تنبيه: لا تقرأ نصي، لا يحمل حروفًا بل دمعًا ودمًا " هيفاء هدية الفرجاني
تنبيه: لا تقرأ نصي، لا يحمل حروفًا بل دمعًا ودمًا "
صَباح يناير ...
صباح آخر من الحرب اللامنتهية، صباح تتكاثر بهِ أعداد الموتى وتتعالى بهِ أصوات حناجر الأمهات، صباح يتكئ فيه الآباء على الجدران وصلابتهم تهتف قائلة بأنها عاجزة على أن تحمل ألم كهذا، أرى اليتامى تُعاني، وأرى نِساء قد بلغ الحزن بهن ما بلغ من وصف..
__
ألملم شَتات أوراقي وأُلبس قلمي السَواد ليكتب نصًا فصيحًا للوطن المحكوم بأغلال الحروب، نص ينزف دمًا ويحمل رسالة للناس عامةً ولقلوب مفعمة بحب الوطن، أما للخونة فأسفي عليكم.
لن أكتب لشجرة تخون جذعها، ولا أعلم ما ثمن الصفقة حتى يعز عليكم استنكار قضية الوطن لكن أدرك تمامًا أنها خاسرة ..
ما الذي وقع بالأمس؟ ، كم أعداد المُوتى والجرحى؟ ، من أنتصر هذا أم ذَاك! ، وكم أعداد الأسرى؟
كم بيتًا هُدّم، وكم من الناس الذين لا يعلمون عن هذا وذاك وانتهى بهم الأمر أشلاء نتيجة سلاح فتاك أسقطهم أرضًا ونثر دمائهم!
إنها لعنة يا قارئي نصي؛ لعنة لا تغرق أصحاب الكراسي بل شعوبها، وها أنا الآن أحد الغارقين في هذه الحرب ولا أرى سبيلاً للنجاة، لا أرغب في التعريف عن نفسي لستُ بتلك الأهمية الكُبرى، يُوجد بداخلي حزنًا وهذا هو الأهم، هذا هو ما يُرغَب إعلامه للجمَيع، الآن أمكثُ في منزل ليس بمنزل يشَابهُ وطني كثيرًا لا سقف لهُ ولا دفء بهِ.
تتفاوت عليه الرياح من كل اتجاه ، لدَي أطفال يُغرق أضلاعهم صقيع الشتاء القارص و زوجة ارتسم على ثغرها الحزن واجتاحها المشيب مبكرًا ، أما عنَي فلا أعلم ما الذي أصابني تكاثرت أحزاني وأصبحت أتقبل العزاء دون معرفة من المتوفى ، ربما أحد أقاربي أو ربما أنا.
قد وقعت بقعر الحُزن ولم يُلاحقني شيء سوى تلك الأفكار السوداوية وقلم مُشيب بحَب الوطن ، عشتُ فقيرًا لم يغمرنِ أبي بالمال كأثرياء المدينة، لم يُعطِ لقلبي الأهمية الدنيوية كثيرًا ولكنهُ أوصاني بأمرين: الوطن يُصان والرأس لا ينحنِي، وقد بلغتُ من عمري عتيًا ولا أخون تُرابي حتى وإن أصبح عليلاً بل جاهدتُ لأصنه وأغرس ذات الحُّب بأطفالي
إن الوطن لا يُشبع المعدة ولكن يبقى الوطن وطن حتّى وإن تآكلت أطرافك بهِ، حتّى وإن مُت جوعًا، أو حتى مُنتهك الأعضاء ، يبقى وطنًا وإن هاجرته بعيدًا. سوف تجد نفسك قد وضعته وسط حقائبك الكبيرة بجانبِ كتابك ستجد نفسك تحمله بقلبك، إن سرقته سترى شوارع المدن تحمل بصماتك على جدرانها سترى جريمتك بوجوه المارة، وإن قتلت بهِ سيجف الدم ولكن سترى الآثار تُطبع بك على مدار العُمر، لاتُمحَى ، لا يظن أحدكم أن الوطن يُنسى بل يُسجل فقط!
هنالك أشخاص متربصون يكتبون تاريخَ الدولة بصمت:
كم مات بها، كم جاع بها، كم شخصًا مات ظلمًا، هنالك أصابع تُسجل بصمت، لستُ أعلم إذا ما كانت للحربُ نهاية ولكن لطالمَا كان يراودني سؤالاً واحد "متى ؟ "متى سينعم موطننا الدامي ويصبح سالمًا مُكرمًا، متى تُرفع الراية البيضاء تُخاطب بالسلام والحُب، متى يفوح عطر السمسق والسوسن فيما بيننا، و تزهر مسامعنا بالأفراح والبهجة بدلاً من مات أبن فُلان، فُقد ابن فلانة ، متى يا قارئي نصي ؟ متى سنكون كعلكة الفراولة بين ألسن الجميع لا كمِرار الحنظل!
صَباح يناير ...
صباح آخر من الحرب اللامنتهية، صباح تتكاثر بهِ أعداد الموتى وتتعالى بهِ أصوات حناجر الأمهات، صباح يتكئ فيه الآباء على الجدران وصلابتهم تهتف قائلة بأنها عاجزة على أن تحمل ألم كهذا، أرى اليتامى تُعاني، وأرى نِساء قد بلغ الحزن بهن ما بلغ من وصف..
__
ألملم شَتات أوراقي وأُلبس قلمي السَواد ليكتب نصًا فصيحًا للوطن المحكوم بأغلال الحروب، نص ينزف دمًا ويحمل رسالة للناس عامةً ولقلوب مفعمة بحب الوطن، أما للخونة فأسفي عليكم.
لن أكتب لشجرة تخون جذعها، ولا أعلم ما ثمن الصفقة حتى يعز عليكم استنكار قضية الوطن لكن أدرك تمامًا أنها خاسرة ..
ما الذي وقع بالأمس؟ ، كم أعداد المُوتى والجرحى؟ ، من أنتصر هذا أم ذَاك! ، وكم أعداد الأسرى؟
كم بيتًا هُدّم، وكم من الناس الذين لا يعلمون عن هذا وذاك وانتهى بهم الأمر أشلاء نتيجة سلاح فتاك أسقطهم أرضًا ونثر دمائهم!
إنها لعنة يا قارئي نصي؛ لعنة لا تغرق أصحاب الكراسي بل شعوبها، وها أنا الآن أحد الغارقين في هذه الحرب ولا أرى سبيلاً للنجاة، لا أرغب في التعريف عن نفسي لستُ بتلك الأهمية الكُبرى، يُوجد بداخلي حزنًا وهذا هو الأهم، هذا هو ما يُرغَب إعلامه للجمَيع، الآن أمكثُ في منزل ليس بمنزل يشَابهُ وطني كثيرًا لا سقف لهُ ولا دفء بهِ.
تتفاوت عليه الرياح من كل اتجاه ، لدَي أطفال يُغرق أضلاعهم صقيع الشتاء القارص و زوجة ارتسم على ثغرها الحزن واجتاحها المشيب مبكرًا ، أما عنَي فلا أعلم ما الذي أصابني تكاثرت أحزاني وأصبحت أتقبل العزاء دون معرفة من المتوفى ، ربما أحد أقاربي أو ربما أنا.
قد وقعت بقعر الحُزن ولم يُلاحقني شيء سوى تلك الأفكار السوداوية وقلم مُشيب بحَب الوطن ، عشتُ فقيرًا لم يغمرنِ أبي بالمال كأثرياء المدينة، لم يُعطِ لقلبي الأهمية الدنيوية كثيرًا ولكنهُ أوصاني بأمرين: الوطن يُصان والرأس لا ينحنِي، وقد بلغتُ من عمري عتيًا ولا أخون تُرابي حتى وإن أصبح عليلاً بل جاهدتُ لأصنه وأغرس ذات الحُّب بأطفالي
إن الوطن لا يُشبع المعدة ولكن يبقى الوطن وطن حتّى وإن تآكلت أطرافك بهِ، حتّى وإن مُت جوعًا، أو حتى مُنتهك الأعضاء ، يبقى وطنًا وإن هاجرته بعيدًا. سوف تجد نفسك قد وضعته وسط حقائبك الكبيرة بجانبِ كتابك ستجد نفسك تحمله بقلبك، إن سرقته سترى شوارع المدن تحمل بصماتك على جدرانها سترى جريمتك بوجوه المارة، وإن قتلت بهِ سيجف الدم ولكن سترى الآثار تُطبع بك على مدار العُمر، لاتُمحَى ، لا يظن أحدكم أن الوطن يُنسى بل يُسجل فقط!
هنالك أشخاص متربصون يكتبون تاريخَ الدولة بصمت:
كم مات بها، كم جاع بها، كم شخصًا مات ظلمًا، هنالك أصابع تُسجل بصمت، لستُ أعلم إذا ما كانت للحربُ نهاية ولكن لطالمَا كان يراودني سؤالاً واحد "متى ؟ "متى سينعم موطننا الدامي ويصبح سالمًا مُكرمًا، متى تُرفع الراية البيضاء تُخاطب بالسلام والحُب، متى يفوح عطر السمسق والسوسن فيما بيننا، و تزهر مسامعنا بالأفراح والبهجة بدلاً من مات أبن فُلان، فُقد ابن فلانة ، متى يا قارئي نصي ؟ متى سنكون كعلكة الفراولة بين ألسن الجميع لا كمِرار الحنظل!