×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

Haifaa Alhaj Hussin‎‏. "بطاقة حب"

‏‎Haifaa Alhaj Hussin‎‏.


"بطاقة حب"
.
تنقّلت في شركاتٍ خاصةٍ كثيرة قبل أن أحظى بفرصة العمل ضمن القطاع العام, ويا لحسن حظي أن العمل كان في المكان الأحب إلى قلبي والأقرب إلى تطلعاتي, في المركز الثقافي في بلدتي مصياف, المركز الأكثر نشاطاً في سورية وقيل على مستوى العالم كذلك.
كنت أذهب إليه في كل صباحٍ بإحساس الفراشة تلاحق ضوع الأزهار, أجل فقد أحببت جميع العاملين فيه وأحبوني, وعاصرت فيه مدراء رائعين كانوا كمثل الأهل, أحييهم جميعاً من هذه الشرفة الافتراضية الأستاذ رفعت عطفة وعلي العلي ومنذر عطفة وفاطمة الأحمد.
كان مكتبي الصغير جداً يتمتّع بالاستقلالية, ولا يشبه أبداً المكاتب الحكومية بل كان كمصغر ستديو فني خاص, رتّبته كما أحبّ بإشراف حبيبي الراحل, وزحمت جدرانه بصور أصدقائي وكتابي المفضّلين وصور عروض المسرح التي كانت تقام في صالته ورسوماتي. واكتظّت رفوفه بهدايا زوّاره من تحفٍ صغيرةٍ عبّروا فيها عن محبّتهم.
التقيت فيه بكل الشبان والشابات والأطفال أيضاً الذين كانوا ينشطون بفعالياتٍ يقيمها المركز بهم ومن أجلهم وكانت علاقتي بهم حميميّة جداً, وتعرّفت من خلاله بقاماتٍ أدبيةٍ وفنّيّةٍ مهمة, درّبت قلمي على الكتابة والاختزال من خلال وظيفتي التي كانت إحدى مهماتها اختزال المحاضرات والأمسيات الشعرية والأدبية.
تعرّفت على الكثير من روّاد المركز المثقفين الذين لولا دعمهم وتواجدهم لم يستمر المركز بارتقائه وحيويّته, وقد ودّعت بكلّ أسىً الكثير منهم وكانوا يغنون الأنشطة بتواجدهم الثقافي حضوراً وحواراً ففارقونا بموتٍ او سفر.
تورّطت بشراء الكثير من الكتب من خلال تواجد معارض الكتب في الصالة التي أشرفت عليها من مكتبي وللأسف تخليت عنها جميعها حين سافرت.
تركت في وطني ذكريات ثمينة وأهل, وكان من أهمّها سنين عملي في هذا المركز الذي كان يصارع من أجل البقاء والمحافظة على سويّته التي كانت مشرّفة ضمن الخطوط الحمراء التي كثيراً ما استطاع تجاوزها ومن خلال الظروف القاهرة التي أحاطت به أسوةً بكلّ الوطن.
ياللحياة! تورّطنا بالحب والأحباب في محطاتٍ عابرة ما تلبث أن ترغمنا على مفارقتها.
تتميّز بلدتي بقلعتها العريقة, وبمركزها الثقافي العريق أيضاً, وبغطائها الأخضر البديع, وبتنوّع مشارب الناس فيها وجمال انفتاحهم.
أعرف أن القلعة ما تزال صامدة, وأتمنى أن يصمد ما حولها من بشرٍ وشجر وروح المكان وفرادته.
شكراً للحياة التي منحتني كلّ هذا الحب حتى لو كان محطّةً عابرة فارقتها, ومرحباً بكلّ محطّةٍ جديدة آملةً أن تكون بذات الأهمّيّة والجمال.
image
image
image
image
 0  0  254