×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

لو خَرَجتُ مِنّي عوالم نسائية حزينة الكاتبه ابتهال الشايب مصر

لو خَرَجتُ مِنّي
عوالم نسائية حزينة

قرأت مجموعة (لو خرجت مني) للكاتبة أسماء شهاب الدين والصادرة عن دار النسيم للنشر والتوزيع، شهاب الدين قاصة و روائية وطبيبة مصرية صدر لها عدد من المجموعات القصصية منها (ربما كالآخرين) عن الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية و (ابن النجوم) عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ورواية (الليل وأخفى) رواية عن دار أرابيسك للترجمة والنشر والتوزيع وأعمال أخري حاصلة على عدد من الجوائز منها المركز الأول مسابقة دبي الثقافية 2005 في فرع القصة القصيرة ، المركز الأول في القصة القصيرة مسابقة المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة 2009 المركز الأول في الرواية في المسابقة الإقليمية (أحمد فتحي عامر، مستشار دار الفكر العربي) برعاية دار أخبار اليوم في دورتها الأولى عام 2003
المجموعة بها 12 قصة، أغلب القصص يغلب عليها الطابع النسائي، المرأة التي تعاني وتحزن وتيأس وتأمل، يتجلى بداخل أغلب القصص مدى تفكير المرأة وعقلها الذي يحتار في فهمه الرجل، المشاعر الأنثوية والتي يقابلها برود من ناحية الرجل، طريقة سرد القصص تسير على نفس الوتيرة البطلة تحدّث نفسها ثم يأتي حدث لتسكمل البطلة حديثها عن ذكرياتها أو مشاعرها وهكذا.
كانت قصة (من يحرس الحراس؟ Quis custodiet ipsos custodies?) في رأيي من أمتع وأهم قصص المجموعة تحكي عن علاقة الطبيب بالمريض، الاحتياج والواجب ، القصة تحكي عن طبيبة نفسية تعالج أحدى المرضى وتلاحظ الطبيبة مدى التشابه بينه وبين حبيبها القديم ومن خلال القصة تستعرض حياتها الزوجية الروتينية وزواجها التقليدي الخانق حيث تقول "لا أعرف ما أريد حقًا، لم أرد ارتياد كلية الطب، لكني لم أرد دراسة جامعية أخرى، ولم أرد الزواج، لكني وضعت خاتم زواج في عنقي، ولم أرد الأطفال، لكن رحمي انتفخ بهم مرتين، ربما أردت.." ص 43
وتقول: لكن جسدي تخشّب في منتصف المسافة بمجرد أن أدركت إنها محاولة يائسة من امرأة عجوز ترتدي حلقة زواج ذهبية بلا بريق بفعل الزمن والأثار الجانبية لصابون تنظيف الصحون" ص 45
وتضيف" هذه الفتاة -المضيئة كهوليوود- ربما ستحميني من خزي محقق إذا نحت عينيك عن جسدها لتطالع أنت تلك البقعة البيضاء التي تفترش ذيل فستاني الكحلي - أحب فساتيني لقلبي - إذ ربما ينجح في أن يهبني صدرًا ناهدًا وخصرًا نحيفًا مثل الفتيات المضيئات، تلك البقعة التي ابتلني بها خديعة جديدة من قطرات الكلور المبيض (لايمكنني المفاخرة بغسيلي أمام الجارات)" ص 46 .
وتقول في نفس الصفحة "إن استقرار حلقة الزواج التي لم ولن اسميها دبلة الخطوبة بدلع شادية أو دبلة الزواج هي أول طريق الموات فعلًا "ص 46
وفي فقرة أخرى تؤكد برودة مشاعر الرجل" يقول الرجل صاحب الحلقة وعقد الزواج إنه يحب النوم على جنبه الأيمن. هكذا ببساطة يقوم بتجميد ما بيننا ويقضي على أي محاولة جديدة للبناء" ص 47
البطلة في حاجة للمشاعر وكانت تنتظر لقاء مريضها بفارغ الصبر وتقول" سيكون لي وحدي قد أسرق تربيته حانية أخرى سأختلسها قطعًا وبفرح ولذة" ص 48
وتستكمل" قد أفرح أكثر من أي وقت مضى لأني سأسمع خفقان قلبي أخيرًا قد أفرح أكثر من فرحي مع المتغطرس القديم وبالطبع أكثر بكثير من الرجل صاحب الحلقة ". ص 49
تفكّر البطلة في واجبها كطبيبة وتتذكر جملة الأستاذة الجامعية وهي تقول لها "من يحرس الحراس؟ كنت تحرسين مريضًا لكنك هدمت حصونك بنفسك". ص 49
تتذكر نصائحها حيث تقول "منحتكم عيونًا وسلاحًا فهل تحتاجون عيونًا لتراقب عيونكم " ص 50 ، فتبكي البطلة وتهرب بعيدًا.

وفي قصة "الوصايا العشر" التي تحكي عن وصية أم لابنها كل وصية تحوي رؤية معينة لأمور الحياة مثل القيامة الحب، القلم، النهر، الأرض، الموت، الزاد، المرأة الرجل والرجل المرأة والفرق بينهم.
قصة "السلام المعلق" بيننا تحكي عن امرأة أخرى حزينة. زوجة تكتشف خيانة زوجها لها مع الخادمة، استخدمت الكاتبة أسلوب ساحر دقيق في وصف الأشياء والذكريات والمشاعر.
أما قصة (لوخرجت مني) التي تحمل المجموعة اسمها كانت من أمتع القصص وبها عالمين منهم امرأة فقدت ابنها في الحرب وتعاني من الاكتئاب وأخرى الطبيبة النفسية المعالجة لها حيث تواسي الأخيرة الأم المكلومة وتقول لها وهي تحاول أن تقنع نفسها في نفس الوقت بهذا الكلام " سمها أحزانًا ودعي الأحزان تمر تتضوع في الهواء كعطرٍ لم نبلل به أجسادنا ولانحب رائحته، دعيها تختلط بماء المطر وبقع الملابس وتجري إلى المصارف والبالوعات كوّري الأحزان في قبضتك وألقها أرضًا ، وادهسيها بقدميك ولا تسأليني كيف؟ ما من كتاب أجاب عن هذا السؤال، أمسحيها في الأقراص وتناوليها مع كوب كبير من الماء بعد الفطور وبعد العشاء".ص 11
بقية القصص أيضًا تحوي أشكال مختلفة من معاناة المرأة التي فقدت حبيبها وتزوجت بأخر مثل قصة (رغم العيال والناس) أو تعاني من برودة مشاعر الزوج تجاهها مثل قصة (فتنة) أو الأم البسيطة التي تطهي الطعام وتطلب من ابنها أن يعمل رجل مطافيء لأن أختها ابتلعتها النيران كما في قصة "الذبول البطئ لرجل المطافئ" ، لكنك لم تشعر ببساطة هذه الأفكار المتكررة لإن أسلوب الكاتبة يجعلك ترى تفاصيل جديدة مختلفة في كل فكرة تقدمها، العناوين بعضها كلاسكيي والأخر جذّاب ،هناك بعض القصص التي جاءت غير متوافقة مع باقي أفكار المجموعة مثل قصة (الولد الذي خبأ الشمس في قميصه) والتي تحكي عن شاب لم ينهي دراسته و تم اعتقاله سياسيًا، وبينما كان يؤدي امتحانه خلف أسوار السجن ظل ينظر إلى النافذة حتى يرى نور الشمس من جديد ويستمع إلى أصوات الحياة مرة أخرى.
وهناك بعض الأفكار التي أراها عادية و لم تضف أفكار جديدة وكل الروعة التي تحتويها تكمن فقط في التفاصيل والأسلوب، أو ربما الأفكار جيدة ولكن تاهت وسط التفاصيل الكثيرة مثل قصة "الصمت" ، "السماء فقط " وقصة "العجلة" .
ابتهال الشايب



image
image
 0  0  492