×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

د. هي أنا..! أحلام أكبر من ذكريات.. أم العكس؟رولا سمور

د. هي أنا..! أحلام أكبر من ذكريات.. أم العكس؟رولا سمور
 اعتاد لقاءها كل يوم عند السابعة مساء. يسرع لها كطفل صغير مشتاق لدفء حضن أمه، يفرغ ما بجعبته بين يديها، أو كحبيب يواعد محبوبته، وهيهات أن يخلف موعدا مع مستمعته وناصحته وحاضنة أسراره. يحب لقاءها في غرفته الخاصة، يغلق بابها، يطفئ أضواءها، ويشعل شموع أو يلتمس نور مصباحه الخافت، ويلتقيها: معاتبا، مشجعا، ناصحا، باكيا، ضاحكا، فهو معها يكون هو بل رتوش.. أنها نفسه! نعم، فقد اعتاد لقاء نفسه كل يوم يراجع معها أحداث يومه، ويسر لها بكل ما جال في قلبه وخاطره، يعاتبها وتعاتبه، يضاحكها وتمازحه، يسقيها المعلومة لتتبلور حكمتها، فقد اعتادا على ذلك!
اليوم، كانت الحال غير الحال، فالأجواء مكهربة! فبينما هو وهي يتناجيان ويتصارحان، زادت حدة النقاش بين حلم ينشده ويقوده للأمام، وذكرى تشده وتجره للخلف! الصراع الأزلي بين ماض ومستقبل.. بين حلم وذكرى.. بين ما لا نملك ولن يعود وما نستحق وسيأتينا!
هو لا ينكر أنها ليست المرة الأولى، لكنها المرة الأقوى! ففي كل مرة، كانت الذكريات تشده لها وتنجح، تستخدم طعمها الأبدي: الإحساس بالذنب أو اللوم أو الدونية! نعم: تلومه لرغبته بالتغيير ، تشعره بالذنب خوفا من تركها والتغير عليها وهي من احتوته! تشيع في روحه احساس النقص وعدم الاستحقاق لما هو أهل له!
«لماذا؟ وكيف؟ ولم التغيير؟ ولم المشقة؟، أنت أفضل في مكانك، جربتها ولم تنجح، جراح قلبك لم تندمل ..الخ»، كلها سموم تبثها في قلبه لينصت ويستكين خوفا واستسهالا! لكن، هذه المرة غير، ضاق صدره وأعلن وعده: «أنا استحق ما أنا أهلا له، وسأروضك أيتها النفس الأمارة بالركون والضعف»!
تنتصر الذكرى في كل مرة، فيقبع مكانه والمرارة تسكنه.. لكن هذه المرة.. حلمه كان الأقوى، وكسب الجولة وابتسامة الرضا تعلو وجهه.. ومع هذا، فما زال لا يخلف موعده كل يوم الساعة السابعة!
رولا سمور
rulasammur@
rulasammur@gmail.com