من مسلسل مبدعين في تاريخ العراق الحديث بقلم رياض المحمداي

من مسلسل: مبدعين في تاريخ العراق الحديث.
بقلم رياض المحمداوي:

رحيــــــل نخلــــــــة بصــــرية مثمـــرة.

تتساقط اوراق النجوم من شجرة الابداع العراقية العملاقة بصمت في زمن يقف فيه الابداع على حافة المجهول. بالامس ودعنا نجمنا محمد جواد اموري واليوم نودع مبدع اخر من مبدعين العراقي والمجتمع البصري.

انــه الفنــــان البصـــري الكبيــر الملحن والموسيقي (مجيــــــد العلــــــــي ..
في ذمــة الله ..

رحل الفنان الكبير مجيد العلي بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز الثمانيين عامــآ
قضاها مجيد العلي في ربوع البصرة الفيحاء وقدم لها للساحة الفنية الكثير من الاعمال الموسيقية والالحان من الاغاني والاوبريتات واسس الفرق الموسيقية الفنون الشعبية البصرية ودرس في معهد وكلية الفنون الجميلة واهتم بالتراث البصري وواكب على مشاركة الفرق الفنية البصرية في المهرجانات والمحافل الدولية والعربية .فكان له الفضل الاكبر في انتشار الوان البصرة الفنية التراثية ومماتحمل من خصوصية فنية تراثية غنية فريدة في العراق ومنطقة الخليج العربي.
وقد اشتهر بأغنيته الجميلة (يا بو بلم عشّاري), التي غنّاها الراحل فؤاد سالم بصوته العذب, تلك الأغنية التي تحولت إلى أنشودة شعبية شجية ترددها الحناجر المنتمية إلى ضفاف شط العرب واحبها العراقيين والعرب واحيتها الفرق الموسيقية في الاأعراس والافراح .
الفنان مجيد العلي عرفناه فنانآ متميزآ وعازف متمكن على آلتي العود والكمان, وملحن مبدع من الرعيل الأول, الملتزم بقواعد الفن العراقي الأصيل.

ولد الفنان الكبير مجيد العلــي في محافظة البصرة عام 1933, وأكمل دراسته الابتدائية في مدرسة (كردلان) في التنومة, وأكمل المتوسطة والثانوية عام 1956 في الإعدادية المركزية في العشّار. تعلم العزف على آلة الكمان على يد شقيقه الأكبر (فرحان), وتعلم كتابة النوتة الموسيقية في مدينة الفاو على يد الفنان الأيرلندي (داولنك), وهو أول من أسس فرقة نادي الاتحاد الموسيقية (1953), وأسس فرقة نادي الميناء الموسيقية (1960), وأسس فرقة نقابة الموانئ الموسيقية (1971), وفرقة نقابة الفنانين (1974) وقد أسس وترأس فرقة البصرة للفنون الشعبية (1976), وأسس وترأس فرقة تلفزيون البصرة عام (1983), ومن أعضاء جمعية الموسيقيين العراقيين. وعضو في نقابة الفنانين العراقيين. وعضو الهيئة التحضيرية لنقابة الفنانين في البصرة . وهو معد ومقدم البرنامج التلفزيوني (مواهب من الجنوب) والذي كان امتدادآ لبرنامج اصوات شابة الذي قدمه الموسيقار فاروق هلال. وقدم العلي البرنامج التلفزيوني (عالم النغم), وشارك في المهرجانات الموسيقية في روسيا, وتونس, وألمانيا, والجزائر. ودول عدديده من اجل نشر التراث الفني الشعبي البصري.

عمل محاضراً لمادة الموسيقى في معهد الفنون الجميلة بالبصرة, وخبيراً موسيقياً, ومحاضراً في كلية الفنون بالبصرة, وارتبط بعمل وبصداقات حميمة مع مجموعة من الفنانين العراقيين والعرب. نذكر منهم: محمد القبانجي. ويوسف عمر. وناظم الغزالي. وجبار عكّار . وسعدون جابر. وداخل حسن. وأحمد الخليل. وعارف محسن. ورياض أحمد. وفاضل عواد. و ياس خضر. ورضا علي. والهام المدفعي. ووديع الصافي. وفهد بلان. والموسيقار أحمد الحفناوي. وكارم محمود. وصالح الحريبي. وعوض دوخي. وعازف الناي محمود عفت. وجميع الفنانيين والملحنيين العراقيين.

لحن أوبريت (نيران السلف), وأوبريت (أفراح الموانئ), و أوبريت (دواغ الفرح), و أوبريت (هبط الملاك في بابل), ومسرحية (الأميرة القبيحة), ولحن عشرات الأغاني والقصائد, وله مجموعة كبيرة من المؤلفات الموسيقية. غنى له فؤاد سالم, وعارف محسن, ونوفل عبد الجليل, وعبد الجبار البصري, وحبيب الدوركي, وغنت له ذكرى, وسهى, وأمل خضير, ومائدة نزهت.

رحم الله استاذنا الفنان الكبير مجيد العلي النخلة البصرية الاصيلة التي لازالت واقفة
في بصرتنا الفيحاء تنشر ظلال سعفها على تنومه والعشار وابوالخصيب والابلة وابو فلوس وعلى الفاو وشط العرب الذي عشقه العلي وانشد له الاغنيات .وعلى جميع اهل البصرة الذي احبهم واحبوه وعمل المستحل لكي يكون للبصرة والبصريون مكانآ وموطيْ قدم في جميع المحافل الفنية والموسيقية المحلية العربية والدولية.
رحل مجيد العلي جسدآ ولم ترحل روحه التي تدور في ازقة البصرة القديمة وعلى شواطيء العشار وهي تغني (يابــو بلــم يابــو بلــــم عشاري .الشوك اخذنــي ابو
بلـــم وتيه علــه افكــاري .

سيبقى صوتك على ضفاف شط العرب يصدح كلما جاء الغروب وكلما هب نسيم الصباح
يسمعه الساهرون والعاشقين ويسمعه المهموم ويسمعه الصيادون الذين ينشدون انغامك فتحمله الريح فيطرب له نخيل البرحي فيشارك بسعفه العزف وتراتيل الوفاء.

رحم الله مجيد العلي النخلة البصرية المثمرة برحمته الواسعة وادخله فسيح الجنان
ولك منا نحن العراقيين السلام.يامن ترقد في سلام.

g