إحساس عابر.. قصة قصيرة.. بقلم: أميرة بوغازي/ الجزائر
إحساس عابر
رذاذ وصقيع بارد تتصلب له شراييني… كتمت أنفاسي وخنقت كلماتي، تسمرت في مكاني وألفيتني أتراجع خطوت إلى الوراء رامية دميتي… لم أكن أدرك يومها أني بترت نصفي بسكينة قاطعة وتركت مع تلك الدمية نصفي الأخر بوجه ملاك وملامح براءة يسكنهما طموح. نعم رميتها بلا تردد وعيناي تتعلقان بها، ونفسي مشدودة إليها فقد كانت أعز ما أملك،هي حضني الدافئ ومخزن أسراري وتقرأ عيني في حوار صامت وأنا أداعب جدائل شعرها بمشط ليس لغيرها، كنت غير مكترثة وأنا أسرع إلى غرفتي أحملق في جدرانها بكل تيه فقد باتت في نظري تصماميم لمكان زائف أشبه بساحة قرابين ذبحت فيها طفولتي بلا رفق. كنت أبكي بحرقة عصفور عجز عن أن يدفع أذى تربص به، في لحظة ابتهاج ينتف جناحيه على مرأى منه، ليزيده آلما ووجعا ويسد أمامه كل بارقة أمل لأن يحلق في سماء تفاؤل… بكيت حتى جفت عيناي من دموع ظلت تنهمر بسخاء، فلم بعد سني الملائكي يرفل في عزه فقد استلت روحه وجردت معانيها… استيقظت ذات صباح على صوت خطوات قاسية ووقع قدمين يضربان بنعليهما الأرض… كانت غير مؤلوفة هرعت لتوي أتفقد دميتي فلم أجدها، رحت أبحث لكن بدون جدوى “تراك أين أنتِ ماريتا… !” امشي في رواق أحدق في تلك الوجوه الغريبة تبدو عليها علامات صارمة وبأس…نظرت من أعلى الدرج فرأيت حشودا من الناس تتلفع في لباس اسود قاتم على ألسنتهم أسئلة غريبة لم أتذكر منها اليوم إلا قليلا… “أهذه هي سيليا” المسكينة ستشرد لا أدري كيف ستتحمل هذا” لم أتحمل التي سكنتها استفسارات مؤجلة تخوض في مصيري الآتي وراء حجب الغيب… أكثر الكلام لم أدرك معانيه، ولم تستوعبه مداركي في ذلك الوقت…. يتقدم رجل غريب فيه من البشاعة ما يجعلني أخاله وجها مقنعا في حفل راقص للشياطين، فأسرع هاربة إلى غرفتي أتعثر بين كل خطوة وأخرى لتجدني أفقد توازني، ثم أحاول القيام من جديد و اختبئ خلف ستار كريستالي شفاف، ارتجف تصطك أسناني ببعضها كمسنن رحى طاحونة هوائية أدارت الرياح دواليبها بعنف، في لحظة ارتجاف ظننت انه كفيل بحمايتي رغم هشاشة هذا الستار وشفافيته، راحت يداي تسد فمي وعيناي شاخصتان، أرهف السمع إلى خطوات تقترب فتمزق صمت المكان في تواتر منتظم مع وقعها، تتسارع نبضات قلبي ويكاد يقفز من قفصه، ما إن فتح الباب حتى أغمضت عيني و صرخت… -“بنيتي، لا باس أن أغلقت عينيك سيريحك هذا أكثر فقط أردت أن أسالك أن كانت هذه دميتك وجدتها مرمية بالقرب من الحديقة…” فتحت عيني بحرقة نظرت إليها وبإيماءة واحدة أخبرته أنها ليست لي وربما هي لم تعد لي.