزير خاجية العراق بيّن فيها: ان لجنة الترسيم لم تقم باعادة توزيع الاراضي بين الكويت والعراق ، بل ان مهمتها تقنية تتضمن تحديد دقيق لاحداثيات الحدود على اساس المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والعراق بشأن اعادة علاقات الصداقة والاعتراف بالمسائل ذات الصلة الموقع عليها بين الطرفين في 4 تشرين الاول 1963 والمسجل لدى الامم المتحدة وان تصرف اللجنة يستمد شرعيتة من نص القرار 687 لسنة 1991 وتقرير الامين العام عن الفقرة الثالثة منه التي قبلها العراق رسميا.
القرار833 لسنة 1993: اصدر مجلس الامن الدولي قراره 833 في 27 / 5 / 1993 بالاستناد الى احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وقد نصت فقراته العاملة التالية على:
1 – يرحب باختتام اعمال اللجنة.
2 – يعرب عن تقديره للجنة لما قامت به من عمل على الجزء البري من الحدود وكذلك في خور عبد الله او القطاع البحري من الحدود . ويرحب بقراراتها المتعلقة بتخطيط الحدود.
3 - يؤكد من جديد ان قرارات اللجنة في ما يتعلق بتخطيط الحدود قرارات نهائية .
اعلان قبول العراق بالقرار 833 لسنة 1993: وجه ممثل العراق الدائم نزار حمدون رسالة الى الامين العام للامم المتحدة بتاريخ 14تشرين الثاني1994 تضمنتتعبيراً عن رغبة العراق في احترام ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي ... واثباتاً لنوايا العراق السلمية ولعزمه على العمل من اجل استتباب السلم والأمن والاستقرار في المنطقة واقامة علاقات حسن الجوار على اساس قواعد الاحترام المتبادل للامن والسيادة والمصالح المشروعة ، اود ان ارفق لكم طياً البيان الصادر عن المجلس الوطني المؤرخ 10 تشرين الثاني1994 وقرار مجلس قيادة الثورة المرقم 200 لسنة 1994 اللذان يؤكدان اعتراف العراق بسيادة الكويت وسلامتها الاقليمية واستقلالها السياسي وحدودها الدولية المقررة وفق احكام القرار 833 لسنة 1993 ونسخة من الوقائع العراقية – الجريدة الرسمية للحكومة العراقية التي نشر فيها البيان والقرار ) .
ملاحظة – بيان المجلس الوطني وقرار مجلس قيادة الثورة المشار اليهما اعلاه نُشرا بالوقائع العراقية العدد 3537 في 10 / 11 / 1994 واستلم الامين العام للامم المتحدة الوثائق الثلاث واصبحت جزءاً من الأرشيف الأممي هناك .
هذا هو الموقف القانوني لواقع ترسيم الحدود واسبابه، واستنادا لهذا الواقع وكأثر من آثاره فان العراق والكويت ابرما اتفاقية لتنظيم الملاحة في خور عبد الله، وما هذه الاتفاقية الا تنفيذا لاحكام قرار مجلس الامن المرقم 833 لسنة 1993 صدقت الاتفاقية تلك من قبل مجلس النواب العراقي بالقانون رقم 42 لسنة 2013، وما على الحكومة، والحالة هذه وضمن الصلاحيات المخولة لها، سوى القيام بالاجراءات التنفيذية للاتفاقية، اي ان مجلس النواب والحكومة لم يقوما بترسيم جديد للحدود .
وقائع وأسانيد ترسيم الحدود البرية والبحرية مع الكويت
هادي عزيز علي
تدور الأحاديث هذه الأيام في الأوساط الرسمية والشعبية عن ترسيم الحدود العراقية- الكويتية، وترتفع احيانا الأصوات هنا اوهناك للتعبير عن مظلومية تعرّض لها العراق، ونجد ان الكثير من تلك الاصوات ليست لديها المعلومات الكافية حول هذا الموضوع، والمخاض العسير الذي مرّ به والموقف الدولي تجاه العراق بعد حرب تحرير الكويت ونفق الفصل السابع الذي حشرنا فيه. ولغرض اعطاء الرأي في هذا الموضوع لابدّ من الاطلاع على تاريخ العلاقات العراقية- الكويتية وأحكام وقرارات مجلس الأمن الدولي ابتداءً من القرار 660 في3 آب 1990 الى صدور القرار833 لسنة 1993 ومراجعة ارشيف الأمم المتحدة للاطلاع على القرارات والاجراءات والجلسات والحوارات التي انتهت اليها الامم المتحدة وتم بموجبها الترسيم.
أحاول عرض الموضوع باختصار مفيد للوقوف على الأسباب والمستندات التي بموجبها توصلت اليها الامم المتحدة لترسيم الحدود وباشكل التالي:
الوثيقة الاولى، رسالة نوري السعيد : ارسل نوري السعيد رئيس الوزراء آنذاك رسالة الى الحاكم البريطاني للكويت السير ( ف همفرين) بتاريخ 21 تموز1932- باعتبار الكويت تحت الحماية البريطانية حينئذ - لغرض اخذ موافقة السلطات هناك على الوصف التالي للحدود بين العراق والكويت والمقترح من قبل الحكومة العراقية وهو: .
ردّ حاكم الكويت آنذاك برسالة مؤرخة 10 آب 1932 جاء فيها: .
الوثيقة الثانية، محضر اتفاق 1963 بين احمد حسن البكر والشيخ صباح السالم الصباح : بعد انقلاب 8 شباط 1963 جرى لقاء بين احمد حسن البكر رئيس وزراء العراق انذاك والشيخ صباح السالم الصباح ولي العهد ورئيس وزراء الكويت حينئذ تم التوصل فيه الى اتفاق مؤرخ في 4 تشرين الاول 1963 وتضمن اعتراف الجمهورية العراقية باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة بحدودها المبينة بكتاب رئيس وزراء العراق المؤرخ 21 تموز1932 والذي وافق عليه حاكم الكويت بكتابه المؤرخ 10 آب 1932. وقد اودعت الكويت ذلك الاتفاق لدى الامانة العامة للامم المتحدة استناداً لحكم المادة 102 من ميثاق الامم المتحدة .
الوثيقة الثالثة، الخرائط البريطانية: بتاريخ 28 آذار 1991 ارسل الممثل الدائم للمملكة المتحدة رسالة الى مجلس الامن مرفقة بعشر خرائط للحدود العراقية الكويتية والمعدة من قبل المدير العام لدائرة المساحة العسكرية في المملكة المتحدة ، وان تلك الخرائط على قول الرسلة اعتمدت على رسالة رئيس وزراء العراق المؤرخة في 31 تموز1932 ورسالة حاكم الكويت المؤرخة في 10 آب 1932، وقد اعتبر مجلس الأمن هذه الخرائط مناسبة لتخطيط الحدود العراقية- الكويتية استناداً لحكم الفقرة العاملة الثالثة من قرار مجلس الأمن المرقم 687 لسنة 1991 الذي بين لزوم اجراء الترتيبات لتخطيط الحدود. وقد علق مندوب الولايات المتحدة الامريكية على تلك االخرائط قائلا: ( ان المجلس لن يضع الحدود بين العراق والكويت وانما ينفذ الاتفاق الموقع بين الطرفين بتاريخ 4 تشرين الاول 1963 الذي سجل في الامم المتحدة وان العراق لم يحتج قط على هذا الاتفاق او على تسجيله .
هذه المواضيع الثلاثة هي ما تم اعتمادها في ترسيم الحدود بين العراق والكويت والتي كانت محل اعتراض من قبل الجانب العراقي متمثلا بالممثل الدائم للعراق في الامم المتحدة.
الموقف العراقي في الأمم المتحدة: انصب اعتراض العراق على الاجراءات المتخذة من قبل مجلس الأمن، في رسالة وجهها وزير الخارجية العراقي الى الامين العام للامم المتحدة بتاريخ 23 نيسان 1991، وتضمنت مواضيع عدة منها :
أولا - ان محضر الاتفاق المؤرخ في 4 تشرين الاول 1963 بين العراق والكويت لم يستكمل اجراءاته الدستورية، ولا يصح ان يكون وثيقة يمكن الاحتجاج بها، اذ لم تتم المصادقة عليه من قبل السلطة التشريعية العراقية ولم يوقع عليه رئيس الجمهورية العراقية لذا فانه لم يستوف اسبابه وشروطه القانونية، لذا فلا يصح ايداعه لدى الامم المتحدة طبقا للمادة 102 من الميثاق لفقدانه شروط الاتفاقية .
ثانيا – استغرب العراق الطرح المفاجىء للخرائط البريطانية التي وصفها ممثل الامين العام للامم المتحدة بأنها خرائط بريطانية –فهي ليست خرائط عراقية او كويتية – ويسأل عن السند القانوني الذي استند عليه مجلس الامن بالقرار 687/ 1991 في اعتبار الخريطة الواردة في الوثيقة/8 22412 في 28 آذار 1991 بطلب من البعثة الدائمة للمملكة المتحدة، وان المذكرة المقدمة بهذا الشأن لم تشر الى اية خريطة كما هو واضح من النص المنشور في مجموعة معاهدات الامم المتحدة ، المجلد 485 الوثيقة 7063 .
ثالثا – المقترح المتعلق باشتراك الطرفين في تحمل النفقات المطلوبة لترسيم الحدود لم يجد العراق الأساس القانوني الذي يستند عليه طالما ان العملية كلها التي اوصلت الموضوع الى الترسيم لا تخرج عن وصف (عقود الاذعان)، اي ليس للعراق حرية الارادة في تناول هذا الموضوع ولم يكن هناك اتفاق رضائي .
رابعا – ان ابداء المساعدة من قبل الامين العام للامم المتحدة لوضع تدابير ترسيم الحدود يجب ان يوفر التوازن الكامل وان يؤمن لحسم الخلافات التي يمكن ان تطرأ بينهما في المواقف الفنية باسلوب يحقق العدالة والانصاف ، لذا فان العراق يري ان تشكيل اللجنة بالصيغة المقترحة لا يمكن ان يحقق العدالة والانصاف.
وقد ختمت الرسالة بالفقرة التالية.. مثلما قبلنا بالقرار 687/1991 برغم اعتراضنا عليه ونقدنا مضامينه، فاننا سوف نتعاون معكم ونسمي ممثلنا في لجنة الترسيم حتى ولو لم تاخذوا بالاعتبار ما اوردناه انفا من اراء وملاحظات . ونحن نفعل ذلك بسبب استمرار الظروف التي تفرض علينا القبول).
تشكيل لجنة الترسيم: شكلت لجنة ترسيم الحدود تنفيذا لحكم الفقرة الثالثة من قرار مجلس الامن 687/1991 من:
1- مختار كوسوما انمانجا وزير خارجية اندونيسيا السابق رئيسا وقد استقال في 30 /11/ 1992 وعيّن بديله نيكولاس فالتيوس المدير العام المساعد لمكتب العمل الدولي.
2 – ايان بروكلالمدير الفني بهيئة المساحة السويدية.
3 – وليم روبرتسون مدير عام المساحة ومعلومات الاراضي في نيوزيلندا
4 – الدكتور رياض القيسي ممثلا عن العراق
5 – طارق رزوقي ممثلا عن الكويت .
6 - ميكولوس بنش كبير رسامي الخرائط في الامم المتحدة .
عقدت اللجنة 11 دورة بضمنها 82 اجتماعا ، لم يحضر العراق الدورات اللاحقة التي عقدت في 15 تموز 1992 ، وقد وجه العراق رسالة الى الامين العام للامم المتحدة تضمنت وجهة نظر العراق في آليات عمل اللجنة وامتناع حضور ممثل العراق الدورات اللاحقة .
تخطيط القسم البحري: في الدورة الثالثة بين 12 – 16 آب 1991 المنعقدة في جنيف ناقشت اللجنة موضوع تخطيط القسم البحري من الحدود ، وقد بين رئيس اللجنة واثنان من الاعضاء ( الخبراء المستقلون) بعدم امكانية تناول القسم البحري لان الصلاحيات المخولة لهم بالترسيم تنتهي بعد نقطة التقاء خور الزبير بخور عبد الله ( اي البحر) ، وان اللجنة لا تستطيع ان تمنح صلاحيات لنفسها فلا بد والحالة هذه من اتفاق الطرفين على ذلك . وبعد شد وجذب نتيجة لراي رئيس الجنة والعضوين الاخرين ، اضطر مجلس الامن الدولي الى اصدار قراره المرقم 773 لسنة 1992 خول بموجبه لجنة الترسيم ان تنظر في الجزء الشرقي من الحدود الذي يشمل الحدود البحرية ، وقد استقال رئيس اللجنة اثر ذلك في 20 / 11 / 1992 باعثا برسالة الى الامين العام للامم المتحدة تضمنت : ( ان اي تغيير في تفويض اللجنة من قبل مجلس الأمن هو غير وارد اطلاقاً) . بعد الاستقالة انعقدت في جنبف الدورة الثامنة 14 -16 / 12 / 1992 للجنة ووضعت المبدأ الاساسي لها وهو : ( تخطيط الحدود في خور عبدالله يجب ان يكون هو خط الوسط ) .
وجهة نظر العراق في التخطيط البحري: بيّن العراق في رسالة موجهة من قبل وزير الخارجية الى الامين العام للامم المتحدة تضمنت الامور التالية : 1 - ان الحدود في منطقة خور عبدالله لم يتطرق لها القرار 687 لسنة 1991 الفقرة 3 منه لذا فان المطالبة بذلك فاقدة لسندها التشريعي،
2 - كما ان منطقة خور عبدالله لا ينطبق عليها وصف( البحر الاقليمي ) لكي يصار الى تقسيمه بين الدول المتجاورة طبقا لقواعد قانون البحار، خاصة وان هذا الوصف لم يتطرق اليه القرار 687 لسنة 1991.
3 - ومع الفرض بان خور عبد الله بحرا اقليميا فانه ينطبق عليه وصف ( الظروف الخاصة) وهو ما اقره الخبيران المستقلان في اللجنة فيكون والحالة هذه وحسب اتفاقية قانون البحار 1982 تعيين حدود البحر الاقليمي بطريقة تخالف قاعدة خط الوسط في حالة عدم اتفاق الطرفين على قاعدة اخرى.
4 - كما ان للعراق حقوقاً تاريخية في منطقة خور عبدالله التي لم يمارس الكويت الملاحة فيها على نطاق واسع.
5 – ليس من الصلاحيات الممنوحة لمجلس الامن الدولي بموجب ميثاق الامم المتحدة ما يخوله فرض الحدود على دولة عضو في الامم المتحدة لان الحدود الدولية محكومة بموجب احكام القانون الدولي الذي يشترط الاتفاق بين الدول ذات العلاقة وهذا الفرض يندرج تحت الضغط السياسي لمجلس الامن على العراق.
6 – لقد انفق العراق مبالغ طائلة عبر عشرات السنين لتامين الكري والتوسيع وصيانة الممرات المائية المؤدية الى خور عبدالله ، لذا فان تخيط اللجنة يشكل تهديدا خطيرا للعراق في حرية الوصول الى البحار الى الحد الذي يجعله مستقبلا في حكم الدولة المغلقة عديمة السواحل .
ردَّ مجلس الأمن على رسالة العراق: وجه مجلس الامن بتاريخ 6 / 6 / 1993 رسالة الى وزير خاجية العراق بيّن فيها: ان لجنة الترسيم لم تقم باعادة توزيع الاراضي بين الكويت والعراق ، بل ان مهمتها تقنية تتضمن تحديد دقيق لاحداثيات الحدود على اساس المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والعراق بشأن اعادة علاقات الصداقة والاعتراف بالمسائل ذات الصلة الموقع عليها بين الطرفين في 4 تشرين الاول 1963 والمسجل لدى الامم المتحدة وان تصرف اللجنة يستمد شرعيتة من نص القرار 687 لسنة 1991 وتقرير الامين العام عن الفقرة الثالثة منه التي قبلها العراق رسميا.
القرار833 لسنة 1993: اصدر مجلس الامن الدولي قراره 833 في 27 / 5 / 1993 بالاستناد الى احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وقد نصت فقراته العاملة التالية على:
1 – يرحب باختتام اعمال اللجنة.
2 – يعرب عن تقديره للجنة لما قامت به من عمل على الجزء البري من الحدود وكذلك في خور عبد الله او القطاع البحري من الحدود . ويرحب بقراراتها المتعلقة بتخطيط الحدود.
3 - يؤكد من جديد ان قرارات اللجنة في ما يتعلق بتخطيط الحدود قرارات نهائية .
اعلان قبول العراق بالقرار 833 لسنة 1993: وجه ممثل العراق الدائم نزار حمدون رسالة الى الامين العام للامم المتحدة بتاريخ 14تشرين الثاني1994 تضمنتتعبيراً عن رغبة العراق في احترام ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي ... واثباتاً لنوايا العراق السلمية ولعزمه على العمل من اجل استتباب السلم والأمن والاستقرار في المنطقة واقامة علاقات حسن الجوار على اساس قواعد الاحترام المتبادل للامن والسيادة والمصالح المشروعة ، اود ان ارفق لكم طياً البيان الصادر عن المجلس الوطني المؤرخ 10 تشرين الثاني1994 وقرار مجلس قيادة الثورة المرقم 200 لسنة 1994 اللذان يؤكدان اعتراف العراق بسيادة الكويت وسلامتها الاقليمية واستقلالها السياسي وحدودها الدولية المقررة وفق احكام القرار 833 لسنة 1993 ونسخة من الوقائع العراقية – الجريدة الرسمية للحكومة العراقية التي نشر فيها البيان والقرار ) .
ملاحظة – بيان المجلس الوطني وقرار مجلس قيادة الثورة المشار اليهما اعلاه نُشرا بالوقائع العراقية العدد 3537 في 10 / 11 / 1994 واستلم الامين العام للامم المتحدة الوثائق الثلاث واصبحت جزءاً من الأرشيف الأممي هناك .
هذا هو الموقف القانوني لواقع ترسيم الحدود واسبابه، واستنادا لهذا الواقع وكأثر من آثاره فان العراق والكويت ابرما اتفاقية لتنظيم الملاحة في خور عبد الله، وما هذه الاتفاقية الا تنفيذا لاحكام قرار مجلس الامن المرقم 833 لسنة 1993 صدقت الاتفاقية تلك من قبل مجلس النواب العراقي بالقانون رقم 42 لسنة 2013، وما على الحكومة، والحالة هذه وضمن الصلاحيات المخولة لها، سوى القيام بالاجراءات التنفيذية للاتفاقية، اي ان مجلس النواب والحكومة لم يقوما بترسيم جديد للحدود .