Hamed Almaliki ما زال حزني على مهدي الحسيني يأكل روحي،
اليوم أتصل بي أخي الشاعر حازم جابر _الذي خرج منتصرا هو وزوجته الكريمة من وباء كورونا، بعد أن اعتمد على العلاج الذاتي في البيت_ وأعلمني بأن مهدي الحسيني، شعر قبل أيام، بارتفاع درجة الحرارة والاختناق، ذهب الى مستشفى ابن النفيس المختصة بأمراض القلب _طالما راجعت هذه المستشفى خلال حياتي بسبب إصابتي بعلة في القلب منذ مطلع شبابي، وكم عانيت فيها بسبب تأخر المنظومة الصحية في العراق_ يقول حازم نقلا عن ابن مهدي الحسيني: أن المستشفى (ابن سينا) استقبلت مهدي، بعد أن أُجريت له مسحة فحص كورونا، ولأنهم خافوا أن يكون مصابا بالوباء، طلبوا نقله احترازيا الى مستشفى النعمان في الأعظمية لحين ظهور نتيجة الفحص الكوروني، والنعمان إحدى المستشفيات المخصصة لاستقبال مرضى كورونا، أي تم تحويله الى مستشفى العزل، قبل ظهور نتيجة الفحص، وعندما نقل بسيارة إسعاف، مات رحمه الله في الطريق، الكارثة أن نتيجة المسحة ظهرت بنفس اليوم وكانت سالبة، أي أنه لم يكن مصابا بكرونا، فكان يجب أن يبقى في ابن النفيس لعلّة في قلبه الذي خذله في النهاية.
تعرفت على مهدي الحسيني عام 1992 عندما أقترح علي صديقي الكاتب الروائي والمخرج أسعد الهلالي بزيارة محل في منطقة الشعب، يديره صديق له أيام دراسته للسينما في ثمانينات القرن الماضي، يدير محل لتأجير كاسيتات الفيديو VHS ذلك لأنه يؤجر أفلاما سينمائية منتخبة ونادرة، وفعلا ذهبت أنا وأسعد بسيارته "المجرقعة" نوع فلوكس فاكن برازيلية المنشأ، والتي كانت رغم تخلفها صناعيا، سيدة الشارع العراقي، بعدما وزّعها صدام حسين على نواب الضباط في الجيش العراقي، وكنوع من تصبير مذل، لعوائل الشهداء في حرب الثماني سنوات مع إيران، في هذا المحل، تعرفت على مهدي الحسيني، ومن هذا اليوم امتدت صداقتنا حتي يوم رحيله.
أتذكر أشياء جميلة قام بها مهدي الحسيني معي، في فترة هروبنا من العراق، الى الحبيبة سوريا، أيام الحرب الطائفية القذرة، في سنوات 2006-2008، فقد سكنت وقتها عائلتي، وعائلة صديقي الكاتب المسرحي فلاح شاكر، الكاتب المسرحي المهم، في محافظة الحسكة في شمال سوريا، التي تبعد عن دمشق العاصمة، ثماني ساعات في الباص، ولا أدري كيف أخذنا القدر الى هذه المحافظة النائية؟ المهم أننا توجهنا الى الحسكة، المحافظة المتنوعة في شمال شرق سوريا، والتي أقيمت على تخومها، أعظم إمبراطوريات وادي الرافدين، حضارة "ماري" العظيمة، وحيث عاشت الروائية الإنكليزية الأشهر، أجاثا كريستي، في خمسينيات القرن المنصرم، أيام تنقيب زوجها عالم الأثار الشهير (ماكس مالوان) في آثار قرقميش، مالوان الذي كان في الثلاثينات مساعدا، لعالم الآثار الشهير السير (وولي)، والذي أخرج الى النور، آثار أور الناصرية، وزقورتها الشهيرة، وأيضا، حيث العرب والكرد والمسيحين، يسكنون فيها بنوع من تعايش حذر، فلت زمام أمره، في الحرب الطائفية التي أعلنت في سوريا بعد 2011.
في الحسكة، كتبت أجمل أعمالي، أكملت فيها الدهانة وكتبت فوبيا بغداد، رسائل من رجل ميت، السيدة، البقاء على قيد العراق، وجزأين من مسلسل فيصل، الذي يتحدث عن حياة الملك فيصل الأول ملك العراق الأول، سبعة أعمال كتبتها في سنتين ونصف، فعلا كانت الحسكة هي المرحلة الأكثر إنجازا في حياتي المهنية ككاتب سيناريو.
كنت أسافر الى دمشق الشام مرة كل ثلاثة أشهر، أبقى فيها عدة أيام في بيت الملحن الكبير الصديق العظيم كوكب حمزة، أو كواكب كما أحب أن أسميه، او ضيفا عند صديقي فائز صبري، وهو مثقف يساري كان أحد أعضاء أنصار الحزب الشيوعي شمال العراق، أيام معارضة هذا الحزب لنظام صدام.
كان أول من يعرف بقدومي صديقي المرحوم مهدي الحسيني، فيقيم دعوة للأصدقاء على شرفي، في مطعم الفنان المغني محمد الرحال في حي مليحة، المنطقة القريبة من جرمانا، والتي صورنا فيها سارا خاتون، مسلسلي الأول بعد 2003 والذي أخرجه صلاح كرم، كان رحمه الله يقيم مأدبة عامرة تكلفه الكثير، رغم علمي بحاله وحال أغلبنا، نحن الفنانين الهاربين من الموت المجاني في البلد، نحن الذين نعيش الغربة الوطنية والمالية والنفسية في هذا البلد "سوريا" الذي _رغم ذلك_ لن يشعرك في النهاية بغربتك القسرية هذه أبدا.
في النهاية، من هو المسؤول عن موت فنان كبير مثل مهدي الحسيني، التشخيص الطبي الخاطئ، أم القدر الأعمى؟
مثّل لي مهدي الحسيني أدوارا عديدة، أتذكر منها على الخصوص، دوره المهم في مسلسل "الحب والسلام" ومسلسل "الفندق" آخر أعمالي التلفزيونية.
وداعا صديقي.
تعرفت على مهدي الحسيني عام 1992 عندما أقترح علي صديقي الكاتب الروائي والمخرج أسعد الهلالي بزيارة محل في منطقة الشعب، يديره صديق له أيام دراسته للسينما في ثمانينات القرن الماضي، يدير محل لتأجير كاسيتات الفيديو VHS ذلك لأنه يؤجر أفلاما سينمائية منتخبة ونادرة، وفعلا ذهبت أنا وأسعد بسيارته "المجرقعة" نوع فلوكس فاكن برازيلية المنشأ، والتي كانت رغم تخلفها صناعيا، سيدة الشارع العراقي، بعدما وزّعها صدام حسين على نواب الضباط في الجيش العراقي، وكنوع من تصبير مذل، لعوائل الشهداء في حرب الثماني سنوات مع إيران، في هذا المحل، تعرفت على مهدي الحسيني، ومن هذا اليوم امتدت صداقتنا حتي يوم رحيله.
أتذكر أشياء جميلة قام بها مهدي الحسيني معي، في فترة هروبنا من العراق، الى الحبيبة سوريا، أيام الحرب الطائفية القذرة، في سنوات 2006-2008، فقد سكنت وقتها عائلتي، وعائلة صديقي الكاتب المسرحي فلاح شاكر، الكاتب المسرحي المهم، في محافظة الحسكة في شمال سوريا، التي تبعد عن دمشق العاصمة، ثماني ساعات في الباص، ولا أدري كيف أخذنا القدر الى هذه المحافظة النائية؟ المهم أننا توجهنا الى الحسكة، المحافظة المتنوعة في شمال شرق سوريا، والتي أقيمت على تخومها، أعظم إمبراطوريات وادي الرافدين، حضارة "ماري" العظيمة، وحيث عاشت الروائية الإنكليزية الأشهر، أجاثا كريستي، في خمسينيات القرن المنصرم، أيام تنقيب زوجها عالم الأثار الشهير (ماكس مالوان) في آثار قرقميش، مالوان الذي كان في الثلاثينات مساعدا، لعالم الآثار الشهير السير (وولي)، والذي أخرج الى النور، آثار أور الناصرية، وزقورتها الشهيرة، وأيضا، حيث العرب والكرد والمسيحين، يسكنون فيها بنوع من تعايش حذر، فلت زمام أمره، في الحرب الطائفية التي أعلنت في سوريا بعد 2011.
في الحسكة، كتبت أجمل أعمالي، أكملت فيها الدهانة وكتبت فوبيا بغداد، رسائل من رجل ميت، السيدة، البقاء على قيد العراق، وجزأين من مسلسل فيصل، الذي يتحدث عن حياة الملك فيصل الأول ملك العراق الأول، سبعة أعمال كتبتها في سنتين ونصف، فعلا كانت الحسكة هي المرحلة الأكثر إنجازا في حياتي المهنية ككاتب سيناريو.
كنت أسافر الى دمشق الشام مرة كل ثلاثة أشهر، أبقى فيها عدة أيام في بيت الملحن الكبير الصديق العظيم كوكب حمزة، أو كواكب كما أحب أن أسميه، او ضيفا عند صديقي فائز صبري، وهو مثقف يساري كان أحد أعضاء أنصار الحزب الشيوعي شمال العراق، أيام معارضة هذا الحزب لنظام صدام.
كان أول من يعرف بقدومي صديقي المرحوم مهدي الحسيني، فيقيم دعوة للأصدقاء على شرفي، في مطعم الفنان المغني محمد الرحال في حي مليحة، المنطقة القريبة من جرمانا، والتي صورنا فيها سارا خاتون، مسلسلي الأول بعد 2003 والذي أخرجه صلاح كرم، كان رحمه الله يقيم مأدبة عامرة تكلفه الكثير، رغم علمي بحاله وحال أغلبنا، نحن الفنانين الهاربين من الموت المجاني في البلد، نحن الذين نعيش الغربة الوطنية والمالية والنفسية في هذا البلد "سوريا" الذي _رغم ذلك_ لن يشعرك في النهاية بغربتك القسرية هذه أبدا.
في النهاية، من هو المسؤول عن موت فنان كبير مثل مهدي الحسيني، التشخيص الطبي الخاطئ، أم القدر الأعمى؟
مثّل لي مهدي الحسيني أدوارا عديدة، أتذكر منها على الخصوص، دوره المهم في مسلسل "الحب والسلام" ومسلسل "الفندق" آخر أعمالي التلفزيونية.
وداعا صديقي.