أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

سلسلة مشاهداتي في بغداد بمنتهى الصراحة والوضوح -- يرويها الكاتب ناظم السعديi

سلسلة مشاهداتي في بغداد بمنتهى الصراحة والوضوح -- يرويها الكاتب  ناظم السعديi
 ناظم السعدي


بغداد ... 1
أنتظرت حتى ارتاح من رحلة العودة لأكتب سلسلة مشاهداتي في بغداد بمنتهى الصراحة والوضوح وكما رايتها وأهلها وشوارعها ..
بائع العصير قرب الرصافي
أنتشلني من لحظات أحباط مريرة جدا عشتها بتواجدي في شارع المتنبي .. و مارايته وشعرت به هناك من خيبات في البعض من اشباه المثقفين وساعود لهذا حتما في قادم الايام ..
شعرت بالاختناق فقررت مغادرة المكان سرت لشارع الرصافي لأتنفس بعيدا .. مررت بعربات الشلغم والرمان والطرشي واللبلبي ... وصورتها لارشيفي وسانشر منها تباعا ..كنت مستمتعا وفخورا بهولاء البسطاء وهم يحملون ارواحهم بايديهم بحثا عن الخبز المنقوع بالدم ..
صورت عرباتهم بما فيها بعد الاستئذان منهم ..
حتى وصلت لبائع عصير الرمان طلبت منه السماح لي بتصويره
فضحك قائلا حتما انت مغترب
لان المغتربين فقط من يهتموا بمناظر بغداد واسواقها وتوثيقها بكاميراتهم ..
ضحكت قلت له صدق حدسك .. انا أتيت من بلد الصقيع والصمت والسكينة لا تلذذ بهذا الصخب الجميل واصوات الباعة الابطال .. ابتسم لي وهو يقوم بعصر الرمان بقدح امامه سرعان ما قدمه لي دون ان اطلب منه ..
فقلت له طبعا على سبيل المزاح .. لالا لا اريده فلم اصرف بعد ولا املك نقود عراقية !!!
كنت ابحث حقيقة عن رد فعله وما سيقول ..
نظر الي نظرة نبيلة وعراقية اصيلة وكانه يستحضر الطيب المغادر كله.. قائلا وسفة عليك
اولا انا من عزمك ولم تطلب انت وثانيا انا اصيرلك فلوس يمعود ... الدنيا بخير وانتم اهلنا واخوتنا ومشتاقيلكم والله ,,, اقسم بالله ابكتني نظرة عينيه والدمعة المكابرة فيها .. وبلا شعور احتضنته بقوة وكاني اعيد عجلة الزمن بدوران الحنين للمحبة والنخوة والكرم الذي جبلنا عليه ... مرت ثواني صمت فلا هو استطاع ان يسمي اللحظة ولا انا بكل ما املكه من خزين الكلام استطعت التحدث اليه ثانية على الاقل لاشكره ..
فسعيت لارتشاف عصير الرمان كله مرة واحدة بعد الجفاف القاتل في فمي ..
فلاحظني وقبل ان يبادر بعصر القدح الثاني اخرجت النقود لاقدم له ثمن العصير
وسرعان ما مد يده ودفع النقود وهو يحلف بكل المقدسات انه لن ياخذها
فقلت له
هل تعرف ان كل نقود العالم لا تعادل هذه الثواني التي ارجعتني فيها لبغداد واهلها كما عرفتهم وتربيت بينهم .. ارجوك ان تقبلها هدية لاطفالك فكم تمنيت ان اقبل رؤوسهم مباركا لهم أبوتك ايها الاصيل الحقيقي .. واصر على الرفض فاجبرني على شرب القدح الثاني لياخذ ثمنه فقط بعد الحاحي كحل وسط بيننا ................ ولنا عودة
image