أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
ناريمان علوش

ندوة عن الشعر المعاصر في لبنان

كتبت الإعلامية كلود صوما


// في دار الندوة بدعوة من دار ناريمان للنشر والتوزيع
الشاعر مردوك الشامي جال في الأمس واليوم وقفز إلى المستقبل ، ووضع حجر أساس لنقد محب وبناء ، بلغة فيها حكمة وشعر كثير.//
لأول مرة أحضر نشاطا ثقافيا في دار الندوة منطقة الحمرا ..، وأثق أنني شعرت بانتماء وحميمية إلى موقع ثقافي عمره يمتد على ثلاثين سنة من الندوات والأمسيات والمعارض والمحاضرات الفكرية.
بدعوة من دار ناريمان للنشر والتوزيع اجتمع حشد كبير من أهل الشعر والثقافة والاعلام حول الشاعر والإعلامي الصديق مردوك الشامي محاضرا حول" الشعر المعاصر في لبنان غوص في العمق أم ركوب موجة".
الشاعرة والإعلامية الصديقة ناريمان علوش قدمت المحاضرة ، مرحبة بالحضور ومتحدثة عن الشعر ومفهومه وقيمته للحياة ، ثم استعرض مردوك الشامي خلال 50 دقيقة ، الحركة الشعرية في لبنان من الستينيات وكل ما أثير ولا يزال يثار من صراعات حول الأشكال والمدارس الشعرية .
تحدث عن مفهوم الشعر ، والشعرية ، مستحضرا مقولات للجاحظ وابن سينا وابن رشد وصولا إلى أدونيس وآخرين ،ليضع بصمته ورؤيته للشعرية ومما قاله :
" أنا ارى الشعرية أكثر شموليةً واتساعا من حصرها بالشعر والأدب واللغة وجمهوريات القواميس واللهجات المختلفة ، ومدائن الغبار.
هي شاعرية اللامكان ،واللازمان، واللا لغة حتى..
هي جمرة المعنى ، وانكسار ضوء الدهشة في ماء الغموض..
هي هذا الومض الذي نلتقطه من القصيدة، ومن الحديقة، ومن ترحال الكثبان .. وتناغم الموج ، أليست زقزقة العصفور لحظةً شعرية فاتنة ؟.. لكن أي لغة تقدر على تدوين زقزقة العصفور؟.
أليس العطر المنبعث من تويجات الوردة قمةَ الشعرية ، هاتوا لي لغة قادرة على تدوين العطر؟.وكتابة الضوء ، ورسم النغم!.."
وتابع حديثه عن الشعر في لبنان والشعراء الذين غاصوا في العمق وتركوا الأثر الإيجابي لمن جاؤوا من بعدهم :
"لبنان شهد أكثر من سواه كل تلك المعارك والصراعات ، وكان أكثر من غيره تأثرا وتأثيرا فيهما الايجاب وفيهما السلب..
وثمة شعرٌ كثير لشعراء حفروا عميقا وغاصوا بعيدا في المعنى والشعرية وتركوا آثارا ولا يزالون ، غنيةً وقائدة ،وهؤلاء من بينهم شعراء يكتبون بالوزن والقافية ، وشعراء يكتبون التفعيلة ،وشعراء يكتبون بالمحكية وشعراء يكتبون القصيدة النثرية ..وشعراء يجمعون الأساليب كلها معا ..
وإذا تجاوزنا الأثر الكبير الذي تركه إيليا أبو ماضي، جبران خليل جبران، خليل مطران، الأخطل الصغير بشارة الخوري ،وآخرون وصولا إلى سعيد عقل ،فنحن نتعرف على شعراء معاصرين ينتمون إلى الشعر الموزون غاصوا عميقا ودوّنوا تراثا شعريا لافتا ومغايرا من بينهم جوزف حرب ، وغسان مطر، وكمال خير بك وخليل حاوي ومحمد علي شمس الدين ، وشوقي بزيع ، وجورج جرداق ، وحسن عبد الله وباسمة بطولي ، وجودت فخر الدين ، وطارق ناصر الدين ، وباسم عباس ومصطفى سبيتي وجورج شكور وعماد قاروط ، ومهدي منصور ،ولامع الحر وأنور سلمان، وناهدة الحلبي ، وهدى ميقاتي، وكثيرون سواهم " ..
ثم انتقل إلى شعراء النثر وتحدث عن رموز تركت اثرا :
" ونتعرف أيضا على شعراء حداثيين مؤسسين للحداثة الشعرية ليس في لبنان وحسب بل في العالم العربي ، من بينهم جماعة "خميس شعر" يوسف الخال ، وأنسي الحاج ، وشوقي أبي شقرا ، وأدونيس ،وشعراء أخرين مثل فؤاد رفقة ، وفؤاد الخشن وبول شاوول ، ووديع سعادة ، عباس بيضون ومهدي عامل ، بالإضافة إلى شعراء كثيرين حملوا راية الحداثة وأضافوا لها الكثير من الارتفاع والرفرفة ، حمزة عبود ، نعيم تلحوق ، أحمد فرحات، عقل العويط ونهيد درجاني ، اسكندر حبش، الياس لحود، بسام حجار، بلال خبيز، جاد الحاج، جمانة حداد ، كامل صالح ،هدى النعماني ،جوزيف صايغ، جوزيف عيساوي ، حسين نصرالله، و غيرهم كثير.
مع الإشارة وهذا للحقيقة ، أن غالبية من ذكرتهم ، كان لديهم ارتفاعات وانخفاضات في نتاجهم ، فالكمال ليس متاحا لأحد.
وإن دخلت لعبة تدوين الأسماء ، فسنكتشف أنني ضيعت أسماء المئات من الشعراء الآخرين .
وأنا لست بمعرض التعداد ، ولا التقييم ، بل أعمد إلى توصيف حالة شعرية لا أكثر.."
ثم تحدث عن القصيدة المحكية ورموزها :
" وإذا تحدثت عن القصيدة المحكية اللبنانية ، فأنا أتوقف أمام شعر مؤثر وجماهيري وغوّاص في الكثير من تجاربه وشعرائه الكبار والمحدثين ..
للمحكية غوايةٌ وسحرٌ ، وإدهاشٌ ، هي في كثير منها تمتلك ليونة التناول لأقسى الموضوعات ،وهي الأقدر على الوصول ، شرط أن تكون شعرا كما نعرفه ونراه ، لا مجرد زجل أو شروقي ، ويا ميجنا وزوالف يا بو الزلف.. مع احترامي لتلك الفنون وأصحابها أجمعين..
سعيد عقل كتب المحكية بجودةٍ وإتقان تماما كما كتب الفصحى ، وكذلك ميشال طراد ، ويونس الابن ، طلال حيدر ، عصام العبد الله ،موريس عواد و ألبير حرب ، حبيب يونس ، زياد عقيقي ، مارون أبو شقرا ، جرمانوس جرمانوس ، إبراهيم شحرور ، رفيق بركات ،وقزحيا ساسين إياد أبي علي ، الياس زغيب ،سليم علاء الدين وإميل فهد ، وغيرهم كثير كثير ، وما كتبوه شعر حقيقي كما أفهمه أنا ، لو طبّقنا عليه مقاييس التأثير والإبحار عميقا."
وفي السياق ذاته هَجمَ على مدرسة المحكية قوّالون ومدعون كما في الفصيح ، واختلط الحابل بالنابل ..
وخص الشامي في محاضرته الوضع الراهن للشعر في لبنان متحدثا عن بيروت قبل ثلاثين عاما قائلا:
" بيروت قبل ثلاثين عاما كانت شعريا أكثر نضجا ، كانت بؤرةَ حراك لا يتوقف ، كانت بيروت دورَ نشر ، ومطابعَ ، ومنتدياتٍ ومواقعَ تختص بالثقافة وحدها والأدب ، مجلاتٍ متخصصة ، ملاحقَ ثقافية ، صفحاتٍ ثقافية ، وشعراء في مواقع المسؤولية عن تلك المنابر ..
كان الفضاء واسعا يستوعب التجارب كلها ، النثريون لهم مواقعهم ، والوزّانون كذلك لهم مواقعهم وجمهورهم ..يصدر ديوان شعر ، فنتلقفه ونحتفي به ، إمّا في لقاء الجمعة الثقافي عند العزيزين سحر وسعيد طه ، أو في هذا المكان العريق دار الندوة ، أو المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ، أو مسرح المركز الروسي ، او النادي الثقافي العربي ، كان هناك حضن متخصص يضم الشاعر وقصيدته ، كان معرض الكتاب السنوي يقام في الصالة الزجاجية في الحمراء ، مكانٌ ضيق قياسا للموقع الذي يقام فيه اليوم ، لكنه استضاف نزار قباني ، وعبد الوهاب البياتي ، واحتضن محمود درويش ، وسميح القاسم وشعراء عربا غواصين وجماهيريين شكل حضورهم ذاك التلاقح الشعري النبيل والمؤثر.
فجأةً الملاحق الثقافية أغلقت ، الصفحات الثقافية تحوّلت إلى صفحات للفن أو الإعلان ، المراكز الثقافية أفلست ، وأغلقت أبوابها ، تخيلوا أن يُكتب في بطاقة الدعوة لهذه الندوة "دار الندوة قرب عقيل اخوان !...
وقرب بربر أيضا ، الثقافة لم تعد شاخصة دالة ، ولا نقاط علام بارزة .. والشعراء لم يعودوا نجوم زمانهم ، هذا زمنٌ الشهرة فيه للفقاعة ، هيفا أكثر شهرة من أدونيس ، أبو عصام في باب الحارة يعرفه الملايين وقلة يعرفون المتنبي ، أو عباس بيضون أو شوقي بزيع... والقياس على ذلك كثير!. .."
ثم تابع الحديث عن الواقع المعاش اليوم للشعر والشعراء:
"الطابع الاستهلاكي طغى على كل تفاصيل الحياة ، لكن الشعر ثقب الحائط ، بحث لنفسه عن مواقع بديلة ، البعض يقول من المعيب أن يقرأ الشاعر قصائده في مقهى أو في مطعم؟..
ومن المعيب أن يختلط صوته بقرقعة الكؤوس ودخان النراجيل .. ياجماعة ، لنهمس ولو بحرقة : تيتم الشعر ، لهذا يبحث عن عوائل بديلة ، وأين العيب في أن يجتمع محبوه وعشاقه في مواضع تلم شتاتهم ، المكان ليس مهما ، طالما القصد هو الاجتماع حول الشاعر ونصه.
ويصرخ البعض لقد تسرب كثيرون إلى مقام الشعر ..
وأين العيب في أن يدخل إلى بيت الشعر كثيرون ، وأن يطبع كثيرون وكثيرات مجموعات شعرية ليست بمستوى الكبار .. ألم يبدأ الكبار صغارا ، ألم يتأثروا بكبار سبقوهم ، فلماذا الاعتكاف لدى البعض ،ولماذا النزعة الفوقية ، ولماذا لا يؤثرون بكل هذا الجيل القادم من شاعرات وشعراء ، أو فلنقل عنهم عشاق شعر؟..
العيب أن نتكاذب ، وننافق من أجل تكريس فقاعات عابرة ، وأن نسفح الألقاب على من لا يستحقها فعلا ، وأن نرفع على الأكف من يستحقون الصفع بها.
ورغم ذلك نشهد اليوم نشهد حركة شعرية كبيرة ، نشهد تأسيس منتديات ، وولادة ملتقيات بلا حصر ، ونشهد حركات ثقافية ناشطة ، تتوزع على كامل الخارطة اللبنانية ، أنا أعتبرها ظاهرة صحية تماما ، كلها تشترك في استعادة الشعر وجلب الناس إليه ، ربما لا يكون الأداء سليما لدى بعض تلك الملتقيات ، وربما نلمس تسرّعا وارتجالا في بعضها الآخر ، لكن أن نجمع شبابنا حول لهب القصيدة ، أليس أفضل بمليون مرة من جمعهم في المراقص وعلب الليل ودفعهم إلى التلاشي في الهذيان؟.
الشعر غواية وجذبٌ ، فلماذا لا نستغل جاذبيته في جذب الجميع إليه ؟..
حتى وسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك وسواها ، بات تجنيدها ممكنا لمصلحة الشعر ، وليس عيبا أن تنتشر القصائد في أثير الافتراض.
اليوم وهذا عاينته عن قرب ، نحظى بسماع أصوات شعرية شابة فيها نضج وغوص حقيقي ، وليست موجة عابرة ..
نسمع مارون محولي في المحكية والفصحى يؤسس لقصيدة فاعلة ، نسمع حنان فرفور المدهشة ، فيفيان ريبالدي المليئة حكمة، أسيل سقلاوي الأثيرية عبارة وحضورا، رولا ماجد المتمردة الجسورة، ناريمان علوش اللماحة والمتجددة ،ليلى الداهوك ،عناية زغيب ، جميلة عبد الرضى ، نجوى حريق ، محمد قاسم ، زينب حمادة، ريتا حاتم، جانيت قاصوف وكثيرين وكثيرات ، لن يتأخر الوقت ليحفروا بصمتهم وينافسوا على المقدمة..
وطرح في نهاية محاضرته ما يشبه الدعوة الموجهة لكل المنتديات والملتقيات الشعرية :
لماذا لا يكون هناك تعاونٌ جدي وعملي بين كل تلك المنتديات ، طالما هدفها جميعا نصرة الشعر والشعراء؟.
لماذا لا يتأسس مجلسٌ واحد لكل تلك المنتديات يتم خلاله وضع خارطة طريق شعرية تؤسس لنهضة جادة وحقيقية كي لا يضيع الصوت سدى؟..
الشعر أساسا حالة صدق ، تخيلوا لو نعيشها جميعا ، عندها ستكون القصائد غوّاصة ، تنقبُ في الضمائر وتكتب للناس ، وتؤسس للأمل ، وتساهم في صناعة حياة جديرة بأن تعاش.
الشعر المعاصر في لبنان ، غوصٌ في العمق ، وكثير من موجات عابرات وكثيرون من راكبي الموجة ،وهذا موجود في كل مكان ، لكنه يبقى في لبنان تأسيسيا ، فاعلا ، وقادرا على إحداث الفارق الحقيقي ، بين الصمت والصراخ.
الفرصة متاحة للجميع لكي يساهموا في بناء قصيدة للحياة ، وكذلك في تشييد حياة تليق بالقصيدة .. فلتكن الدعوة مفتوحة للجميع من هذا المنبر ، وهذه المؤسسة ، كي نبدأ معا كتابة ديوان الشعر الذي يغوص عميقا ويؤسس ويؤثر، وأدرك أن كثيرين من راكبي الموج دون احتراف ، سيتساقطون على الهوامش التي لن تبقى مقفلــــة ."
محاضرة قيّمة فعلا ، جال فيها مردوك الشامي في الأمس واليوم وقفز إلى المستقبل ، ووضع حجر أساس لنقد محّب وبناء ، بلغة فيها حكمة وشعر كثير.
ناريمان علوش قدّمت مبادرة رائعة حين قدمت الفرصة لأصحاب المجموعات التي تنتظر الطبع ، لطبعها على نفقة الدار ، وفزت أنا بالقرعة ، وهذا يضعني أمام مسؤولية ، أن أسرع بتحضير مجموعتي وتقديمها للنشر في أسرع وقت...
حاولت ان اختصر الكلام عن هذه الندوة الرائعة و المفيدة ، عّلنا نشهد و نشارك في مثيلاتها في القريب ..

image
image
image
image
image
image
image
image
image
image
image
بواسطة : ناريمان علوش
 0  0  711