الكاتب بدوي الدقادوسي .. الرجـم على أعتاب الحياة
قصةالرجم على أعتاب الحياة
تعيش مع ذاتها على شاطئ الحياة ,لم تفكر يوما في خوض غمارها التلفاز هو النافذة التي تطل منها على ما حولها .اليوم أتمت دراستها الثانوية .لأول مرة يتحدث إليها والدها حديثا خاصا بعيدا عن أختيها:خالتك طلبت يدك لابنها لم تنطق ,فهي لاتحمل مشاعرا خاصة له أو لغيره .رأته في زياراتها القليلة لخالتها في قريتهم النائية ببيت تكسوه مخايل الفقر وتعبث به يد الإهمال .خالتها التي أنهكها الغسيل الكلوي ,فأضحت وكأنها مقعدة .طلبت من أختها الوحيدة ابنتها لابنها البكري الذي تسلم عمله معلما من أيام .وستكون لهم بنتا فالله لم يرزقها ببنات مع أبنائها البنين .
في غرفتها الصغيرة استيقظت أول صباح لها على ضجيج ينبعث من كل مكان .فزوج خالتها الذي ناهز الستين يحتفظ بنشاط شاب ,قام ليعد الفطور .البيت وكأن أهله لايؤمنون بالتخصص فالأواني تملأ غرف النوم والملابس متطايرة بالمطبخ .البيت الذي يخلو من سيدة تضبط إيقاعه يصبح كفرقة موسيقية كل عازف في وادٍ فلا تسمع إلا ضجيجا ونشاذ.
هرولت لتعد الفطور جمعت الأواني المبعثرة ضمتها لأوانيها الجديدة فرشت الأسِرة بأطقم جديدة .وجدت نفسها مسؤولة عن أربعة رجال وكأنها عدّاء أخذوه لسباق عالميّ دون إعداد .تأوي لفراشها جثة .يتهمها زوجها بالبرود ,يقضي وطره في صمت وهي ميتة ويستدير غاطا في نومه تفيق حين انتهائه تنخرط في بكاء عنيف .هل أنا حقا باردة؟وهل ضمور موطن شهوتي هو السبب أم الإرهاق؟
انحصرت علاقتها بزوجها في هذه اللحظات كل بضعة أيام.
على الفطور سألها زوج خالتها بابتسامة كالحة :عاملة إيه ياعروسة ؟لما لم تجبه التفت لزوجته:لقد جهزت لك الحمام .أومأت برأسها موافقة فالمحاليل والأملاح أصاباها بحكة في جلدها لعل الماء يطفئها .أخذ يرسل الماء على جسد كسته الزرقة وتدرّنت عروقه من وخز الإبر .حين مرّ بيده على ثديها تلكأ قليلا,لم تنهره فهو زوجها ولايد لهما فيما يعاني من حرمان ,كأن صمتها إشارة خضراء لتماديه ,أمسك بأطراف أصابعه نهاية ثديها .انفجرت في صياح هستيري ألا تشعر بي ارحمني خلي عندك دم.ساعدها صامتا في ارتداء ملابسها فلقد أصابها ارتفاع الضغط برعشة لاتستطيع السيطرة بيدها على شيئ .
هدّأت ابنة أختها من روعها ,وانطلقت تكمل ماراثونها اليوميّ,وحين آوت لفراشها ودّت لو تبوح لزوجها بحلمها في بيت يغلق بابه عليهما ..احتمال المشقة اليومية لم يعد صعبا ولكن نظرات زوج خالتها تطاردها فبدأت تخرج من غرفتها بكامل لبسها .اليوم تحيّن فرصة وجودها بالمطبخ أسرع خلفها متصنعا حاجته لطبق من أعلى المطبخ التصق بها ,أحست بجسده ملاصقا اقشعر بدنها ,كادت تدفعه .خوفها من الفضيحة شلها .
تآمر الارهاق نهارا والسهد ليلا على جسدها فشحب لونها وزادها الحمل وهناً ,,مدت يدها مسحت دمعة ملتهبة كادت تحرق وجنتها .
اليوم صفحة جديدة في كتاب حياتها فلقد عاد زوجها متهللا فقد وجد اسمه ضمن المعارين لدولة شقيقة .فهل هذا الخبر قرار عفو من الأشغال الشاقة التي ظنت أنها مؤبدة؟
في قرية صغيرة نائية بالجنوب تسّلم زوجها عمله .اتسعت علاقاتها بأهل القرية طلبتها البنات لتدرسهن .احترفت الدروس ,تقرأ طوال الليل ما ستقوله طوال النهار ,شاهدت الفرحة على مخايل زوجها وهو يعد الدولارات .أشارت عليه أن يبني بيتا لهما .حوّل لوالده كل ما ادخر .تنتظر الإجازة الصيفية لترى البيت الحلم .اصطحبهما زوج خالتها من المطار للبيت القديم وفي الصباح أبلغهما أنه زوّج ابنه الأصغر في البيت الجديد فلقد رفضت خالتها أن تعيش الغريبة بينهم .مادت بها الأرض,أخذت تصرخ أصيب طفلها بهلع اقترب منها دفعته ,لاتريد رؤية أحد .
حين أفاقت طلبت من زوجها قطع إجازته والعودة لبلد عمله .حفظت المناهج لم تعد تقرأ ليلا .تقضي الليل أمام حاسوبها ظلت علاقتها بزوجها مسجونة في تلك اللحظات القليلة كل بضعة أيام .
أبلغها زوجها أن زميله المصريّ الوحيد هنا سيأتي اليوم على الغذاء .يعيش وحيدا بعد رفض زوجته البقاء في هذا السجن بين بشر لم تتعود طباعهم .
وسيم هادئ يحتفظ برونقه رغم أنه في نهاية العقد الخامس .لاتعلم سر انتفاضة جسدها حين رأته .وما الذي سرى بها حين سلمت عليه ؟ولم ظل بريق عينيه يطاردها طوال الليل؟
أضافته بقائمة أصدقائها على شبكة التواصل الاجتماعي .حين تراه على (الشات ) ينقبض قلبها .بعد تردد طويل ألقت التحية .كأنه كان بانتظارها ,طال الحديث دغدغ مشاعرها بكلماته الهامسة الرقيقة .باحت بأوجاعها ,باح بأوجاعه .بثها شوقه ,لم تصده .على وقع خطوات الشيطان عزفا الآهات .تمددت تحلم هتفت ألف أنثى صارخة في زوجها الغارق في نومه لست باردة ,لست باردة .كبرت مشاعر العشق تظللها شجرة (الشات )الوارفة .حبيبتي حتام ستظل مشاعرنا حروفا ميتة على (الشات)
ارتعدت كيف نحييها في هذا المجتمع المغلق ؟التقط الشيطان طرف الحديث من يدهما جهز لهما خطة محكمة .
في الحصة الأولى سقط يتلوى من الألم حمله أصدقاؤه ليستريح في بيته بمجرد خروجهم كان في إثرهم مرتديا نقاب وقد أعدّ عدته للقاء الملتهب مبتلعا حبته الزرقاء .
فتحت الباب بعقل ثلاث نساء امرأة تشتهي المغامرة لتثبت لنفسها أنها ليست باردة وامرأة ترتعد وأخيرة شامتة في زوجها وزوج خالتها.
فور إغلاق الباب باغتها بقبلة طويلة ذابت حين مد يده لصدرها اشتعلت هوت هوى فوقها .المتعة نبع يزيد عسله كلما نهلا منه .جالت فحولته بها في كل بساتين المتعة .ساعات لايدريان عددها وحين أفرغ مابه أخذ صدره يعلو ويهبط سقط من فوقها بلا حراك .اتسعت حدقتها أخذت تقلبه في ذهول كتمت صراخها وضعت يدها في فمها سقطت بجانبه
لم تشعر إلا والشرطة تعاين المكان والقرية عن بكرة أبيها تحيط بالمنزل .
في السجن لم تفق من إغمائها .صدر الحكم بالرجم لثبوت جريمة الزنا اقتادوها من محبسها بعد صلاة الجمعة لتنفيذ الحكم .الغمامة السوداء تغطي عينيها تسمع أصواتا لانهاية لها .
تلا الشرطي على مسامعها الحكم .أشارت إليه ملوحة بيدها لي وصية أوصيها لزوجي قبل الموت .أرسلوا في طلبه لحقوا به وهو يغادر للسفر
اقترب منها همست في أذنه :الحجارة أحن عليّ منك ومن أبيك .سأموت مرة وأتركك تموت بعارك كل يوم .