×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

مريم آل ثاني كان لدي والدي مجموعة من الأصدقاء من كبار الكتاب والعسكريين من جنسيات مختلفة ، وكان يسمح لنا ونحن أطفال بالجلوس مع أصدقائه

مريم آل ثاني كان لدي والدي مجموعة من الأصدقاء من كبار الكتاب والعسكريين من جنسيات مختلفة ، وكان يسمح لنا ونحن أطفال بالجلوس مع أصدقائه
 مريم آل ثاني كان لدي والدي مجموعة من الأصدقاء من كبار الكتاب والعسكريين من جنسيات مختلفة ، وكان يسمح لنا ونحن أطفال بالجلوس مع أصدقائه ، وكان لهم صديق آخر أصغرهم سناً ، لاحظت أنهم يعاملونه باحترام بالغ ، يقفون لمصافحته ويصمتون تماما إذا تكلم وينصتون باهتمام بالغ إلى كل كلمة يقولها ويخاطبونه بأفضل الألقاب ، وتعجبت من هذه المعاملة المميزة فسألت والدي ذات مرة : "لماذا تحترمونه إلى هذه الدرجة ؟" ، فأجابه ببساطة : "لأنه قاض" ،فسألت ببراءة الأطفال : "أتخافون منه لأنه يستطيع أن يحبسكم ؟"

فضحك ثم قال بصوت حاد : "الناس فى الدول العربية يخافون من ضابط الشرطة لأنه يستطيع أن يؤذيهم ، لكنهم لا يخافون من القاضى وإنما يحترمونه ، لأنه يمثل لهم معنى الشرف والنزاهة ، إن الله يأمرنا بالعدل قبل أى شىء آخر ، وتحقيق العدل مهنة القاضى ، والقضاء أرفع المهن جميعا ، والقاضى العادل أقرب الناس إلى ربنا سبحانه وتعالى ، وهو ظل الله علي الأرض "

هكذا كانت صورة القاضى قبل 20 سنة ، كان الجميع على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية ، ينظرون باحترام شديد إلى القاضى ويعتبرونه دائما منزها عن الغرض والظلم

تذكرت هذه القصة وأنا أقرء عن فرنسا عندما انهارت أمام الاحتلال النازى فى الحرب العالمية الثانية ، ثم جرى تحريرها على أيدى الحلفاء ، يروى أن ديجول عندما عاد إلى فرنسا قابل صديقه ووزير ثقافته فيما بعد الكاتب الكبير أندريه مارلو وسأله : "أعرف أن كل مرافق فرنسا ومؤسساتها قد انهارت ، ولكن خبرنى يا صديقى عن حال القضاء" ، فأجاب مارلو : "سيدى الجنرال بالنسبة للقضاء لحق به ما لحق بغيره ، ولكن الأمور به مازالت تسير نوعا ما" ، فرد ديجول قائلا : "إذا كان القضاء مازال فيه بارقة أمل ، فإننا يمكن أن نعيد بناء فرنسا

وفي بريطانيا اثناء الحرب العالمية الثانية كانت هناك بناية شاهقة قرب مطار حربي مثل عائقا أمام الطيران الحربي البريطاني وتبعا لذلك اتّخذ القادة العسكريين قرارا بإزالة البناية فلجأ صاحب البناية إلى القضاء الذي حكم بعدم المساس ببنايته حينها عرض الأمر على تشرشل كي بعطل الحكم القضائي لكنه قال مقولته المشهورة" افضل ان نخسر الحرب ولا يهان القضاء" فلا غرابة أن يتصرّف رجل دولة مثل " تشرشل" هذا التصرّف