أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

شخصيات من مدينتي (55) بقلم عبد الحليم احمد الحصيني الشيخ محمد باقر الناصري

شخصيات من مدينتي (55)
بقلم عبد الحليم احمد الحصيني
الشيخ محمد باقر الناصري
هو الشيخ محمد باقر بن آية الله الشيخ عباس بن عواد الخويبراوي الناصري ولد في مدينة الناصرية سنة ( 1350 هـ ــ 1931م ) تربى في بيت علم وتقوى، وقد استقدم له والده مدرسا خاصا للقرآن الكريم من مدينة كربلاء وهو المرحوم السيد مهدي الحكيم، وواصل دراسته في المدرسة المركزية في الناصرية إضافة إلى دراسة العلوم الدينية على يد والده الراحل الشيخ عباس الناصري، وفي سنة 1946م هاجر إلى النجف وسكن في المدرسة الايروانية بمحلة العمارة وكان يسكن فيها جمع كبير من طلبة العلوم الدينية ومن مختلف الجنسيات وكانت بإشراف وإدارة المرحوم الشيخ صادق الايرواني وهناك درس أهم العلوم الحوزوية ، درس المقدمات ثم (درس السطوح ) ولازم جمهرة خيرة من الأساتذة منهم :
الشيخ محمد أمين زين الدين ــ الشيخ علي بن حميد القطيفي ــ الشيخ علي زين الدين ــ الشيخ باقر القرشي ــ السيد محمد جمال الكلبايكاني الهاشمي ــ السيد عبد الكريم الكشميري ــ الشيخ حسن مطر ــ السيد سعدون البعاج ــ الشيخ جعفر ال الشيخ راضي. ثم انتقل لحضور الدروس العالية لدى الإمام السيد محسن الحكيم والإمام السيد ابو القاسم الخوئي ، والشهيد السيد محمد باقر الصدر وكان
محل ثقة المراجع وأعطي الوكالة العامة من قبل السيد محمود الشاهرودي والسيد الحكيم والسيد الخوئي أما علاقته بالشهيد الصدر فقد كانت متميزة وتعود علاقته بالشهيد إلى سنة 1958م وكان الناصري من النخبة التي اكتشفت أهمية ومنزلة الشهيد الصدر وجدارته للقيادة والمرجعية في وقت مبكر من نشاط الشهيد وتحركه وللشهيد الصدر أثره البين في تحرك وتوجه الشيخ الناصري لتنظيم الحوزة وإدخال التعديلات على مناهجها فقد كتب الناصري كتابه ( دراسات في التاريخ الإسلامي ) بأمر من السيد الشهيد وإشرافه كما هو الأمر بالنسبة لدراسات الناصري القرآنية والتي خرجت تحت اسم (مختصر مجمع البيان في تفسير القران) وقدم السيد الشهيد لهذا الأخير بمقدمة تنم عن مدى اعتزازه بقابليات تلميذه وصديقه الناصري، ومن جملة ما قاله : ( .. أطلعني العزيز المعظم حجة الإسلام الشيخ محمد باقر الناصري دامت بركاته على ما بذله من جهد مشكور ونفيس في اختصار مجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ الطبرسي قدس الله روحه الزكية، فوجدته اختصار الرجل العالم، والممارس الخبير، والقرآني البصير الذي عاش مع القرآن الكريم حياته نصا وروحا، وفقها وتطبيقا، واني اسأل المولى سبحانه وتعالى ان يتقبل منه هذا الجهد العلمي الجليل بأفضل ما يتقبل من العلماء الصالحين، ويحفظه حاملا لواء القرآن الكريم وهاديا إليه كما أرجو ان يكون هذا المختصر ــ الكبير بمعناه ــ سببا في تسيير درجة من فهم القرآن الكريم ... )
ومن المعروف ان الشهيد الصدر (قدس سره) أحال على الناصري دراسة جملة من مناطق جنوب العراق والإشراف على حركة التبليغ الإسلامي فيها، واجتهد على ربط كافة وكلائه هناك تحت رعاية الشيخ الناصري وإشرافه. وساهم الناصري مساهمة فعالة في انجاز الإصلاحات التي دعا اليها السيد الشهيد الصدر في تنظيم الحوزة، وتأثر بفكر الشهيد الصدر كثيرا وهو حتى الآن يحمل همومه ويجهر بطرحها في صفوف الحوزات وعلى مختلف الأصعدة.
نشاطه الثقافي العام:
ساهم الناصري بالدعم والكتابة لعدد من المجلات والدوريات الثقافية العراقية مثل: مجلة النجف، مجلة البيان، مجلة الهاتف، مجلة الدليل، مجلة البذرة، مجلة الغري ولدوريات أخرى كثيرة في لبنان والخليج العربي وإيران والهند وباكستان.
وكان من المشاركين الرئيسين بالاحتفالات الإسلامية السياسية التي أقيمت بين (1959 ــ 1961م) في النجف وكربلاء وبغداد والحلة والناصرية، كما نشط في كافة أعمال (جماعة العلماء) عبر منشوراتها ومسيراتها.
ولعل تأسيسه لـ (جمعية التضامن الإسلامي) في 27 كانون الثاني عام 1963م من أهم ملامح نشاطه الثقافي في تلك الفترة، وكان مقرها في الناصرية بينما انتشر أعضاؤها في العراق وخارجه ، وقد تألفت هيئتها التأسيسية من الشيخ محمد باقر الناصري والحاج عبد الرسول محمود وراضي جبر وخماس ضمد وسعد السيد بنيان ونعمه لفته وعوده الناهي وطالب الحاج هاشم وعبد النبي صياح ومحمد حسين الحاج جازع وعبد المجيد القطان وجواد جاسم وخليل ابراهيم وشريف معيوف
ومن أهم أهداف تلك الجمعية تقويم أفكار الشباب وجمع شملهم على الفكر الديني الملتزم.
ومن أبرز أعمال هذه الجمعية إصدارها مجلة (التضامن الإسلامي) وقد استمرت بالصدور من عام 1963م إلى نهاية 1968م وكان لها الأثر البالغ في نشر الثقافة وتنمية جيل الصحوة الإسلامية في مراكز انتشارها، وكان الناصري مسؤولا عنها ورئيسا لتحريرها ومحررا لكلمتها الأولى طيلة تلك السنين، وقد أسدل الستار على هذه الواجهة الإعلامية الإسلامية مع مجيء الحكم التكريتي إلى السلطة، فأغلقت عام 1969م وتعطل بذلك دورها الكبير في التوعية والتوجيه. ومن أعمال الناصري الجديرة بالذكر تأسيس العديد من المساجد والحسينيات وتأسيسه لمكتبة الإمام الباقر العامة في الناصرية ، ولهذا المشروع الخيري دور فعال في بث العلم والوعي في صفوف المواطنين.
كتبه المطبوعة
1 ــ (مختصر مجمع البيان في تفسير القرآن ــ ثلاثة مجلدات الطبعة الأولى ، بيروت ــ دار الزهراء 1980م، قدم له الأمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر) 2 ــ (دراسات في التاريخ الإسلامي، طبع في بيروت 1980م) 3 ــ (مع الرسول الأعظم في حكمه ووصاياه، طبع غير مرة) 4 ــ (مع الإمام علي (ع) في عهده إلى مالك الاشتر (طبع) ثم أعاد النظر فيه وأعاد كتابته وصدر عام 1988 تحت عنوان " على ونظام الحكم في الإسلام ") 5 ــ (محاضرات في الصحوة الإسلامية، ضمت بحوث ألقاها في مؤتمرات عامة في أوربا وأمريكا وكندا وغيرها ، بيروت 1988م) 6 ــ (من معالم الفكر السياسي في الاسلام ــ بيروت 1988م) 7 ــ (الإسلام والتحديات المعاصرة ــ بيروت 1990م) 8 ــ (دراسة نقدية لكتاب قصص الأنبياء ــ تأليف عبد الوهاب النجار، بيروت 1990م) 9 ــ (خلاصة التفاسير، تفسير للقرآن الكريم في خمس مجلدات) 10 ــ (الدين طريق السعادة، مطابع حداد ، البصرة 1957م) 11 ــ (قصتي مع صديق مشكك، بيروت 1965م) 12 ــ (قضايا الساعة، الناصرية 2003م) 13 ــ (المرشد في الحج والعمرة والزيارة ، 2005م) 13 ــ (التفسير المقارن ، 8 اجزاء ) 14 ــ (أهل البيت "ع" في صحاح السنة والجماعة ، 2008م) 15 ــ (خلاصة التبيان في تفسير القرآن ، 2009م)
كتبه المخطوطة
1ــ ( صور دامية من تاريخ الشيعة والتشييع , وبضمنها شرح وتعليق على رسالة أبي بكر الخوارزمي إلى شيعة نيسابور ) 2 ــ ( في رحاب شهر رمضان ، مستوحى من مناسبات الشهر الكريم ) 3 ــ ( المختار من بحار الأنوار ) 4 ــ ( المختار من كلام المصطفى وآله الأبرار) 5 ــ ( الجهاد في نهج البلاغة ) 6ــ ( الوحدة السياسية في القرآن الكريم ) 7 ــ ( في ذكرى الشهيد محمد باقر الصدر ) 8 ــ ( المسلمون بين السلة والذلة )9 ــ ( الخيارات الصعبة في طرح الإسلام مع الكفر العالمي ) 10ــ ( الإمام الرضا عليه الإسلام والحركة الفكرية في الإسلام ) 11 ــ ( الأخلاق في الإسلام ) 12 ــ (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نهج البلاغة) 13ــ (الإسلام والقضية الفلسطينية) 14 ــ (مجموعة، في الوعظ والنصيحة والاخوانيات) 15 ــ (الاخلاق في الاسلام) 16 ــ (الاسلام والتحديات المعاصرة) 17 ــ (التفسير الموضوعي للقرآن)
ولدى اندلاع الثورة الإسلامية في إيران كان من السباقين إلى تأييدها والتفاعل معها ومع من أيدها من علماء العراق وجمهوره المؤمن، فاشتدت المضايقة على الناس وخاصة العلماء فاعتقل أستاذه السيد الشهيد الصدر وضربت الحركة الإسلامية في أحداث رجب المروعة سنة 1979م فسافر إلى العمرة في نفس العام وبقي خارج العراق حتى عودته بعد سقوط الطاغية مباشرة (أي في شهر نيسان عام 2003م)
اختص شعره بالوعظ والنصيحة وهذا بعض ما قال
صـورتــي تـعـكس الحـقيقة عنـي
ومـشيبـي يـحكي بـياض فؤادي
مـا عـرفـت الاحقــاد طيـلة عمري
لـصـديـق كــلا ولا لـلـمـعـادي
لامني عاذلي على الجهر بالنصح
وانـــي لا أتــقـــي حـسـادي
قلت: دعني ففطرتــي واعتقادي
أبـيــا ان أغـض عـــن افـســاد
و(علي) فــي الـخـالـديـن يـنـادي
لا تكفــوا يـا مـعـشــر الـرواد
ــ قــولـة الـحــق لم تـبـق صـديقا
لعلــي ــ وذاك خـيـر الـعـبـاد
وتحملت وزر صـدق لســـاني
وجنانـــي خصومـــة الاضداد
راضيا للذي هدانـــي له الله
وحسبي لـيـوم فـقـــري وزادي
رب رحمــاك ألـف شـكـر وحـمـد
حيث قــومت فطرتي واعتقادي
وله من البنين:
1 ــ محمد جعفر محمد باقر
من مواليد الناصرية عام 1949م 2 ــ محمد مهدي محمد باقر
من مواليد مدينة الناصرية عام 1953م 3 ــ محمد رضا محمد باقر : من مواليد مدينة الناصرية عام 1958م 4 ــ عباس محمد باقر من مواليد مدينة الناصرية عام 1962م 5 ــ يحيى محمد باقر :من مواليد مدينة الناصرية عام 6 ــ اسامة محمد باقر من مواليد الناصرية عام 1973م.7 ــ احمد محمد باقر من مواليد الناصرية عام 1976م
عن رحلة مغادرته العراق يقول:
في صباح يوم 12 رجب 1399هـ / 8 حزيران 1979م، اتجهت الى مطار بغداد وودعت ولدي مهدي وطلبت اليه ان يذهب سريعا للسيد الصدر ويخبره بالحديث والنوايا الشريرة التي يبيتها المجرمون البعثيون، كما طلبت اليه الانتظار خارج المطار ومراقبتي عن بعد لاحتمالات اعتقالي من هناك فلا يقربني بل يذهب ليخبر ويتدبر بقية المحنة. حتى اني افرغت ما بجيبي من نقود واوراق خشية الاعتقال والتفتيش.
واذا اراد الله شيئا هيأ اسبابه. فما ان دخلت حتى لقيني شاب مؤمن من اهل الرميلة اعرفه سابقا بصحبة المؤمنين من طلاب كلية الزراعة وفيهم من اهل الناصرية، واظنه من ابناء السادة الياسريين ، وهو موظف في المطار كمراقب صحي بيطري، ولكن يبدو ان له صداقة وتأثيرا ، فأخذ جوازي وخلال دقائق ختم الجواز وخرج معي ، ولم يمر بي عبر اي جهاز مراقبة النقود او ملاحظة الجوازات والتدقيق، ووصلت بحمد الله الى دمشق ومنها الى مكة المكرمة للعمرة، وهناك عرفت بتلاحق الاحداث واخبار اعتقال السيد الصدر في 17 رجب ، ثم ارجاعه لبيته وفرض الاقامة والمراقبة عليه. وكذلك عرفت بتفاصيل احداث مأساوية كثيرة، من اعتقال العلماء والكثير من ابناء الحركة الاسلامية. وكان من جملة قوائم الاعتقال قائمة بأسماء ثلاثين شخصا من العلماء والمجاهدين، كان اسمي بجملتهم ووضعت قوائم وصور في الحدود والمطارات، فتوجهت عائدا الى دمشق وهناك تلاحقت المحنة واخبار الكوارث من القتل والسجن والتهجير والابادة. وبإلحاح من العلماء والمعارف قررت الاقامة في دمشق ولم يكن يومها احد من العراقيين هناك، الا نفر قليل متناثر. ثم تلاحق المبعدون والهاربون حيث وصل بعد اشهر السيد حسين الصدر والشيخ احمد الوائلي واخرون. وصرنا نلتقي في الفندق العباسي المتواضع في الشام، بالقرب من سوق الحميدية. وفي موسم الحج استطعت الحصول على فيزة، وهناك التقيت بوالدتي وجملة من الارحام والاصدقاء، وكنت اعتقد اني استطيع العودة للعراق والعمل من الداخل.
ولما وصلت الى الكويت في طريق العودة ارسل لي الاخوة من الداخل رسولا يمنعوني من العودة لاشتداد الطلب عليه ولانعدام فرص العمل في مثل تلك الاجواء .
فعدت الى سوريا وشرعت بطبع كتابي تفسير ( مختصر مجمع البيان ) في بيروت ، وتوالت اخبار المحن والكوارث واجتمعنا في الشام مجموعة من المؤمنين في فندق العباسي لرخص اجوره ولكون اصحابه من المسلمين السنة من حماة الذين يتعاطفون معنا ويسمحون لنا بالاجتماع واستقبال الضيوف الكرام .
وبعدها سافر الى ايران عام 1980م وهناك مارس عمله السياسي بصورة واسعة ومنها
1 ــ تأسيس جماعة العلماء المجاهدين في العراق
حيث ألفت لجنة تحضرية من جملة من علماء العراق كالشيخ التسخيري ، والسيد محمد الغروي ، والسيد محمد سعيد النعماني ، والسيد عبد الرحيم الشوكي ، والشيخ مهدي العطار وآخرين ، توصلوا الى ضرورة دعوة من يمكن حضورهم الى مؤتمر لعلماء العراق المجاهدين . وقد دعي له اكثر من مائة عالم عراقي حضر منه في حدود سبعين شخصا توافدوا في مختلف مناطق الجمهورية الاسلامية ، وتم الاجتماع صباح الاثنين الثامن من ربيع الاول عام 1402 هـ ، وكان الاجتماع في بيت السيد محمود الهاشمي في مدينة قم .
ولكن عامة العلماء رحبوا بالفكرة وشرعوا بتسجيل الاسماء وقروا انتخاب هيئة عليا باسم جماعة العلماء المجاهدين ، قوامها تسعة اعضاء اصليين واثنان احتياط .
وفاز الاعضاء بالتصويت السري ، وبضبط دقيق ، فكانت النتائج أن حصل الاعضاء على الاصوات التالية :
1 ــ (محمد باقر الناصري) 2 ــ (السيد كاظم الحائري) 3 ــ (السيد محمود الهاشمي) 4 ــ (الشيخ حسين البشيري) 5 ــ (الشيخ محمد مهدي الآصفي) 6 ــ (الشيخ حسن فرج الله) 7 ــ (الشيخ محمد حسن الجواهري) 8 ــ (السيد محمد باقر الحكيم) 9 ــ (السيد حسين السيد هادي الصدر) 10 ــ (السيد عبد الرحيم الشوكي) 11 ــ (السيد محمد تقي الطباطبائي التبريزي)
2 ــ بدأت مباحثات ولقاءات لتأسيس كيان عراقي آخر انبثق عنه (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق) وبعد مداولات شكلية لوضع نظام داخلي للمجلس في جلسات مشتركة برئاسة الدكتور هادي المسؤول الاول في لجنة العراق وبين الاعضاء المذكورين آنفا تم انتخاب:
1 ــ (السيد محمود الهاشمي، رئيسا للمجلس) 2 ــ. (السيد كاظم الحائري ، نائب للرئيس) 3 ــ. (الشيخ محمد باقر الناصري ، المسؤول العسكري) 4 ــ. (الدكتور ابو احمد الجعفري ، رئيسا للجنة التنفيذية) 5 ــ. (السيد محمد باقر الحكيم ، ناطقا رسميا للمجلس) كما تم مشاركة بقية الاعضاء في اللجان الاخرى . وقد حددت مدة كل دورة بستة اشهر
يقول عن علاقته بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر والحركة الاسلامية
كانت الامة والساحة العراقية والاسلامية تشهد تسارعا في الوعي الاسلامي وتطلعا نحو عمل اسلامي هادف خاصة بعد الحرب العالمية الثانية في 1945م وتكشف نوايا الاستكبار العالمي في الهيمنة على الوطن الاسلامي وتمزيقه في تقسيمه كمراكز نفوذ بين الشرق والغرب وامريكا ، وتنكر الدول الكبرى لكل وعودها وآمال الشعوب المستضعفة ، وهذا ما شخصه المسلمون الواعون قديما ، زاد في ذلك نكبة احتلال الصهاينة لفلسطين وتقسيمها وتمزيق شعبها في جريمة شنعاء شارك فيها كل دول الاستكبار العالمي الشرقي والغربي عام 1948م ، مما دفع المخلصين المسلمين الواعين الى مزيد من العمل والتحرك ، ودعوة الناس للرجوع للإسلام وتحكيمه في البلاد والعباد . واستمر هذا الوعي المبارك يدخل المساجد والمدارس والجامعات كل مرافق الحياة ومجتمعات الامة وكان لهذا التحرك رموز علمية لمع في تلك الفترة شاب عرف بالعلم والاصلاح والتنور الفكري ، وصار يشار له بالبنان بان هذا الشاب من آل الصدر يختزل كثيرا من الافكار والآمال والحلول لمشاكل الامة .
وكثرت في تلك الفترة جمعيات الشباب وندواتهم وتكتلاتهم متلهفين للتزود من الاسلام وللتمسك بأهدافه واهدابه. وتنامت قوى الحركة الاسلامية في الخمسينات واتضحت ابعادها، وبدا التلهف لتنسيق وتجميع هذه القوى والجماعات وصهرها في بوتقة عمل واحد، كان نتيجة التلاحم الواعي بين الشاب المسلم المؤمن الواعي ، وبين بعض العلماء ورموز الحوزة العلمية في النجف الاشرف وبقية المدن العراقية . كما صدرت كثير من الصحف والنشرات الفكرية والاسلامية . وفي صيف عام 1958م او 1959م، نسيت ذلك بالضبط ، فقد لقيني الخطيب الشيخ احمد الوائلي، وكان من رموز الوعي والتحرك الاسلامي آنذاك وله ولإخوانه الخطباء الواعين الدور الكبير في تنمية الوعي الديني والدفاع عن الاسلام، وكانت لي معه صداقه حميمية وتعاون في ميادين التوعية والخطابة تأكدت خلال المد والفوضى التي اجتاحت العراق عام 1958م، فحدثني عن نشاط السيد محمد باقر الصدر وطموحه واهدافه والآمال الكبيرة المعلقة عليه، وشجعني على التعرف عليه واخذ مني موعدا لاستقبال السيد الصدر في بيتي فرحبت بذلك، وشرفني ظهرا بصحبة الشهيد السيد مهدي نجل آية الله الراحل السيد محسن الحكيم قدس سره، ولي معه معرفة سابقة .
وعند تشريف السيد الصدر معه وحديثه معي امتلك علي قلبي واحاسيسي ، ورأيته الرجل المطلوب لتحقيق امال الامة وطموحاتها ، وكنا متفقين على كافة المشاكل والحلول وطرق العمل واساليب التحرك. ثم عرض علي برنامجه التفصيلي بخصوص بناء الحركة الاسلامية المنظمة وتدارسنا ورقة اخرجها من جيبه وسلمها لي . ويبدو انها من نشرات الدعوة الاولى التي كانت تكتب على الورق الخفيف بالكاربون . ووافقتهم وباركت لهم ، وابديت استعدادي للتعاون والخدمة بكل ما اتمكن وتقبلت هديته الكريمة وهي النشرة الحركية ، آنفة الذكر .
الا اني بينت لهم بعض الملاحظات التي تتعلق بعملي العلني وطريقتي العلنية في التبليغ والتحرك وهذا قد يضر بعمل الحركة، ويتنافى مع سرية العمل، وحددت لهم مجالات عملي وتحركي ومساعدتي فوافقني رحمه الله، وكذلك السيد مهدي ، ورتبنا العلاقة بشكل يضمن المساهمة والعمل دون الارتباط العضوي الحركي بخصائصه ولوازمه . واستمر التعاون والتنسيق طيلة عشرين عام على هذا ومثله ولازمته رحمه الله تعالى ، واستمرت الثقة بأعلى درجاتها بيننا كما يعرف ذلك تلاميذه واصحابه ولم افارقه ، ويزداد اتصالي به خاصة بعد تصديه لبحث الخارج في دورته الاولى على ما اظن سنة 1966ــ 1967م في مقبرة المرحوم الشيخ محمد رضا آل ياسين خال السيد الصدر . وكان البحث مقتصرا على ما لا يتجاوز عشرين طالب . ولظروف طارئة لوفاة المرحوم الوالد والحاح العلماء والاخوة في المحافظة تركت البحث وصار اكثر استقراري في الناصرية وتوسعت الاعمال وكثرت المشاريع من المساجد والحسينيات والمكتبات واعمال جمعية التضامن الانسانية والادبية والفكرية ، وذلك عقب وفاة الوالد رحمه الله في 24 ذي الحجة 1387 هـ / 25 نيسان 1967م ، وكانت تلك الفترة تمثل قمة تنامي الصحوة الاسلامية وتحرك الجماهير المسلمة واستلامها تقريبا جميع النشاطات الدفينة من مكتبات وصحف ومواكب وتحركات فكرية اسلامية استوعبت الجامعات العراقية والمساجد والمؤسسات وشعت على كثير من الاقطار
image
image
 0  0  516