أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

سيكولوجية المرأة و السلطة بقلم / سارة السهيل

سيكولوجية المرأة و السلطة بقلم / سارة السهيل
 سيكولوجية المرأة و السلطة
بقلم / سارة السهيل

عندما تتمرد المرأة على تهميش أدواراها الانسانية في الحياة وتتجاوزعاطفتها الجياشة الرقيقة، فانها تتحول إلى مارد يقهر لحظات ضعفه الانساني ويستخرج مكامن القوة النفسية الداخلية فتصبح فارسة ومحاربة وقائدة مغوارة وزعيمة سياسية.
فالقوة النفسية لدى المرأة عندما تتجاوز عواطفها تتحول إلى قوة داخلية تفعل بها الاعاجيب خاصة اذا تضافرت القوة النفسية الداخلية للمرأة مع الذكاء والعلم والحكمة، وكلها عناصر توافرت في العديد من النماذج النسائية اللواتي حكمن العالم القديم وكذلك الحديث.
ولا غرابة إذا ان يفطن الأديب والمسرحي المصري توفيق الحكيم : لأهمية عقل المرأة في صنع أمة باكملها كما هو في قوله المأثورة عنه: " إن عقل المرأة إذا ذبل ومات فَقَد ذبل عقل الأمة كلها ومات".

المرأة حيرت الدارسين
لم تستطع الدرسات العلمية الاجتماعية والنفسية الحديثة ان تكشف النقاب على الخلطة السحرية التي تتوافر للمرأة اذا ما امتلكت القيادة والحكم وعجزت عن تفسير اسرار قوتهن الداخلية وما صدر حتى الآن هو مجرد وجهات نظر متباينة.
فبعض الدراسات تذهب للاعتقاد بأن المرأة بحكمتها وترويّها يمكنها أن تحل مشاكل لا يستطيع الرجل بسبب حدّته في التعامل مع الآخرين حلّها، بجانب تمتع المرأة بأنوثة وحضور يفرض احتراماً مغايراً للرجل داخل المجتمعات، وربما هذا يكون سلاح في وجه العنف، ويمكن أيضاً لغريزة الأمومة وخوفها على أبنائها أن تبعد قدر المستطاع عن الحلول غير السلمية والتي قد تولد حروباً قد تشّكل خطراً على أولادها.
وتذهب وجهات النظر الأخرى الى ان قدرة المرأة النفسية والعقلية مثل الرجال ولا فرق بينهما، مبرزين حقيقة ان بعض النساء اللواني حكمن العالم مارسن عنفاً لم يلجأ اليه رجال سبقوهنّ الى الحكم، نذكر منهنّ رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر التي استعادت جزيرة تابعة لانكلترا في المحيط الأطلسي، ولم تستعمل الطريقة السلمية، بل خاضت حرباُ مع الأرجنتين واستعادتها.
وتخلص معظم دارسات علم النفس، الي أنّ المرأة ليست أكثر أو أقل عنفاً من الرجل، ولكنها اكثر تكيفا مع المحيط الذي تعيشه وانها تهضم بعقلها ووجدانها التفاصيل الصغيرة لتصنع منه عالما كبيرا، وحسب الظروف والمشاكل أمامها تأخذ المرأة القرار، فلكلّ امرأة طبعها وطريقتها في التعاطي مع الأشياء، وان كانت المرأة اكثر اهتماما بالتفاصيل الدقيقية وهذه الدقة الناتجة عن التفكير المنطقي والعقلي الحاد قد وظفته في ادارة الممالك التي حكمتها في التاريخ القديم والحديث.

المرأة المحاربة
ويحفل التاريخ الانساني بنماذج نسائية قدن العالم وحكمنه باقتدار قد يفوق قيادة الكثير من الرجال ولذلك سطر التاريخ الانساني اعجازهن في القيادة والحكم والحرب والبطولة والدهاء والزعامة السياسية وقيادة الثورات.
لكل ملكة من هؤلاء اللواتي أثرن في التاريخ مفاتيح تكشف مكامن قوتهن الداخلية ومنهن الملكة "زنوبيا" فقد حملت في شخصيتها ونوازعها الداخلية سيكولوجية القائدة المحارب الذكية والمثقفة. فقد كانت زنوبيا تمارس الصيد باستمرار، وتتحدث عدة لغات العربية والآرامية واليونانية والقبطية وتقيم الصالونات الأدبية وتحيط نفسها بالفلاسفة والشعراء.
كل هذه الملكات النفسية لدى زنوبيا جلعتتها امرأة متمردة قوية الشكيمة، فتمردت على الإمبرطورية الرومانية بعد وفاة زوجها الملك سيبتيميوس أوداينتوس، وقادت بنفسها حملات عسكرية ولتوسيع مناطق نفوذها وتصبح ملكةً لسوريا وفلسطين ولبنان ومصرَ والأناضول معاً، وأصبحت مملكتها تعرف بممكلة تدمر، وأطلق الناس عليها لقب الملكة المحاربة.
كذلك توافرت مقومات القوة النفسية لملكة العرب " ماوية" وهذه القوة الداخلية ملأت روحها بالشجاعة والجرأة والحنكة السياسية أثرت في قراراتها وطريقة حكمها للبلاد فتحولت لشخصية قيادية ومحاربة بامتياز.
فالملكة ماوية حاربت سلطة روما بعد وفاة زوجها، لكي تستقل عن الإمبراطورية الرومانية وهزمت الجيوش الرومانية شرّ هزيمة، واجبرت بقوة شخصيتها وذكائها وحكمتها السياسية إمبراطور روما ڤالنس على عقد الصلح معها وإحلال السلام بين مملكتها وإمبراطوريته.

الذكاء والحكمة
أما القوة السيكولوجية لبلقيس، ملكة سبأ فقد اكتسبتها من رجاحة العقل والحنكة والمناورة السياسية اللذان قادها إلى اعمال مبادئ الشوري في الحكم فخلصت قومها من فساد وطغيان كثير من الملوك الذين أرادوا الشر لمملكتها وشعبها.
ووظفت الملكة سميراميس ملكة آشور 800 قبل الميلاد كما يحكى في الأسطورة البابلية ، ذكائها الحاد الذي غلفه الغموض والحكمة معا في حكم الإمبراطورية الآشورية لمدة 42 عاماً بالشراكة مع زوجها، واستمرت في الحكم 5 أعوام بعد وفاته.
يقال ان سميراميس هي نفسها سمورامات بعد تحريف الاسم وهي ملكة حقيقية مقدسة، وهي زوجة الملك شمشي أدد الخامس و ام الملك الاشوري ادادا نيراري الثالث
وقد وجد الباحثون في مدينة آشور نقش حجري واخر في (كالح) يظهر انها كانت الحاكمه بعد زوجها المتوفى لمدة خمس سنوات و قد كانت تشاركه الحكم في وقت حكمه
و قد كان لها تأثير على الحياة الدينية كونها ابنة الجنوب جائت بمعتقداتها الأكثر عذوبه
فاصطحبت معها من الروحانيات من بيئتها فالمذهب الآشوري كان أكثر قسوة و عنفا و تقديسا للفحولة.و ركزت على دور الإله نبو إله الحكمه بدلا من آلهة الحروب و العنف .

أما الامبراطورة البيزنطية اربن أو أثينا التي عاصمتها الخليفه المهدي وهارون الرشيد و التي أسمت نفسها
الإمبراطور بالتذكير وليس التأنيث
"إمبراطور"، "باسيليوس" بدلاً من "إمبراطورة"، "باسيليسا"
و قد كانت أرينا ممن استخدم الدين لتقوية سلطته فقد
أعادت الهيبة الأرثوذكسية و انتخبت نصيرها تراسيوس ليكون بمنصب البطريرك .

و قد كانت جادويجا ملكة بولندا 1384م تطلق على نفسها أيضا ملك بولندا وهل لهذا الأمر مغزى ام انه يعود لعامل نفسي ام ان دهائها وجهها لهذا الأمر لتبقي على هيبتها بين الذكور .

أما الامبراطورة التي تعد في نظري مجرمة رغم أنها في نظر شعبها تعتبر أهم إمبراطورة مرت على الصين هي الامبراطورة
موتشيه ثيان
التي كانت تعمل كخادمة في القصر عندما توفيت والدتها وفي الجنازة التقت برجل أحبته من النظرة الأولى و تعلقت به رغم أنها لم تتكلم معه و لم تعرف عنه اي شيء فعمدت على قتل اختها و أخيها و بعدهم الإمبراطور علها ترى حبيبها في الجنازة كما رأته من قبل
و الأغرب من هذا أن ابن الإمبراطور عندما عرف قصتها أعجب بها و بحبها و تفكيرها و تزوجها
ربما هذه القصه تفسر لي الكثير من الغموض المبهم في إعجاب بعض الرجال بالسيدات الشريرات و ما تحظاه الطيبات من قلة في الحظ سواء على الصعيد الشخصي أو في الحكم
فالامبراطورة المجرمه
كانت المرأة الوحيدة فى تاريخ الصين التى حملت لقب الإمبراطورة، وكان أمرا غير مسبوق فى الصين.
وخرقت كل الأعراف عندما أسست سلالة خاصة بها فى عام 690م .

أما الأميرة خانزاد التي كانت تحكم إمارة سوران الكورديه بين عام
155و عام 1615م
و قد كانت فترة صراع مع خصومها العثمانيين لكنها استطاعت ان تحافظ على استقلال امارتها
غير معترفة بحكمهم و خدمت شعبها و اهتمت كثيرا ببناء الامارة و اعمارها خاصة بالمدارس و القصور و القلاع و اعتقد انها بنفسية الأنثى الجميلة حافظت على كرامتها و كبرياء شعبها فالمرأة الأصيلة لا يمكن أن تقبل الهوان فهي تحنو على الضعيف و لكنها لا يمكن أن تصغر خدها لظالم
فقد كانت تحارب مع مقاتليها في المعارك وهي ترتدي زي الرجال متسلحه بالشجاعة و العدل و الإقدام

الملكة شبعاد السومريه السلالة السومرية الثانية ونهاية العصر السومري الحديث،
الملكة الفنانه التي شهد عصرها الازدهار الفتي الذي تمثل بالقطع الفنية والأحجار الكريمه و القطع الفنية الدقيقه
كما
أنها على الصعيد الشخصي في قمة الجمال و الاناقه و الذوق تسبقها امرأة في كل العهود في تقديم أشياء أبداعية تضفي على المرأة أكثر جمالاً وأكثر ابهة و قد اشتهرت بالاكليل الذي اوحت لصانعي الذهب بصنعه ، والذي لم يشاهد من قبل
على امرأة قبلها.
و بحبها للجمال و الفخامه استطاعت أن تعكسه على بلدها
فسيكولوجية
المرأة لديها وضحت بالآثار التي تركتها من بعدها للأجيال .

الدهاء السياسي
في العالم العربي والاسلامي سطرالتاريخ اسماء نساء امتلكن قدرات خارقة في الدهاء السياسي ومنهن السلطانة الملقبة بشجرة الدر، فبانوثتها وجمالها امتلكت قلب زوجها السلطان الايوبي كما وظفت ذكائها الحاد في ممارسة الدهاء السياسي في أعلى مستوياته حتى تربعت على العرش طوال سبع سنوات، وشهد المؤرخون بجدارة إدارة شؤون البلاد ورؤيتها السياسية الصائبة.
أدارت شجرة الدر البلاد عندما مرض السلطان في فترة عصيبة وهي الحروب الصليبية، وذكاء شجرة الدر السياسي والعسكري قاد إلى انسحاب القوات الصليبية والقاء القبض على الملك سانت لويس واقتيد إلى السجن ولم يخل سبيله إلا بمقابل دفع فدية كبيرة .
تمتعت شجرة الدر بقدرة هائلة على التحكم في مشاعرها والقدرة على اظهار الثبات العقلي والانفعالي امام احداث جسام تمر بها بلادها، خاصة عندما توفي زوجها، وأخفت نبأ وفاته لتجنب البلاد الفتن والاضطرابات في صفوف الجيوش التي تحارب الصليبيين، حافظت بحكمة غير مسبوقة على وحدة الشعب والجيش لكن المجتمع الذكوري رفض انتصار وقدرات المرأة شجرة الدر، ورفض الخليفة المعتصم صعودها إلى سدة الحكم، وطالب الجيش باختيار واحد مهم لتولي قيادة البلاد فاختارت قادة الجيوش المعز أيبك التركماني، الذي شجعته شجرة الدر ليتزوج بها وتقاسمه مهام الحكم لكن انوثتها لم ترحمها عندما غارت على زوجها لتزوجه باخري وراحت ضحية مؤامرة تم إخضاعها للإقامة الجبرية ببرج الأحمر حتي جري اغتيالها .

الملكة الفارسة
شكلت الملكة ديهيا (585 م - 712 م) أنموذجا رائعا ونادرا للمرأة الفارسة والقائدة العسكرية، فقد حملت في تكوينها النفسي أخلاق الفارس الحامي الذي يضحي بحياته دفاعا عن وطنه. وديهيا ملكة أمازيغية خلفت الملك أكسيل في حكم الأمازيغ وحكمت شمال أفريقيا وكانت تشمل مملكتها الشاسعة الجزائر وتونس وليبيا وكانت عاصمة مملكتها هي مدينة خنشلة في الأوراس شرق الجزائر، قادت ديهيا عدّة حملات ومعارك ضد الرومان والاعراب والبيزنطيين في سبيل استعادة الأراضي الأمازيغية التي قد أستولوا عليها في أواخر " ق6 .م" .
واستطاعت ديهيا ان تنتزع بشخصيتها القوية وبروح وقيم الفارس المغوار بداخلها حب المسلمين كإمراة شجاعة يحترمونها وأصبحت رمزًا من رموز الذكاء والتضحية الوطنية وورد ذكرها عند الكثيرمن المؤرخين المسلمين وقد تمكنت في نهاية المطاف من أستعادة معظم أراضي مملكتها بما فيها مدينة خنشلة بعد أن هزمت الرومان هزيمة شنيعة وتمكنت من توحيد أهم القبائل الأمازيغية حولها خلال زحف جيوش الاعراب وإستطاعت ديهيا أن تلحق هزيمة كبيرة بجيش القائد حسن بن النعمان عام 693 وتمكنت من هزمهم وطاردتهم إلى أن أخرجتهم من تونس الحالية وفر من تبقى منهم هاربا الى مصر.
واستطاعت ديهيا ان تخضع جميع من بأفريقيا من الرومان كما ذكر ابن عذارى المراكشي، بان الجميع خائفون منها وجميع الأمازيغ لها مطيعون. ودفعت الفارسة ديهيا ثمن دفاعها عن اوطانها بخيانة خالد الأسير الاعرابي الذي تبنته وهي كبيرة عمرها 127، وقطع غزاة العرب رأسها و رمي بجسدها وسط بئر.
ولكن التاريخ أبى الا ان يحفظ حق هذا الفارسة المغوارة، وكما قال المؤرخ إبن خلدون : ديهيا فارسة الأمازيغ التي لم يأت بمثلها زمان كانت تركب حصانا وتسعى بين القوم من الأوراس إلى طرابلس تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها.

زعامة سياسية
في عصرنا الحديث سجل التاريخ الانساني أنموذجا رائعا للمرأة الثائرة في آسيا وهي " كورازون أكينو " التي لم تكن تعرف عن نفسها هذه القوة الداخلية في النضال السياسي السلمي، ولكن فضل ثقافتها وشجاعتها النفسية قادت أهم ثورة سلمية ضد نظام الرئيس الفليبيني الدكتاتوري ماركوس الذي اغتال زوجها .
ودخلت كورازون أكينو ميدان السياسة رغماً عنها، بل وتزعمّت المعارضة وقادت ثورةٍ شعبيّةٍ سلميةٍ في بلادها للإطاحة بنظام ماركوس الذي أمر جيشه الفليبيني بضرب الثورة الشعبية بيدٍ من حديد، ورفض الجيش تنفيذ هذه الأوامر وانضم إلى أكينو وثورتها، فيهرب ماركوس من البلاد، وتتولي كورازون أكينو مقاليد الحكم في الفليبين، لتصبح بذلك أول سيدة تحكم بلاداً في آسيا.

لم تكن هذه الأمثلة إلا فكرة أو قطرة مطر في تاريخ النساء الحاكمات اللواتي صببن من بحر الدفء و الحكمه و الشجاعه الانثوية على الأوطان بسخاء
بعضهن حكم بقلب المرأة الأم و بعضهن حكم بعقل و ذكاء النساء و البعض الآخر استعار العنف من قبضات الرجال فالمرأة تجيد الرسم بكل الألوان

سارة طالب السهيل