قراءة حول رواية "للعشق جناحان من نار" لـ.. منى الصراف. بقلم: طالب زعيان
.. للعشق جناحان من نار ..
تمتلك الكاتبة منى الصراف ثروة لغوية وبلاغية حيث استطاعت من خلالها ان تستخدمها استخداما موفقا في روايتها للعشق جناحان من نار.
نجد ذلك أولا في العنوان حيث عملت على تقديم الخبر (للعشق) على المبتدأ (جناحان) والتقديم كما هو معروف يأتي لصور بلاغية أو من ضمن قواعد اللغة العربية من باب التوكيد والاهتمام والتخصيص والأهمية للخبر، ومما تعني كلمة للعشق عند الكاتبة اهمية كبيرة فأعطت لها سمة التقديم ليكون عنوانا مميزا وملفتا للقارئ، ولم يقصد هنا الصراف بأن العشق فقط للحبيب بل لكل شيء عشق الوطن عشق الأرض الأم والأولاد بل لكل شيء جميل فلا بد أن يكون ذلك العشق مصحوبا بنار قوية لكي يصل إلى مبتغاه فالوصول إليه ليس أمرا سهلا..
الصراف أجاد أيضا في كيفية استخدام أدوات الاستفهام في المواضع التي يحتاجها لازالت الإبهام والاستفسار عن أي شيء ما، وكل أداة تفتح عدة أسئلة متشابكة ومترابطة مع الأحداث
مثل هل والهمزة وكيف وأين ومن…… وغيرها.
في هذا الحوار المتصاعد بالصراع مع النفس ومع الآخرين في الحالتي النفسية والفكرية عند الشخص أو عامة البشر وعن المكان والزمان المتغيرين في الرواية فنجد استفهاما تصديقيا وتصوريا واستفهاما متضمنا معنى النفي والتعجب بإجابات مختلفة بنعم.. لا.. أجل.. بلى…. وذلك ما يقتضيه السؤال والصراع القائم..
هناك أوجه مختلفة بين الإيجاب والسلب وكل طرف له نقيض في المقابل يعمل على عكسه بنفس القوة يحاول التغلب على الآخر….
لكن الصراف استطاع كيف يوازن بينهما وأخذ الأمور بعقلانية رغم الاختلاف الكبير الحاصل بينهما مستخدما الطباق في البلاغة وهو الجمع بين لفظين متضادين مثل.. (خير. شر) (حق. باطل) (يقين. شك) (حب. كراهية) (نور . ظلام) (أمل. يأس) (ربح. خسارة) (فرح. حزن) (حياة. موت) (جمال. قبح).
إضافة إلى ذكر أفعال عدة يدل عدم استقرار الأمور فأنها متجهة نحو الغليان فالأفعال تدل على التحول والتغيير السريع عكس الأسماء تدل على ثبوت الأشياء.. مثل
وقف. أخذ.. تأمل… فرح … حزن.. عمل.. فكر… نام.. يشكو… شاهد..ترك…ذهب.. عاد..رأى ……. وغيره
أيضا نجد صورة أخرى من البلاغة وهو التشبية لكونه صورة بلاغية جميلة تؤدي إلى إيضاح المعنى مع الإيجاز والاختصار ومما يعطي للنفس من أنس وكشف كل شيء مخفي وهو ما يعبر عنه الرماني بقوله: إخراج ما لم تجر به العادة إلى ما جرت به العادة، وإخراج ما لا يعرف بالبديهة إلى ما يعرف بها.
فأعطى الصراف في روايتها نصيبا كبيرا للتشبيه وأركانه وأداة التشبية يدل على قوة الصراع الداخلي في الرواية مما يزيد إلى قوة الكلام وترابط الجمل فكل شيء في الأحداث يحتاج إلى شبيه وذلك ما يعانيه شخوص الرواية ولاسيما العاشقان علاء وبدور من حالة قلق وخوف وعدم استقرار نفسي على حبهما الذي أصبح لهما شيء مقدس لا يمكن لأحد المساس به …..
فمن هذه الصور الجميلة في التشبية منها
أسنانها كأنها صفوف لزهور الإقحوان ناصعة البياض
……
صوتها كما الموسيقى ينساب من شفتين ورديتين كأنهما كرز شهي
….
كانت نظراتها كانهما ومضات برق تخترق قلبيها شوقا
….
أخذت الرمال تضرب وجهه كأنها إبر أدمت جبينه وخديه
….
وانسدل شعرها الأسود الطويل في الهواء كأنه أرجوحة
…..
بان على وجه بدور الذبول كأنها وردت علقت بمسمار أمامه
…..
امرأة جميلة قوامها كأنه عود مياس وعيناها لوزيتان تجمعت جميع الألوان فيها
….
صدرها محلى بثديين كأنهما تفاحتان
…
أصبح المادر ككرة تتدحرج في ارض القاعة من شدة الآلام
*********
اتمنى للكاتبة الموفقية والإبداع….. والقادم أجمل…
طالب زعيان ….