×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مديرة التخرير سعاد العتابي

وسألني شاب عن الحُبّ.. بقلم: د. خالد بوزيان موساوي / المغرب

[CENTER]
image




وسألني شاب عن الحُبّ

سألني طالب جامعي (تلميذ سابق) على المسنجر:
ـ عفوا سيدي وأستاذي، لا تعتبر سؤالي من قلة الاحترام... لاحظت في كتاباتك المنشورة ما يشبه الشعر العذري.. هل تؤمن بالحب؟..
سؤاله أحرجني بالفعل.. ليس لكوني لا أتوفر عن إجابة.. ليس لأنه طرح سؤالا مخلا بالآداب العامة.. و ليس لأنه طالب علم، و كان عليه ألا يتجاوز في أسئلته مضامين البرنامج الدراسي... وأن يلزم حدوده كطالب ويحترم أستاذه، وألا يطرح عليه كذا أسئلة...
أحرجني أولا لأنه وجه سؤاله لي كرجل تربية... وعليّ بهذه الصفة أن أكون حذرا في الإجابة... لأن ردي سيكون بمثابة درس وعبرة وقدوة... خصوصا وأننا نعيش في مجتمع شرقي له معتقداته وعاداته وتقاليده وتمثلاته وطابوهاته..
ولأنه طرح سؤاله علي بصفتي أهل للثقة (كمثقف، وكأب، وكمدرس منفتح عن طلابه، وكصاحب تجربة في الحياة بحكم السن، و كصديق..).
ولأنه استفسرني ككاتب، وكقارئ ملم بالأدبيات المتمحورة حول موضوع الحب: الأدب العالمي عامة والعربي خاصة، قديمه وحديثه زاخر بتيمة "الحب" بكل تمظهراتها...
أجبته:
ـ نعم أؤمن بالحب.. هو هبة ربانية.. ولو آمن به كل البشر، لما أصبحت كل بقعة من بقاع المعمور بؤرة توتر وعنف وحرب وإراقة دماء...
قال لي:
ـ أقصد الحب بمعنى "العلاقة الغرامية" بين رجل و امرأة...
أجبته:
ـ العلاقة بين الرجل و المرأة لها مخرج واحد في ثقافة البشر عامة، وفي المجتمع الشرقي خاصة: الارتباط الشرعي، يعني الزواج..
سأل:
ـ وما الزواج؟... هل هو مجرد ورقة يكتبها "مأذون" ("عادل") بحضور شاهدين، ومهر، وحفلة..
أجبته:
ـ بل هو صورة مصغرة ل "مشروع مجتمع".. وإن شئت (بلغتك كطالب العلوم الاقتصادية)، هو مشروع شركة بين شريك وشريكة... قد يكون رأسمالها "الحب"، وقد يكون "مصلحة مشتركة"، وقد يكون "واجبا دينيا"، وقد يكون "إرضاءا للوالدين"... وفي كل الحالات، من لا يتوفر عن دخل مادي / مالي قار، وعن بيت... لا يمكنه تأسيس هذه الشركة..
قال:
ـ إذن، وفي وضعي هذا لن أتزوج حتى أشتغل.. وعلي أن أنتظر دوري طويلا في طابور جيش من الشباب العاطلين عن العمل... لكنني أحبها... والله أحبها... هل تطلب مني أن أؤجل حبي؟... مستحيل..
أجبته:
ـ لست أنا المشرع، ولست أمثل المجتمع ولا ناطقا باسمه... ولا صاحب فتاوي (حرام؟ حلال؟)... الحب شعور نبيل، هو السمو عينه، ونادر في زمننا.. أحيانا يكون صادقا وخالدا، وأحيانا مجرد نزوة عابرة... هو نار تضيء لحظات، وتحرق غالبا... لذا يتغنى به كل الشعراء، وأهل الفن، والفلاسفة...
لا تنتظر مني أن أنهيك عنه، لأن الحب عاصفة ثائرة، ولا تنتظر مني أن أنصحك.. لأن من في مثل سنك لا ينصاع لكل قواعد ومبادئ جيلي...
قال:
ـ ألم تكتب يوما: "لنحلم ما دام الحلم ممكنا"؟...
أجبت:
ـ نعم قلت.. ولا زلت أقولها.. لأننا لا ندفع ضرائب مقابل أحلامنا... فقط تأكد من شيء واحد، لن تحبك أية امرأة إن كنت فاشلا وضعيفا وسلبيا، ومجرد مظهر...
 0  0  414