الشاعرة مها العتيبي.لاخبار الخليج الشعر الوجداني بمعناه الواسع، للحب والإنسان أينما وجد
الشاعرة مها العتيبي.
حاورها: علي الستراوي
الشاعرة الأديبة السعودية الدكتورة مها العتيبي للثقافي:
أن تكون في حوار تتمنى أن لا ينتهي، يعني ذلك أنك انجزت حلمًا كنت تحلم به، وهذا ما قادني لحوار الأستاذة والشاعرة الدكتورة السعودية مها العتيبي التي فتحت قلبها قبل اي شيء لترحب بما تطرقت إليه من اسئلة اثرتها في الحوار والتي بدورها الشاعرة الدكتورة مها العتيبي قد فتحت عبرها كوى واسعة في الحلم، متطرق عبر الحوار إلى العديد من قضايا الأدب واشكاليات البعد التربوي في منجزها الثقافي والتي بدورها الشاعرة الأديبة كانت برحابة صدرها قد تفاعلت معي متطرقة إلى العديد من الهواجس والأحلام في مشروعها الأدبي الثقافي التي اصرت عليه بفعل رأت فيه ما لم يره الآخرون، فكان هذا الحوار:
*- قبل أن اتطرق لاي حديث عن تجربتك الشعرية هل من الممكن ان تقرأي لقرائك من هي الدكتورة مها العتيبي؟
- مها محمد العتيبي ولدت ونشأت بمدينة مكة المكرمة، شاعرة، أصدرت خمسة دواوين: مقام (2017) / تشرين والحب والأغنيات (2016م) / لوعة الطين (2014م) / عرائس الحب (2010م) / نقوش على مرايا الذاكرة (2009م).
تخصصت في الأحياء في مرحلة البكالريووس، وكانت الماجستير والدكتوراة في المناهج وطرق تدريس العلوم وكذلك دبلوم في علوم الحاسب تخصص حاسب تطبيقي.
*- وانا اتابع سيرتك الادبية والعملية استوقفني دورك التربوي في مجال التدريس وعلاقاتك التربوية فمن هو اسبق؟ الشعر أم رسالة التعليم؟
- الشعر بدأ معي منذ الصغر مع الدراسة ولم يكن هاجسًا ملحًا وقتها، أما التعليم فهو مهنة جاءت بفعل التخصص.
*- منذ متى تكتبين الشعر؟
- البداية الأولى كانت منذ نهاية المرحلة الابتدائية كتبت قصيدة في وصف المطر، لم تكن ناضجة بالتأكيد لكني استخدمت أبياتها في مادة التعبير المدرسي ونالت استحسان معلمتي دون ذكر أن هذه الأبيات لي. ومن ثم بعد ذلك في فترة الدراسة كن أكتب قصائد صغيرة من شعر التفعيلة وحتى المرحلة الجامعية كتبت مقطوعات من الشعر العمودي ثم نشرت عدد قليل من القصائد في ملحق صحيفة عكاظ الشعري، وبدأت أدرك حينها أن ما كتبته هو شيء من الشعر لأن القصائد نشرت في ملحق ثري بالثقافة والشعر ونشرت من دون تعديل، فأعطاني ذلك الثقة الأولى بما اكتب.
في تلك الفترة جمعت قصائدي في مجموعة مخطوطة كديوان أول وأسميته «قراءة في وجه الصمت»، وفي عام 2005م كانت بدايتي الحقيقة مع الشعر، والكتابة حيث بدأت بالنشر والكتابة في المنتديات الأدبية حينها أصبح الشعر هاجسًا، وبدأ لدى الاهتمام بالقصيدة وباللغة وبالقراءة المكثفة، وحاولت أن أكتب ما يمثلني أسلوبيًا وفكريًا، حينها تخليت عن مجموعتي المخطوطة الأولى لأني وجدتها لا زالت محاولات بسيطة وغير ناضجة، فالشعر تكثيف ولغة تأتي بالكثير من الإخلاص له وبالكثير من المعرفة والدربة، والتي تشكل في مجملها نواة التجربة الشعرية الأولى، وفي عام 2009م نشرت ديواني الأول «نقوش على مرايا الذاكرة»، جاء في معظمه متضمنًا قصائدي في الفترة من 2005م – 2007م
*- اي الرسائل انت تعنين بها في مجالات كتابة القصيدة؟
- أكتب الشعر الوجداني بمعناه الواسع، للحب والإنسان أينما وجد بما يتضمنه من عاطفة، ولغة تناسبه، لا أثقل قصيدتي بكاتبات تقريرية أو ألفاظ معجمية إنما أحاول ان التمس الايقاع في سهولة اللغة وفصاحتها وحداثتها، والتنوع في الصورة الشعرية.
*- لكل شاعر حكاية ينطلق منها فما حكايتك التي تقودك نحو الكتابة؟
الحكاية هي الإنسان، أكتب عن الإنسان وله، عن الحب في معناه الجمالي والذي ينافي القبح والتعالي، عن الحياة الأجمل والمشاعر الأنقى، الشعر لغة الجمال الذي يقود للحب في معناه السامي، والإنسان هو الذي يعمر الحياة بالحب.
*- المرأة في المملكة العربية السعودية خاضت العديد من الأدوار التي ساهمت بها في بناء مجتمعها وكونك امرأة هل أحسست انك مقيدة وان مشوار رسالتك الثقافية عالق بمشجب القوانين الوضعية ما دعي من رسالتك ناقصة؟
- كانت الأوعية الثقافية في الماضي محدودة والتي من خلالها تستطيع المرأة السعودية إبراز إنتاجها الإبداعي والأدبي، لكن في السنوات الأخيرة، تنوعت الأوعية الثقافية، وجاء دور المرأة المثقفة الواعية التي تستطيع أن تقدم منجزًا إبداعيًا، يمكنها أن تسلك الطريق إلى ذلك ليست هناك من قيود لكونها امرأة، أحيانًا قد لا تجد المرأة التشجيع الكافي، ولكن ليست هناك محاذير أو منع المجال مفتوح للجميع رجالاً ونساء، ومتى ما كانت المرأة مخلصة لمنجزها ومشروعها الإبداعي ستصل إلى ذلك.
*- أي المجالات بعد الشعر تستهويك؟
- الموسيقى/ الرسم
*- الرجال في حكاية المرأة رسالة أم وفاء أم كل ما تحبه المرأة فيه؟
- الرجل في حكاية المرأة هو الشريك نصف يكمل نصفه، لا أحمّل الرجل رسالة أو مسؤولية أو أن يكون مصدرًا للحب والحنان والوفاء أو بالمقابل المرأة تكون هي المصدر لذلك بل هو شريك معها.
*- ما هي الطقوس التي تسبق كتابتك للقصيدة؟
- ليس هناك طقوس محددة، القصيدة هي التي تقودني للكتابة، رومانسية الشعراء وتكلفهم لأجل الكتابة أعتقد أنها فكرة قديمة، أنا انسانة عادية لا أتكلف في حياتي لأي شيء أعيش بتلقائية اللحظة ومتى ما جاءت القصيدة قادتني لكتابة الشعر.
* - لو قلت لك كوني ناقدة فماذا تجيبين؟
- ممكن أن اكون في بعض المواقف، دراستي الأكاديمية في الدكتوراة كان جزء كبير منها في فلسفة المنهج ونظريات المناهج الحديثة في العالم، وكانت مبنية على عدة جوانب معرفية بحثية ومنها النقد والتحليل والمقارنة واستخلاص النتائج، وبناء النماذج الجديدة، لو سحبت هذه المعرفة على مجال آخر مثل الأدب قد تنطبق هذه النظريات إلى حد كبير، وأنا ناقدة لكتاباتي في المقام الأول واتجهت مؤخرًا للقراءة النقدية في المجال الأدبي لغرض الفائدة الشخصية في الكتابة وتدعيم لتجربتي الشعرية ومواكبة الاتجاهات الشعرية الحديثة.
*- الزمن هو المفصل العمري والحركي في مجالات انشغالاتنا اليومية في الحياة فما تقييمك للزمن في ظل انشغالك اليومي؟
- الزمن هو العمر وهو الحياة أظل أنظر للزمن بأنه ليس همّا مقلقًا، لا أكترث كثيرًا بحسابات الزمن، البداية في كل شيء هي العمر الغض وهي الشباب، متى ما وجد الإنسان بأنه أصبح غير قادر على العطاء، هنا ارتهن لقيد الزمن وأصبح هاجسًا يتحكم بحياته وسلوكه.
*- هل فكرت في كتابة الادب الروائي في ظل ما نقرأه يوميا عن انخراط الكثيرات والكثيرين في هذا المجال؟
- الفكرة مطروحة ولكن التنفيذ مستبعد على الأقل في المرحلة الحالية، وقد جاءتني بعض الآراء من القراء والمتابعين من «أنك تجيدين الوصف في القصيدة، لماذا لا تتجهين لكتابة الرواية» حاليًا لا أود الخوض في هذة التجربة لسببين: أولاً أنا مخلصة لكتابة الشعر كثيرًا من ناحية ومؤمنة بالتخصص من ناحية أخرى فالروائي المتمكن من حبكة السرد ومن تقنية الكتابة الروائية ستكون تجربته الروائية أنضج من شاعرة تقتحم مجال الرواية لذلك فالأمر ليس ملحًا بالنسبة إلي.
*- وهل ترين ان الاصوات الجديدة تستسهل الكتابة في مجالات الرواية؟
- لست متابعة جيدة لما ينشر من الروايات الجديدة ولكن اطلعت على عدد من الروايات والتي تعتمد على اللهجة المحكية بشكل أساسي وأعتقد أن هذا النوع من الروايات يسيء للرواية والأدب بشكل عام وفي تشكيل ذائقة المتلقي خاصة الشباب منهم.
لكن متى ما كانت هذه الأصوات الروائية الجديدة تكتب باللغة الفصحى وتطرح من خلالها رؤيتها الروائية فأعتقد أن الزمن والقارئ كفيلان بفرز الجيد منها وهو ما سيكتب له الاستمرار والبقاء.
أنا أحترم وأشجع أي شاب أو كاتب أن يبدأ بفعل الكتابة أن يكتب والكتابة ستحمله بعد ذلك مسؤولية الصقل والتمحيص لما يكتب ألا يعتمد على آراء الآخرين فقط بل يعي ما يكتب ويتقبل النقد ويطور هذه التجربة.
*- يشتكي الكثيرون من السرقات الادبية وبالأخص في محيط النشر الالكتروني فكيف تردين على من يسرق جهد الآخرين دون حياء؟
- هؤلاء يحبون أن يمدحوا بما لم يفعلوا، ولكن مع الوسائل الحديثة أصبحت عملية بحث كافية لكشف المدعين.
* - لكل أديب سلم يصعد من خلاله نحو البحث المضني فما هو سلمك نحو الوصول لرضى الآخرين؟
- أن أكون كما أنا من دون مجاملة للآخرين وفي المقابل احترم كثيرًا الذائقة العامة والوعي الجمعي لمجتمعي المحلي والعربي.
*- لو قلت لك قربي القارئ من الحراك النسوي في مجالات الثقافة في بلدك بمن تبدئي؟
- أبدأ بعدد من الشاعرات السعوديات اللاتي كانت لهن بصمتهن الواضحة في شق طريق البدايات والشاعرات اللاتي ساهمن أيضًا في رسم خريطة للصوت النسائي السعودي في العالم العربي مثل: ثريا قابل وديوانها اوزان باكية، رقية ناظر، ثريا العريض، د. مريم بغدادي، سلطانة السديري، أشجان هندي.
*- في زمن الوجع بماذا تحلمين؟
- أن يكون الحب أدنى. أن يغتسل العالم بالضوء ويلتحف الحب ويغني.
* - ماذا تعني الحرب؟
- الحرب وجه العالم البائس.
قال محمود درويش «الحرب: تهدم مسرحيتنا لتلعب دون نص أو كتاب.. والحرب: تثقب ظلّنا لتمرّ من باب لباب»
* - وماذا يعني لك السلام والحب؟
الشاعر خلق لأجل السلام ولأجل الحب..
كما قال نيرودا «إنّ الشعر لهوَ دومًا فعل سلم، إن الشاعر يولد من السلام كما يولد الخبز من الدقيق».
* - الناقد في مجالات الادب هل وجد في تجاربك الادبية وعند من نقف من النقاد؟
- اهتم بما يكتبه المتلقون والأصدقاء والأدباء والنقاد من تعليقات على قصائدي في صفحتي بالفيس بوك وأدرك معنى أن يكون هناك رأي نقدي مهم يقودني للتشبث بالشعر ومحاولة أن أسعى دائمً لتطوير تجربتي الشعرية.
* - من خلال اطلاعي على بعض قصائدك رايت انك تكتبين في مجالين ان لم أكن اخطأت، مجال الكتابة في قصيدة القافية والثاني مجال القصيدة الحرة فأي الالوان أكثر حبا الكتابة فيه؟
- أكتب قصيدة الشطرين وقصيدة التفعيلة قصائدي البيتية أكثر عددا من قصائد التفعيلة، ولكن القصيدة هي التي تأخذني لكتابتها وغالبًا لا أحدد نوع القصيدة التي أريد كتابتها ضمن دائرة الإيقاع الشعري للقصيدة.
* - لو سألتك عن هذه الاسماء فبماذا تجيبي.. أشجان هند - بديعة كشغري - سعدية مفرح - احلام مستغاني - محمد العلي، غازي القصيبي؟
- أشجان هندي: تعجبني تجربتها في الشعر العمودي قدمت الشعر النسائي السعودي للوطن العربي والعالم.
بديعة كشغري: تتميز بلغتها الشعرية وقصيدتها الحديثة.
سعدية مفرح: لها تجربتها الشعرية في القصيدة الحداثية، كذلك انشغالها بالكتابة والإبداع.
احلام مستغاني: أتقنت الكتابة عن المرأة وللمرأة.
محمد العلي: شاعر ومفكر ورائد من الشعراء المجددين.
غازي القصيبي: أيقونة الشعر السعودي المعاصر، غازي والشعر تجربة عريضة وثرية وعى جيلنا عليها شعرًا وإلقاء.
*- يقال وراء كل رجل امرأة بماذا توحي لك هذه العبارة من منظور فلسفي؟
- أن يكون أمام كل امرأة رجل، هم يقولون أن الرجل لا يصل إلى مجده إلى في وجود امرأة في حياته كانت سببًا لهذا الوصول، فدفعته لذلك وأيضًا قد يقود الرجل بوعي أو من دون وعي المرأة لتكون ما تريد وهذه ايضًا احتمالية واردة.
* - على مستوى دورك الاكاديمي ما هي الرسالة التي تصرين على الدفع بها؟
- أن التعليم الذاتي أبقى وأطول أثرًا من التعليم المنهجي المؤقت، أن تبني شخصية المتعلم ليعرف بمفرده أن يصل للحقيقة بالبحث وتنمية المهارات العقلية والحركية والنفسية والاجتماعية هو الأبقى والأهم في رسالة التعليم.
* - هل ترين ان الشاعر أو الشاعرة في مأزق الناشر والرقيب وهل عانيت من الاثنين؟
- هذه الاشكالية ذات شقين مأزق الناشر قد يكون عامًا لدى الكثير من الشعراء والمبدعين، أما مسألة الرقيب فلها ثنائية منها الشاعر نفسه ووعيه بما يطرحه في قصيدته، والرقيب وبمدى تنوره وانفتاحه، بحث بعض الشعراء للاصتدام الدائم بثوابت المجتمع ليس ذلك طريقًا للإبداع على أي حال، قد يعرضه لاعتراض الرقيب.
وفي مسيرتي الشعرية عانيت مثل الكثير في البدايات من توفر الناشر فنشرت مجموعتي الشعرية الأولى بجهد شخصي، وبعد ذلك خفت حدة هذه المشكلة في نشر الدواوين اللاحقة.
* - أخيرًا لتقف بِنَا الدكتورة مها العتيبي على آخر مشاريعها وبماذا تحلم وتتمنى ان تحصل عليه في المجال الفردي والمجال المجتمعي.
- أعمل حاليًا على عدد من القصائد الجديدة لمجموعتي الشعرية القادمة بمشيئة الله، وهناك مشروع لقصائد مغناة، على المستوى الفردي: أتمنى تحقيق أمنياتي بأن أكون يومأ ما أريد وأن يديم الله علي السعادة والرضا والمحبة.
وفي مجال المجتمعي أن تكون مجتمعاتنا العربية واعية مثقفة، وأن يعم عليها السلام والأمن والحب.
هي جزء من محطات في تجربة الشاعرة السعودية الدكتورة مها العتيبي، وكنت في قرارة نفسي اتمنى أن لا ينتهي الحوار كوني في حضرة شاعرة وأستاذة ودكتور خبرت الحياة واصرت على مسيرتها في البحث المضني نحو سر الجذوة في التعاطي مع الأدب، وبرضى شفيف الأخلاق والاكتمال التربوي الإنساني، كانت آخر السطور من الحوار رسالة تصل لكل القلوب في حضرة إنسانة راقية وعالية التعاطي، لأن الحوار أوقفنا تحت الكثير من الخيوط المتصلة بالروح وبالوشيجة في زمن قلت فيه أو ضاقت النفوس.
وأينعت همًّا
شعر: د. مها العتيبي
أيها الليل المكابر
زاد جرحي غصة
والدمع خائر
وحقولي مترعات بأسايا
أينع الهم بِهِنّهْ
واستوى الحزن ملاذًا
يرتوي الآه ويستجدي البشائر
أتراه الليل ماكر؟
أم جراحي
عاندتها جذوة النور نفورًا
واستباحت ظلمة الليل أنينًا
عابثًا والقلب ثائر
يتعرى
لابسًا حزني وهمي
يتفيّا
سلوة الروح ويهوى
كل غبن
هو ماكر
جرحي الغدار
ماكر.