الأديبه المغربيه جليله خليفه تكتب عن أرواح المدن..وجدة أسطورة الحياة وبوابة الشرق المغربي 3:05pm الأديبه المغربيه جليله خليفه تكتب عن أرواح المدن..وجدة أسطورة الحياة وبوابة الشرق المغربي الأديبه المغربيه جليله خليفه
بقلم/ الروائية والشاعرة والكاتبة المغربية
جليلة مفتوح
(جليلة أحمد خليفة)
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠بÙÙ٠جÙÙÙÙ Ø®ÙÙÙÙ
وجدة بالأمازيغية: ⵓⵊⴷⴰ
مدينة مغربية تقع في عمالة وجدة أنكاد ،وهي عاصمة جهة الشرق وأكبر مدينة تقع على الحدود المغربية الجزائرية ،وتعتبر مدينة حدودية لأنها غير بعيدة عن المركز الحدودي زوج بغال إلا بحوالي 14 كلم.كما أنها تبعد بحوالي 60 كلم عن ساحل البحر الأبيض المتوسط ،حيث توجد مدينة السعيدية أجمل وأطول شواطئ ،بما حولها من فخامة المنتجعات السياحية لجماليتها ،التي كانت تعرف بقلعة عجرود الواقعة في إقليم بركان المعروف كمدينة لها اهميتها بجوار مدينة وجدة.
ارتبطت مدينة وجدة منذ العصور القديمة بجارتها مدينة تلمسان التي كانت تعد حاضرة المغرب الأوسط ،ويعود تأسيس وجدة على يد الزعيم المغراوي زيري بن عطية الذي استطاع أن يؤسس مملكة في المغرب الأقصى ،وكان في صراع مفتوح مع المنصور بن أبي عامر في الأندلس ،والفاطميين وأنصارهم من الصنهاجيين في المغرب الأوسط.ولهذا في خضم تلك الظروف السياسية الصعبة ،فكر زيري بن عطية حسب أغلب الروايات التاريخية ،في ضرورة توسيع مملكته شرق عاصمته فاس ،لحماية ظهره من كل الأخطار المحدقة من الناحية الشرقية ،حين قرر بناء مدينة وجدة في شهر رجب سنة 384 هـ / 994 م. وقد قام بتحصين المدينة عبر إحاطتها بالأسوار العالية ،والأبواب التي كان يتحكم الحراس في فتحها وإغلاقها.لكن فتحها يوسف بن تاشفين السلطان المرابطي ،في حملته على بلاد المغرب الأوسط سنة 1070م.
في 1 يناير 1994م احتفلت وجدة بألفيتها الأولى ،وتم اختيارها عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018م
واشتهرت المدينة مثل بقية غالب مناطق الريف ومدن الشمال على الخصوص مثل مدينة الناظور كثغر مهم وغيرها ،بكونها كانت ضحية حرب السموم الكبرى.فأشارت العديد من الأبحاث والدراسات ،إلى أن إسبانيا وأمام ضراوة وقوة المقاومة في منطقة ريف المغرب ،في عشرينيات القرن المنصرم ،التي توجت بمعركة أنوال الشهيرة ،استعملت سبلا وتقنيات دنيئة وغير مشروعة ،لفرض منطق احتلالها واستباحتها الأراضي المغربية ،من قبيل إحراق الزرع والبيوت والأسواق ،وقصف المدنيين من أطفال وشيوخ ونساء ،باللجوء إلى استعمال الغازات السامة ،في مناطق مختلفة أخرى من الشمال المغربي ما بين سنتي 1921 و1927. وهو ما أرغم الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي ،على الاستسلام إلى السلطات الفرنسية حقنا للدماء.وتؤكد الوثائق التاريخية أن منطقة الريف بالمغرب شهدت أول حرب كيماوية جوية عشوائية ،أضحت معها فضاء لتجريب مختلف أنواع الغازات المتطورة المحظورة ،والأكثر فتكا بالإنسانية والبيئة والحياة ،في أضخم إبادة بشرية شهدها التاريخ.لكن ظل الملف الأسود هذا مغلقا لأكثر من سبعة عقود ،بفعل التعتيم الإسباني وتواطؤ الدول الاستعمارية الأخرى.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
أما اسم المدينة فيوجد اختلاف حول أصل تسميتها ،فذهب فريق من الباحثين إلى أن اسمها مشتق من كلمة "وجدات" أي الكمائن التي كان يضعها العصاة والمتمردون وقطاع الطرق لتجار القوافل.كما أن المدينة مرتبطة بحدث تاريخي ،يتمثل في مطاردة سليمان الشماخ الذي اغتال السلطان إدريس الأول بأمر من العباسيين ،الذين أرسلوه في مهمة خاصة لتصفية المولى إدريس الأول ،الذي أسس إمارة مستقلة عن الحكم العباسي في المغرب. فدس السم للمولى إدريس وفر عائدا نحو المشرق ،إلا أن المغاربة اقتفوا أثره ووجدوه في مكان غير بعيد من وجدة الحالية وقتلوه.
ولأن لاشيء كان يشيد دون إحراق من قبل ،فابن خلدون يروي عن التخريب الذي طال المدينة سنة 670 هـ/1272 م بعد أن دخل السلطان أبي يوسف يعقوب المريني على وجدة:
_ أقام السلطان أبو يوسف على وجدة حتى خربها ،وأصرع بالتراب أسوارها وألصق بالرغام جدرانها.
تبوأت المدينة مكانتها السياسية والإستراتيجية على عهد بني مرين ،الذين كانوا في صراع دائم مع أمراء بني عبد الواد المستقرين في تلمسان.وعند انشغال أبي بكر بن عبد الحق مؤسس الدولة المرينية بمحاصرة مدينة فاس ،استغل يغمراسن بن زيان انشغاله بحصار فاس فسار يريد الاستيلاء على تازة ،المدينة ذات أهمية هي الأخرى تاريخيا.لكن أبا بكر واجهه عند وجدة وهزمه ،فعاد يغمراسن إلى تلمسان ،لتعلن الحرب على المغرب الأوسط لزمن ،بسبب مهاجمة مرين مراكز أعدائهم وخصومهم ،الذين كانوا يلتجئون إلى تلمسان احتماء بملوكها.مما دفع السلطان أبو سعيد المرينى ،إلى تخريب مدينة وجدة لاكتساح تلمسان.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠اÙأدÙب٠اÙ٠غربÙ٠جÙÙÙÙ Ø®ÙÙÙÙ
تعرضت وجدة كمدينة حدودية لصراع مع الأتراك في الجزائر ،بسبب موقعها الاستراتيجي ،فخربت أسوارها المحصنة لمدارها على عهد السعديين ،الذين هبوا لاسترجاعها من العثمانيين.لكن نجح السلطان المولى إسماعيل ،في استرجاعها من الأتراك سنة 1692 ،قبل أن يستعيدونها من جديد في القرن الموالي.
سنة 1664 وعلى مشارف مدينة وجدة ،دارت حرب بين ولدي مولاي علي الشريف محمد والرشيد ،بعد نزول هذا الأخير مدينة وجدة حيث انضم إليه عرب أنكاد وعرب الشجع.وحين علم أخوه محمد بن الشريف زادت مخاوفه من زحفه عليه ليقرر محاربته ،فأعلن النفير قادما إلى ناحية أنكاد قرب وجدة ،حيث وقعت مواجهة بين الطرفين انهزم على إثرها محمد.
عين أبو القاسم الزياني سنة 1206 هـ /1792م كوالي على مدينة وجدة بالإكراه ،من طرف السلطان مولاي سليمان.
ظلت المدينة لفترات طويلة مقرا لاستقرار قبائل زناتة ،ثم القبائل العربية التي وفدت على المدينة مع بداية الفتح الإسلامي للبلاد.وكان لدخول فروع قبائل بني هلال ،التي حاولت السيطرة على المنطقة لفترات متتالية ،أثرها في الصراع بسبب الفوضى والاضطرابات الدائمة مع سلاطين المغرب ،بدأً من الموحدين وانتهاء بالعلويين ،عرفت المنطقة تنقلات ونزوح للقبائل الأخرى بسبب عرب هلال.وعن أبو عبيد البكري والبيذق وردت أقدم إشارتين بصدد ساكنة وجدة ،دون تحديد واضح للاثنيات المكونة لحضريي وجدة ،بل اقتصر على وصف اثر النعمة على أجسامهم.فقال:
وجدة بينها وبين تلمسان ثلاث مراحل ، وهي مدينة كبيرة مشهورة قديمة كثيرة البساتين والجنات والمزارع والمياه والعيون ،طيبة الهواء جيدة الغذاء ، يمتاز أهلها من غيرهم بنضارة ألوانهم وتنعم أجسامهم.ومراعيها أنجع المراعي وأصلحها للسائمة ،يذكر أنه يوجد في شاة من شياههم مائتا أوقية من شحم ،ويصنعون من صوفها أكسية ليس لها نظيرا.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
كما ذكر ليون الإفريقي في كتابه ،الذي ألفه بداية القرن السادس عشر مدينة وجدة بذكر التفاصيل التالية:
وجدة مدينة قديمة بناها الأفارقة في سهل فسيح جدا ،على بعد نحو أربعين ميلا جنوب البحر الأبيض المتوسط وعلى نفس البعد تقريبا من تلمسان ،محاذية غربا مفازة أنجاد ،وأراضيها الزراعية كلها غزيرة الإنتاج تحيطها عدة حدائق ،غرست فيها على الخصوص الكروم وأشجار التين ،ويخترقها جدول يشرب السكان من مائه ويستعملونه لأغراض أخرى.وكانت أسوارها في القديم متينة عالية جدا ،ودورها ودكاكينها متقنة البناء ،وسكانها أثرياء ومتحضرون وشجعان.لكنها نهبت ودمرت أثناء الحروب المتوالية بين ملوك فاس وملوك تلمسان.وبعد أن وضعت الحرب أوزارها أخذت وجدة بالسكان وشيدت فيها من جديد دور كثيرة ،إلا أنها لم تسترجع حالتها الأولى ،وليس فيها اليوم أكثر من خمسمائة دار آهلة سكانها فقراء ،لأنهم يؤدون الخراج إلى ملك تلمسان وإلى الأعراب المجاورين لهم بمفازة أنجاد ،ويرتدون لباسا قصيرا خشنا شبيها بلباس الفلاحين ،ويربون عددا من الحمير الجميلة كبيرة القامة ،التي تنتج لهم بغالا عالية تباع في تلمسان بأغلى الأثمان ،ويتكلمون باللغة الإفريقية القديمة باستثناء القليل منهم.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
كما ذكر البيذق أسماء بعض أعيان وجدة وألحقهم بمناطقهم الأصلية أو بقبائلهم كسوس أو بني يرنيان ،والمعروف حسب ابن خلدون أن المنطقة قبل بناء المدينة ،كانت مجالا لقبائل زناتة بكل فروعها من جراوة وبني ورتغنين ويرنيان وبني يزناسن ووجديجة وغيرها.ويحسب بعضهم أن زناتة وفدت على بلاد المغرب حوالي القرنين الرابع والخامس الميلادي ،وهي فترة صادفت انتشار البداوة كنمط حياة في الشمال الإفريقي. كما أن العنصر الزناتي كان من أول العناصر ،التي استقرت بمدينة وجدة أثناء تأسيسها من قبل زيري بن عطية ،حيث نقل إليها هذا الأخير أهله الزناتيين ،بالإضافة إلى عدد من أفراد جيشه وعساكره للسهر على امن المدينة.
تحدثت المصادر العربية عن ساكنة عربية ،وفدت مع الهجرات العربية الأولى والثانية ،خاصة أن موقع مدينة وجدة في موسطة الطرق التجارية ،جعلها تعرف عنصرا بشريا آخر هو العنصر الأسود ،الذي وفد مع تجارة السودان عبر سجلماسة نحو وجدة.وتذكر بعض المصادر أن وجود بعض العادات والأسماء التركية ،قد تكون مؤشرا على استقرار بعض العائلات من الأتراك بالمدينة زمن دخولهم إلى وجدة.
عمل زيري بن عطية بعد تأسيس مدينة وجدة سنة 384 هـ/994 م على نقل أهله وبعض ذويه وجيوشه إليها للاستقرار ،لكن لم تشر المصادر المعتمدة إلى عدد السكان الذين استقروا بمدينة وجدة بعد تأسيسها.إلا أن الحركة التجارية كانت نشيطة بمدينة وجدة ،ابتداء من القرن الخامس الهجري/11 م ،مما أدى بدون شك إلى ارتفاع عدد السكان وهو ما نتج عن عملية توسيع رقعة مدينة وجدة ،بإضافة شطر آخر لها على يد يعلى بن بلجين الوتغنيني في منتصف القرن الخامس الهجري/11 م ،فأصبحت وجدة بذلك مدينتين.
كما أن تواجد المدينة القديمة في قلب وجدة يضفي عليها طابعا متميزا ،لأنها تعرف نمطا من البناء المشيد على غرار المدن القديمة في أغلب المدن المغربية ،كما لا زالت تحافظ في شكلها العام على الكثير ،من خصائص البناء التقليدي الذي عرفته لأول مرة.وان كانت أغلب البنايات قد خضعت للترميم نتيجة أحوال الزمن ،بأزقتها الضيقة ودروبها الملتوية العديدة.وإن عرفت ابتداء من الفترة المذكورة وإلى حدود سنة 670 هـ/1237 م نموا ديموغرافيا مطردا ،بحيث وصل عدد سكانها خلال تلك المرحلة 5000 نسمة. ورغم كبر حجم هذا العدد بالنسبة لمدينة كوجدة في تلك الفترة ،إلا أنه يبقى ضئيلا مقارنة مع سكان مدن أخرى من المغرب حول وجدة آنذاك كمدينة تاوريرت ،التي بلغ عدد سكانها في نفس الفترة 15000 نسمة. وهو ما يعني أن سكان تاوريرت كانوا أكبر بثلاثة أضعاف من عدد سكان وجدة ،لتوالي المحن على المدينة عبر مراحل مهتزة بالصراعات الحدودية.وأهمها تراجع عدد سكان مدينة وجدة تراجعا مهولا ،اثر التهديم الكلي الذي طال المدينة على يد أبي يوسف يعقوب المريني سنة 670 هـ/1272 م.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
ولهذا رغم إعادة بناء المدينة في عهد المولى إسماعيل ،والمحاولة الجدية للدفع بأبنائها نحو الازدهار ،فقد تفاقم الوضع مباشرة بعد وفاته ،فاستمر سكان مدينة وجدة في التناقص بسبب الأحداث السياسية والعسكرية الهامة ،التي عرفها شرق المغرب ومدينة وجدة خاصة ،مما جعل الأمر ينتهي بالمدينة ،إلى الدخول تحت سيطرة الأتراك العثمانيين بالجزائر مرة أخرى.واضطر سكان وجدة إلى الهجرة القهرية ،حتى أضحى عدد السكان بداية القرن 13 ه/19 م لا يتجاوز 500 نسمة.
مع دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر ،تغيرت الظروف السياسية والأمنية في المدن المجاورة لمدينة وجدة والمجاورة لها من جهة الشرق خاصة.فتوافد عليها عدد من العائلات الجزائرية هروبا من نيران المستعمر الفرنسي ،مما ساهم في الرفع من ساكنة وجدة ،حيث وصل عدد سكانها سنة 1844 م 4000 أو 5000 نسمة.لكن لما دخل الفرنسيون إليها سنة 1907 م ،لم يكن عدد السكان قد تجاوز بعد 6000 نسمة ،وهو ما يؤكد تباطؤ النمو الديموغرافي بالمدينة حسب ظروف الصراعات الدائرة.
كانت غالبية السكان بوجدة من الأمازيغ (بني ازناسن وبني سنوس وندرومة وهي كلها قبائل زناتية ،كما وجد إلى جانب هذه الأغلبية الأمازيغية أقلية صغيرة ممن يحسنون العربية ،وعناصرها في الغالب من قبائل أنكاد العربية.فتكونت في وجدة أربعة أحياء رئيسية وهي أهل وجدة وأولاد عمران وأولاد عيسى وأولاد الكاضي ،التي ظلت من أقدم أحياء مدينة وجدة ذات الأهمية من حيث عدد السكان.كما تناسلت إلى جانب هذه الأحياء أحياء أخرى أحدث من الأولى مثل أحياء: اشقفان وأهل الجامل والطائفة اليهودية ،بينما كانت العرب الهلالية تحيط بمدينة وجدة ،إلى أن دخلوا المدينة في العصر الحديث.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
ثورة بوحمارة
خلال ثورة الروكي بوحمارة انقسمت قبائل المنطقة بين "روكيين" و" محمديين"، فساندت قبيلة المهاية ،وهي من الأثبج الهلاليين ثورة بوحمارة وأغارت على مدينة وجدة سنة 1886 م بقيادة الحاج السهلي ،فتغلبت على قبائل أولاد علي بن طلحة ،وأجبرت عامل وجدة آنذاك عبد المالك السعدي على الفرار قاصدا الأراضي الجزائرية ،لكن القوات الفرنسية منعته من ولوجها. فقامت ضد المهاية جميع القبائل المساندة للسلطان ،منهم الحاج محمد الصغير ولد البشير على رأس بني يزناسن ،فأجبروا زعماء المهاية على اللجوء إلى الأراضي الجزائرية.وعلى إثرها أرسل السلطان الحسن الأول شريف وزان مولاي عبد السلام رئيس زاوية مولاي الطيب ،لفك النزاع بين المهاية وأهل أنكاد.
لهذا ظلت مدينة وجدة تتأثر بموقعها الحدودي طيلة تاريخها العريق ،وظهر هذا جليا بعد الاستعمار الفرنسي للجزائر ،فقد كان على مدينة وجدة وساكنتها احتضان المقاومة الجزائرية ودعمهم بالمال والسلاح ،خاصة على عهد الأمير عبد القادر الجزائري.إلى أن تم احتلالها في 1844 والمرة الثانية في 1859 ،والمرة الأخيرة في 1907 حيث بقيت قواتهم إلى إعلان استقلال البلاد.
وتطبيقا لبنود معاهدة واد راس مع مملكة إسبانيا ،كلف السلطان محمد الرابع في ديسمبر 1861م أخاه العباس و ابن عمه محمد بن عبد الجبار ،إضافة لمجموعة من القياد المخزنيين في المنطقة الشرقية ،كعامل وجدة أحمد الداودي و قايد بني يزناسن ميمون ولد البشير أمسعود و قايد قبائل أرحى ،بتأمين الحدود من الجانب المغربي.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
فقد اقتنعت فرنسا أن مدينة وجدة هي الحلقة الأولى لاحتلال المغرب ،والسيطرة على الشمال الإفريقي للقضاء على القواعد الخلفية للمقاومة الجزائرية.فقامت بالضغط على المدينة بدعوى ملاحقة العناصر الثائرة ضد فرنسا ،مما جعلها تدخل في حرب مع المخزن المغربي في معركة إسلي عام 1844 م ،التي انتهت بهزيمة كبيرة للمغاربة.فأجبرت فرنسا المغرب على توقيع معاهدة للا مغنية في نفس السنة ،وكان من أهم بنودها رسم الحدود بين الدولة المغربية والجزائر المستعمرة. فتم الاتفاق على أن تمتد الحدود من قلعة عجرود (السعيدية حاليا) إلى ثنية الساسي.ليدخل الجيش الفرنسي تحت قيادة ليوطي مدينة وجدة في 24 مارس 1907 ،قبل أن يستسلم زعماء قبائل بني زناسن ،بعد مقاومتهم المريرة الدامية للاحتلال.
هناك حدث تاريخي هام عايشته وجدة خلال الحرب العالمية الثانية ،إذ نزلت بأرضها قوات أمريكية هائلة (Fifth United States Army ) تحت قيادة الجنرال المشهور بقيادة جون باتون ،الذي حاول تقليد الماريشال رومل الألماني في قتاله ،قصد التوجه عبرها إلى ليبيا ،من أجل محاربة فيلق الصحراء الشهير.لهذا كان لوجود قوات أمريكية بذاك الحجم آنذاك في مدينة ظلت إلى حين هادئة أثره ،سواء من على الحياة الاجتماعية ككل ،أو ازدهار التجارة نوعا ما.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
بين 07-08 يونيو سنة 1948 قتل 48 يهوديا وجرح 150 منهم في وجدة وجرادة ،بعد انحياز بعض أفراد الجالية اليهودية ،خاصة الطبقة الوسطى منهم إلى جانب المستعمرين في مقاومة الاستقلال.كما يرجع السبب الأساسي إلى قيام الحاكم العسكري الفرنسي روني برونل ،بتحريض بعض المتحمسين ضد يهود وجدة ،لأجل دفعهم إلى الهجرة إلى إسرائيل بتنسيق سري مع الوكالة اليهودية العالمية ،كما حصل آنذاك في عدة دول أخرى لتعمير الدولة الجديدة
عرفت المدينة زيارات مهمة لشخصيات عربية وأجنبية بارزة أثناء حرب التحرير الجزائرية ،فاتخذها الرئيس الجزائري هواري بومدين قاعدة خلفية لمساندة الثورة ،كما ولد وترعرع بها الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة ،الذي أمضى فيها جزءا هاما من طفولته وحياته السياسية داخل أرجائها.وأيضا أقام فيها القائد معمر القذافي الذي قدم إليها لإقامة اتفاقية الاتحاد العربي الأفريقي ،مع الملك الحسن الثاني في أغسطس 1984 ،فزارها الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد ،والعاهل السعودي فهد بن عبد العزيز.وفي 11 يوليو حل الرئيس الإسباني خوسيه لويس ثباتيرو في زيارة رسمية بوجدة ،بعد التوتر الذي وقع بعد زيارة الملك خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية ،مما دفع المغرب إلى استدعاء سفيره بمدريد قصد التشاور لمدة غير محددة.
ولكون المدينة تقع في منبسط سهل أنكاد ،فمناخها مثل بقاع البحر الأبيض المتوسط ،البارد والممطر شتاء و الحار صيفا ،يظل متوسط درجات الحرارة السنوية.وقد وصفت الكتب التاريخية والجغرافية التي اهتمت بالمدينة كونها ذات منتجات متنوعة ،وبساتين ممتدة وثروة حيوانية وافرة.ولا شك أن هذا الغنى الطبيعي لهذه المدينة مرده للفرشة المائية الكبيرة جدا ،والتي كانت إلى عهد قريب ذات مستوى سطحي ،انبثقت عنها عدة عيون مثل عين طايرت وواحة سيدي يحي ،وعدة عيون في بوشطاط وواد إسلي.
ويعد نهر ملوية أهم مجرى مائي ،إلى جانب وديان أخرى أقل أهمية منه كواد زا و واد اسلي ،يعتمد على مجموعة من السدود لتخزين المياه ،والعمل على اعادة توزيعها بشكل ملائم.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
والمعالم السياحية تبدأ بالأبواب والدور والساحات والزوايا وغيرها:
_ باب الغربي المعروف قديما باسم "سيدي عيسى"،وهو عبارة عن بوابة المدينة العتيقة في اتجاه الغرب ،وقد خضع بدوره للترميم في إطار برنامج رد الاعتبار للتراث الحضاري والثقافي للمدينة القديمة.ويعتبر من أهم الأبواب الثلاثة الرئيسية للمدينة ،كباب يضفي رغم حجمه المتواضع سحره على المدينة ،وباب سيدي عبد الوهاب من الأبواب التاريخية لمدينة وجدة وأقدمها تشييدا.ويحمل اسم الشريف الصالح سيدي عبد الوهاب أحد الأعلام الوجديين ،الذي عاش في وجدة ردحا من الزمن وتوفي فيها ،ولازال ضريحه قائما داخل أسوار المدينة العتيقة غير بعيد عن الباب ،كما هو الأثر الوحيد في هذا الحي ،الذي يحكي ماضي وجدة الحضاري وإرثها الثقافي.
_ دار السبتي نموذج لدور البورجوازية المغربية في عهد الاستعمار بمدينة وجدة ,أصبحت الآن معلمة أثرية تملكها الجماعة الحضرية.وتستغل مرات عديدة كقاعة للأنشطة الثقافية أو الترفيهية.أما في فصل الصيف فتتحول إلى قاعة للأفراح.وقد تأسست دار السبتي سنة 1938 على يد أحد تجار وجدة ،لتكون قصرا للضيافة يأوي كبار التجار والموظفين.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
_ ساحة 16 غشت هي ساحة تاريخية ،تقع أمام المقر الرئيسي لبلدية وجدة ،وتعتبر من الوجهات المفضلة لساكنة المدينة للترويح عن النفس ،بحكم موقعها الاستراتيجي المتواجد في وسط شارع محمد الخامس.
وتبقى للمعالم الروحية أهميتها كالمجلس العلمي ،ومعهد البعث الإسلامي للعلوم الشرعية ،الذي يتخرج من صفوفه مئات الطلاب وحفظة القرآن سنوياً ،ومن أهم مكتبات المدينة الكبيرة.وكذلك المساجد لرونق جماليتها وروحانيتها ،وأشهرها على الإطلاق:
_ الجامع الأعظم المريني الواقع داخل المدينة القديمة أقدم مسجد بالمدينة ،عند الزاوية الشمالية الغربية للقصبة. وقد ظل لقرون طويلة الجامع الوحيد ،الذي تقام داخله صلاة الجمعة ،كما كانت صومعته هي الصومعة الوحيدة بمدينة وجدة ،عند دخول الفرنسيين إليها سنة 1907م.
_ مسجد حداده الذي يوجد في المدينة القديمة بساحة جامع حدادة ،ويذكر أنه سمي بذلك الاسم نسبة لامرأة صالحة ساهمت في بنائه تدعى حدادة ،و يعتقد بعضهم أنه سمي كذلك لكونه بني بساحة كانت توجد دكاكين للحدادين.ويظن الخبراء أن هذا الرأي الأخير هو الأكثر صحة ،والدليل على ذلك أن اسم هذا المسجد في جميع الوثائق الحبسية القديمة ،يكتب معرفا بجامع الحدادة ( أي الحدادين) وليس جامع حدادة.فكان المسجد يمتد على مساحة تقدر بحوالي350م² ،يشمل قاعة للصلاة خمس بلاطات محمولة ،على ثماني دعائم تشكل صفين متوازيين.وقد تأخر بناء أول صومعة له إلى عهد الحماية في عهد الناظر الفقيه سيدي محمد بن زكري ،كما كان يتم داخله تجهيز موتى المسلمين الغرباء وأبناء السبيل.ويعتبر مسجد الحدادة ثالث المساجد بمدينة وجدة ،التي أصبحت تقام فيها صلاة الجمعة بعد الجامع الأعظم وجامع عقبة بن نافع.وفي شهر ماي من سنة 1992م تم هدم مسجد الحدادة كليا عدا الصومعة ،وأعيد بناؤه و توسعته من جديد.
_ مسجد الغريبة يوجد في حي أولاد عمران زنقة غريبة ،وتذكر الراوية الشفوية أنه سمي بهذا الاسم نسبة إلى امرأة محسنة من المنطقة تدعى غريبة ،تبرعت بمالها الخاص لبنائه.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠٠سجد Ù Ø*٠د اÙسادس Ù٠اÙ٠دÙÙØ© Ùجدة
مسجد محمد السادس في المدينة وجدة
_ أما مسجد محمد السادس في المدينة وجدة ،فقد دشنه العاهل يوم الجمعة 24 رجب 1433 هجرية الموافق ل 15 يونيو 2012 ،وتم تشييده من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ،ليضاف بذلك إلى مساجد مدينة زيري بن عطية.حتى أصبح مسجد محمد السادس تحفة بين الجمالية والفن ،من حيث النقش والزخرفة ،والفن في العمارة المبهرة بالفن الاصيل الذي يجمع ،بين العمارة الأندلسية والمغربية الأصيلة ،ليخلق ذلك التمازج تحفا جمالية وفنية.
_ بينما في مجال الكنائس فتعتبر كنيسة سان لوي أهمها ،لأنها من ضمن الكنائس الموزعة بالمغرب منذ القرن التاسع عشر.وتعتبر بيتا من بيوت الله للصلاة بالنسبة للمسيحيين المقيمين بالمدينة ،كما تقام فيها الصلاة يومي السبت والأحد ،ويحضر إليها الطلبة الإفريقيين الذين يدرسون بجامعة محمد الأول معتنقي المسيحية ،وبمجموعة من المقيمين من النصارى داخل مدينة الألفية.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠٠سجد Ù Ø*٠د اÙسادس Ù٠اÙ٠دÙÙØ© Ùجدة
وتظل من أشهر مآثر الديانة اليهودية في الجهة الشرقية تلك البيع الموجودة بمدينة وجدة ،وهي : بيعة أولاد ابن درعي – بيعة أولاد يشو – وبيعة الهبرة.
و تعرف مدينة وجدة أيضا نشاطا كبيرا في ميدان التصوف المعتدل ،الذي تظل من أبرز مواقعه في المدينة:
_ زاوية مولاي عبد القادر الجيلاني ،التي يلجأ إليها الفقراء والمريدين كل ليلة الجمعة.
_ زاوية سيدي أحمد التيجاني في ساحة العدول ،التي يلجأ إليها الفقراء والمريدين كل يوم وخاصة يوم الجمعة.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
أما الأضرحة فأشهرها سيدي يحي بن يونس ،وقد جرت العادة منذ مئات السنين على زيارة هذا الضريح من طرف المسلمين واليهود والنصارى للتبرك ببركاته.وتفيد النصوص التاريخية أن هذا الولي المدفون ،هاجر من قشتالة إلى وجدة للاستقرار فتوفي ودفن فيها ،بينما تفيد مصادر أخرى أن به جثمان أو أجزاء منه القديس يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا) ،وما زال ضريحه مزارا لأعداد هامة من اليهود القادمين من كندا وفرنسا ،وإسبانيا وأمريكا ومن فلسطين.
ظلت المدينة شبه مغيبة في السياسة السياحية لضعف مؤهلاتها ،عدا بعض المآثر التاريخية وواحة سيدي يحي.
بالنسبة للمؤسسات التعليمية العليا ،فجامعة محمد الأول صنفها المجلس الوطني للبحوث في اسبانيا ،في دراسة صدرت سنة 2010 في ترتيب الجامعات ،حيث تصدرت الرتبة الخامسة والثلاثين عربيا.وفي سنة 2018 اعتبرت الثالثة وطنيا في الفيزياء ،مما رفعها إلى فئة افضل جامعة على الصعيد العالمي.كما تعرف الجامعة نشاطا كبيرا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
تضم جامعة محمد الأول أيضًا مراكز الأبحاث التالية:
مركز الدراسات حول حركات الهجرة المغاربية.
المركز الجامعي للأبحاث الأركيولوجية.
مركز الشرق للعلوم والتكنولوجيا.
مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية وجدة.
المركز الجامعي للغات والتواصل.
_ كما يتميز المطبخ الوجدي وما جاورها من مدن شرقية ،بتشكيلة من الطبخ المغربي والطبخ الجزائري في ذوق خاص بالمنطقة الشرقية.
_ أما الفنون بين أجواء المدينة الحافلة بجمالية تمازج الأجناس ،فيعتبر الراي والعرفة من أشهر الفنون الفلكلورية كما تعرف الجهة الشرقية بالمغرب وشمال غرب الجزائر عدة ألوان من الفلكلور ،تقدمها فرق ورثت هذه الفنون عن طريق التواتر الشفهي.فتتميز ب"الكلال" "الزامر"، "القصبة" وأحيانا "الغايطة" ،وكلها مفردات محلية لآلات موسيقية ،فالعرفة والشيوخ والبّرديا رموز لثقافة الفن الاصيل بالجهة ،التي تطورت في بيئة بصم عليها عرب هلال وقبائل زناتة.
بينما الفن الغرناطي فتعتبر مدن قرطبة وإشبيلية وبلنسية المهد الأول لهذا الفن ،حيث كانت هذه الحواضر الأندلسية خلال القرن الحادي عشر الميلادي ،تتنافس فيما بينها لتقديم أجود ما تعرفه في هذا المجال ،وقد شكل هذا الأسلوب الذي عرفته هذه الفترة التاريخية المدرسة الغرناطية الأولى.في حين تشكلت المدرسة الغرناطية متأخرة ،أي بعد اكتمال معالمها كتركيب لمجموعة من الأساليب السابقة في القرن الخامس عشر الميلادي ،قبل خروج بني الأحمر من آخر معقل المسلمين بغرناطة.
وقد استقر فن الطرب الغرناطي بمنطقة وجدة والرباط وسلا وتطوان وفاس في المغرب ،بعد هجرة السكان النازحين من غرناطة ،التي استقروا فيها بعد سقوط الأندلس.في حين هاجر البعض الآخر إلى الجزائر نتيجة علاقة الدولة الزيانية ببني الاحمر ،ولتعهد مدينة تلمسان التي هي في الأصل مدينة مغربية ،قبل دخول الاستعمار الفرنسي وضمها للجزائر.لذلك نجد سكانها ذوو أصول مغربية ،دون أن ننسى تأثر الفنون خاصة الغرناطي ،بالموسيقى التركية العثمانية من حيث الآلات.مما جعل مركز الدراسات والبحوث الغرناطية بهتم بهذا التراث من حيث إرساء قواعد استمراره.
ولازالت ملحمة الحدود بلعنتها تحرق قلوب أهل الشرق على حدود وجدة ،نحو اقاربهم وأصهارهم في الجزائر ،بعد اختلاق مشكل الصحراء خاصة بدعم الدولة الجزائرية ولما رأته السلطات المغربية وقوفا من الهيئة الحاكمة ،وراء هجمات إرهابية هددت الأراضي المغربية أثناء هجمات أطلس ايسني في مراكش.مما حول مشوارا لا تزيد مدته برا عن ساعتين أو ثلاث ،إلى طريق يتطلب قطع آلاف الأميال ،من وجدة إلى مطار الدار البيضاء للتوجه نحو الجزائر العاصمة ،بتكاليف قد تصل إلى نحو ألف دولار ،مما دفع أعضاء المجلس إلى البحث عن سبل لخلق خط جوي ،يربط مدينة وجدة عاصمة الجهة بمدينة وهران الجزائرية مباشرة ،لتبسيط صلة الأرحام المقطوعة بعشوائية السياسة.
لكن رغم إغلاق الحدود بين البلدين الجارين عام 1994 ،فإن صلة الرحم بين الشعبين استمرت عبر اختراق الحدود في كلا الاتجاهين ،بمساعدة أشخاص لهم دراية بالطرق السرية عبر الحدود بين البلدين.وقد قدم المغرب مؤخرا عشرات الدعوات للجزائر من أجل فتح الحدود ،لكن الجزائر لم تستجب بعد.
جليلة مفتوح
(جليلة أحمد خليفة)
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠بÙÙ٠جÙÙÙÙ Ø®ÙÙÙÙ
وجدة بالأمازيغية: ⵓⵊⴷⴰ
مدينة مغربية تقع في عمالة وجدة أنكاد ،وهي عاصمة جهة الشرق وأكبر مدينة تقع على الحدود المغربية الجزائرية ،وتعتبر مدينة حدودية لأنها غير بعيدة عن المركز الحدودي زوج بغال إلا بحوالي 14 كلم.كما أنها تبعد بحوالي 60 كلم عن ساحل البحر الأبيض المتوسط ،حيث توجد مدينة السعيدية أجمل وأطول شواطئ ،بما حولها من فخامة المنتجعات السياحية لجماليتها ،التي كانت تعرف بقلعة عجرود الواقعة في إقليم بركان المعروف كمدينة لها اهميتها بجوار مدينة وجدة.
ارتبطت مدينة وجدة منذ العصور القديمة بجارتها مدينة تلمسان التي كانت تعد حاضرة المغرب الأوسط ،ويعود تأسيس وجدة على يد الزعيم المغراوي زيري بن عطية الذي استطاع أن يؤسس مملكة في المغرب الأقصى ،وكان في صراع مفتوح مع المنصور بن أبي عامر في الأندلس ،والفاطميين وأنصارهم من الصنهاجيين في المغرب الأوسط.ولهذا في خضم تلك الظروف السياسية الصعبة ،فكر زيري بن عطية حسب أغلب الروايات التاريخية ،في ضرورة توسيع مملكته شرق عاصمته فاس ،لحماية ظهره من كل الأخطار المحدقة من الناحية الشرقية ،حين قرر بناء مدينة وجدة في شهر رجب سنة 384 هـ / 994 م. وقد قام بتحصين المدينة عبر إحاطتها بالأسوار العالية ،والأبواب التي كان يتحكم الحراس في فتحها وإغلاقها.لكن فتحها يوسف بن تاشفين السلطان المرابطي ،في حملته على بلاد المغرب الأوسط سنة 1070م.
في 1 يناير 1994م احتفلت وجدة بألفيتها الأولى ،وتم اختيارها عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018م
واشتهرت المدينة مثل بقية غالب مناطق الريف ومدن الشمال على الخصوص مثل مدينة الناظور كثغر مهم وغيرها ،بكونها كانت ضحية حرب السموم الكبرى.فأشارت العديد من الأبحاث والدراسات ،إلى أن إسبانيا وأمام ضراوة وقوة المقاومة في منطقة ريف المغرب ،في عشرينيات القرن المنصرم ،التي توجت بمعركة أنوال الشهيرة ،استعملت سبلا وتقنيات دنيئة وغير مشروعة ،لفرض منطق احتلالها واستباحتها الأراضي المغربية ،من قبيل إحراق الزرع والبيوت والأسواق ،وقصف المدنيين من أطفال وشيوخ ونساء ،باللجوء إلى استعمال الغازات السامة ،في مناطق مختلفة أخرى من الشمال المغربي ما بين سنتي 1921 و1927. وهو ما أرغم الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي ،على الاستسلام إلى السلطات الفرنسية حقنا للدماء.وتؤكد الوثائق التاريخية أن منطقة الريف بالمغرب شهدت أول حرب كيماوية جوية عشوائية ،أضحت معها فضاء لتجريب مختلف أنواع الغازات المتطورة المحظورة ،والأكثر فتكا بالإنسانية والبيئة والحياة ،في أضخم إبادة بشرية شهدها التاريخ.لكن ظل الملف الأسود هذا مغلقا لأكثر من سبعة عقود ،بفعل التعتيم الإسباني وتواطؤ الدول الاستعمارية الأخرى.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
أما اسم المدينة فيوجد اختلاف حول أصل تسميتها ،فذهب فريق من الباحثين إلى أن اسمها مشتق من كلمة "وجدات" أي الكمائن التي كان يضعها العصاة والمتمردون وقطاع الطرق لتجار القوافل.كما أن المدينة مرتبطة بحدث تاريخي ،يتمثل في مطاردة سليمان الشماخ الذي اغتال السلطان إدريس الأول بأمر من العباسيين ،الذين أرسلوه في مهمة خاصة لتصفية المولى إدريس الأول ،الذي أسس إمارة مستقلة عن الحكم العباسي في المغرب. فدس السم للمولى إدريس وفر عائدا نحو المشرق ،إلا أن المغاربة اقتفوا أثره ووجدوه في مكان غير بعيد من وجدة الحالية وقتلوه.
ولأن لاشيء كان يشيد دون إحراق من قبل ،فابن خلدون يروي عن التخريب الذي طال المدينة سنة 670 هـ/1272 م بعد أن دخل السلطان أبي يوسف يعقوب المريني على وجدة:
_ أقام السلطان أبو يوسف على وجدة حتى خربها ،وأصرع بالتراب أسوارها وألصق بالرغام جدرانها.
تبوأت المدينة مكانتها السياسية والإستراتيجية على عهد بني مرين ،الذين كانوا في صراع دائم مع أمراء بني عبد الواد المستقرين في تلمسان.وعند انشغال أبي بكر بن عبد الحق مؤسس الدولة المرينية بمحاصرة مدينة فاس ،استغل يغمراسن بن زيان انشغاله بحصار فاس فسار يريد الاستيلاء على تازة ،المدينة ذات أهمية هي الأخرى تاريخيا.لكن أبا بكر واجهه عند وجدة وهزمه ،فعاد يغمراسن إلى تلمسان ،لتعلن الحرب على المغرب الأوسط لزمن ،بسبب مهاجمة مرين مراكز أعدائهم وخصومهم ،الذين كانوا يلتجئون إلى تلمسان احتماء بملوكها.مما دفع السلطان أبو سعيد المرينى ،إلى تخريب مدينة وجدة لاكتساح تلمسان.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠اÙأدÙب٠اÙ٠غربÙ٠جÙÙÙÙ Ø®ÙÙÙÙ
تعرضت وجدة كمدينة حدودية لصراع مع الأتراك في الجزائر ،بسبب موقعها الاستراتيجي ،فخربت أسوارها المحصنة لمدارها على عهد السعديين ،الذين هبوا لاسترجاعها من العثمانيين.لكن نجح السلطان المولى إسماعيل ،في استرجاعها من الأتراك سنة 1692 ،قبل أن يستعيدونها من جديد في القرن الموالي.
سنة 1664 وعلى مشارف مدينة وجدة ،دارت حرب بين ولدي مولاي علي الشريف محمد والرشيد ،بعد نزول هذا الأخير مدينة وجدة حيث انضم إليه عرب أنكاد وعرب الشجع.وحين علم أخوه محمد بن الشريف زادت مخاوفه من زحفه عليه ليقرر محاربته ،فأعلن النفير قادما إلى ناحية أنكاد قرب وجدة ،حيث وقعت مواجهة بين الطرفين انهزم على إثرها محمد.
عين أبو القاسم الزياني سنة 1206 هـ /1792م كوالي على مدينة وجدة بالإكراه ،من طرف السلطان مولاي سليمان.
ظلت المدينة لفترات طويلة مقرا لاستقرار قبائل زناتة ،ثم القبائل العربية التي وفدت على المدينة مع بداية الفتح الإسلامي للبلاد.وكان لدخول فروع قبائل بني هلال ،التي حاولت السيطرة على المنطقة لفترات متتالية ،أثرها في الصراع بسبب الفوضى والاضطرابات الدائمة مع سلاطين المغرب ،بدأً من الموحدين وانتهاء بالعلويين ،عرفت المنطقة تنقلات ونزوح للقبائل الأخرى بسبب عرب هلال.وعن أبو عبيد البكري والبيذق وردت أقدم إشارتين بصدد ساكنة وجدة ،دون تحديد واضح للاثنيات المكونة لحضريي وجدة ،بل اقتصر على وصف اثر النعمة على أجسامهم.فقال:
وجدة بينها وبين تلمسان ثلاث مراحل ، وهي مدينة كبيرة مشهورة قديمة كثيرة البساتين والجنات والمزارع والمياه والعيون ،طيبة الهواء جيدة الغذاء ، يمتاز أهلها من غيرهم بنضارة ألوانهم وتنعم أجسامهم.ومراعيها أنجع المراعي وأصلحها للسائمة ،يذكر أنه يوجد في شاة من شياههم مائتا أوقية من شحم ،ويصنعون من صوفها أكسية ليس لها نظيرا.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
كما ذكر ليون الإفريقي في كتابه ،الذي ألفه بداية القرن السادس عشر مدينة وجدة بذكر التفاصيل التالية:
وجدة مدينة قديمة بناها الأفارقة في سهل فسيح جدا ،على بعد نحو أربعين ميلا جنوب البحر الأبيض المتوسط وعلى نفس البعد تقريبا من تلمسان ،محاذية غربا مفازة أنجاد ،وأراضيها الزراعية كلها غزيرة الإنتاج تحيطها عدة حدائق ،غرست فيها على الخصوص الكروم وأشجار التين ،ويخترقها جدول يشرب السكان من مائه ويستعملونه لأغراض أخرى.وكانت أسوارها في القديم متينة عالية جدا ،ودورها ودكاكينها متقنة البناء ،وسكانها أثرياء ومتحضرون وشجعان.لكنها نهبت ودمرت أثناء الحروب المتوالية بين ملوك فاس وملوك تلمسان.وبعد أن وضعت الحرب أوزارها أخذت وجدة بالسكان وشيدت فيها من جديد دور كثيرة ،إلا أنها لم تسترجع حالتها الأولى ،وليس فيها اليوم أكثر من خمسمائة دار آهلة سكانها فقراء ،لأنهم يؤدون الخراج إلى ملك تلمسان وإلى الأعراب المجاورين لهم بمفازة أنجاد ،ويرتدون لباسا قصيرا خشنا شبيها بلباس الفلاحين ،ويربون عددا من الحمير الجميلة كبيرة القامة ،التي تنتج لهم بغالا عالية تباع في تلمسان بأغلى الأثمان ،ويتكلمون باللغة الإفريقية القديمة باستثناء القليل منهم.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
كما ذكر البيذق أسماء بعض أعيان وجدة وألحقهم بمناطقهم الأصلية أو بقبائلهم كسوس أو بني يرنيان ،والمعروف حسب ابن خلدون أن المنطقة قبل بناء المدينة ،كانت مجالا لقبائل زناتة بكل فروعها من جراوة وبني ورتغنين ويرنيان وبني يزناسن ووجديجة وغيرها.ويحسب بعضهم أن زناتة وفدت على بلاد المغرب حوالي القرنين الرابع والخامس الميلادي ،وهي فترة صادفت انتشار البداوة كنمط حياة في الشمال الإفريقي. كما أن العنصر الزناتي كان من أول العناصر ،التي استقرت بمدينة وجدة أثناء تأسيسها من قبل زيري بن عطية ،حيث نقل إليها هذا الأخير أهله الزناتيين ،بالإضافة إلى عدد من أفراد جيشه وعساكره للسهر على امن المدينة.
تحدثت المصادر العربية عن ساكنة عربية ،وفدت مع الهجرات العربية الأولى والثانية ،خاصة أن موقع مدينة وجدة في موسطة الطرق التجارية ،جعلها تعرف عنصرا بشريا آخر هو العنصر الأسود ،الذي وفد مع تجارة السودان عبر سجلماسة نحو وجدة.وتذكر بعض المصادر أن وجود بعض العادات والأسماء التركية ،قد تكون مؤشرا على استقرار بعض العائلات من الأتراك بالمدينة زمن دخولهم إلى وجدة.
عمل زيري بن عطية بعد تأسيس مدينة وجدة سنة 384 هـ/994 م على نقل أهله وبعض ذويه وجيوشه إليها للاستقرار ،لكن لم تشر المصادر المعتمدة إلى عدد السكان الذين استقروا بمدينة وجدة بعد تأسيسها.إلا أن الحركة التجارية كانت نشيطة بمدينة وجدة ،ابتداء من القرن الخامس الهجري/11 م ،مما أدى بدون شك إلى ارتفاع عدد السكان وهو ما نتج عن عملية توسيع رقعة مدينة وجدة ،بإضافة شطر آخر لها على يد يعلى بن بلجين الوتغنيني في منتصف القرن الخامس الهجري/11 م ،فأصبحت وجدة بذلك مدينتين.
كما أن تواجد المدينة القديمة في قلب وجدة يضفي عليها طابعا متميزا ،لأنها تعرف نمطا من البناء المشيد على غرار المدن القديمة في أغلب المدن المغربية ،كما لا زالت تحافظ في شكلها العام على الكثير ،من خصائص البناء التقليدي الذي عرفته لأول مرة.وان كانت أغلب البنايات قد خضعت للترميم نتيجة أحوال الزمن ،بأزقتها الضيقة ودروبها الملتوية العديدة.وإن عرفت ابتداء من الفترة المذكورة وإلى حدود سنة 670 هـ/1237 م نموا ديموغرافيا مطردا ،بحيث وصل عدد سكانها خلال تلك المرحلة 5000 نسمة. ورغم كبر حجم هذا العدد بالنسبة لمدينة كوجدة في تلك الفترة ،إلا أنه يبقى ضئيلا مقارنة مع سكان مدن أخرى من المغرب حول وجدة آنذاك كمدينة تاوريرت ،التي بلغ عدد سكانها في نفس الفترة 15000 نسمة. وهو ما يعني أن سكان تاوريرت كانوا أكبر بثلاثة أضعاف من عدد سكان وجدة ،لتوالي المحن على المدينة عبر مراحل مهتزة بالصراعات الحدودية.وأهمها تراجع عدد سكان مدينة وجدة تراجعا مهولا ،اثر التهديم الكلي الذي طال المدينة على يد أبي يوسف يعقوب المريني سنة 670 هـ/1272 م.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
ولهذا رغم إعادة بناء المدينة في عهد المولى إسماعيل ،والمحاولة الجدية للدفع بأبنائها نحو الازدهار ،فقد تفاقم الوضع مباشرة بعد وفاته ،فاستمر سكان مدينة وجدة في التناقص بسبب الأحداث السياسية والعسكرية الهامة ،التي عرفها شرق المغرب ومدينة وجدة خاصة ،مما جعل الأمر ينتهي بالمدينة ،إلى الدخول تحت سيطرة الأتراك العثمانيين بالجزائر مرة أخرى.واضطر سكان وجدة إلى الهجرة القهرية ،حتى أضحى عدد السكان بداية القرن 13 ه/19 م لا يتجاوز 500 نسمة.
مع دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر ،تغيرت الظروف السياسية والأمنية في المدن المجاورة لمدينة وجدة والمجاورة لها من جهة الشرق خاصة.فتوافد عليها عدد من العائلات الجزائرية هروبا من نيران المستعمر الفرنسي ،مما ساهم في الرفع من ساكنة وجدة ،حيث وصل عدد سكانها سنة 1844 م 4000 أو 5000 نسمة.لكن لما دخل الفرنسيون إليها سنة 1907 م ،لم يكن عدد السكان قد تجاوز بعد 6000 نسمة ،وهو ما يؤكد تباطؤ النمو الديموغرافي بالمدينة حسب ظروف الصراعات الدائرة.
كانت غالبية السكان بوجدة من الأمازيغ (بني ازناسن وبني سنوس وندرومة وهي كلها قبائل زناتية ،كما وجد إلى جانب هذه الأغلبية الأمازيغية أقلية صغيرة ممن يحسنون العربية ،وعناصرها في الغالب من قبائل أنكاد العربية.فتكونت في وجدة أربعة أحياء رئيسية وهي أهل وجدة وأولاد عمران وأولاد عيسى وأولاد الكاضي ،التي ظلت من أقدم أحياء مدينة وجدة ذات الأهمية من حيث عدد السكان.كما تناسلت إلى جانب هذه الأحياء أحياء أخرى أحدث من الأولى مثل أحياء: اشقفان وأهل الجامل والطائفة اليهودية ،بينما كانت العرب الهلالية تحيط بمدينة وجدة ،إلى أن دخلوا المدينة في العصر الحديث.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
ثورة بوحمارة
خلال ثورة الروكي بوحمارة انقسمت قبائل المنطقة بين "روكيين" و" محمديين"، فساندت قبيلة المهاية ،وهي من الأثبج الهلاليين ثورة بوحمارة وأغارت على مدينة وجدة سنة 1886 م بقيادة الحاج السهلي ،فتغلبت على قبائل أولاد علي بن طلحة ،وأجبرت عامل وجدة آنذاك عبد المالك السعدي على الفرار قاصدا الأراضي الجزائرية ،لكن القوات الفرنسية منعته من ولوجها. فقامت ضد المهاية جميع القبائل المساندة للسلطان ،منهم الحاج محمد الصغير ولد البشير على رأس بني يزناسن ،فأجبروا زعماء المهاية على اللجوء إلى الأراضي الجزائرية.وعلى إثرها أرسل السلطان الحسن الأول شريف وزان مولاي عبد السلام رئيس زاوية مولاي الطيب ،لفك النزاع بين المهاية وأهل أنكاد.
لهذا ظلت مدينة وجدة تتأثر بموقعها الحدودي طيلة تاريخها العريق ،وظهر هذا جليا بعد الاستعمار الفرنسي للجزائر ،فقد كان على مدينة وجدة وساكنتها احتضان المقاومة الجزائرية ودعمهم بالمال والسلاح ،خاصة على عهد الأمير عبد القادر الجزائري.إلى أن تم احتلالها في 1844 والمرة الثانية في 1859 ،والمرة الأخيرة في 1907 حيث بقيت قواتهم إلى إعلان استقلال البلاد.
وتطبيقا لبنود معاهدة واد راس مع مملكة إسبانيا ،كلف السلطان محمد الرابع في ديسمبر 1861م أخاه العباس و ابن عمه محمد بن عبد الجبار ،إضافة لمجموعة من القياد المخزنيين في المنطقة الشرقية ،كعامل وجدة أحمد الداودي و قايد بني يزناسن ميمون ولد البشير أمسعود و قايد قبائل أرحى ،بتأمين الحدود من الجانب المغربي.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
فقد اقتنعت فرنسا أن مدينة وجدة هي الحلقة الأولى لاحتلال المغرب ،والسيطرة على الشمال الإفريقي للقضاء على القواعد الخلفية للمقاومة الجزائرية.فقامت بالضغط على المدينة بدعوى ملاحقة العناصر الثائرة ضد فرنسا ،مما جعلها تدخل في حرب مع المخزن المغربي في معركة إسلي عام 1844 م ،التي انتهت بهزيمة كبيرة للمغاربة.فأجبرت فرنسا المغرب على توقيع معاهدة للا مغنية في نفس السنة ،وكان من أهم بنودها رسم الحدود بين الدولة المغربية والجزائر المستعمرة. فتم الاتفاق على أن تمتد الحدود من قلعة عجرود (السعيدية حاليا) إلى ثنية الساسي.ليدخل الجيش الفرنسي تحت قيادة ليوطي مدينة وجدة في 24 مارس 1907 ،قبل أن يستسلم زعماء قبائل بني زناسن ،بعد مقاومتهم المريرة الدامية للاحتلال.
هناك حدث تاريخي هام عايشته وجدة خلال الحرب العالمية الثانية ،إذ نزلت بأرضها قوات أمريكية هائلة (Fifth United States Army ) تحت قيادة الجنرال المشهور بقيادة جون باتون ،الذي حاول تقليد الماريشال رومل الألماني في قتاله ،قصد التوجه عبرها إلى ليبيا ،من أجل محاربة فيلق الصحراء الشهير.لهذا كان لوجود قوات أمريكية بذاك الحجم آنذاك في مدينة ظلت إلى حين هادئة أثره ،سواء من على الحياة الاجتماعية ككل ،أو ازدهار التجارة نوعا ما.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
بين 07-08 يونيو سنة 1948 قتل 48 يهوديا وجرح 150 منهم في وجدة وجرادة ،بعد انحياز بعض أفراد الجالية اليهودية ،خاصة الطبقة الوسطى منهم إلى جانب المستعمرين في مقاومة الاستقلال.كما يرجع السبب الأساسي إلى قيام الحاكم العسكري الفرنسي روني برونل ،بتحريض بعض المتحمسين ضد يهود وجدة ،لأجل دفعهم إلى الهجرة إلى إسرائيل بتنسيق سري مع الوكالة اليهودية العالمية ،كما حصل آنذاك في عدة دول أخرى لتعمير الدولة الجديدة
عرفت المدينة زيارات مهمة لشخصيات عربية وأجنبية بارزة أثناء حرب التحرير الجزائرية ،فاتخذها الرئيس الجزائري هواري بومدين قاعدة خلفية لمساندة الثورة ،كما ولد وترعرع بها الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة ،الذي أمضى فيها جزءا هاما من طفولته وحياته السياسية داخل أرجائها.وأيضا أقام فيها القائد معمر القذافي الذي قدم إليها لإقامة اتفاقية الاتحاد العربي الأفريقي ،مع الملك الحسن الثاني في أغسطس 1984 ،فزارها الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد ،والعاهل السعودي فهد بن عبد العزيز.وفي 11 يوليو حل الرئيس الإسباني خوسيه لويس ثباتيرو في زيارة رسمية بوجدة ،بعد التوتر الذي وقع بعد زيارة الملك خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية ،مما دفع المغرب إلى استدعاء سفيره بمدريد قصد التشاور لمدة غير محددة.
ولكون المدينة تقع في منبسط سهل أنكاد ،فمناخها مثل بقاع البحر الأبيض المتوسط ،البارد والممطر شتاء و الحار صيفا ،يظل متوسط درجات الحرارة السنوية.وقد وصفت الكتب التاريخية والجغرافية التي اهتمت بالمدينة كونها ذات منتجات متنوعة ،وبساتين ممتدة وثروة حيوانية وافرة.ولا شك أن هذا الغنى الطبيعي لهذه المدينة مرده للفرشة المائية الكبيرة جدا ،والتي كانت إلى عهد قريب ذات مستوى سطحي ،انبثقت عنها عدة عيون مثل عين طايرت وواحة سيدي يحي ،وعدة عيون في بوشطاط وواد إسلي.
ويعد نهر ملوية أهم مجرى مائي ،إلى جانب وديان أخرى أقل أهمية منه كواد زا و واد اسلي ،يعتمد على مجموعة من السدود لتخزين المياه ،والعمل على اعادة توزيعها بشكل ملائم.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
والمعالم السياحية تبدأ بالأبواب والدور والساحات والزوايا وغيرها:
_ باب الغربي المعروف قديما باسم "سيدي عيسى"،وهو عبارة عن بوابة المدينة العتيقة في اتجاه الغرب ،وقد خضع بدوره للترميم في إطار برنامج رد الاعتبار للتراث الحضاري والثقافي للمدينة القديمة.ويعتبر من أهم الأبواب الثلاثة الرئيسية للمدينة ،كباب يضفي رغم حجمه المتواضع سحره على المدينة ،وباب سيدي عبد الوهاب من الأبواب التاريخية لمدينة وجدة وأقدمها تشييدا.ويحمل اسم الشريف الصالح سيدي عبد الوهاب أحد الأعلام الوجديين ،الذي عاش في وجدة ردحا من الزمن وتوفي فيها ،ولازال ضريحه قائما داخل أسوار المدينة العتيقة غير بعيد عن الباب ،كما هو الأثر الوحيد في هذا الحي ،الذي يحكي ماضي وجدة الحضاري وإرثها الثقافي.
_ دار السبتي نموذج لدور البورجوازية المغربية في عهد الاستعمار بمدينة وجدة ,أصبحت الآن معلمة أثرية تملكها الجماعة الحضرية.وتستغل مرات عديدة كقاعة للأنشطة الثقافية أو الترفيهية.أما في فصل الصيف فتتحول إلى قاعة للأفراح.وقد تأسست دار السبتي سنة 1938 على يد أحد تجار وجدة ،لتكون قصرا للضيافة يأوي كبار التجار والموظفين.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
_ ساحة 16 غشت هي ساحة تاريخية ،تقع أمام المقر الرئيسي لبلدية وجدة ،وتعتبر من الوجهات المفضلة لساكنة المدينة للترويح عن النفس ،بحكم موقعها الاستراتيجي المتواجد في وسط شارع محمد الخامس.
وتبقى للمعالم الروحية أهميتها كالمجلس العلمي ،ومعهد البعث الإسلامي للعلوم الشرعية ،الذي يتخرج من صفوفه مئات الطلاب وحفظة القرآن سنوياً ،ومن أهم مكتبات المدينة الكبيرة.وكذلك المساجد لرونق جماليتها وروحانيتها ،وأشهرها على الإطلاق:
_ الجامع الأعظم المريني الواقع داخل المدينة القديمة أقدم مسجد بالمدينة ،عند الزاوية الشمالية الغربية للقصبة. وقد ظل لقرون طويلة الجامع الوحيد ،الذي تقام داخله صلاة الجمعة ،كما كانت صومعته هي الصومعة الوحيدة بمدينة وجدة ،عند دخول الفرنسيين إليها سنة 1907م.
_ مسجد حداده الذي يوجد في المدينة القديمة بساحة جامع حدادة ،ويذكر أنه سمي بذلك الاسم نسبة لامرأة صالحة ساهمت في بنائه تدعى حدادة ،و يعتقد بعضهم أنه سمي كذلك لكونه بني بساحة كانت توجد دكاكين للحدادين.ويظن الخبراء أن هذا الرأي الأخير هو الأكثر صحة ،والدليل على ذلك أن اسم هذا المسجد في جميع الوثائق الحبسية القديمة ،يكتب معرفا بجامع الحدادة ( أي الحدادين) وليس جامع حدادة.فكان المسجد يمتد على مساحة تقدر بحوالي350م² ،يشمل قاعة للصلاة خمس بلاطات محمولة ،على ثماني دعائم تشكل صفين متوازيين.وقد تأخر بناء أول صومعة له إلى عهد الحماية في عهد الناظر الفقيه سيدي محمد بن زكري ،كما كان يتم داخله تجهيز موتى المسلمين الغرباء وأبناء السبيل.ويعتبر مسجد الحدادة ثالث المساجد بمدينة وجدة ،التي أصبحت تقام فيها صلاة الجمعة بعد الجامع الأعظم وجامع عقبة بن نافع.وفي شهر ماي من سنة 1992م تم هدم مسجد الحدادة كليا عدا الصومعة ،وأعيد بناؤه و توسعته من جديد.
_ مسجد الغريبة يوجد في حي أولاد عمران زنقة غريبة ،وتذكر الراوية الشفوية أنه سمي بهذا الاسم نسبة إلى امرأة محسنة من المنطقة تدعى غريبة ،تبرعت بمالها الخاص لبنائه.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠٠سجد Ù Ø*٠د اÙسادس Ù٠اÙ٠دÙÙØ© Ùجدة
مسجد محمد السادس في المدينة وجدة
_ أما مسجد محمد السادس في المدينة وجدة ،فقد دشنه العاهل يوم الجمعة 24 رجب 1433 هجرية الموافق ل 15 يونيو 2012 ،وتم تشييده من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ،ليضاف بذلك إلى مساجد مدينة زيري بن عطية.حتى أصبح مسجد محمد السادس تحفة بين الجمالية والفن ،من حيث النقش والزخرفة ،والفن في العمارة المبهرة بالفن الاصيل الذي يجمع ،بين العمارة الأندلسية والمغربية الأصيلة ،ليخلق ذلك التمازج تحفا جمالية وفنية.
_ بينما في مجال الكنائس فتعتبر كنيسة سان لوي أهمها ،لأنها من ضمن الكنائس الموزعة بالمغرب منذ القرن التاسع عشر.وتعتبر بيتا من بيوت الله للصلاة بالنسبة للمسيحيين المقيمين بالمدينة ،كما تقام فيها الصلاة يومي السبت والأحد ،ويحضر إليها الطلبة الإفريقيين الذين يدرسون بجامعة محمد الأول معتنقي المسيحية ،وبمجموعة من المقيمين من النصارى داخل مدينة الألفية.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠٠سجد Ù Ø*٠د اÙسادس Ù٠اÙ٠دÙÙØ© Ùجدة
وتظل من أشهر مآثر الديانة اليهودية في الجهة الشرقية تلك البيع الموجودة بمدينة وجدة ،وهي : بيعة أولاد ابن درعي – بيعة أولاد يشو – وبيعة الهبرة.
و تعرف مدينة وجدة أيضا نشاطا كبيرا في ميدان التصوف المعتدل ،الذي تظل من أبرز مواقعه في المدينة:
_ زاوية مولاي عبد القادر الجيلاني ،التي يلجأ إليها الفقراء والمريدين كل ليلة الجمعة.
_ زاوية سيدي أحمد التيجاني في ساحة العدول ،التي يلجأ إليها الفقراء والمريدين كل يوم وخاصة يوم الجمعة.
ÙتÙجة بØ*Ø« اÙصÙر ع٠Ùجدة اÙ٠غربÙ
أما الأضرحة فأشهرها سيدي يحي بن يونس ،وقد جرت العادة منذ مئات السنين على زيارة هذا الضريح من طرف المسلمين واليهود والنصارى للتبرك ببركاته.وتفيد النصوص التاريخية أن هذا الولي المدفون ،هاجر من قشتالة إلى وجدة للاستقرار فتوفي ودفن فيها ،بينما تفيد مصادر أخرى أن به جثمان أو أجزاء منه القديس يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا) ،وما زال ضريحه مزارا لأعداد هامة من اليهود القادمين من كندا وفرنسا ،وإسبانيا وأمريكا ومن فلسطين.
ظلت المدينة شبه مغيبة في السياسة السياحية لضعف مؤهلاتها ،عدا بعض المآثر التاريخية وواحة سيدي يحي.
بالنسبة للمؤسسات التعليمية العليا ،فجامعة محمد الأول صنفها المجلس الوطني للبحوث في اسبانيا ،في دراسة صدرت سنة 2010 في ترتيب الجامعات ،حيث تصدرت الرتبة الخامسة والثلاثين عربيا.وفي سنة 2018 اعتبرت الثالثة وطنيا في الفيزياء ،مما رفعها إلى فئة افضل جامعة على الصعيد العالمي.كما تعرف الجامعة نشاطا كبيرا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
تضم جامعة محمد الأول أيضًا مراكز الأبحاث التالية:
مركز الدراسات حول حركات الهجرة المغاربية.
المركز الجامعي للأبحاث الأركيولوجية.
مركز الشرق للعلوم والتكنولوجيا.
مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية وجدة.
المركز الجامعي للغات والتواصل.
_ كما يتميز المطبخ الوجدي وما جاورها من مدن شرقية ،بتشكيلة من الطبخ المغربي والطبخ الجزائري في ذوق خاص بالمنطقة الشرقية.
_ أما الفنون بين أجواء المدينة الحافلة بجمالية تمازج الأجناس ،فيعتبر الراي والعرفة من أشهر الفنون الفلكلورية كما تعرف الجهة الشرقية بالمغرب وشمال غرب الجزائر عدة ألوان من الفلكلور ،تقدمها فرق ورثت هذه الفنون عن طريق التواتر الشفهي.فتتميز ب"الكلال" "الزامر"، "القصبة" وأحيانا "الغايطة" ،وكلها مفردات محلية لآلات موسيقية ،فالعرفة والشيوخ والبّرديا رموز لثقافة الفن الاصيل بالجهة ،التي تطورت في بيئة بصم عليها عرب هلال وقبائل زناتة.
بينما الفن الغرناطي فتعتبر مدن قرطبة وإشبيلية وبلنسية المهد الأول لهذا الفن ،حيث كانت هذه الحواضر الأندلسية خلال القرن الحادي عشر الميلادي ،تتنافس فيما بينها لتقديم أجود ما تعرفه في هذا المجال ،وقد شكل هذا الأسلوب الذي عرفته هذه الفترة التاريخية المدرسة الغرناطية الأولى.في حين تشكلت المدرسة الغرناطية متأخرة ،أي بعد اكتمال معالمها كتركيب لمجموعة من الأساليب السابقة في القرن الخامس عشر الميلادي ،قبل خروج بني الأحمر من آخر معقل المسلمين بغرناطة.
وقد استقر فن الطرب الغرناطي بمنطقة وجدة والرباط وسلا وتطوان وفاس في المغرب ،بعد هجرة السكان النازحين من غرناطة ،التي استقروا فيها بعد سقوط الأندلس.في حين هاجر البعض الآخر إلى الجزائر نتيجة علاقة الدولة الزيانية ببني الاحمر ،ولتعهد مدينة تلمسان التي هي في الأصل مدينة مغربية ،قبل دخول الاستعمار الفرنسي وضمها للجزائر.لذلك نجد سكانها ذوو أصول مغربية ،دون أن ننسى تأثر الفنون خاصة الغرناطي ،بالموسيقى التركية العثمانية من حيث الآلات.مما جعل مركز الدراسات والبحوث الغرناطية بهتم بهذا التراث من حيث إرساء قواعد استمراره.
ولازالت ملحمة الحدود بلعنتها تحرق قلوب أهل الشرق على حدود وجدة ،نحو اقاربهم وأصهارهم في الجزائر ،بعد اختلاق مشكل الصحراء خاصة بدعم الدولة الجزائرية ولما رأته السلطات المغربية وقوفا من الهيئة الحاكمة ،وراء هجمات إرهابية هددت الأراضي المغربية أثناء هجمات أطلس ايسني في مراكش.مما حول مشوارا لا تزيد مدته برا عن ساعتين أو ثلاث ،إلى طريق يتطلب قطع آلاف الأميال ،من وجدة إلى مطار الدار البيضاء للتوجه نحو الجزائر العاصمة ،بتكاليف قد تصل إلى نحو ألف دولار ،مما دفع أعضاء المجلس إلى البحث عن سبل لخلق خط جوي ،يربط مدينة وجدة عاصمة الجهة بمدينة وهران الجزائرية مباشرة ،لتبسيط صلة الأرحام المقطوعة بعشوائية السياسة.
لكن رغم إغلاق الحدود بين البلدين الجارين عام 1994 ،فإن صلة الرحم بين الشعبين استمرت عبر اختراق الحدود في كلا الاتجاهين ،بمساعدة أشخاص لهم دراية بالطرق السرية عبر الحدود بين البلدين.وقد قدم المغرب مؤخرا عشرات الدعوات للجزائر من أجل فتح الحدود ،لكن الجزائر لم تستجب بعد.