نادية فليح ... في معرضها (جذوع خاوية) عطب الأنفاس...ما بعد موت النخيل الكاتب حسن عبدالحميد
ماذا بعد موت النخيل........
مقال ورأي المبدع والناقدحسن عبد الحميد Hassan Abdulhameed
في معرضي....القريب جداجدا لاي فنان برأيه لما يمتلكه من فكر واعي بكل مداخلات الفن التشكيلي ......فشكرا لرأيك وثقتك الكبيره بكل ماانتج من عمل فني تشرفت بكلماتك الرائعه .........
ثقافية جريدة الغد ....................................................................................... .............. تشرين ثاني-2014
نادية فليح ... في معرضها (جذوع خاوية)
عطب الأنفاس...ما بعد موت النخيل
حسن عبدالحميد
(أذا كنت قصير القامة...فلا تقف بجانب النخلة !)كم أجد في تثمين هذه العبارة من تكثيف يماحك-قصدا-كل من يقبل على عمل شىء ولايعطيه حقه،لذا جاء وضعها-إيجابيا...هنا-في مبتدأ مدخل تحريضي يروم فحص وتقيم تجربة الفنانة التشكيلية(نادية فليح)التي وقفت-بزهو- الى جانب (نخلة)ملاك معرضها الشخصي الرابع،ذلك الذي أحتمى بعنوان صادم هو؛(جذوع خاوية)،والذي تم أفتتاحه في الثاني والعشرين تشرين أول/2014 كانت قاعة(حوار للفنون)ببغداد قد أحتظنت وتنفست ريح عطب أنفاس أكثر من ثلاثين عملا تباهى على منوال عدة حجوم وقياسات تناوبت ما بين رسم مجتهد ومدعوم بطاقات إستثنائية عبر حميمية إستثمار(جريد/وسعف/وليف)أشجار النخيل،كمواد طائعة في ثنايا ونتوءات نسيج مهارات هذه التجربة الهامة في تلافيف وعي وإنتباهات هذه(نادية)التي أغرتها سبل التجريب-جهدا وتفردا-،منذ بداية ولعها بالرسم،وأخذت بها نحو ضفاف قصية من تخوم تجربتها التي تمتد الى بداية تسعينات القرن الفائت،فضلا عن مجموعة أخرى حواها المعرض،من أعمال ذات تصاميم نحتية أو مقترحات نحتية-على نحو أدق-برعت في توريدها مستثمرة شكل وهيئة (كرب النخيل)والطاقة الكامنة فيه،لتحيي-فينا-مع طواقم أعمال الأخرى،أستطاعت أن تستحث ها،بحتى بقايا حبات التمر المحروق ومسحوق العفن الذي غلف روح تلك الكائنات القتيلة جراء هول الحروب وبشاعتها تداعياتها وتورم نتائجها،ونجحت في أن تخلق حالات من رعاف حزن مصحوب بآسى جارح وفواحم أسى ملتاع بمراثي موت أشجار النخيل ... في وطن النهرين وزهو غاباته عمقا ... وعراقة تأريخ ... وحكمة حضارة... وشعر يتضوع صدقا بصدى عذابات تطل من شرفات أنشودة مطر(السياب)،بسطوة تلامع ويفاعة وجود غابات النخيل في عيون معشوقته ساعة سحر كان .
إعادة صناعة الذكريات
هنا...تصورات ونهج مواقف تتحد من حيث عمق آثارها دلالاتها وترميزاتها،مع تلك النوازع والقناعات التي تتوغل في نسيج وهج ذات مبدعة للفنان قادر على مسك مقود مقاصده،وتوسيع تتوغلاته نسقا وثراء في مناطق ومستويات أعمق وأبلغ،منها ما يقع في منطقة الشعور،كما هو واضح ومعلن في نواتج أعمال هذا المعرض المتقدم من حيث الفكرة ودواعي إتقان مهام التنفيذ بموأزرة عدة مواد وإحالات لم تغادر-بقصد دراية محسوبة،فنينا ودراميا- عمليةالإستفادة من إستخدام مكونات(النخلة)في بناء وحدات وتنويعات لتلك الأعمال،ومنها ما يقبع في مناطق اللاشعور،والذي يحتل بحدود ثلاثة أرباع الشخصية لاي إنسان،فقد أتضح ذلك في تنويرات قدرة التمثيل البارع والتكثيف الحي لقيمة الأشياء التي تحيط بنا وتحيا معنا كل يوم،عبر مصدات حياتية أو منافع معينة وذكريات وحواضر قيمية ووطنية برعت(نادية)في ترصيف تواجدها على نحو ذكريات مترسبة في قيعان روحها الشغوفة بإعادة تشكيل هيأت وأشكال تلك المكونات،من خلال إستلال مفرداتها وتقديم رصد تحولاتها بصيغ مختلفة،عبر عمليات (حذف،بالترشيق)فضلا عن عمليات (إضافة،بالتوثيق) جاءت كلها متفاعلة،متناغمة مع إيقاع هدف أسمى وأعم لقيمة وفكرة معرضها الأهم- في ظني- عن باقي معارضها وتجليات تجاربها السابقة،بحاصل ذكاء إبقائها ونبل رهانها في الحفاظ عى بهاء(الشكل )وبلاغة(المضمون) في مجمل خوالص ما أرادت أعمال معرضها،بمحمولاته التشخيصة،وتحولاته التحريضة،وقدراته الإستعارية،لتمثل-بالتالي- إكمالا لإمتداد حقيقي ومتقدم بخطوات إضافية،أستطاعت الظفر به (نادية فليح ... بكالوريوس كلية الفنون الجميلة-قسم الرسم/1989).
لم أجد أي مبرر للكلمة التي كتبتها الفنانة في(كاتلوك) المعرض،مسوغة لجوهر ومراد سعيها ضمن سياق أعمالها هذه،سوى نبل صدقية مسعاها في الحفاظ على علاقتها بالمتلقي والحرص على توثيق العلاقة معه،وتلك سمة-أعتقدها- تماسس عمل بعض الأساتذة والمدرسين من الذين يدرسون في معاهد وكليات الفنون،كما هي(نادية) التي قامت بالتدرس في معهد الفنون الجميلة ببغداد منذ عدة سنوات،كما رأست(قسم الكرافيك) فيه،ولم تزل،حتى أقامة هذا الإجتراح الضمني والمعلن في كشف عوالم دواخلها وتعميد نواتج تجاربها السابقة بهذا الإندفاع الصاخب والمتمرس على زعزعة المألوف والمتوقع في بنيان ووجدان وعي تمردها وبسالة إقدامها بهذا الحشد المتدفق،والمحكوم بعدة محاولات ومناورات إجرائية،يقظة وواثقة في ترسيم إعادة صناعة بعض مشاهداتها وذكرياتها المحزنة التي تتعلق بهوس ومأسي الحروب التي لم تتلخص من طيشها وظلمها وصلفها حتى أشجارنا التي أحرقت أغصانها للتدفأ بنيرانها،فيما ترامت جذوعها وتسجت أرضا في مداخل شوارع مدن بغداد وتقاطعات طرقها،درأ-كمصدات موانع وحواجز-بوجه ذلك تخرصات خطر متوقع ومحدق حيال شراسة موت محقق مقرونا بسيل مخاوف ملأت قلوب الناس وعطلت من عمل عقولهم بعد أن شوهت هيبة المدن.
واذ تستعير الفنانة هيبة وجمال وخصوبة (النخلة)إنما لتلخص فيها هيبة وجمال وخصوبة الوطن،وتلك إستعارة وجدانية- بلاغية أغرت من قبل عدد كبير من الفنانين التشكيليين،بيد أن(نادية) أعطت النخلة كل سمات وتنويعات حزن تصفد وتجسد كمرتسمات ومشيئات نحت،وقام بتحول هذا الرمز الذي تختصره وتمثله هذة الشجرة المباركة،والتي أقترن أسمها بأسم العراق،قبل أن تلحق به(لعنة النفط )بعصور أزمنة سحيقة وآماد بعيدة من تأريخ وجود إنسان على الرض.
متواليات موت .. ونبض حياة
حوى المعرض عدة تشكيلات بصرية تساوقت مابين أعمال أو مقترحات نحت -كما نوهنا- أنتصبت على قواعد ومثبتلت بهيئات أجساد برؤوس متدلية،وأخرى بلا رؤوس-أصلا- ،تسامت عبرمعالجات وتقنيات وإنهالات كمتحفيزات ذهنية،وتعويضات جمالية،اضحت تداني قيمة وقدسية وكرامة(عمتنا النخلة)وثراء إغداقاتها حتى بعد مماتها (البايولوجي)قسرا وجورا وتجنينا على حرماتها الشاخصة والراسخة في ضمائر وعينا فيها،كعنوان دلالة وتعظيم رمز وتعويذة لحب وبقاء أبدي،أحتكمت(نادية فليح) فيه الى إتباع ثقة مهارة ومعالجات جدية عبر تقنيات مدهشة،أرتأتها ولجأت إليها لتوريد مقترحاتها النحتية،الى جانب عدد آخر من الأعمال الجدارية بأنساقها وأتساقاتها المعرفة،مشفوعة بفيض عواطف متدفقة ويقظة،بل أحيانا متوترة من فرط تنامي حالات الصدق التي-عادة- ما تغالب وتواكب إنهماكات مرامي ما يحرص عليه الفنان المخلص لإيصال لواعج وهج نزيف أفكاره،ساعة تمرد ودفق حظات تأمل وتماه تام مع يشغل سخونة تلك المشاعر والعواطف الحانية التي تحيط بواقعه،فضلا عن مجموعة أعمال تقصدت تركها حرة وطيعة،تتأرجح على هواها معلقة بخيط سميك،نجحت في الرسم على جانبي تلك اللوحات لتتيح للرائي رؤية عملين في جسد لوحة واحدة،وبموضوعين مختلفين تماما،لكنهما متساوقين ومنسابين مع سياق الفكرة والغاية العامة لجلال معرضها المشتمل على إعتماد أكثر من مستوى ونسق معالجة من حيث أليات التنفيذ والأحجام،كما أشتمل على تطويع مواد هي من جوهر ممتلكات النخلة-كما أشرنا- مضيفة إليها مواد أخرى وتنويعات معالجات توزعت على محاولات ترتيق واللصق(كولاج)وأخذ قطع من الصحف والخيوط والقماش والحفر على الخشب المعاكس، وأستخدام الحبال والأشرطة، أو بالجمع لكل هذه المواد في عدد من الأعمال و(الماكيتات) التي تتحملها وتتقبلها مبتغيات(نادية فليح)المفكرة والواعية في فهم وتحليل مصدات ومفردات واقعها العياني واليومي،في عموم أبنية ومعماريات لوحاتها وتوابع نتائج أعمالها في معارض شخصية(معرض بعنوان- قراءات لحواجز- بيروت/2011،ومعرض على قاعة(نخلة للفنون) ببغداد، حمل ذات العنوان /2012وقبلهما المعرض الشخصي الأول/على قاعة مدارات-ببغداد/2006ومشاركات عديد داخل خارج العراق،كما في مهرجان(الغردقة)في مصر/2013 مثلا،وغيرها من مشاركات سابقةأ نبثقت من عمر تجربة ناضجة،مولعة في مد أصابعها في جمرات مواقد التجريب،وتلمسات ثوابت إحساسها العام وتفكيرها الخاص بما يسود عوالم ومناخات إجتهادات أعمالها،بمساند تجريداتها التعبيرية وأختزلاتها التوليدية،من تلك التي تؤشر صوب مفهوم كوني لمعنى قيم الجمال الذي تنشده وتأسس له هذه الفنانة المجتهدة بإمتياز ودراية وتواصل حثيث مع مجريات ما توصلت إليه الحداثة وما بعد الحداثة في جوانب فهمها وتحليلها لخواص الفن.
حسن عبدالحميد
بغداد- 24تشرين أول
مقال ورأي المبدع والناقدحسن عبد الحميد Hassan Abdulhameed
في معرضي....القريب جداجدا لاي فنان برأيه لما يمتلكه من فكر واعي بكل مداخلات الفن التشكيلي ......فشكرا لرأيك وثقتك الكبيره بكل ماانتج من عمل فني تشرفت بكلماتك الرائعه .........
ثقافية جريدة الغد ....................................................................................... .............. تشرين ثاني-2014
نادية فليح ... في معرضها (جذوع خاوية)
عطب الأنفاس...ما بعد موت النخيل
حسن عبدالحميد
(أذا كنت قصير القامة...فلا تقف بجانب النخلة !)كم أجد في تثمين هذه العبارة من تكثيف يماحك-قصدا-كل من يقبل على عمل شىء ولايعطيه حقه،لذا جاء وضعها-إيجابيا...هنا-في مبتدأ مدخل تحريضي يروم فحص وتقيم تجربة الفنانة التشكيلية(نادية فليح)التي وقفت-بزهو- الى جانب (نخلة)ملاك معرضها الشخصي الرابع،ذلك الذي أحتمى بعنوان صادم هو؛(جذوع خاوية)،والذي تم أفتتاحه في الثاني والعشرين تشرين أول/2014 كانت قاعة(حوار للفنون)ببغداد قد أحتظنت وتنفست ريح عطب أنفاس أكثر من ثلاثين عملا تباهى على منوال عدة حجوم وقياسات تناوبت ما بين رسم مجتهد ومدعوم بطاقات إستثنائية عبر حميمية إستثمار(جريد/وسعف/وليف)أشجار النخيل،كمواد طائعة في ثنايا ونتوءات نسيج مهارات هذه التجربة الهامة في تلافيف وعي وإنتباهات هذه(نادية)التي أغرتها سبل التجريب-جهدا وتفردا-،منذ بداية ولعها بالرسم،وأخذت بها نحو ضفاف قصية من تخوم تجربتها التي تمتد الى بداية تسعينات القرن الفائت،فضلا عن مجموعة أخرى حواها المعرض،من أعمال ذات تصاميم نحتية أو مقترحات نحتية-على نحو أدق-برعت في توريدها مستثمرة شكل وهيئة (كرب النخيل)والطاقة الكامنة فيه،لتحيي-فينا-مع طواقم أعمال الأخرى،أستطاعت أن تستحث ها،بحتى بقايا حبات التمر المحروق ومسحوق العفن الذي غلف روح تلك الكائنات القتيلة جراء هول الحروب وبشاعتها تداعياتها وتورم نتائجها،ونجحت في أن تخلق حالات من رعاف حزن مصحوب بآسى جارح وفواحم أسى ملتاع بمراثي موت أشجار النخيل ... في وطن النهرين وزهو غاباته عمقا ... وعراقة تأريخ ... وحكمة حضارة... وشعر يتضوع صدقا بصدى عذابات تطل من شرفات أنشودة مطر(السياب)،بسطوة تلامع ويفاعة وجود غابات النخيل في عيون معشوقته ساعة سحر كان .
إعادة صناعة الذكريات
هنا...تصورات ونهج مواقف تتحد من حيث عمق آثارها دلالاتها وترميزاتها،مع تلك النوازع والقناعات التي تتوغل في نسيج وهج ذات مبدعة للفنان قادر على مسك مقود مقاصده،وتوسيع تتوغلاته نسقا وثراء في مناطق ومستويات أعمق وأبلغ،منها ما يقع في منطقة الشعور،كما هو واضح ومعلن في نواتج أعمال هذا المعرض المتقدم من حيث الفكرة ودواعي إتقان مهام التنفيذ بموأزرة عدة مواد وإحالات لم تغادر-بقصد دراية محسوبة،فنينا ودراميا- عمليةالإستفادة من إستخدام مكونات(النخلة)في بناء وحدات وتنويعات لتلك الأعمال،ومنها ما يقبع في مناطق اللاشعور،والذي يحتل بحدود ثلاثة أرباع الشخصية لاي إنسان،فقد أتضح ذلك في تنويرات قدرة التمثيل البارع والتكثيف الحي لقيمة الأشياء التي تحيط بنا وتحيا معنا كل يوم،عبر مصدات حياتية أو منافع معينة وذكريات وحواضر قيمية ووطنية برعت(نادية)في ترصيف تواجدها على نحو ذكريات مترسبة في قيعان روحها الشغوفة بإعادة تشكيل هيأت وأشكال تلك المكونات،من خلال إستلال مفرداتها وتقديم رصد تحولاتها بصيغ مختلفة،عبر عمليات (حذف،بالترشيق)فضلا عن عمليات (إضافة،بالتوثيق) جاءت كلها متفاعلة،متناغمة مع إيقاع هدف أسمى وأعم لقيمة وفكرة معرضها الأهم- في ظني- عن باقي معارضها وتجليات تجاربها السابقة،بحاصل ذكاء إبقائها ونبل رهانها في الحفاظ عى بهاء(الشكل )وبلاغة(المضمون) في مجمل خوالص ما أرادت أعمال معرضها،بمحمولاته التشخيصة،وتحولاته التحريضة،وقدراته الإستعارية،لتمثل-بالتالي- إكمالا لإمتداد حقيقي ومتقدم بخطوات إضافية،أستطاعت الظفر به (نادية فليح ... بكالوريوس كلية الفنون الجميلة-قسم الرسم/1989).
لم أجد أي مبرر للكلمة التي كتبتها الفنانة في(كاتلوك) المعرض،مسوغة لجوهر ومراد سعيها ضمن سياق أعمالها هذه،سوى نبل صدقية مسعاها في الحفاظ على علاقتها بالمتلقي والحرص على توثيق العلاقة معه،وتلك سمة-أعتقدها- تماسس عمل بعض الأساتذة والمدرسين من الذين يدرسون في معاهد وكليات الفنون،كما هي(نادية) التي قامت بالتدرس في معهد الفنون الجميلة ببغداد منذ عدة سنوات،كما رأست(قسم الكرافيك) فيه،ولم تزل،حتى أقامة هذا الإجتراح الضمني والمعلن في كشف عوالم دواخلها وتعميد نواتج تجاربها السابقة بهذا الإندفاع الصاخب والمتمرس على زعزعة المألوف والمتوقع في بنيان ووجدان وعي تمردها وبسالة إقدامها بهذا الحشد المتدفق،والمحكوم بعدة محاولات ومناورات إجرائية،يقظة وواثقة في ترسيم إعادة صناعة بعض مشاهداتها وذكرياتها المحزنة التي تتعلق بهوس ومأسي الحروب التي لم تتلخص من طيشها وظلمها وصلفها حتى أشجارنا التي أحرقت أغصانها للتدفأ بنيرانها،فيما ترامت جذوعها وتسجت أرضا في مداخل شوارع مدن بغداد وتقاطعات طرقها،درأ-كمصدات موانع وحواجز-بوجه ذلك تخرصات خطر متوقع ومحدق حيال شراسة موت محقق مقرونا بسيل مخاوف ملأت قلوب الناس وعطلت من عمل عقولهم بعد أن شوهت هيبة المدن.
واذ تستعير الفنانة هيبة وجمال وخصوبة (النخلة)إنما لتلخص فيها هيبة وجمال وخصوبة الوطن،وتلك إستعارة وجدانية- بلاغية أغرت من قبل عدد كبير من الفنانين التشكيليين،بيد أن(نادية) أعطت النخلة كل سمات وتنويعات حزن تصفد وتجسد كمرتسمات ومشيئات نحت،وقام بتحول هذا الرمز الذي تختصره وتمثله هذة الشجرة المباركة،والتي أقترن أسمها بأسم العراق،قبل أن تلحق به(لعنة النفط )بعصور أزمنة سحيقة وآماد بعيدة من تأريخ وجود إنسان على الرض.
متواليات موت .. ونبض حياة
حوى المعرض عدة تشكيلات بصرية تساوقت مابين أعمال أو مقترحات نحت -كما نوهنا- أنتصبت على قواعد ومثبتلت بهيئات أجساد برؤوس متدلية،وأخرى بلا رؤوس-أصلا- ،تسامت عبرمعالجات وتقنيات وإنهالات كمتحفيزات ذهنية،وتعويضات جمالية،اضحت تداني قيمة وقدسية وكرامة(عمتنا النخلة)وثراء إغداقاتها حتى بعد مماتها (البايولوجي)قسرا وجورا وتجنينا على حرماتها الشاخصة والراسخة في ضمائر وعينا فيها،كعنوان دلالة وتعظيم رمز وتعويذة لحب وبقاء أبدي،أحتكمت(نادية فليح) فيه الى إتباع ثقة مهارة ومعالجات جدية عبر تقنيات مدهشة،أرتأتها ولجأت إليها لتوريد مقترحاتها النحتية،الى جانب عدد آخر من الأعمال الجدارية بأنساقها وأتساقاتها المعرفة،مشفوعة بفيض عواطف متدفقة ويقظة،بل أحيانا متوترة من فرط تنامي حالات الصدق التي-عادة- ما تغالب وتواكب إنهماكات مرامي ما يحرص عليه الفنان المخلص لإيصال لواعج وهج نزيف أفكاره،ساعة تمرد ودفق حظات تأمل وتماه تام مع يشغل سخونة تلك المشاعر والعواطف الحانية التي تحيط بواقعه،فضلا عن مجموعة أعمال تقصدت تركها حرة وطيعة،تتأرجح على هواها معلقة بخيط سميك،نجحت في الرسم على جانبي تلك اللوحات لتتيح للرائي رؤية عملين في جسد لوحة واحدة،وبموضوعين مختلفين تماما،لكنهما متساوقين ومنسابين مع سياق الفكرة والغاية العامة لجلال معرضها المشتمل على إعتماد أكثر من مستوى ونسق معالجة من حيث أليات التنفيذ والأحجام،كما أشتمل على تطويع مواد هي من جوهر ممتلكات النخلة-كما أشرنا- مضيفة إليها مواد أخرى وتنويعات معالجات توزعت على محاولات ترتيق واللصق(كولاج)وأخذ قطع من الصحف والخيوط والقماش والحفر على الخشب المعاكس، وأستخدام الحبال والأشرطة، أو بالجمع لكل هذه المواد في عدد من الأعمال و(الماكيتات) التي تتحملها وتتقبلها مبتغيات(نادية فليح)المفكرة والواعية في فهم وتحليل مصدات ومفردات واقعها العياني واليومي،في عموم أبنية ومعماريات لوحاتها وتوابع نتائج أعمالها في معارض شخصية(معرض بعنوان- قراءات لحواجز- بيروت/2011،ومعرض على قاعة(نخلة للفنون) ببغداد، حمل ذات العنوان /2012وقبلهما المعرض الشخصي الأول/على قاعة مدارات-ببغداد/2006ومشاركات عديد داخل خارج العراق،كما في مهرجان(الغردقة)في مصر/2013 مثلا،وغيرها من مشاركات سابقةأ نبثقت من عمر تجربة ناضجة،مولعة في مد أصابعها في جمرات مواقد التجريب،وتلمسات ثوابت إحساسها العام وتفكيرها الخاص بما يسود عوالم ومناخات إجتهادات أعمالها،بمساند تجريداتها التعبيرية وأختزلاتها التوليدية،من تلك التي تؤشر صوب مفهوم كوني لمعنى قيم الجمال الذي تنشده وتأسس له هذه الفنانة المجتهدة بإمتياز ودراية وتواصل حثيث مع مجريات ما توصلت إليه الحداثة وما بعد الحداثة في جوانب فهمها وتحليلها لخواص الفن.
حسن عبدالحميد
بغداد- 24تشرين أول