×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الفنانه مائدة نزهت

الفنانه مائدة نزهت
 الفنانه مائدة نزهت
ولدت الفنانة مائدة جاسم محمد عزاوي في الكرخ من بغداد عام [7]1937.. وهي واحدة من اربع بنات وولد واحد.. لامهم وابيهم.. حسنية بدرية سامية مائدة وخلف.. كان والدها ضابطا في الجيش العراقي.. فكان يتنقل مع عائلته حسب مكان عمله من منطقة الى اخرى في بغداد.. وفي مقتبل عمرها حفظت الاجزاء الاولى من القرآن الكريم عند الملا في (الكتاتيب)[8]، ثم دخلت مدرسة الرصافة الابتدائية حيث شاركت لاول مرة في اداء الاناشيد المدرسية منتصف الاربعينات.. وبسبب القيود الاجتماعية الصارمة.. فقد كانت ترفه عن نفسها وتمارس هوايتها الادائية بمشاركتها الاداءات الدينية مع النساء من الاقارب والمعارف. وبسبب هذه القيود ايضا.. لم تستطع ان تدرس الموسيقى وفي عام 1954 اعجب بها منير بشير وخزعل مهدي[9]، فشجعاها على التقديم للاذاعة فخضعت للاختبار فنجحت نجاحا باهرا[10]..
لحّن لها ناظم نعيم اول اغنية (الروح محتاره والدمع يجاره) التي كانت تجربتها الاولى، فلم ينتبه اليها جمهور كاف.. ولكن تجربتها الاخرى مع الملحن احمد الخليل في اغنية (اصيحن آه والتوبة) تعتبر منعطفا جديدا لها رفعها الى مصاف المطربات المعروفات، الامر الذي عمق بداياتها، فقد اشتهرت هذه الاغنية واشتهر معها الملحن احمد الخليل والمطربة الواعدة مائدة نزهت ايضا.
من هنا نستطيع ان نحدد بداية جيدة لمائدة نزهت. اما اغانيها الاخرى التي اعقبتها فقد اثبتت نجاح وعلو كعب هذه المطربة القديرة. وخلال عملها في ستوديوهات الاذاعة فقد شاع بين الموظفين الفنيين اسم مائدة نزهت وفي النهاية اصبح اسماً فنيا اقترن باسمها مائدة نزهت بدلا من مائدة جاسم.. وكان ذلك منذ اول اغنية لها مع احمد الخليل اصيحن آه والتوبة- وكان من شأن نجاح هذه الاغنية ان شجع الملحن القدير احمد الخليل لتلحين اغان اخرى نالت النجاح الباهر مثل يللي تريدون الهوى فد يوم اتمنى تجي يمي دجلة والفرات عليك الروح يا اسمر اسال كلب اليهواك كالو حلو كل الناس تهواه همي وهم غيري - البصرة. وعن هذه الحقبة يقول عباس جميل في لقاء له بجريدة العراق الصفحة الاخيرة، اجراه فؤاد العبودي (قمت بتلحين اول اغنية لمائدة نزهت قبل ان تغني للاذاعة هي (جاني من حسن مكتوب) ضمن فلم دكتور حسن ربما كانت طريقها للاذاعة، بعدها غنت من الحاني يا كاتم الاسرار)[11].
لفترة قصيرة ابتعدت فيها مائدة نزهت عن الاذاعة والوسط الفني برمته بسبب بعض المشاكل التي جابهتها من قبل بعض الفنيين والادرايين في اعتراضها لعدم اذاعة اغانيها وكان ذلك عام 1955 وهي لم تزل في بداياتها.. واستمرت الحالة حتى عام 1957 بعد ان عاد الفنان وديع خوندة من غربته وعمله في اذاعة الشرق الاوسط الناطقة باللغة العربية في قبرص وبيروت، وهو الفنان الذي اصبح اول رئيس لقسم الموسيقى في الاذاعة عند تاسيسه منتصف الاربعينيات بجهود منه وقرار من مدير الاذاعة زمنذاك المرحوم حسين الرحال.. وعن طريق الملحن احمد الخليل تعرف على مائدة نزهت حيث ذهبا معا الى اهلها لاقناعها واقناعهم بالعودة الى الغناء بعد ان اقتنع الفنان وديع خوندة بصوتها فقد اسمعه احمد الخليل اغنية (اصيحن اه والتوبة) *باستوديو الاذاعة.. وفي هذه الزيارة تمت تسوية الامر وعادت مائدة الى الوسط الفني والاذاعة لتواصل نشاطها الغنائي.. لتبدا مرحلة جديدة من مسيرتها الفنية اتسمت بالنظام والاتزان والرصانة واستمرت هكذا حتى نهاية مسيرتها الفنية، ولتستمع عزيزي القارئ الى بعض اغاني هذه البدايات من الحان احمد الخليل مثل اغنية البصرة التي كتبت كلماتها فتاة دجلة واغنية يللي تريدون الهوى التي كتبها اسماعيل الخطيب واغنية يااسمر التي كتب كلماتها الشاعر عبد المجيد الملا واغنية فد يوم كلمات طالب القيسي. واغنية كالو حلو التي كتبها ابراهيم احمد واغنية اسال كلب اليهواك لناصر التميمي. في هذه الاغاني نلتقي لاول مرة بتعابير غنائية مفرحة مبتسمة طافحة بالحب والتفاؤل. ان هذا التأمل، وهذه التعابير المفرحة المتسمة بالشجن لمطربة في عقد الخمسينات وفي حقبة التجربة يقودنا الى الاعتقاد بأشياء كثيرة.. إن مثل هذه الكلمات المغناة وهذه الالحان وهذا الاداء، تجريب وتمرين ادبي وفني لحقبة تطورية تجريبية عند منتصف القرن العشرين وما يحيطه من عقود زمنية.. الا ان الامر كان كذلك.. فهكذا حكى لنا الواقع المعاش، وهكذا روت الوقائع والاحداث.. فهذا ما جرى، فلا يجب مناقشة ماهية الحدث بقدر مناقشة الاسباب والظروف المرافقة ومسألتي التاثير والتاثر، فمائدة نزهت التي تطورت فنيا من الحزن المباشر في التعبير الغنائي الى تعابير شجية مهذبة مبتسمة، في انتقالاتها تُحسِّسْ المستمع بمقدرتها الفائقة للتارجح بين الفرح تارة لتهز اوتار قيثارة المستمع فيتمايل طربا معها، وبين الترح تارة اخرى تأخذ بيدك مواسية معلّلَة..! كانت قادرة على الفرح من الحزن، التي وضعت مائدة نزهت نفسها فيه كنموذج لفناني حقبتها، أي قدرتها تتجسد في تمكنها على الانتقال الانسيابي الهادئ من الفرح الى الحزن وبالعكس دون تحسس مشوب بالتنافر، فهي لم تنتقل من حالة انسانية الى حالة اخرى بقصد استعراض ممجوج، بل ان الظرف شحّذ موهبتها فقدحت وازدهرت عن سلاسة بديعة حباها الله بها.

وعندما بدأ بث تلفزيون بغداد كانت من أوائل المطربات ممن ظهرن على شاشة التلفزيون عام 1956 الذي يعتبر أقدم تلفزيون في العالم العربي.

غنت طويلا وسافرت واشتهرت ؛وعرفها الجمهور بصوتها العذب وخياراتها المتميزة كاغنية للناصرية وتوبة أكولن آه والتوبة، گالوا حلو كل الناس تهواه أغنية ـ حرام ـ كلمات محمد حسن الكرخي الحان الفنان رضا علي كما غنيت من كلمات خزعل مهدي اغنية ـ حمد ياحمود. الحان رضا علي أيضا كما كتب لي الشاعر سعدي وحيد ولحن لي محمد نوشي اغنية حبي وحبك من الحان الموسيقار جميل سليم وكلمات الشاعر حسن نعمة العبيدي غنيت ـ كلهم يكولون.

الشاعر هلال عاصم كتب كلمات اغنية ((دور بينه يا عشك دويره)) ولحنها المرحوم علاء كامل كما كتب الشاعر زهير الدجيلي اغنية ((سنبل الديرة)) الحان ياسين الراوي بعدها توالت الاغاني ((كلما امر على الدرب)) ((الاسمر كما لحنت لحناً كويتياً للفنان محمد الكويتي بعنوان ((كفاني ما وصل منك)) كما غنت مربع احباب كلبي. وبعض الابوذيات والعتابات والسويحليات. وفي الاذاعة شاهدها رشيد القندرجي و مجيد رشيد ويوسف عمر وهؤلاء شجعوها على غناء بعض المقامات التي تلائم الطبقة النسوية ولكن الراحل يوسف عمر كان يصر على ان المرأة لايمكن ان تؤدي المقام وقد تحدته مائدة نزهت بحب عندما كانت تغني من خلال الرحلات إلى الخارج فغنت امام الجمهور مقام القطر والحويزاوي والشرقي رست والبهزاوي والمحمودي وكان الجمهور يصفق لي بينما يوسف عمر يلتزم الصمت. وكانت البستة البغدادية عنصراً اساسياً للمقام العراقي وقد ادت مائدة بعضها ان لم يكن اكثرها منهايابو عباية الجاسبي ((بمحاسنك وبهاك)) وهناك اغاني أخرى مختلفة فقد كتب لي الشاعر حسين علي اغنية - دجلة والفرات- واغنية الليلة حنتهم-.

وماذا عن الحان وديع خونده ورحلتها معه
- كان يطلق عليه انذاك سمير بغدادي لقد تعاون معا هذا الفنان وقدم لها العديد من الالحان ابرزها ((نسمات بلادي، عطر الفجر)) وقد صادف ذلك الوقت افتتاح التلفزيون لاول مرة وكانت ثمار هذا التعاون ان تزوجا وسافرا إلى الاتحاد السوفيتي وهناك قام بتوزيع جديد للاغنية من قبل كبار الموسيقيين الروس وقد سجلت في حينها على اسطوانة.