×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

(على كيف لحيتك مثلا؟)* *للكاتبة: أ.وفاء جناحي*

*مقال الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٩ م، الموافق ١٤ ذو الحجة ١٤٤٠هـ، العدد : (١٥١١٩)، من عمود (الكواليس) بصحيفة أخبار الخليج*
image

*بعنوان: (على كيف لحيتك مثلا؟)*

*للكاتبة: أ.وفاء جناحي*

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1178970

waffajanahi@gmail.com

*(تحملي تكتبين في هالموضوع)، أقوى جملة تعبر عن الإرهاب الفكري. هناك جيش كبير اعتبروا أنفسهم وصاةً على الدين والعقيدة يمارسون الإرهاب الفكري من نوع آخر؛ إذ إنهم يبحثون بين السطور عن أي تغريدة أو مقال أو فكرة أو حتى خاطرة يحاول أي شخص أن يذكر فيها اسم الله ويبدأون الهجوم عليه.*

*المصيبة ليست فيهم فقط، بل في الناس الذين يخشونهم ويحسبون لهم حسابا أو يبتعدون عما يغضبهم ويعاملونهم كأنهم (أصحاب حق)؛ إذ إنني أسمع من بعض الصديقات والأهل هذه الجمل المستفزة إذا حاولت أن أكتب في أي مسألة دينية أو حين الاستشهاد بآية قرآنية أو حديث نبوي فأراهم يصابون بالهستيريا وكأنما أصابتهم صاعقة، ينصحونني بهلع شديد بالابتعاد عن الكتابة (وكف شرهم).. هل تعلمون ما هي حجتهم؟ حجتهم أنني لست محجبة وذلك يعطي الحق لكل تافه أن يشكك في إيماني وإسلامي!! هل هذا معقول؟ نعم مع الأسف الشديد، فأول كلمة أسمعها روحي تحجبي أول بعدين تكلمي في الدين! وكأن الإسلام محصورٌ في الحجاب فقط؟ من سخرية الموضوع أنني ذات يوم حاولت أن أتكلم بكل تحضر واحترام مع إنسانة منقبة (سادة) الشارع أمام (ساتول) طابور طويل من السيارات لكي تحرك سيارتها، وقلت لها: (حرام عليج الله ما يرضى) أن تتسببي في هذه الزحمة الطويلة لمجرد انتظار ابنتك (ست الحسن والجمال) أن تخرج من المدرسة، فنظرت إليَّ من فوق لتحت عدة مرات ثم ردت عليَّ بكل وقاحة وبرود أعصاب: روحي تحجبي أول بعدين تكلمي عن الله!! شعرت أنني انقلبت إلى وحش كاسر يستطيع أن يقلب سيارتها بيدي، وأخذت أضرب على نافذة سيارتها بكل قوة وأنا أصرخ عليها كامرأة الغابة المتوحشة: اشدخل الحجاب في السالفة وفي وقوفك الغلط في وسط الشارع وتعطيل الناس؟ فعلا يا ناس اشدخل الحجاب في انعدام الأخلاق والذوق العام؟!*

*لم أطلب أو أجرؤ في يوم من الأيام أن أفكر مجرد التفكير في الكتابة عن أي موضوع ديني بشكل عميق، ولكن لي الحق في أن أستشهد ببعض الآيات القرآنية لإثبات صحة وجهة نظري، لم ولن أفتي في أي موضوع ديني، وليس لدي الحق في إلقاء المحاضرات الدينية (أسوة ببعض النساء والرجال الذين ما إن غطوا شعرهم أو طوّلوا اللحية حتى أصبحوا شيوخ دين) بين ليلة وضحاها، من دون دراسة عميقة أو بحث أو تعليم عالٍ. قعدت لنا (المتحجبة جديدا) في أي خلف (عزاء) أو تجمع نسائي وحاضرت المجودين عن عذاب القبر ونعمة الحجاب والدين ورفعت راية إصلاح المجتمع وتحمل واجب تحجيب كل بنات العائلة والجيران والصديقات، وكأنها دخلت الدين الإسلامي منذ زمن الرسول والباقون كفار قريش لمجرد أنهن غير محجبات، (يا عمتي توج حافظة لج جم آية ومو فاهمتها عدل أصلا وياية تنصحين العالم بالحجاب وتفتين في الدين، حرام عليج والله).*

*يرجع الشاب من بانكوك بعد أن تعرض لموقف معين ويقرر أن يتوجه إلى المسجد، وما إن يلتزم ويقصر الثوب قليلا ويطول اللحية حتى يشعر بأنه شيخ دين ويتحول بقدرة قادر إلى داعية يفتي ويجاوب عن أسئلة الأهل والأصدقاء، وكأن اللحية تزرع المعرفة والعلم والدين في مخه تلقائيا كالسحر مثلا! فتراه يعيش الدور ويدخل على الناس يطلب منهم تغيير أسلوب حياتهم ومعتقداتهم وعاداتهم فورا بحجة الحلال والحرام (أنت أمس كنت مثلنا، تلبس، تأكل، تمشي، تسهر وتتكلم عامي مثلنا، اشلون اليوم صرت شيخ دين؟)، تتكلم بالفصحى وتأمرنا بالذي يجوز وتنهانا عما لا يجوز، على كيف لحيتك مثلا؟!*
 0  0  163