×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مديرة التخرير سعاد العتابي

آليات الاتساق النحوي وأثرها في التماسك النصي في النص الأدبي التماسك النصي من خلال أدوات الربط.. قراءة نصية/ إحصائية في رواية "امرأة على قيد سراب" للروائي مصطفى بوغازي. بقلم: داود سلمان الشويلي

image




آليات الاتساق النحوي وأثرها في التماسك النصي في النص الأدبي
التماسك النصي من خلال أدوات الربط.. قراءة نصية/ إحصائية في رواية "امرأة على قيد سراب" للروائي مصطفى بوغازي. بقلم: داود سلمان الشويلي


هل الكلام المكتوب يتبع الكلام المنطوق، أم أن الكلام المنطوق هو الذي يتبع المكتوب؟ فهل هذه إشكالية قائمة في اللغة العربية وفي الكثير من لغات العالم، خاصة بوجود لهجات عامية كثيرة في لغة أي مجتمع؟
في لغتنا العربية الفصحى والمتفق عليها بيننا نحن العرب، فإن الكلام المكتوب يتبع الكلام المتفق عليه عربياً على أنه لغة عربية فصحى، ولم يتبع الكلام المنطوق، لأن ما منطوق من كلامنا هو اللهجة العامية لكل تجمع سكاني يبعد عن الآخر بمسافة تجعل اللغة، أو اللهجة، متغيرة إلى حد ما، أي يتغير اللحن لمفرداتها، أو تتغير بعض مفرداتها لفظاً أو معنى.
ولما كان الكلام المنطوق تضم لغته، أو لهجته المحكية، مجموعة من أدوات الربط والوصل ، فحتماً تكون الكتابة أيضاً تضم مثل هذه الادوات .
والكتابة هذه في بعض الأحيان تترك مثل هذه الروابط ، وتهجرها ، لأنها تريد أن تقلِّص، وتختصر ما تكتبه ، حالها حال الكلام المنطوق الذي يأتي عرض الخاطر في اختصاره، وتقليل ألفاظه .
***
كانت وما زالت، على الرغم من شبه انطفاء لها، المناهج النقدية التي تعالج النص الأدبي تعتمد الأحكام القيمية، ثم ظهرت بعدها قبل أكثر من خمسين عاماً في أوروبا، ثم في الوطن العربي، المناهج النصية التي تحلل النص الأدبي، وإيجاد القواعد العلمية التي تتحكم به. وبعيدا عن "عقدة الخواجة" نقول إن العرب قبل ألف عام قد درسوا النص من داخله، وحللوه، ووجدوا ما كان يضمه. ولا أريد هنا أن أكتب بحثاً تنظيرياً عن الدراسات اللسانية في النقد القديم على المستوى العربي، أو في الوقت الحاضر، وكذلك عن أحد عناوينها الأساسية وهو "الاتساق" على المستوى الأوربي والعربي كذلك، لأن ألكثيرة من الدراسات والبحوث قد كتبت ونشرت عنه. وكذلك فإن المقام لا يتحمل مثل هذا البحث، لأن الدراسة هذه دراسة تطبيقية عن "الاتساق النصي" في رواية" امرأة على قيد سراب" ، للروائي الجزائري مصطفى بوغازي.
***
في درس لسانيات النص اهتم اللغويين كثيراً في دراسة الجملة والنص، وقد أخذت الجملة اهتماماً كبيراً من الباحثين والدارسين لأنها، ومن بعدها النص، لا يمكن دراسة المعنى منفصلا عن سياقه اللساني ابتداء منها، للوصول إلى معرفة كیفیة تماسك بناءه الكلي، والوصول إلى معناه.
وقد اهتمت لسانیات النص بدراسة "الاتساق والانسجام" ،حيث إن الاتساق يتعلق بالجوانب التركيبية داخل الجملة لنصل إلى النص، فيما الانسجام يتعلق بالجوانب الدلالية له .
و"الاتساق" يعني ترابط الجمل في النص مع بعضها البعض بوسائل لغوية معينة، وقد عني الدارسون بهذه الوسائل/ الروابط ، وهي:
1. الإحالة والمرجعیة.
2 .الاستبدال.
3 . الحذف .
4 . الوصل العطف.
5. الاتساق المعجمي.
وقد درس نقادنا القدماء هذه الأدوات كما عند القزويني في "الإيضاح في علوم البلاغة"، وعبد القاهر الجرجاني في "دلائل الاعجاز" وغيرهما.
ولما كانت الجملة مقولة تركيبية، والترابط علاقة دلالية، أي أن الترابط هذا يحيل الى الدلالة ، فإننا في هذه الدراسة سندرس ترابط الجمل في الروايةهذه، فيما نترك الى وقت أخر العلاقات الدلالية، أي الإنسجام في النص.
والأدوات هذه التي تربط الجمل بعضها البعض صنفت عند الدارسين إلى صنفين، هما:
أولاً: ما يفيد إشراك الجملة اللاحقة بالجملة السابقة، مثل أداة "الواو" وهي من حروف العطف، وتربط الجمل العديدة فيما بينها.
ثانياً: الأدوات التي تربط الجمل بعد تحديد نوع العلاقة التي بينهما، مثل "الفاء"التي تفيد الترتيب من غير تراخ. و"ثم" التي تفيد الترتيب مع التراخي . و"أو" التي تفيد تردد الفعل بين أمرين وتجعله لأحدهما. و"حتى" التي تفيد الغاية. و"لكن" التي تفيد الاستدراك .و"بل" التي تفيد الإضراب. وغيرها من الأدوات. وقد اعتمدنا في هذه الدراسة الأدوات هذه المذكورة هنا من دون بقية الأدوات الأخرى مثل الضمائر، وأسماء الإشارة، وغيرها، لكي لا تطول هذه الدراسة.
هذه الادوات وغيرها لا تربط الجمل فيما بينها ربطا مجانياً بل هي تربط الأفكار والرؤى والصور، لكي يكون النص متماسكاً وكاملاً.
***
في رواية "امرأة على قيد سراب" للروائي الجزائري مصطفى بوغازي تبرز لنا أدوات الربط بين الجمل كما في العيّنة التي اعتمدناها في هذه الدراسة. وقد أتاحت لنا دراسة هذه العيّنة الكيفية التي كان يفكر بها الكاتب أثناء كتابته للرواية، وكذلك معرفة تماسك النص الروائي.
وكعينة للفحص أخذناها من الرواية، حيث إستقطعنا منها جزء من الصفحة/ 8 - إلى الصفحة /22، أي من الكلمة الأولى فيها إلى آخر كلمة على صفحة 22، فكانت العينة من(تدانى الربيع مسرعا، فقد كان الشتاء ممطرا، وظلت قمة الجبل تحتفظ ببقعة من الثلج، يعكس تمازج بياضه بزرقة مشعة)) إلى ((حيث خطت سطرا تحت تاريخ معين لتعود أول إلى الصفحة الموالية بعد كتابة عبارة " يتبع".1977)) ، فأصبحت هذه عيّنة للدراسة هذه.
***
فمن مجموع كلمات الرواية البالغة (289, 20)، و فقراتها البالغة (236) فقرة، إستخدمنا 6 9 1 , 2 كلمة و 41 فقرة. وقد استخدم الروائي بكثرة أداتيّ الربط: "الواو"، و"الفاء"، في هذه العيّنة، على الرغم من استخدامه لأدوات أخرى لكن بنسب قليلة. والدراسة تجد أن الروائي كان أكثر اقتصاداً في استعمال بقية الأدوات لكون الرواية هذه تتطلب منه –بوعي منه أو بدونه- أن يستعمل تلك الأدوات بحذر تام. وهذا ليس معناه أن الرواية خالية من بقية الأدوات التي تحدثنا عنها في فقرة الوسائل اللغوية.
وقد توصلت الدراسة أن في هذه العينة قد استخدمت مجموعة من الروابط المذكورة في الجدول أدناه
جدول ادوات الربط المستعملة في العينة :

و أو أي أم بل بعد الفاء حتى لكن هكذا لعل ثم الفقرات مجموع الكلمات
141 9 3 صفر 1 10 35 4 2 1 صفر 2 236 9 8 2 ,0 2

***
إن هذه الدراسة هي دراسة وصفية / إحصائية أريد منها أن تحصي في النص عدد استخدامه لأدوات الربط، وتصفها، لكي تصل الى الهدف المرجو منها، وهو الوصول إلى رواية متماسكة أن كان من خلال هذه الأدوات أو ألأدوات الأخرى التي لم نتطرق لها خشية أن تكون هذه الدراسة طويلة جداً على صحيفة يومية.
لقد استخدم الرواي في العيّنة التي استخدمناها في الدراسة أدوات كثيرة، وهناك أدوات أكثر منها مبثوثة على طول النص، والغاية المرجوة من دراسة هذه الروابط هو الوصول إلى نص مترابط ومتماسك بهذه الأداة أو تلك، لهذا تجد الدراسة هذه المعتمدة على عيّنة مأخوذة من نص رواية (امرأة على قيد سراب)، لهذا خرجت الدراسة بنتيجة مفادها أن هذا النص هو نص مترابط ومتماسك، فضلاً عن استخدام الروائي للغة بصورة مقتصدة وموجزة، تختلف عن كتابات أسلافنا كما وصلنا منهم من كتب ودراسات.
جدول الأدوات المسنخدمة في العينة و عددها ونوعها:
الأداة العدد نوعها
و 141 الوصل الإضافي
أو 9 الوصل الإضافي
أي 3 الوصل السببي
بل 1 الوصل العكسي
بعد 10 الوصل الزمني
الفاء 35 الوصل السببي
حتى 4 الوصل الإضافي
لكن 2 الوصل العكسي
هكذا 1 الوصل السببي
ثم 2 الوصل الزمني


استعمل الروائي أدوات الربط الإضافي بكثرة جداً. إذ كان مجموعها يساوي 156 مرة، فيما استخدم أدوات الربط السببي بما مجموعه يساوي 39 مرة. وأدوات الربط الزمني بما مجموعه يساوي 12 مرة. وأدوات الربط العكسي بما مجموعه 3 مرات .
وهذا الاستخدام يعود إلى أن الروائي " بوغازي" كان في روايته هذه يجمع جملتين أو أكثر، أو بعض الجملة، أو أسماء لبعضها البعض، أو أشخاص عديدين، أو أشياء مختلفة ومتعددة، إلى بعضها البعض أكثر مما يفعل ببقية الأدوات ليخرج نصه أكثر ترابطاً وتماسكاً.
أما استخدامه لـ "فاء" فكان بسبب أن الجمل التي استخدم فيها هذه الأداة هي جمل وردت بسبب الجمل التي سبقتها. والأداة "هكذا"، والأداة "أي".
والأداتين "بعد" و" ثم " فقد كان ورودهما قليلاً جداً.

image



إن رواية " امرأة على قيد سراب" قد حفلت بأدوات الربط هذه ، إلّا انها كانت في الوقت نفسه اقتصادية في استعمالها، وهذا مرده إلى أنّ الروائي، بوعي منه أو بدونه، كان متأثراً بكتاباتنا الجديدة التي كانت مقتصدة في اللغة على خلاف الاقدمين الذين كان إسرافهم واضح وبين في تلك الأدوات، خاصة أداة "الواو".
 0  0  2020