جمعية السلام الإسلاميَّة والجمعية المندائية والتجمع الإنساني الثقافي في كندا على "خُطى الإنسانية".. بقلم: د. مديح الصادق/ كندا
استنادا لنهجنا في التواصل مع كلّ أطياف المجتمع الإنساني عموما، والعربي خصوصا؛ وتلبية لدعوة الأخوة في جمعية السلام الإسلاميَّة في كندا، بشخص رئيسها، الإنسان النبيل خلقا وثقافة إنسانية، الشيخ الدكتور، السيد علي الجزائري؛ فقد حضرتُ ممثلا عن الجمعية المندائية في كندا، والتجمع الإنساني الثقافي وسط حفاوة استقبال المُضيِّفين الكرام، مشكورين؛ مجلس عزاء بمناسبة شهادة الإمام ( السجَّاد، علي بن الحسين ع ) يوم الجمعة 14 - 10 - 2017 وتشرفتُ بارتقاء المنبر بهذه الكلمة:
سيداتي الكريمات، سادتي الكرام
السلام عليكم
تشرَّفتُ بدعوتكم الكريمة التي أوصلها لي أخي الطيب، الشيخ الدكتور، السيد علي الجزائري مشكورا، والشكر لكم على حسن استقبالكم الذي منكم عهدناه.
ابتداء أعزيكم، وأعزي الأمة الإسلامية بشهادة الإمام ( علي بن الحسين) عليهما السلام، الذي لُقِّب بالسجَّاد، وزين العابدين؛ لكثرة تعبّده، وكيف لا وهو سليل بيت النبوة الطاهرين؟ وما قال فيه الفرزدق لقليل بحقِّه يوم ردَّ على هشام بن عبد الملك الذي أنكر شخصه يوم في الكعبة سُئِل عنه:
هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وطأتَهُ والبيتُ يعرفُ والحلُّ والحرَمُ
هذا ابنُ خيرِ عبادِ اللهِ كلِّهمُ هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلَمُ
لعلَّ موجز الكلام، وفي وقت محدود كهذا، لا يكفي للحديث عن كامل سيرة الإمام السجَّاد ع وهو الذي قال بحقه القول الحق أهل السنّة قبل أهل الشيعة، فقد قال الإمام الشافعي: "علي بن الحسين أفقه أهل المدينة " وقال الزهري وهو من معاصريه: " ما رأيتُ قرشيَّا أفضل منه" وقال الإمام مالك بن أنس عنه: " لُقِّب بالسجاد وزين العابدين لكثرة تعبّده" وقد ذُكر أنَّ هناك أناسا في المدينة لا يدرون من أين يأتي معاشهم، ولما توفي الإمام السجاد ع فقدوا ماكانوا يؤتون به في الليل، وقد كان بليغ اللسان نافذ البصيرة، من مؤلفاته ( الصحيفة السجَّادية ) و ( رسالة الحقوق ) التي ذكر فيها ( حقوق الله على الإنسان، حقوق نفسه عليه، حقوق أعضائه، حقوق الأفعال التي تبلغ خمسين حقا، وآخرها حقوق أهل الذمَّة ).
ومن محاسن الصدف أني اطلعت قبل يومين على ( حقوق أهل الذمة في صحيفته ) من خلال بحث لطالبة دكتوراه من جامعة الكوفة أرسلته لي للمراجعة اللغوية؛ واستوقفني فيه: "أمَّا حقوقُ أهلِ الذمَّةِ: أنْ تَقبـلَ منهُـم ما قبِلَ اللهُ عزَّ وجلَّ منهـُم، ولا تلطمْهـُم ما وفُّوا للهِ عزَّ وجلَّ بعهـدِهِ، وكفى بما جعلَ اللهُ لهـُم من ذمَّتِهِ وعهدِهِ، وتكِّلهُم إليهِ فيما طلبُوا من أنفسِهِم، وتَحكَّم فيهِم بما حكَمَ اللهُ بهِ على نفسِكَ فيما جرى بينَكَ وبينَهُم من مُعاملةٍ، وليَكنْ بينَكَ ومَنْ ظلَمَهُم من رعايةِ ذمَّةِ اللهِ والوفاءِ بعهدِهِ وعهدِ رسولِهِ؛ حائلٌ، فإنَّه بلغَنا أنَّهُ قالَ: " مَنْ ظلمَ مُعاهِداً كُنتُ خصمَهُ" فاتَّقِ اللهَ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاَّ باللهِ".
لقد استوقفني - وأنا أرتقي هذا المنبر الشريف - ما يجري اليوم في العراق الحبيب من متاجرة الأحزاب الحاكمة؛ بالدين، للحد الذي كرَّهوا من لا يعرف حقيقتهم بالدين، والاقتتال الطائفي هو انعكاس لهذا الصراع على المناصب ونهب الثروات، والتيار التكفيري وصنيعته داعش الذين لا يكفِّرون الأديان الأخرى القائمة فيما بين النهرين منذ القدم فحسب؛ بل المسلمين الذين يرون أنهم لما يصنعون مخالفون، وأنهم عن الإسلام خارجون، وما ارتكبوا من جرائم القتل والتشريد وهتك الأعراض وتهجير للأقليات الدينية وهتك الأعراض ونهب الأموال؛ شواهد على ما نقول، أما الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة فحدِّث ولا حرج، فأين هؤلاء من نهج الدين، وسيرة أهل البيت الكرام التي زورا يدَّعون؟ وآخر ما طالعنا محاولات تقسيم العراق حسب أهواء قادة فاسدين.
من هذا المنبر الشريف، وبهذه المناسبة الخالدة؛ نوجه خطابنا إلى أبناء شعبنا العراقي والعربي الأكارم، وكل الناس الطيبين في العالم؛ إلى أن يكون شعارنا ما قال الإمام علي بن أبي طالب ع: " الناس صنفان، إمَّا أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلق"
ونختتم خطابنا ببيتين مما قال الإمام زين العابدين ع
ليس الغريبُ غريبَ الشامِ واليمنِ إنَّ الغريبَ غريبُ اللحدِ والكفنِ
إنَّ الغريبَ له حقٌّ لغربتهِ على المُقيمينَ في الأوطانِ والسكنِ
والسلام عليكم.