×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

وفاء جناحي waffajanahi@gmail.com بطل أم مجرم.. أيهما تختار؟

وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
بطل أم مجرم.. أيهما تختار؟
image


شاهدت منذ أيام فيديو على برنامج (تيك توك) لشاب بحريني مراهق يبكي بحرقة وحزن شديدين بسبب تعليقات الناس على شكله حيث إنهم يتركون المواضيع التي يتكلم فيها ويعلقون على جسمه ووزنه الزائد ويطالبونه بإنقاص وزنه ولكن بأسلوب سخيف جدا وغير محترم، فكان يبكي ويترجاهم أن يكفوا عن تعليقاتهم السلبية لأنه حاول مرارا اتباع الرجيم ولكنه لم يستطع.

الولد كسر خاطري لأنه كان يبكي بحرقة ويرجو الناس عدم مضايقته! المصيبة ليست هنا.. بل إنني صعقت من كمية القسوة والظلم والحقد في قلوب بعض البشر الذين وصل بهم الحال أنهم وضعوا الفيديو على حساباتهم البشعة في الانستغرام بتعليق يدمي قلب من له ذرة ضمير إذ إنهم كانوا يسخرون من ضعف وبكاء الولد وينعتونه بأبشع الصفات، والكارثة كانت بالتعليقات الأخرى التي تبين مدى الوحشية التي وصل إليها بعض البشر! كيف تستطيع أن تضحك أو تسخر من عذاب إنسان آخر؟ من أنتم؟ هل أنتم من فصيلة البشر العادية فعلا أم أنتم ممزوجون بدماء الشياطين؟

يا من تدعون أنكم بشر.. هناك كلمة تبني شخصية إنسان وترفع معنوياته إلى السماء وتعطيه الثقة بالنفس، وهناك كلمة تهدم كل المبادئ والأحاسيس البشرية في نفس الإنسان، أنا متأكدة أن في حياتنا جميعا أشخاصا هدموا أو حاولوا أن يحطموا نفسياتنا بدافع الغشمرة والضحك، وهناك أشخاص رفعونا عاليا.

مازلت أذكر عندما كنت في المرحلة الإعدادية كيف طلبت مني المدرسة أن اقرأ درس القراءة بصوت عال، وبما أنني كنت خجولة قليلا فقد أخطأت في عبارة، لتصرخ إحدى زميلاتي وصديقاتي اللاتي مازلت أحبهم: (طلع الأصل حرقت فيوز)، فضحك الجميع مع المدرسة وأنا أيضا ضحكت، ولكنني لا أستطيع أن أنسى أبدا كمية الإحراج التي شعرت به في كل مرة يرددون القصة في المدرسة (عشان الضحك والطنازة العادية بين الربع) من دون أن يدرك الجميع أن هناك قطعة من نفسيتي وثقتي بنفسي (كمراهقة) تتحطم، ما جعلني أرفض رفضا باتا أن أقرأ أي مادة في الفصل بصوت عال حتى لو أدى إلى عقابي، كما كنت أشعر بأنني فاشلة في القراءة، ولكن شاء القدر أن تنقذني مدرستي الرائعة عائشة العرداي في المرحلة الثانوية إذ شعرت بإحراجي وتوتري في أول مرة طلبت مني القراءة في الفصل، فاستدعتني خارج الفصل وسألتني لأبوح لها بخجلي وخوفي من تكرار الموقف، ورجوتها ألا تطلب مني القراءة أبدا، وبما أنها كانت طيبة وحنونا وممتازة في الشرح فقد كانت تشجعني دائما وخصوصا أنني كنت ممتازة في التعبير والإملاء، فبنت الثقة التي هدمتها صديقتي مرة أخرى، وجعلتني أشعر بأنني أفضل من الجميع وكانت تقول لي دائما: إن كل إنسان يخطئ في القراءة، ولكن ليس كل إنسان متميزا في التعبير والإملاء مثلي، ولولاها لما واصلت هوايتي في الكتابة وأصبحت صاحبة عمود أسبوعي في أول جريدة وأعرق جريدة في البحرين.

أن تكون بطلا في حياة إنسان واحد هو نعمة وأشرف من أن تكون إنسانا مضحكا أو محطما لشخصية إنسان قريب لك تحبه ولكنك سبب شقائه.
 0  0  135