أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

الكاتبه منى سالم ضرب الودع

ضرب الودع منى سالم
image


ضربتها الأمواج ، إقتلعتها من بين الصخور ، وكأن الموعد قد حان ، وقذفت الأصداف ما بداخلها من لآلي ، وتركت الموج يقذفها لتدفع بعضها بعضا . إلي أن استلقت علي الشاطئ ، فالتقطتها يد الغجرية مع حفنة من الرمال ودستها في منديلها الأحمر . لتسافر بلدانا كثيرة ، وقري بعيدة ونجوع . إلي أن حطت الرحال في مدينة كبيرة .
في أحد شوارعها مشت الغجرية تنادي بصوت صادح !
- أبين زين أبين ...... وأشوووف ...
تناهي الصوت إلي أبنه الثامنة عشرة وهي تلهو مع أخواتها فوق سطح منزلها و الأم تجلس قريبة منهم تلقي فتاتاً من الخبز إلي حمامات تتقافز حولها ..
قالت البنت ...
- سأنادي الغجرية تشوف لي البخت !!
- يابنتي دول حرامية ...؟
- نشوف علي السطح هنا . نادت البنت علي الغجرية .. صعدت .. كانت ترتدي ثوبا أسود اللون ،وعينيها سوداوتان مكحولتان باللون الأسود. و يديها خضبت بالحناء بسملت وحوقلت .. وافترشت الأرض، وجلست بجانبها،تشاهد ماذا تفعل .
جلست متربعة على الأرض فتحت منديلها الأحمر المربوط كالصرة ، وحركت ما بداخله من رمال وأصداف كبيرة وصغيرة ... والتقطت أكبرهم وقالت :
- خدي ... وشوشي الدكر !!
مدت يدها في بطء وهي تفكر ، لم يكن في بالها غير الحبيب الغائب ،والحياة التي تتمناها مع هذا الحبيب ، في سرها قالت ... كلمات ...
وهي تسمع هدير البحر في أذنها يشدو ... وصدي الموج يهدهد ضربات قلبها ... ناولتها الصدفة .، ووضعتها مع الأخريات ، وقذفت بهم علي الرمال .
وأخذت تحدق فيهم ، وتوصل بإصبعها المصبوغ بالحناء بين البعض منها وهي تهمس لنفسها متأملة خطوطها .
سكتت الغجرية عن الكلام .
وعادت تخط بإصبعها في الرمال ثم قالت :
- إثنان بيحبوكي ... وأول حرف من أسمهم ( ج ) ....واحد من لحمك ودمك ... والثاني ساكن في قلبك ...
كانت كلمات الغجرية تشبه لحنا تسمعه للمرة الأولي فلا تدري إن كان جميلا فتحبه ويعلق في رأسها.. أم هو لحنا كريها تمجه الأذن ولا يترك في النفس أي آثر ..
نقدت الغجرية قروشها وتابعتها حتى صارت في الشارع ، الذي خلا من الناس :
فعادت تصدح من جديد ....
- أبين زين أبين .... وأشو ووف !! ؟
*******
(ج 1) :
اعتصرتها الحياة وذابت في همومها ، ولما كان جيم في العمل غارقا .
كانت تقضي يوما في الأسبوع علي شاطئ البحر تلعب مع ابنتها... تجلس علي صخره ، تراقب البحر ، وتراقبها وتشير إليها وتقول :
- حاذري الموج ..
تدفع الأمواج بعضها البعض حتي تهدأ وتخور علي الشاطئ الرملي .
وزبد البحر يترقرق متدفقا إلي حيث تجلس تراقب البحر وابنتها تلهو مع الأطفال ، يضحكون ويلهون ...
تمد قدميها في الماء ، تغوص في الرمال ، يتدفق الماء نحوها في حنان يلامسها وهي تنظر إلي الأفق متجاوزة صخب البحر ولهو الأطفال حيث طيور بيضاء صغيرة تسبح بعيدة قرب الأفق ....
أحسست بالماء يجذب قدميها ، تكاد تقع لولا تماسكها ...
يرتطم بوجهها رذاذ الماء فيبلل شفتيها بملوحة استعذبتها .
تلتقط أنفاسها ، ويهدأ الخوف داخلها وصخب البحر يملأ الدنيا حولها ووشوشاته تطرق أذنيها كأنها تحاول أن تذكرها بشيء ... شي ما .... ؟
********
( ج 2 ) :
سنوات كثيرة مرت ولا تعرف سر انجذابها إلي رمال البحر !!
بدأ الحنين يطرق قلبها طرقات سريعة فيقترب البحر ووشوشاته صارت إلحاحا ينبئ عن شي لا تعرفه !!
شي قد تراه أو تسمعه أو .....
اليوم كان الشاطئ مزدحما ... شاهدته يحمل مظلته ويقف حائرا ... أين يرشق سهمها المدبب ..
أشارت إليه ، أمالت مظلتها قليلا إلي الخلف فأنفسح مكان يتسع بالكاد إلي مظلة هذا الحائر ... نظر إليها ممتنا .. وجلس سارحا في الماء الممتد إلي الأفق ...
قبل الغروب كاد الشاطئ يخلو من رواده ولم يعد في المكان سوي مظلتان وحيدتان . لرجل ينظر إلي أفق البحر .... وامرأة تحلق بعينين ناعستين إلي السماء ترقب طيرا حلق في الفضاء ...
عند الغروب ساعدها في طي مظلتها وظل يساعدها عند كل غروب .
حتي أتي عليهما غروب كانا يجلسان تحت مظلة واحدة بعدما اكتشفت أنه أيضا
( ج ) ...!!
حمل الرجل المظلة وأمسكت هي بذراعه وراحا يبتعدان عن الشاطئ ليعبرا الطريق إلي الجانب الآخر ...بعدما عبرا الطريق ... كانت علي الناصية المواجهة لهما تقف غير بعيدة .
غجرية تنادي بصوت صادح ....
- أبين زين أبين ... وأشوووووف ...
تمـــت
24/5/2007م

 0  0  503