×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مديرة التخرير سعاد العتابي

ناهد بوخالفة: الهجرة إلى الرواية تُشرعنها حيازة أدوات التجريب حاورها أحمد الشيخاوي

image



ناهد بوخالفة: الهجرة إلى الرواية تُشرعنها حيازة أدوات التجريب
حاورها أحمد الشيخاوي

تعتبر الجائزة التي تخلّد ذكرى الكاتبة والمؤرخة والسينمائية الجزائرية الشهيرة آسيا جبار،من الأهمية بمكان، نظرا لرمزيتها وقيمتها المادية أيضا، والتي تبلغ مليون دينار، تحت إشراف كل من وزارتي الثقافة والاتصال.
قابلنا المبدعة ناهد بوخالفة، كأصغر مشاركة، استهلّت مشروعها السردي بالباكورة "رسائل أنثى"، وها هي تحصد الجائزة في طبعتها الرابعة.
قابلناها يحرّكنا فضول فضّ عوالم روايتها المُتوّجَة "سيران".
بداية نبارك لك هذا التتويج، ونودّ تقريب المتلقي العربي، أكثر من أجواء هذه الجائزة القيمة والثمينة لعدة اعتبارات، أبرزها اقترانها باسم روائي كبير إن وطنيا داخل الجزائر الشقيقة، أو عربيا، أو عالميا حتّى، الأديبة المبدعة الكبيرة الراحلة آسيا جبار..؟
ــــ جائزة آسيا جبار هي ذاك البريق الساطع الذي سُلِّط عليّ فور حيازتي على اللقب، منحني فرصة للظهور وأوغل اسمي في الساحة الإبداعية، أوجدني في بقعة الضوء ليتعرف إليّ النقاد والقراء.أي جائزة كبيرة هي إضافة للكاتب وقفزة نوعية خاصة لمن في بداية طريقه الأدبي.
هل أنصف النقد رواية "سيران"؟
ــــ أجل أنصف النقد روايتي، حين يكون للناقد قدرة استنباط الرسائل المنبثقة من العمل، فذاك أكبر اعتراف أن الرواية لامست الهدف المنشود.
قلّبتُ صفحات الرواية وأحسبها تنبثق في طرحها العام، من مشهد الجنائزية، رحيل الأمّ، وتتمة عناقيد الحكي، في دورتها وانجذابها إلى عوالم دوال الأمومة، بما يكن أن تتيحه للذات والعالم من توازن واستقرار.
إلى أي حدّ وفقت أديبتنا ناهد، في سردية الاحتفاء بالحياة ومنظومة قيم الخير والمحبة والتعايش والسلام، من خلال رواية "سيران"؟
ـــــ "سيران" تشكيلة من قضايا إنسانية، وسديم من حكايات وصراعات تارة مع الذات وتارة أخرى مع الآخر. حاولت فيها التغلغل إلى مسامات بعض الأسئلة العالقة اجتماعيا في السرائر وصنعت منها رواية يتجول من خلالها القارئ إلى عمق المجتمع، ويفك الغاز ما وراء الأبواب والأفئدة.. أحببت أن أثير جدلية الأمومة بين تقديس البطل لها والتحقير، مع بعض التتبيل في العقدة بأزمات تصيب البطل وتدخله دوامة البؤس لكنه قوي كفاية لينتصر خيره على شر البعض.. وهذا نموذج طيب عن الصبر والتفاؤل.
أثمّة رسالة تتوجّهين بها إلى من أساؤوا فهم روايتك؟
ــــ رسالتي الوحيدة.. هي أن قلمي حر لا أصفاد له ومن أراد تقويم زلاتي فليقومها برواية من صنع أنامله وفكره.. فذاك الرد الذي يمكنني تقبله.. عدا ذلك من لم يفهم روايتي فليعد قراءتها بإمعان وعمق أو يتركها في رفها آمنة من سوء تقديره.
يكاد يُجمع معشر النقاد العرب على جور الجوائز العربية في مختلف الأجناس الإبداعية. رأيك في هذا؟
ــــ لا كرامة لنبي في قومه، وهذا ما يحصل مع الكتاب الحائزين على جوائز نزيهة، أن يُطعن في أحقيتهم بها، لأن لكل ناقد رؤيته الخاصة والبعض يحاول فرضها على الكل، وهذا الصراع تقع فيه سمعة الكاتب ضحية، لكن لا يصح إلا الصحيح والبقاء للقلم الأجود والأفضل.
إذا ما حاولنا المقارنة بين سوق الشعر الكاسدة بامتياز، ونظيرتها أو غريمتها الرواية، المقبولة والمطلوبة في حدود ومعدّل لا بأس به، ألا يمكن القول بأن هؤلاء الذين يحرّضون بجوائزهم على مثل هذه الهجرة، من الشعر إلى الرواية، غدروا بالممارسة الإبداعية المنتصرة للخطاب الإنساني التنويري التوعوي، لصالح الأشكال الكتابية الأخرى، المربحة وإن على حساب الترويج للقيم وتعزيز متون النص الأدبي بها...؟
ــــ الرواية بحر فسيح عميق، لا يسلم من الغرق فيه إلا كاتب موهوب، له من القدرة ما يحميه من الضياع في تيهها، وهناك للأسف من جرب السباحة في الرواية لكن لم يفلح في صنع الحدث الأدبي. وبقي عمله حبيس العتمة والرداءة.
الانتقال من الشعر إلى الرواية ليس بالأمر السيئ، فمن يملك الموهبة الفذة لا أحد يمنعه من خوض التجربة مادام قادرا على خوض غمارها، لكن أن يدخلها فاقدا للوسائل والتقنيات اللازمة لنجاحها.. قد يعبث باسمه كشاعر ويغتال حظوظه في التجربة مرة أخرى لأن القراء سينفرون من حرفه للأبد..
مدى حدود رضا ناهد بوخالفة عن منجزها الروائي "سيران "؟
ــــ لا أحد يمكنه أن يرضى بشكل تام عن عمله.. وإن فعل سيصيبه الغرور ثم الموت الأدبي.. كلما كان هناك انتقاد ذاتي وعدم رضا.. يكون الإبداع تصاعديا.
شخصيا، أعتز بالانتماء إلى شجرة الإنسانية، وأعتقد بالخطاب أو الرسالة العالمية، العابرة للحدود وجغرافيات العرق واللون والألسن.
نريد أدبا وثقافة تناهض شتّى أشكال التطرّف والعنف والنّعرات القومية الضيقة والإيديولوجيات الانفصالية.
إلى أيّ حدّ يمكن أن نجد مثل هذه المفاهيم الراقية والجميلة في رواية "سيران"؟
ــــ البطل عاش في المدينة.. ثم في الريف ثم عاد إلى المدينة ليعمل في علبة ليلية.. تعاطفه مع فتيات الليل زميلاته أكبر صورة على القيم الإنسانية التي يحملها هذا البطل.. تصالحه مع حادثة اغتصاب طفولته ومواصلته العيش.. تفاعله مع المنحوتة الصماء "سيران" وحديثه إليها وهذا التلاحم الروحي بينه وبين إحياء مدينته العريقة.. حنينه للماضي ووجود والدته في حياته.كلها مظاهر جميلة عن التعايش السلمي بين البطل ومحيطه.
غالبا ما يكون لذاكرة الطفولة حضورا طاغيا في الأعمال الأدبية الناجحة؟ هل لك صديقتي، أن تحدّثينا عن منسوب اشتغالك على هذه الثيمة في عملك المتوج؟
ـــــ الإنسان مجموعة تجارب وأحاسيس مترسبة متشكلة في جسد واحد، وما يطفو على سطح حياته ما هي إلا تفاصيل قديمة نامت في العمق لوقت معين ثم ظهرت لتعبر عن شخصيته وماضيه.. الطفولة مرحلة هامة جدا فيها من المنعرجات ما يغير تفكير وتصرفات الشخص..ويحدد مساره الحياتي خيرا أو شرا.. بؤسا أو سعادة. وهذا ما حاولت أن أتناوله في عملي الأدبي الأخير سيران، أن أصنع من حزن البطل قوة قاهرة للهموم ومنتصرة على الأحزان والشرور.
يبدو أن ميكانيزم السير ذاتي، يلوّن تدريجيا مشروعك الروائي، هل سنقرأ لك منجزا سرديا بملامح أكثر توهجا تلوذ بمثل هذه التقنية، في القادم؟
ـــــ أحاول أن أكون ثابتة راجحة، فالرواية مشروع ليس بالسهل أو الهين، فهو يتابع الشخصيات في كل مراحلها الهامة ليخرج للقراء بعمل يستحق القراءة والتطبيق على أرض الواقع.. وقد أفلح في المرات القادمة بأعمال جديدة أكثر إتقانا.. الأمر غير مؤكد لكنه مطمح وهدف
كلمة ختامية:
ـــ كل الشكر للجريدة وواضع الأسئلة الذي منحني جولة في داخلي.. وكأنني كنت في حاجة لمن يأخذني إلى هناك أمسح بنظرة عميقة على أرجائي الداخلية.كم هو مريح البوح بمكنوناتنا..
*شاعر وناقد مغربي


 0  0  522