×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

.قاعي : مراياهُ وهُنَّ للشاعر احمد غزيل

.قاعي : مراياهُ وهُنَّ  للشاعر احمد غزيل
 .قاعي : مراياهُ وهُنَّ

للشاعر احمد غزيل

وهبطتُ أدراجَ الدماء
الى جِرارِ طفولتي
في خزنةِ الزمنِ المحنّطِ بين كفّيه
شعرت بأن سفينتي فرغت وهمت بالرفيف
وأنني أصفى من الماء الذي في مقلتَيَّ
وأنني قد أشتهي من شئت
يرضيني غباء من استخفوا بدميتي
حتى إذا أغلقنَ بابَ الغرفةِ المشبوقِ مِثلي
ورُحنَ يرقصنَ
استويت على مواقدَ لهفتي
وبسطتُ فوق ملامحي طيفَ البراءةِ
كي أخبّيء داخلي كلَّ الشياطين التي
كانت تطل رؤوسُها من كلِّ ما فيَّ
انسحبتُ الى الوراءِ لكي أراقبَ
ما تراءى من تباشير الصباح
كأن رعداً يعوي في قاعي
وبرقاً يستبيحُ هشاشتي
اختلط الغناءُ مع الصراخِ مع التأوه
وانقشاعِ بياضهن
الغرفةُ انقلبتْ الى حلمٍ يُخاطُ بذهنِ إبليس
الرفيفُ يبعثرُ الجوَّ
الأكفُّ تدفُّ فوق اللحم
والنيرانُ تغلي في الأباريقِ الطرية
والخماسينُ التي هبّت من الأجسادِ نحوي ذوبتني
والعروق الحمر تفلت كالأفاعي
كي تبث الجمرَ في وجه السماء
.....
رفيفُهنَّ
صياحهُنَّ
تفجُّرُ النيرانِ في أغصانِهن
البحرُ سُجِّرَ
و الكواكبُ أُسِقطَتْ
كل العفاريت استفاقت
حين بُعثرت القبور
وحين أطلقت الطيورُ صراخها المنذور
للوجع المكبل في صناديق الكنوز
وفي مرايا الوهم
صارت تمطرُ الدنيا لهيباً
تقتفي لحمي طيورُ النار
ترميني بأحجار من السجّيل
عيناي المجمَّرتان تلتهمان قطنَ بياضهن
وما تبقى من فتات حيائهن
أشدُّ أعضائي لكي تبقى معي
وأعُدُّ نفسي كي أرى
ماذا تبقى فيَّ مني
.....
مازلت أذكرني ألوكُ الجمرَ
أرمي حبةَ التمرِ الغبيةِ
حين يُسدِلْنَ الستائرَ
ثم يرفعنَ التنانيرَ التي
مازلت أكرهُها
فأجلس بينهنّ
مجدفاً في مائهن
مبعثَراً
أحبو بعيني المسافرتين فوق جباِلهِن
وأرتمي فوق البلاطِ مرتلاً نزفي
ومذهولا بأعمدة الضياء
وهن ينتفن الشعيرات القليلة
فوق جلدٍ طلَّ منه الصبحُ محمراً
يلوحُ عليه طيفٌ من دماءٍ
ناعم كالهمس
ينبضُ كالغمامة
جالساً في معبدي بين القناطر
سابحاً في شهوتي بين الضفاف
مطأطئاٌ سمعي الى ما قد ينبّؤني النخيل
عن انشطارِ الورد
أو عن رعشةِ الضوءِ المكسرِ بين مفترقين
أو ما قد تراءى من جنان
أخبرتني جدتي عنها
عن الأنهار والأنوار والثمر المدلى
منصتاً للجوع يبكي في لهيب النار
حتى أوغل الحفارُ معولَه بصدري
فاشتريتُ الماءَ بالوهم الأصم
وتهت في صحرائِهن
ملاحقا أبدا سرابي بينهن
يهدني جريي
ولا رطبٌ تلوحُ على النخيل
ولم يلُح جبريل في صمت المعابد
.......
سابحاً في لجةِ الجسدِ الذي لا ضوءَ فيه
نسجتُ من وقعِ الرمالِ على الغصون
جنانيَ الخرساء
ثم حضنتُ قاعي
مغمِضاً عينَيَّ عما ألبسَتْه يدُ السواد
نفختُ في نزفِ الجراحِ سموميَ البيضاء
مزهواً ومنتفخاً
فأسلمني المساءُ الهباء
وتهت في صحرائيَ الجرداء
لا ماءُ لدي
وكلما بانت غصونٌ أستجيرُ بفيئِها الحراق
أقطفُ من طحالبِها
وأُطعمُ سربيَ النهِم الذي يغزو دمائي
حين يَبرقُ في مياهي
كلُ غصنٍ ساق أنثى
ثم يُفجعُني البخار
وكلُّ هذا الموت في وجه النهار
فأُسلمُ الحفار أضغاثَ المسافة
ثم أجلس بانتظار ولادةٍ أخرى
على بابِ النهاية