دستور العراق.. وثيقة مزورة.. مررت بالتزوير و ملئت بالألغام والمطبات د. سعد ناجي جواد صحيفة رأي اليوم الاليكترونية ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٩م
دستور العراق.. وثيقة مزورة.. مررت بالتزوير و ملئت بالألغام والمطبات
د. سعد ناجي جواد
صحيفة رأي اليوم الاليكترونية ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٩م
ربما يكون العنوان قاسيًا واستفزازيًا ولكن ومع الأسف فانه لا يحيد عن الحقيقة ولا يتجنى على واقع حال. ومن يقول عكس ذلك لا يعلم ان هناك حقائق لم يطلع عليها الكثير من العراقيين تتعلق بهذه الوثيقة الأساسية، وبما ان الحديث يجري الان عن تعديله، فمن المفيد ذكر بعض هذه الحقائق التي غُيبَت عن قصد من قبل واضعي الدستور والمستفيدين من صيغته الحالية.
أولآ: لا بد من التذكير بان الدستور العراقي لم يكتبه العراقيون بأنفسهم. وان من كتبه هو مدرس قانون أمريكي يهودي صغير، سنا ومرتبة علمية وأكاديمية، ولا يمتلك معلومات كافية عن العراق ولا عن الدساتير العراقية، وانه كلف من قبل سيء الصيت بريمر بكتابة دستور وفقا لقانون إدارة الدولة الانتقالي (الذي اقره بريمر ايضا بدون استشارة اي عراقي). وقام بترجمته محامي عراقي مغترب درس وعاش في الولايات المتحدة، ولهذا جاءت الترجمة ضعيفة وركيكة من ناحية اللغة القانونية. (و دُفِع للاثنين ملايين الدولارات على هذه المهمة). وان بريمر لم يفكر باستشارة اي عراقي مختص واحد اثناء كتابة نصوصه. وعندما تسربت اخبار عن وجود دستور جاهز سوف يطرح على العراقيين قريبا اعترضت المرجعية في النجف الأشرف، واعلنت ان العراقيين سوف لن يقبلوا باي دستور لا يكتب من قبلهم. عندها اضطر بريمر الى تشكيل ما عرف ب (لجنة كتابة الدستور) من عراقيين لم يكن بينهم خبير دستوري واحد.
ثانيا: ان هذه اللجنة لم تتجرا على المساس بالمواد التي قدمها لهم بريمر، كل الذي فعلوه انهم أضافوا ديباجة وبعض المواد التي مثلت التفكير الطائفي والعرقي والتي طُرِحَت من قبل الأحزاب الدينية الطائفية والأحزاب الكردية. وللعلم فان الأحزاب الكردية كانت الوحيدة التي استعانت بلجنة من الخبراء الغربيين كانت تتابع مع أعضاء لجنة كتابة الدستور من الأكراد، ونجحت في وضع مواد فيه، كانت ولا تزال بمثابة (الغام و مطبات) و لا يمكن ان تفسر سوى انها تمهد لانفصال المحافظات الكردية. وللتدليل على هذه النية السيئة كتب احد هؤلاء الخبراء فيما بعد كتابا باللغة الإنكليزية، وتُرجِمَ للعربية، اسماه ( نهاية العراق). كما ان السيد مسعود البرزاني قال بنفسه اثناء طرحه لفكرة الاستفتاء ان الأحزاب الكردية كانت قاصدة وضع عبارة ( دولة اتحادية وليس موحدة) لكي يعتمد عليها عند طلب الانفصال. أما الديباجة التي وضعتها الأحزاب الطائفية والفقرات التي تتحدث عن حقوق مذهب واحد فلقد كانت من أسوأ ما أضيف للدستور لانها تثير الضغائن والأحقاد وتحرض ابناء الشعب الواحد بعضهم على بعض. (علمًا بان كل محاولات الكاتب للتحدث مع أعضاء من هذه اللجنة اثناء كتابته بحثا عن الدستور، نشر قبل ثمان سنوات من قبل جامعة لندن،فشلت بسبب تهرب من تم الاتصال بهم، وعلى الرغم من العلاقة الطيبة التي كانت تربطني ببعضهم).
ثالثًا: تضمنت المناقشات التي جرت حول المسودة الحديث عن 139 مادة فقط، وتم اغتيال ثلاثة من الأعضاء الذين أضيفوا الى اللجنة الأولية لانهم كانوا يصرون على تثبيت مواد تثبت عروبة العراق وترفض المواد التي فيها إشارات طائفية او عنصرية. مما دفع المعارضين الباقين الى التزام الصمت خوفا على حياتهم.
رابعًا: اعترف اكثر من سياسي فيما بعد، (من بينهم الدكتور محمود عثمان والدكتور محمود المشهداني) بحقيقة ان اللجنة ناقشت مسودة كانت مكتوبة مسبقا، واعترف اخرون بان اللجنة (اجبرت) على التصويت لصالح هذه المسودة من قبل سلطات الاحتلال ومن بريمر والسفير الامريكي بالذات. وكل ذلك لان الولايات المتحدة ارادت ان تقول بانها انجزت عملية تحويل العراق الى ديمقراطية، و تُجري انتخابات بأسرع وقت كي تنفذ خطتها التي عرفت ب ( ستراتيجية الانسحاب المبكر) بعد ان اشتدت عمليات المقاومة وازداد عدد القتلى من الأميركان.
خامسا: والأهم، ولكي تضمن إدارة الاحتلال موافقة المحافظات الغربية من العراق، التي كانت رافضة لما كان يُسرب من معلومات عن الدستور، (حيث ان المسودة لم تطرح علنًا مطلقًا)، جرى إقناع قيادات احزاب في العملية السياسية لكي تلعب أسوا دور وذلك عن طريق خداع و إقناع ابناء هذه المحافظات للتصويت لصالح الدستور على أساس انه عُدِلَ بطريقة تحفظ عروبة العراق وحقوقهم كعراقيين متساوين. و اتفقت إدارة الاحتلال مع هذه ( القيادات) على إمكانية أضافة مواد اخرى الى المواد ال 139 التي تم النقاش عليها واقرارها نهائيًا، تبيح عملية تعديل المواد التي لم تكن مقبولة من قبل جماهيرهم. و لكن هذا لا ينفي الحقيقة التي تقول ان المناقشات والتصويت والإقرار لم يتم على المواد المضافة بصورة غير شرعية وبعد إقرار الصيغة النهائية، ( وهذا ما جرى التكتم عليه في حينه وفضحه احد أعضاء لجنة تعديل الدستور التي شكلت مؤخرا)، وهكذا حصل التزوير الأول. و لذلك فان كل المواد التي تأتي بعد المادة 139 هي مواد غير شرعية وأضيفت بصورة غير قانونية ولم يتم مناقشتها من قبل اللجنة، والأكثر من ذلك انها لم تطرح للتصويت مع المواد ال 139 التي اقرت.
سادسا: ولإثبات ما قيل أعلاه، كتب احد الخبراء الأميركان الذين ساهموا في المناقشات حول المسودة او بالأحرى مراقبتها، قبل يوم من الاستفتاء في احدى الصحف الأمريكية الكبيرة (لوس إنجيليز تايمس) مقالة بداها بالقول ( غدًا سيذهب العراقيون للتصويت على دستور لم يقرأوه ولم يكتبوه ولم يساهموا في مناقشة بنوده ولا يعرفون شيئا عن محتواه).
سابعا: عند اجراء التصويت رفضت أربعة محافظات المسودة. جرى الاعتراف برفض محافظتين ( الأنبار و صلاح الدين)، وجرى التعتيم على نتائج الثالثة (ذي قار – التي تشهد هذه الأيام اعنف تظاهرات الرفض للعملية السياسية)، حيث تم الادعاء ان النتائج كانت مؤيدة، أما الرابعة ( نينوى) فلقد كانت عمليات التلاعب والتزوير التي جرت بشأن إقتراعها اكثر من مفضوحة. فبعد ان توضح ان محافظتين قد رفضتا المسودة وان الحاجة هي لاعتراض محافظة ثالثة لكي يرفض
د. سعد ناجي جواد
صحيفة رأي اليوم الاليكترونية ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٩م
ربما يكون العنوان قاسيًا واستفزازيًا ولكن ومع الأسف فانه لا يحيد عن الحقيقة ولا يتجنى على واقع حال. ومن يقول عكس ذلك لا يعلم ان هناك حقائق لم يطلع عليها الكثير من العراقيين تتعلق بهذه الوثيقة الأساسية، وبما ان الحديث يجري الان عن تعديله، فمن المفيد ذكر بعض هذه الحقائق التي غُيبَت عن قصد من قبل واضعي الدستور والمستفيدين من صيغته الحالية.
أولآ: لا بد من التذكير بان الدستور العراقي لم يكتبه العراقيون بأنفسهم. وان من كتبه هو مدرس قانون أمريكي يهودي صغير، سنا ومرتبة علمية وأكاديمية، ولا يمتلك معلومات كافية عن العراق ولا عن الدساتير العراقية، وانه كلف من قبل سيء الصيت بريمر بكتابة دستور وفقا لقانون إدارة الدولة الانتقالي (الذي اقره بريمر ايضا بدون استشارة اي عراقي). وقام بترجمته محامي عراقي مغترب درس وعاش في الولايات المتحدة، ولهذا جاءت الترجمة ضعيفة وركيكة من ناحية اللغة القانونية. (و دُفِع للاثنين ملايين الدولارات على هذه المهمة). وان بريمر لم يفكر باستشارة اي عراقي مختص واحد اثناء كتابة نصوصه. وعندما تسربت اخبار عن وجود دستور جاهز سوف يطرح على العراقيين قريبا اعترضت المرجعية في النجف الأشرف، واعلنت ان العراقيين سوف لن يقبلوا باي دستور لا يكتب من قبلهم. عندها اضطر بريمر الى تشكيل ما عرف ب (لجنة كتابة الدستور) من عراقيين لم يكن بينهم خبير دستوري واحد.
ثانيا: ان هذه اللجنة لم تتجرا على المساس بالمواد التي قدمها لهم بريمر، كل الذي فعلوه انهم أضافوا ديباجة وبعض المواد التي مثلت التفكير الطائفي والعرقي والتي طُرِحَت من قبل الأحزاب الدينية الطائفية والأحزاب الكردية. وللعلم فان الأحزاب الكردية كانت الوحيدة التي استعانت بلجنة من الخبراء الغربيين كانت تتابع مع أعضاء لجنة كتابة الدستور من الأكراد، ونجحت في وضع مواد فيه، كانت ولا تزال بمثابة (الغام و مطبات) و لا يمكن ان تفسر سوى انها تمهد لانفصال المحافظات الكردية. وللتدليل على هذه النية السيئة كتب احد هؤلاء الخبراء فيما بعد كتابا باللغة الإنكليزية، وتُرجِمَ للعربية، اسماه ( نهاية العراق). كما ان السيد مسعود البرزاني قال بنفسه اثناء طرحه لفكرة الاستفتاء ان الأحزاب الكردية كانت قاصدة وضع عبارة ( دولة اتحادية وليس موحدة) لكي يعتمد عليها عند طلب الانفصال. أما الديباجة التي وضعتها الأحزاب الطائفية والفقرات التي تتحدث عن حقوق مذهب واحد فلقد كانت من أسوأ ما أضيف للدستور لانها تثير الضغائن والأحقاد وتحرض ابناء الشعب الواحد بعضهم على بعض. (علمًا بان كل محاولات الكاتب للتحدث مع أعضاء من هذه اللجنة اثناء كتابته بحثا عن الدستور، نشر قبل ثمان سنوات من قبل جامعة لندن،فشلت بسبب تهرب من تم الاتصال بهم، وعلى الرغم من العلاقة الطيبة التي كانت تربطني ببعضهم).
ثالثًا: تضمنت المناقشات التي جرت حول المسودة الحديث عن 139 مادة فقط، وتم اغتيال ثلاثة من الأعضاء الذين أضيفوا الى اللجنة الأولية لانهم كانوا يصرون على تثبيت مواد تثبت عروبة العراق وترفض المواد التي فيها إشارات طائفية او عنصرية. مما دفع المعارضين الباقين الى التزام الصمت خوفا على حياتهم.
رابعًا: اعترف اكثر من سياسي فيما بعد، (من بينهم الدكتور محمود عثمان والدكتور محمود المشهداني) بحقيقة ان اللجنة ناقشت مسودة كانت مكتوبة مسبقا، واعترف اخرون بان اللجنة (اجبرت) على التصويت لصالح هذه المسودة من قبل سلطات الاحتلال ومن بريمر والسفير الامريكي بالذات. وكل ذلك لان الولايات المتحدة ارادت ان تقول بانها انجزت عملية تحويل العراق الى ديمقراطية، و تُجري انتخابات بأسرع وقت كي تنفذ خطتها التي عرفت ب ( ستراتيجية الانسحاب المبكر) بعد ان اشتدت عمليات المقاومة وازداد عدد القتلى من الأميركان.
خامسا: والأهم، ولكي تضمن إدارة الاحتلال موافقة المحافظات الغربية من العراق، التي كانت رافضة لما كان يُسرب من معلومات عن الدستور، (حيث ان المسودة لم تطرح علنًا مطلقًا)، جرى إقناع قيادات احزاب في العملية السياسية لكي تلعب أسوا دور وذلك عن طريق خداع و إقناع ابناء هذه المحافظات للتصويت لصالح الدستور على أساس انه عُدِلَ بطريقة تحفظ عروبة العراق وحقوقهم كعراقيين متساوين. و اتفقت إدارة الاحتلال مع هذه ( القيادات) على إمكانية أضافة مواد اخرى الى المواد ال 139 التي تم النقاش عليها واقرارها نهائيًا، تبيح عملية تعديل المواد التي لم تكن مقبولة من قبل جماهيرهم. و لكن هذا لا ينفي الحقيقة التي تقول ان المناقشات والتصويت والإقرار لم يتم على المواد المضافة بصورة غير شرعية وبعد إقرار الصيغة النهائية، ( وهذا ما جرى التكتم عليه في حينه وفضحه احد أعضاء لجنة تعديل الدستور التي شكلت مؤخرا)، وهكذا حصل التزوير الأول. و لذلك فان كل المواد التي تأتي بعد المادة 139 هي مواد غير شرعية وأضيفت بصورة غير قانونية ولم يتم مناقشتها من قبل اللجنة، والأكثر من ذلك انها لم تطرح للتصويت مع المواد ال 139 التي اقرت.
سادسا: ولإثبات ما قيل أعلاه، كتب احد الخبراء الأميركان الذين ساهموا في المناقشات حول المسودة او بالأحرى مراقبتها، قبل يوم من الاستفتاء في احدى الصحف الأمريكية الكبيرة (لوس إنجيليز تايمس) مقالة بداها بالقول ( غدًا سيذهب العراقيون للتصويت على دستور لم يقرأوه ولم يكتبوه ولم يساهموا في مناقشة بنوده ولا يعرفون شيئا عن محتواه).
سابعا: عند اجراء التصويت رفضت أربعة محافظات المسودة. جرى الاعتراف برفض محافظتين ( الأنبار و صلاح الدين)، وجرى التعتيم على نتائج الثالثة (ذي قار – التي تشهد هذه الأيام اعنف تظاهرات الرفض للعملية السياسية)، حيث تم الادعاء ان النتائج كانت مؤيدة، أما الرابعة ( نينوى) فلقد كانت عمليات التلاعب والتزوير التي جرت بشأن إقتراعها اكثر من مفضوحة. فبعد ان توضح ان محافظتين قد رفضتا المسودة وان الحاجة هي لاعتراض محافظة ثالثة لكي يرفض