×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

الجدار الصامت القاصة فداء الحديدي الاردن

الجدار الصامت

موهبتي منذ طفولتي كانت السبب في انهاء فترة التدريب قبل تعييني الرسمي في الصحيفة , كنت مجدا مجتهدا , كل الشخصيات كانت تحت أمري و أمر قلمي , احركها كيفما أشاء الاعبها متى أريد.
الجميع حولي ينتظر دوره , ظهوره العلني كان محكوما بقلمي , كنت مجبورا على انهاء العمل الموكول لي قبل أن يحل المساء , كلما انتهيت من رسمة علقوها حولي و أتوا بأخرى , أصبحت الجدران مليئة بكاريكاتيرات قلمي .
في صبيحة ذلك اليوم جاء أمر نقلي من مكاني إلى قسم لا أعرف عنه شيئا و لا يعرفني , أحيك الملابس , وأصلحهايدويا , كان اللون هو ذات اللون في كل مرة , أحيكه ثم يأتوني بمقاس جديد وأصلح كياته .
لم استطيع الاستفسار او الرفض , كنت مكسورا , كنت بحاجة ماسة للبقاء على قيد الحياة , سحبت الأقلام مني , ابقوا لي قلما ابيضا فقط لرسم حدود القميص ذو اللون الأزرق ؟
أصبحت ماهرا في الحياكة , أخيط وأصلح , على المقاس المناسب , الجميع حولي ينتظر دوره كان التاريخ يعيد نفسه لكنه بلون ودور جديد , كلما انتهيت من قميص أوكلوا لي قميصا آخر, تفننت في دقة المقاسات و الحياكة , تفننت في إخفاء البطون الكبيرة , اصبحت ماهرا في اخفاء العقود التي علقت في اعناقهم داخل ياقة القميص بحذر , تعملت أن يكون المقاس مناسبا تعلمت وتمرست أن أخفي اي عيب موجود اواي خلل منتظر ؟
تغير لون القلم الابيض الى الأزرق
اعادوا لي اوراقي البيضاء , أقلامي , الجميع ينتظر دوره حولي , رسمت بدقة حافظت على المقاسات صحيحة , إمتلئت جدران زنزانتي برسوماتهم الجديدة ,
في يومي الأخير قبل أن اغادر , من جديد كان افطارا شهيا , حلاوة شهية مليئة بالمكسرات , غلفت بأوراق الصحف القديمة , أكلتها على عجل , وقبل أن أقذفها بعيدا من يدي,, رأيت قلمي القديم بداخلها وصورة القميص الأزرق تكاد ان تتفق ازراره والحوت الأزرق يرتديه .


image

 0  0  234