×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

قراءة في رواية الكاتبة / فليحة حسن " أكره مديـنتي Faleeha Hassan‎‏

imageimage

قراءة في رواية الكاتبة / فليحة حسن " أكره مديـنتي "
‏1‏
أكره .. مدينتي


بقلم الروائية... فليحة حسن


بداية نحن امام عمل روائي متميز لكاتبة وقاصة تملك مفاتيح العمل الروائي وتمسك بها بمقدرة عالية ، الرواية بعد أن تصل لنهايتها تجد أنها


تكاد تكون مضغوطة بإحكام ، وإجادة فلا تشعر أبدا بإسهاب أخذ الكاتبة بعيدا عن أحداث موظفة بعناية في ترتيبها وصياغاتها ، وشخصياتها ،

بل ورموزها .


تبدأ الرواية بلقطة بانورامية واسعة لتضعك مباشرة أمام بطلي القصة وهما توأمين ولدا يتيمين ملتصقين " ذكر ، وأنثي " ( لم تعطهما


الكاتبة أسماء واكتفت لهما بهذينالأسمين) . ماتت أمهما ساعة ولادتهما فكفلتهما الجدة العجوز وهي تودع إمهمالمثواها الأخير ، عانت



الجدة العجوز الفقيرة فهي لا عائل لها ولا أقارب فقدت إبنهاالوحيد في رحي الحرب ولها مجرد جارةوصديقة وفرت لها المساعدة في

تربية الطفلين وساعدتها في كتم سر هذين الملتصقين مناول لحظة ، هي تقيم في دكان يوفر لها مايغنيها عن السؤال ، والدكان من

بابه الداخلي يقود إلي مكان السكني والإعاشة لتوأمين ملتصقين قدر لهمابهذا الألتصاق الأبدي من لحظة ولادتهما أن يسجنا فيه ،

خشت عليهما الجدة من "فرجة الناس عليهما " فكانت هي ، وهي وحدها تملك وسائل الإدراك والمعرفة بكلمايحيط بهما فلم يريا إنسانا


، ولا سماءأ ، ولا أرضا ، أو طير ، او حيوان . مبلغعلمهما بهذه الأشياء ما يرد في حكايات قبل النوم أو ما تستدعي الحاجة التعريف ببعض

هذه الأشياء في وقتها ، ونمضي مع الكاتبة والعجوز والملتصقين رحلتهما عبر مراحلوأحداث تدشن لمعاناة " المعيشة والتربية لتوأمين

ملتصقين" منذ ميلادهما وهما يعبرا مراحل الصبا والبلوغومحاولة الإدراك والتفكير بعد أن وصلا حد الرشد ، وكان أول خطيئة معرفية هي

عصيانالجدة و "الصعود " إلي السطح ليفاجأ [ان هناك سماءا تعلوهما غير السقف ،,انبالسماء سحب ، ونجوم ، وأيضا توجد مخلوقات

أخري مثل الحمام والفئران ، وبشر غير جدتهما وغير صديقة جدتهما "العلوية " التي تعلم سرهما وأدركا مشاعر جديد مثل الخوف ،

والحزن والأالم ،والغضب ، والتوسل والرجاء ، وايضا الفضول اللازم لتحصيل المعرفة و أشياء أخري كانتأقصي ,أقسي ما قد يحتمله عقل

عاش " سجينا " بإلتصاق جسدي مؤبد ، وداخلغرفة لا يدخلها ضوء النهار أوأشعة شمسه ، غرفة مضاءة بالأنوار الصناعية دائما ،غرفة لا

تعرف سوي تجدد الهواء من طاقة ولا شئ غيرها ، ولا يسمع فيها إلا صوت الجدة، وصوت المبتاعين منها والحركة القريبة من الدكان ، هذا

هو عالم التوأمين ، حتيإضافا لهما متعة " كبري " وهي محاولة رصد الأصوات في الشارع ومحاولة رسمالأشخاص وفق ماعلق بالذاكرة

تمضي الرواية تجسد المعاناة الفكرية والجسدية للثلاثة


وتقدم الجدة لأول مرة علي تنقيذ فكرة لم تخطر لهاعلي بال أوحا بها إليها صديقتها ( لماذا لا تفسحي المجال للتوأمين أن يكون لهما

حياتهما الخاصة " فتأخذ مطرقة ومسمارا طويلا قويا وتفتح بهما طاقة صغيرة ليطلبهما التوأمان علي الحياة دون أن يراهما أحد في

محاولة ليكون لكل منهما عالمهألإدراكي والمعرفي الخاص لكل منهما علي حدة ويتحررا من أحد الأسريين أسر الإالتصاقأو أسر السجن

وراء القضبان خشية " فرجة " الناس .


أجادت الكاتبة صحبتها وصحبتنا مع الثلاثة الذين كتب عليهما" الحبس الإنفرادي " بخيار قدري صنعته الكاتبة محاكيا " حبسا" تفرضه علينا

آليات العولمة ، فأصبح لكل منا فتحة خاصة يطل بها علي العالم وهو يظن


أنه بات حرا في كثير من الخيارات .


تحياتي للكاتبة القديرة / فليحة حسن image
 0  0  1088