×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مديرة التخرير سعاد العتابي

رصاصات إبداع أصابت الهدف مقدمة مجموعة (رصاص القلم) للقاص عبدالله الميّالي بقلم: الأستاذ الناقد حميد الحريزي

image


رصاصات إبداع أصابت الهدف

القصةُ القصيرةُ يمكن أن تمثّل مشهدًا مميَّزًا من الرواية، مشهد تخلّص مما علق به من زوائد السرد الروائي، وقد احترقت الدهون الزائدة في حرارة حنكة الكاتب، الذي تمكَّن من إزالة تجاعيد الإفاضة والإسهاب من وجه السرد، فتميَّزت القصة القصيرة الناجحة بالرشاقة والجمال ...
وإذا سلَّمنا بهذه الصفات للقصة القصيرة، فإنَّ القصة القصيرة جدًا تمثّل روح القصة القصيرة، كشجيرة تخلّصت من كل الأوراق والأغصان الزائدة، متعرية تمامًا عارضة جمالها الساحر أمام القارئ لا تحمل في يدها سوى ثمرة الإبداع المبهرة ...
فهي تكثيف حد الضغط والمزج، اختزال حد الخفة، بريق حد الومض، خاطفًا للبصر، مستفزًا للدماغ، محلقًا بالخيال، معانقًا الحكمة في العمق والإيجاز ...

image


مجموعة ((رصاص القلم)) للقاص عبدالله الميّالي، استوفت أغلب قصصها شروط القصة القصيرة جدًا من حيث الصياغة، واكسبها خيال الكاتب الخصب خاصية الجذب والتميّز .. فكانت أغلب القصص ذات خاتمة صادمة وامضة مُحكمة، هذه الخاتمة نرى أنها تمثّل ملح هذا الجنس السرد، الرشيق، الخفيف، المكثّف، العصيّ على الكتابة والإتقان إلا لمن امتلك الخيال الواسع والخبرة، وامتلك كنزًا من المفردة المدهشة، واطلاع واسع على هذا الفن الجميل...
تميّزت المجموعة في أغلب قصصها بوفائها لعنوانها (رصاص القلم)؛ لكونها وجّهت نيران النقد الحامية للسلطات الظالمة والفاسدة وإلى ممارساتها القمعية، وبذخها غير المشروع على حساب جوع وقهر الأغلبية من الجماهير التي تعاني من الفاقة، وانعدام الحرية .. فهو يهدي مجموعته (إلى كل زعيم وحاكم ..) لا حبًا وتقرُّبًا لهم بل لأنَّه يريد الخلاص منهم ...
كما أنها وجّهت رصاصها صوب سلوكيات الغدر والخيانة وعدم الوفاء في الحب، إذ دعا المُؤَلّفُ إلى سمو العلاقات بين الجنسين وصيانة كرامة المرأة في الحب والعمل والحياة .
رصاص القلم لم يغفل مظاهر الزيف والفساد والنفاق لبعض أدعياء التديّن وأدعياء الشرف والفضيلة، وهم يمارسون أقذر وأشنع أنواع الرذيلة والانحطاط الخلقي بعيدًا عن قيم الدين وقيم الإنسانية الفاضلة ...
كما أنّ رصاصات الميّالي، تحولت إلى مصابيحَ كاشفةٍ لعددٍ من الممارساتِ الإنسانيّةِ النبيلةِ من لَدُنِ الناس الميسورين والفقراء؛ إذ انمازت بالتضحية والإيثار والعطاء على الرّغمِ من فقر الحال وشحِّ ما في اليد. ليكونوا مثالًا في التضحية والإيثار وسمو الروح، كمضادٍ نوعيٍّ للقبح والقهر والأنانية السائدة في الواقع المعاش..
ولم تغفل رصاصاته سلوكيات التقليد الأعمى، والإدمان على العبودية، وسوء الظن عند بعض الناس، فكانت علامةً بارزةً لمجموعةٍ من قصصه الجميلة ..
لا نريد أن نؤشر هذه القصص فالمقال لا يسمح بذلك، نتمنى أن تكون محل اهتمام الناقد الفَطِن ..
وبذلك يمكننا القول: إنّ (رصاص القلم) هو رصاصٌ من غضبٍ يستهدفُ قلبَ القبح، والقهر، والفساد، والنفاق، ومصابيح من أمل تنير طريق المحبة والتضحية والإيثار والحب من أجل عالم أفضل وأجمل ..
حميد الحريزي
 0  0  300