مستشارة قانونية تهاني العبيدليجرائم غسيل الأموال (2) Money laundering crime
مستشارة قانونية
تهاني العبيدلي
جرائم غسيل الأموال (2)
Money laundering crime
جريمة غسيل الأموال أو تبيض الاموال أو الأموال القذرة وغيرها من المسميات ، هي من الجرائم الاقتصادية الجنائية الموجودة في كثير من الدول، الا ان ظهورها على السطح ، كظاهرة في المجتمع فأنه يدق ناقوس الخطر .
وهذا الخطر الاقتصادي يصاحبه أخطار اخرى على كافة الأصعدة.
جريمة غسل الأموال ، أساسها غسل الأموال المتحصلة من مصادر مشبوهة وتحويلها الى أموال نظيفة مشروعه أو العكس بان تكون من مصدر أموال شرعي وتنفق في عمليات مشبوهة.
وقد استفحلت جريمة غسيل الأموال وتكشفت خيوط مرتكبيها في المجتمع الكويتي، مابين قياديين ومشاهير السوشيال ميديا ومتلقين الرشاوي من مستشارين ومن بعض المشتغلين بالسياسة، ويطلق عليهم PEP و بعض المدراء التنفيذيين بالبنوك ويطلق عليهم FEB فإحالات المتهمين بجرائم غسيل الأموال اليومية للنيابة العامة ، وبأعداد كبيرة ومن مختلف الجنسيات، يبرز حجم الكارثة التي نواجهها، حسابات متضخمة ، مزادات مشبوهة لمركبات وساعات ثمينه، على النت ، فواتير مزورة، عمليات شراء وبيع مشبوهة وراءها صفقات مشروبات كحولية ومخدرات واتجار بالبشر.
والمفارقة الكبيرة ان العقوبة مشددة الا ان من السهولة ان يرتكبها الاشخاص النافذين والعاديين، و لها أثر سلبي وسيء على سمعة الدولة المالية الدولية وتشكل عامل مضر باقتصادها، ومخاطرة بوضعها المالي الاستثماري ،في الداخل والخارج
ولاشك ان أيادي خارجية لها الدور الأكبر في هذا المخطط الشيطاني، وإقحام أشخاص نافذين ومشهورين ( مشاهير السوشيال ميديا من فاشينيستات وغيرهم ) وآخرين من تجار التجزئة ومن يتعاملون باستيراد وبيع الأدوية وتجار الإقامات ( المتاجرين بالبشر) ليختلط الحابل بالنابل ، ويوضح دمار البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وانحلال القيم والأخلاق ، وزعزعة الوطنية في نفوس المواطنين، عندما نتحدث عن جرائم غسيل الأموال، فاننا نتحدث عن مليارات الدنانير ، اتسخت بها حسابات الكثيرين بقصد وعمد، وآخرين بحسن نية وجهل.
و جرائم غسل الاموال الحالية في الكويت تعد اكبر كارثة وتهديد على كافة الأصعدة، يطول الكويت ،ويحتم معالجة القصور التشريعي ومعاقبة الجهات الرقابية المقصرة وتشديد الجزاءات على مرتكبي جرائم غسيل الاموال.
لا شك ، ان المال وان كان غير مشروع فانه يغري الاشخاص الغير محصنين بالقيم والاخلاق والدين، والذين يتملكهم الطمع والجشع، فيحدث ان تزيد التدفقات النقدية في حساباتهم ، بشكل مضطرد وكبير تلحظه البنوك، والجدير بالذكر، ان النظام يكون سقيما، ويفقد ثقة الشعب به حينما لا يراقب تضخم الحسابات، ولا يتخذ اجراءات صارمة بهذا الشأن ، وخاصة اذا خلت الدولة من تشريع يمكّن البنك من التحري عن مصدر تلك الأموال ، ومساءلة الشخص الذي تضخم حسابه ، أو شهد حسابه حركات بنكية مشبوهة،وما نحن بصدده، هو سد الثغرات القانونية، وتشديد العقوبات الأصلية والتكميلية في حال تضخم الحسابات لدى شخص والأساس انه غير مجرم ،ولكن غسيل تلك الأموال وإثباتها بتتبع مراحلها، مجرمة والمصادرة تقع ضمن الاجراءات التي تتخذ حين إثبات التهمة على مرتكبها ، ولا شك ان البنوك وعلى رأسها بنك الكويت المركزي،ليقع على عاتقه الجزء الأكبر في اكتشاف الحسابات المتضخمه فجأة، و ما يصاحبها من عمليات بنكية مشبوهة، وضرورة الابلاغ والرصد والتتبع، والتحري ،ومن الضروري تفعيل الاتفاقيات الدولية في هذا الصدد ولاسيما، في حال الحاجة الى تبادل المعلومات، وتسليم الجناة للمحاكمة.
ولكن مما يستوقفنا، هو لم تستهدف بعض الدول دون غيرها ليتم غسل الاموال فيها ؟
برأيي ، انه للاجابة على تلك السؤال فانه من الضروري التركيز على نقاط تعد ضعفا في النظام القائم في الدولة، وهي كالاتي ؛
١- عدم التقيد بتفعيل و تنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بشكل جدي، والتراخي في تنفيذ أحكامها الى واقع إجرائي وملموس.
٢-ضعف التشريعات والقوانين الرقابية والمحاسبية والمتخصصة في منع ومكافحة الفساد ،وغسيل الأموال .
٣- الوظيفة العامة لتحقيق أرباح ومنافع شخصية، وهو التربح و الإثراء غير المشروع.
٤- الالتفاف على القوانين وإجراءات مكافحة الفساد ، ومن ثم الإفلات من المساءلة القانونية بطرق ملتوية غير اخلاقية.
٥- عدم استقلالية الأجهزة، ومنع الصلاحيات عن موظفيها في إنفاذ القوانين في منع ومكافحة الفساد الذي يكفلان تعزيز النزاهة والشفافية والعدل، ويحققان الردع اللازم.
٦-عدم وجود سجل لتحديد مصادر الإيرادات او المصروفات للأفراد او المؤسسات التجارية غير المدرجة في الكويت.( يشكل معضلة رقابية بعكس تلك المتواجدة في الدول المتقدمة التي لديها أنظمة الضرائب).
٧-عدم وجود مقياس لأوجه صرف الشركات الصغيرة غير المدرجة في بورصة الدولة والتي تراقب من قبل البنك المركزي.
٨-تطور أساليب غاسلي الأموال ،مقابل ضعف التأهيل والتدريب والإمكانات بالجهات الرقابية في الدولة.
كل تلك النقاط هي اغراء لاستغلال الدولة لتكون بؤرة لعمليات غسيل الاموال ، اضافة الى عدة أسباب أخرى ، منها ضرب الدولة وشل مرافقها وتفتيت بنيتها بغية هدمها وهدم السلطة والحكومة، وهو يدخل ضمن جرائم أمن دولة الخارجي والداخلي، ويجب الا نغفل عن جرائم تسبق أو تواكب عمليات غسيل الاموال منها الاتجار بالمخدرات ،والأسلحة والمسكرات ،والبشر وتمويل الحركات الإرهابية.
ولا بد لكل دولة، تحصين نفسها من المؤامرات التي تحاك لها ويستغل معه أفراد الشعب ، لتنفيذ مخططات الأعداء.
فمن الضروري لكل دولة، ان تحدّث منظومتها الرقابية، وتشدد الاجراءات بهذا الشأن ، وان يتم ذلك على أيدي كوادر مدربة محترفة لصد تلك الجرائم وردع الكافة عن ارتكابها، ومن الافضل وجود جهاز حكومي وطني، يتكفل بتلك الجرائم وما يرتبط بها من أنشطة مالية مشبوهة ،مستترة بمشاريع وهمية،او حقيقية ولكنها واجهة قبيحة لعمليات اقبح تدار في الخفاء من خلال شبكات دولية، وذلك بالربط مع البنك المركزي للرصد والتتبع والمراقبة، ومن ثم الابلاغ الاستبقائي ،و الذي يسبق عملية غسل الاموال ، ويحتاج الى تدريب وخبره في اكتشاف بداياتها.
فعلى الرغم من ان البنك المركزي من خلال التفتيش الميداني، على البنوك يصدر جزاءات وتدابير بشأن المخالفات المصرفية المخالفة، من إصدار إنذارات كتابية للمؤسسة المخالفة، مع تقييد المؤسسة بمسك الدفاتر وتسجيل العمليات ،وتقديم تقارير بشان التدابير التي اتخذت لمعالجة المخالفة، بالاضافة الى فرض جزاءات مالية على المؤسسة المخالفة عن كل مخالفة، وتشدد العقوبات في كل مخالفة لاحقة تتمثل في منع مرتكب المخالفة من العمل في القطاع ذات الصلة لفترة تحددها الجهات الرقابية وتصل العقوبة الى إيقاف النشاط او العمل او المهنة او تقييدها او حظرها، كما يفرض على المؤسسة المخالفة، عزل أو طلب تغيير أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الإدارة التنفيذية، او الإشرافية ، وتشدد بإيقاف او سحب الترخيص من المؤسسة بشكل دائم .
ومما نستشفه كحل ناجع للوضع القائم بهذا الصدد، هو ؛
١- ضرورة فرض الضرائب.
نعم ، فبرأيي ان الضرائب ، وسيلة رقابية ناجحةلتتبع تلك الحسابات ومصادر الاموال.
٢-سد الشواغر في مناصب الاجهزة الرقابية.
ولا سيما الاشرافية والقيادية.
٣- يجب على المشرع اضافة قرينة لإثبات العكس بتجريم غسيل الأموال.
٤- مراقبة حسابات المتنفذين ممن يشغلون مناصب قيادية في البنوك وكذلك حسابات المستشارين الوافدين بعقود.
وخاصة ان عمليات غسل الاموال مستمرة وتستحدث أساليبها، و حجم تلك الأموال التي يتم غسلها سنويا حول العالم، تقدر بنحو 2 ونصف تريليون دولار، أي ما يعادل 4 - 5 أضعاف مصروفات الموازنات العامة لدول الخليج مجتمعة، ويشكل هذا المبلغ 3% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهذا الرقم ليس بهين ، وله عواقب ونتائج وخيمة على اقتصادات الدول المتورطة بغسيل الاموال.
وقد سنّت دولة الكويت تشريع قانوني ، يعد حديثا ، يعاقب على جرائم غسيل الأموال ، وهو القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بعقوبات جسيمة تصل إلى 10 سنوات وتشدد إلى 20 سنة إذا ارتكبت من خلال جماعة إجرامية منظمة أو منظمة إرهابية، أو إذا ارتكبها موظف مستغلا سلطته الوظيفية، أو إذا ارتكبت من خلال جمعيات النفع العام،،،،
وأناط القانون جهات محددة للرقابة، ووضع آليات لسير العمل ، وحدد متطلبات إلزامية على الجهة الرقابية ان تتقيد بها ، كما حدد القيمة المضافة لكيانات الأعمال من خدمة تقرير الالتزام بتشريعات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويكون الشخص الاعتباري مسؤولاً عن أية جريمة تنص عليها أحكام هذه المادة، إذا ارتكبت باسمه أو لحسابه.
ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته عن أي جريمة أخرى من جرائم غسل الأموال.
وعند إثبات أن الأموال هي متحصلات جريمة، فليس من اللازم أن يكون قد تم إدانة شخص بارتكاب الجريمة الأصلية.
وتنص المادة (3) من ذات القانون على تعريف جريمة تمويل الإرهاب:
يعد مرتكبًا لجريمة تمويل الإرهاب كل من قام أو شرع بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بإرادته وبشكل غير مشروع بتقديم أو جمع الأموال بنية استخدامها لارتكاب عمل إرهابي، أو مع علمه بأنها ستستخدم كليًّا أو جزئيًّا لهذا العمل، أو لصالح منظمة إرهابية أو لصالح شخص إرهابي.
وتعتبر أي من الأعمال الواردة في الفقرة السابقة جريمة تمويل إرهاب، حتى لو لم يقع العمل الإرهابي أو لم تستخدم الأموال فعليًّا لتنفيذ أو محاولة القيام به أو ترتبط الأموال بعمل إرهابي معين أيًّا كان البلد الذي وقعت فيه محاولة العمل الإرهابي، وتعد مجموعة العمل المالي (FATF) الدولية والتي تأسست في عام 1989 من قبل وزراء الدول الأعضاء في المجموعة.
كون تمويل العمليات الإرهابية ، يشكل أكبر هاجس لدى الدول وأخطرها على الإطلاق.
ودولة الكويت امام تحدي كبير للقضاء على جرائم غسيل الاموال، و قد برز جدية عزم الدولة من قبل صاحب السمو السابق المغفور له الشيخ صباح الاحمد الصباح طيب الله ثراه و صاحب السمو الحالي الامير نواف الاحمد الصباح حفظه الله بإحالة كل متورط بجرائم غسل الاموال ايا كان منصبه أو اسمه.
وهذه الجدية وهذا العزم من حكومة الكويت في القضاء على تلك الجريمة، والتشديد على مرتكبيها، سينأى بالكويت من المحاسبة الدولية عبر الغرامات المالية المليارية، كما حدث سابقا إثر صفقة الداو ! وخاصة ان الكويت لديها ٧ أجهزة رقابية ولديها اجهزة للابلاغ و وحدة تحريات ولكن من المخز ان التنبيه بشان الفساد وجرائم غسل الاموال يأتي ونعلم به من قبل الصحف الأجنبية وبعض المحطات الاعلامية .
ان مؤشر مدركات الفساد قد ارجع الكويت ٧ درجات من ٧٧ الى ٨٥ وهو مؤشر خطير وخاصة مع رؤية الكويت كمركز مالي تجاري خالي من عمليات غسيل الاموال.
ولكن وفقا للإصلاحات التي تمت و باذن الله وعزم الحكومة، ومجلس الامة والأيادي البيضاء من قياديي وموظفي الدولة، أبناء الكويت الشرفاء، يتم الانتهاء من هذا الملف الشائك باتخاذ الاجراءات الكفيلة بتسريع عرض القضايا وإصدار الاحكام فيها وتنفيذها، ولابد من الاشارة الى دور جهاز أمن الدولة الكويتي المعهود بحرفيته، ودقته ونزاهته ، والذي كان له الدور الأكبر بالقبض على المتورطين بجرائم غسيل الاموال والتحقيق معهم ،وإحالتهم الى المحاكم، ولازالت التحقيقات جارية مع العديد من المتورطين بجرائم غسيل الأموال الى لحظة كتابة المقالة.
ستبقى الكويت شامخة و بسمعتها الدولية اللامعة المعهودة ، رغم أنف الخبثاء وسيخيب مسعى الأيادي الدولية القذرة ، الى تسعى الى زعزعة مركز دولة الكويت المالي وعدم استقراره، وستغدو مركزا ماليا وتجاريا، يستقطب الاستثمار الاقليمي و العالمي وتتحقق رؤية ٢٠٣٥ .
تهاني العبيدلي
جرائم غسيل الأموال (2)
Money laundering crime
جريمة غسيل الأموال أو تبيض الاموال أو الأموال القذرة وغيرها من المسميات ، هي من الجرائم الاقتصادية الجنائية الموجودة في كثير من الدول، الا ان ظهورها على السطح ، كظاهرة في المجتمع فأنه يدق ناقوس الخطر .
وهذا الخطر الاقتصادي يصاحبه أخطار اخرى على كافة الأصعدة.
جريمة غسل الأموال ، أساسها غسل الأموال المتحصلة من مصادر مشبوهة وتحويلها الى أموال نظيفة مشروعه أو العكس بان تكون من مصدر أموال شرعي وتنفق في عمليات مشبوهة.
وقد استفحلت جريمة غسيل الأموال وتكشفت خيوط مرتكبيها في المجتمع الكويتي، مابين قياديين ومشاهير السوشيال ميديا ومتلقين الرشاوي من مستشارين ومن بعض المشتغلين بالسياسة، ويطلق عليهم PEP و بعض المدراء التنفيذيين بالبنوك ويطلق عليهم FEB فإحالات المتهمين بجرائم غسيل الأموال اليومية للنيابة العامة ، وبأعداد كبيرة ومن مختلف الجنسيات، يبرز حجم الكارثة التي نواجهها، حسابات متضخمة ، مزادات مشبوهة لمركبات وساعات ثمينه، على النت ، فواتير مزورة، عمليات شراء وبيع مشبوهة وراءها صفقات مشروبات كحولية ومخدرات واتجار بالبشر.
والمفارقة الكبيرة ان العقوبة مشددة الا ان من السهولة ان يرتكبها الاشخاص النافذين والعاديين، و لها أثر سلبي وسيء على سمعة الدولة المالية الدولية وتشكل عامل مضر باقتصادها، ومخاطرة بوضعها المالي الاستثماري ،في الداخل والخارج
ولاشك ان أيادي خارجية لها الدور الأكبر في هذا المخطط الشيطاني، وإقحام أشخاص نافذين ومشهورين ( مشاهير السوشيال ميديا من فاشينيستات وغيرهم ) وآخرين من تجار التجزئة ومن يتعاملون باستيراد وبيع الأدوية وتجار الإقامات ( المتاجرين بالبشر) ليختلط الحابل بالنابل ، ويوضح دمار البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وانحلال القيم والأخلاق ، وزعزعة الوطنية في نفوس المواطنين، عندما نتحدث عن جرائم غسيل الأموال، فاننا نتحدث عن مليارات الدنانير ، اتسخت بها حسابات الكثيرين بقصد وعمد، وآخرين بحسن نية وجهل.
و جرائم غسل الاموال الحالية في الكويت تعد اكبر كارثة وتهديد على كافة الأصعدة، يطول الكويت ،ويحتم معالجة القصور التشريعي ومعاقبة الجهات الرقابية المقصرة وتشديد الجزاءات على مرتكبي جرائم غسيل الاموال.
لا شك ، ان المال وان كان غير مشروع فانه يغري الاشخاص الغير محصنين بالقيم والاخلاق والدين، والذين يتملكهم الطمع والجشع، فيحدث ان تزيد التدفقات النقدية في حساباتهم ، بشكل مضطرد وكبير تلحظه البنوك، والجدير بالذكر، ان النظام يكون سقيما، ويفقد ثقة الشعب به حينما لا يراقب تضخم الحسابات، ولا يتخذ اجراءات صارمة بهذا الشأن ، وخاصة اذا خلت الدولة من تشريع يمكّن البنك من التحري عن مصدر تلك الأموال ، ومساءلة الشخص الذي تضخم حسابه ، أو شهد حسابه حركات بنكية مشبوهة،وما نحن بصدده، هو سد الثغرات القانونية، وتشديد العقوبات الأصلية والتكميلية في حال تضخم الحسابات لدى شخص والأساس انه غير مجرم ،ولكن غسيل تلك الأموال وإثباتها بتتبع مراحلها، مجرمة والمصادرة تقع ضمن الاجراءات التي تتخذ حين إثبات التهمة على مرتكبها ، ولا شك ان البنوك وعلى رأسها بنك الكويت المركزي،ليقع على عاتقه الجزء الأكبر في اكتشاف الحسابات المتضخمه فجأة، و ما يصاحبها من عمليات بنكية مشبوهة، وضرورة الابلاغ والرصد والتتبع، والتحري ،ومن الضروري تفعيل الاتفاقيات الدولية في هذا الصدد ولاسيما، في حال الحاجة الى تبادل المعلومات، وتسليم الجناة للمحاكمة.
ولكن مما يستوقفنا، هو لم تستهدف بعض الدول دون غيرها ليتم غسل الاموال فيها ؟
برأيي ، انه للاجابة على تلك السؤال فانه من الضروري التركيز على نقاط تعد ضعفا في النظام القائم في الدولة، وهي كالاتي ؛
١- عدم التقيد بتفعيل و تنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بشكل جدي، والتراخي في تنفيذ أحكامها الى واقع إجرائي وملموس.
٢-ضعف التشريعات والقوانين الرقابية والمحاسبية والمتخصصة في منع ومكافحة الفساد ،وغسيل الأموال .
٣- الوظيفة العامة لتحقيق أرباح ومنافع شخصية، وهو التربح و الإثراء غير المشروع.
٤- الالتفاف على القوانين وإجراءات مكافحة الفساد ، ومن ثم الإفلات من المساءلة القانونية بطرق ملتوية غير اخلاقية.
٥- عدم استقلالية الأجهزة، ومنع الصلاحيات عن موظفيها في إنفاذ القوانين في منع ومكافحة الفساد الذي يكفلان تعزيز النزاهة والشفافية والعدل، ويحققان الردع اللازم.
٦-عدم وجود سجل لتحديد مصادر الإيرادات او المصروفات للأفراد او المؤسسات التجارية غير المدرجة في الكويت.( يشكل معضلة رقابية بعكس تلك المتواجدة في الدول المتقدمة التي لديها أنظمة الضرائب).
٧-عدم وجود مقياس لأوجه صرف الشركات الصغيرة غير المدرجة في بورصة الدولة والتي تراقب من قبل البنك المركزي.
٨-تطور أساليب غاسلي الأموال ،مقابل ضعف التأهيل والتدريب والإمكانات بالجهات الرقابية في الدولة.
كل تلك النقاط هي اغراء لاستغلال الدولة لتكون بؤرة لعمليات غسيل الاموال ، اضافة الى عدة أسباب أخرى ، منها ضرب الدولة وشل مرافقها وتفتيت بنيتها بغية هدمها وهدم السلطة والحكومة، وهو يدخل ضمن جرائم أمن دولة الخارجي والداخلي، ويجب الا نغفل عن جرائم تسبق أو تواكب عمليات غسيل الاموال منها الاتجار بالمخدرات ،والأسلحة والمسكرات ،والبشر وتمويل الحركات الإرهابية.
ولا بد لكل دولة، تحصين نفسها من المؤامرات التي تحاك لها ويستغل معه أفراد الشعب ، لتنفيذ مخططات الأعداء.
فمن الضروري لكل دولة، ان تحدّث منظومتها الرقابية، وتشدد الاجراءات بهذا الشأن ، وان يتم ذلك على أيدي كوادر مدربة محترفة لصد تلك الجرائم وردع الكافة عن ارتكابها، ومن الافضل وجود جهاز حكومي وطني، يتكفل بتلك الجرائم وما يرتبط بها من أنشطة مالية مشبوهة ،مستترة بمشاريع وهمية،او حقيقية ولكنها واجهة قبيحة لعمليات اقبح تدار في الخفاء من خلال شبكات دولية، وذلك بالربط مع البنك المركزي للرصد والتتبع والمراقبة، ومن ثم الابلاغ الاستبقائي ،و الذي يسبق عملية غسل الاموال ، ويحتاج الى تدريب وخبره في اكتشاف بداياتها.
فعلى الرغم من ان البنك المركزي من خلال التفتيش الميداني، على البنوك يصدر جزاءات وتدابير بشأن المخالفات المصرفية المخالفة، من إصدار إنذارات كتابية للمؤسسة المخالفة، مع تقييد المؤسسة بمسك الدفاتر وتسجيل العمليات ،وتقديم تقارير بشان التدابير التي اتخذت لمعالجة المخالفة، بالاضافة الى فرض جزاءات مالية على المؤسسة المخالفة عن كل مخالفة، وتشدد العقوبات في كل مخالفة لاحقة تتمثل في منع مرتكب المخالفة من العمل في القطاع ذات الصلة لفترة تحددها الجهات الرقابية وتصل العقوبة الى إيقاف النشاط او العمل او المهنة او تقييدها او حظرها، كما يفرض على المؤسسة المخالفة، عزل أو طلب تغيير أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الإدارة التنفيذية، او الإشرافية ، وتشدد بإيقاف او سحب الترخيص من المؤسسة بشكل دائم .
ومما نستشفه كحل ناجع للوضع القائم بهذا الصدد، هو ؛
١- ضرورة فرض الضرائب.
نعم ، فبرأيي ان الضرائب ، وسيلة رقابية ناجحةلتتبع تلك الحسابات ومصادر الاموال.
٢-سد الشواغر في مناصب الاجهزة الرقابية.
ولا سيما الاشرافية والقيادية.
٣- يجب على المشرع اضافة قرينة لإثبات العكس بتجريم غسيل الأموال.
٤- مراقبة حسابات المتنفذين ممن يشغلون مناصب قيادية في البنوك وكذلك حسابات المستشارين الوافدين بعقود.
وخاصة ان عمليات غسل الاموال مستمرة وتستحدث أساليبها، و حجم تلك الأموال التي يتم غسلها سنويا حول العالم، تقدر بنحو 2 ونصف تريليون دولار، أي ما يعادل 4 - 5 أضعاف مصروفات الموازنات العامة لدول الخليج مجتمعة، ويشكل هذا المبلغ 3% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهذا الرقم ليس بهين ، وله عواقب ونتائج وخيمة على اقتصادات الدول المتورطة بغسيل الاموال.
وقد سنّت دولة الكويت تشريع قانوني ، يعد حديثا ، يعاقب على جرائم غسيل الأموال ، وهو القانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بعقوبات جسيمة تصل إلى 10 سنوات وتشدد إلى 20 سنة إذا ارتكبت من خلال جماعة إجرامية منظمة أو منظمة إرهابية، أو إذا ارتكبها موظف مستغلا سلطته الوظيفية، أو إذا ارتكبت من خلال جمعيات النفع العام،،،،
وأناط القانون جهات محددة للرقابة، ووضع آليات لسير العمل ، وحدد متطلبات إلزامية على الجهة الرقابية ان تتقيد بها ، كما حدد القيمة المضافة لكيانات الأعمال من خدمة تقرير الالتزام بتشريعات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويكون الشخص الاعتباري مسؤولاً عن أية جريمة تنص عليها أحكام هذه المادة، إذا ارتكبت باسمه أو لحسابه.
ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته عن أي جريمة أخرى من جرائم غسل الأموال.
وعند إثبات أن الأموال هي متحصلات جريمة، فليس من اللازم أن يكون قد تم إدانة شخص بارتكاب الجريمة الأصلية.
وتنص المادة (3) من ذات القانون على تعريف جريمة تمويل الإرهاب:
يعد مرتكبًا لجريمة تمويل الإرهاب كل من قام أو شرع بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بإرادته وبشكل غير مشروع بتقديم أو جمع الأموال بنية استخدامها لارتكاب عمل إرهابي، أو مع علمه بأنها ستستخدم كليًّا أو جزئيًّا لهذا العمل، أو لصالح منظمة إرهابية أو لصالح شخص إرهابي.
وتعتبر أي من الأعمال الواردة في الفقرة السابقة جريمة تمويل إرهاب، حتى لو لم يقع العمل الإرهابي أو لم تستخدم الأموال فعليًّا لتنفيذ أو محاولة القيام به أو ترتبط الأموال بعمل إرهابي معين أيًّا كان البلد الذي وقعت فيه محاولة العمل الإرهابي، وتعد مجموعة العمل المالي (FATF) الدولية والتي تأسست في عام 1989 من قبل وزراء الدول الأعضاء في المجموعة.
كون تمويل العمليات الإرهابية ، يشكل أكبر هاجس لدى الدول وأخطرها على الإطلاق.
ودولة الكويت امام تحدي كبير للقضاء على جرائم غسيل الاموال، و قد برز جدية عزم الدولة من قبل صاحب السمو السابق المغفور له الشيخ صباح الاحمد الصباح طيب الله ثراه و صاحب السمو الحالي الامير نواف الاحمد الصباح حفظه الله بإحالة كل متورط بجرائم غسل الاموال ايا كان منصبه أو اسمه.
وهذه الجدية وهذا العزم من حكومة الكويت في القضاء على تلك الجريمة، والتشديد على مرتكبيها، سينأى بالكويت من المحاسبة الدولية عبر الغرامات المالية المليارية، كما حدث سابقا إثر صفقة الداو ! وخاصة ان الكويت لديها ٧ أجهزة رقابية ولديها اجهزة للابلاغ و وحدة تحريات ولكن من المخز ان التنبيه بشان الفساد وجرائم غسل الاموال يأتي ونعلم به من قبل الصحف الأجنبية وبعض المحطات الاعلامية .
ان مؤشر مدركات الفساد قد ارجع الكويت ٧ درجات من ٧٧ الى ٨٥ وهو مؤشر خطير وخاصة مع رؤية الكويت كمركز مالي تجاري خالي من عمليات غسيل الاموال.
ولكن وفقا للإصلاحات التي تمت و باذن الله وعزم الحكومة، ومجلس الامة والأيادي البيضاء من قياديي وموظفي الدولة، أبناء الكويت الشرفاء، يتم الانتهاء من هذا الملف الشائك باتخاذ الاجراءات الكفيلة بتسريع عرض القضايا وإصدار الاحكام فيها وتنفيذها، ولابد من الاشارة الى دور جهاز أمن الدولة الكويتي المعهود بحرفيته، ودقته ونزاهته ، والذي كان له الدور الأكبر بالقبض على المتورطين بجرائم غسيل الاموال والتحقيق معهم ،وإحالتهم الى المحاكم، ولازالت التحقيقات جارية مع العديد من المتورطين بجرائم غسيل الأموال الى لحظة كتابة المقالة.
ستبقى الكويت شامخة و بسمعتها الدولية اللامعة المعهودة ، رغم أنف الخبثاء وسيخيب مسعى الأيادي الدولية القذرة ، الى تسعى الى زعزعة مركز دولة الكويت المالي وعدم استقراره، وستغدو مركزا ماليا وتجاريا، يستقطب الاستثمار الاقليمي و العالمي وتتحقق رؤية ٢٠٣٥ .