Hend Al Ameed قِصَّةٌ قصيرةٌ بعنوان : ( مُؤَخِّرَةٌ عِلْمِيَّةٌ )
·Hend Al Ameed
قِصَّةٌ قصيرةٌ بعنوان : ( مُؤَخِّرَةٌ عِلْمِيَّةٌ )
تعديلُ بعثرةِ أوراقِ أبحاثى ، وتسريحِ شعري ، وارتداءِ ثيابِ الخروجِ لا يأخذُ مني إلا دقائقَ معدودةً ، فأنَا أشعرُ دائمًا بأنْ ما يضمرُ عقلي من علمٍ يساوي كُلَّ مساحيقِ نساءِ وشركاتِ العالمِ جمالاً وبهاءً ، واليومَ تحديدًا رحتُ أبثُّ إشعاعًا مضيئًا لزهوي بنفسي بعدَ أنْ أتممتُ إنجازىَ العلميَّ لخطةِ تطويرِ طرقِ التدريسِ ، والأساليبِ الحديثةِ في التعليمِ ، لأحظَى بموعدٍ لمُقابلةِ وزيرِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ حَتَّى أستطيعَ وضعَ ذلك الإنجازِ بينَ أمانةِ يديه لبحثِ تطبيقِه عَلَى الخُطةِ التدرسيةِ مِنْ سواها ، وأخذتُ صفًّا لي بينَ الحشودِ الواقفةِ كقطارٍ مُعَطَّلٍ لا يسيرُ إلا بضعَ سينتمراتٍ متفاوتةً بينَ الحينِ والآخرِ، لكنَّ ما يُسعفُ مواساتي خيرًا لإضاعةِ وقتي هو أني محشورةٌ بينَ عظماءِ الفكرِ والعلمِ والأدبِ ، وكُلُّ شامخٍ منهم يحملُ ملفاتٍ مُثقلةً بالمنجزاتِ ، وكُتبِ الشكرِ والتقديرِ ، والمشاركاتِ الدوليةِ في المؤتمراتِ ، وورشِ العملِ وغيرِها ، كنتُ أرى من نفسِي ذلك الطيرَ الشبيهَ بمَنْ اجتمع ، ولعَمْرِي إنَّ ذلـك لفـخـرٌ وزهوٌ لا يتذوقُه إلا مَنْ يُدركُ طعمَ المبدأ، كانَ ذلك الشعورُ بالنصرِ المبجلِ والمُؤجَّلِ محطةَ نصفِ عُمرِي أو أكثرَ قبلَ أنْ تخترقَ كُلَّ تلكَ البحوثِ والشخوصِ العلميةِ شابةٌ في أواخرِ عشرينياتِها ، وهي تجرُّ من بعدها مؤخرةً وكأنَّها لجسمٍ آخر ، تكوَّرتْ بمبالغةٍ ملحوظةٍ وكأنَّها مَحشوةٌ بصوفِ كُلِّ خِرافِ القُرَى لتبدوا بذلكَ الانتفاخِ المحرجِ لِمَن يملـكُ ذرةَ احتـرامٍ لحُـرمَةِ جَسدِه ، ونَعْتُ خَصْرِها لا يشبِه بنحافتهِ حجمَ صدرِها المنتفخِ بفعلِ حشوةٍ من صوفٍ لخرافِ قريةٍ أخرى، فبالتأكيدِ لا يكفي مخزونُ القريةِ الأولى للانتفاخين ، وشفتاها قد غدتا معطلتين عنْ أيِّ عملٍ مفيدٍ غيرَ أنها راحتْ تَمُطُّهما بينَ الحينِ والحينِ بشكلٍ يثيرُ الريبةَ عما تريدُه تلكَ الشابةُ مِنْ مقابلٍ لتلكَ الأفعالِ! لينشغلَ بحمايتِها رجالُ الأمنِ بأبعادِ الناسِ عنها حتَّى لا تنزعجَ ، يستقبلُها سكرتيرُ الوزيرِ المُنتظِرِ عندَ بابَ مكتبِ سيدِه ، وهو يشلُّ حركةَ وجهِه بابتسامةٍ عريضةٍ جدًا ويشيرُ بيدِه اليسرى نَحوَ البابِ إشارةً منه لها بالدخولِ الفورِي ، ركضتُ خلفَها مناديةً عندَ بابِ الوزيرِ قائلةً: يا آنسة ، أنسة ، من فضلِك هل لي بسؤالٍ ؟! نظرتْ إلىَّ بنظرةٍ دونيةٍ متمتمةً بصوتٍ خفيفٍ (همهمة) ، أي: نعم - أنا أقفُ والعشراتُ من العلماءِ والباحثين هنا منذُ الصباحِ وبأيدينا نحملُ كلَّ أدلةِ ثقلِنا العلميِّ دونَ أنْ نجدَ مَنْ يهتمُّ لأمرنِا وحقيقةٌ أنا لا أراكِ تحملينَ أيَّ ملفاتٍ بيدك ؟! هل يُعقلُ أن تكونَ مُؤخِّرتُكِ علميةً ؟!
هنـــد العميـــد/ العـــراق..