×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

ذات مساء

image
ذات مساء
..لأول مرة كاملة ..
..
ذات مساء افترشتُ بساطىَ الأخضر
بين نخيل بستانى، وشُجيراتٍ بغصنٍ أزهر
وُريقاتُها جاوزتْ الجمال بباقاتِ ألوان تَسْحَر
خضراءُ الوريقات تتاخمنى وعلى إثرها التى بلون أحمر
تُدهشنى وُريقةٌ جمعتْ فى ألوانها الأبيض والأحمر والأصفر
تنقلت عينى الى ذهبية الوريقات منها تضوع عطر العنبر
جلبت القلم والمحبرة ودفترى ، عجباً : نسيت السكر
فقمت أحضره مع فنجانى وحفنة من فحمى الأسمر
ولما استويت فى جلستى تعجبت ؛ كيف لى أنْ أُبصر
فى عمق ليل إلا لو كنت بليل مقمر
..
فاذا القمر فى علياءه ظننته فى ليلة الثالث أو الخامس عشر
فلم يكن ينقصه غير ذلك القوس النحيل ليُبْدِر
تلك ليلة صيفية بديعة جلبت للخاطر جُلَّ ما يخطر
طابت قهوتى بعد أنْ سرت النارُ سريعا بفحمٍ تبدَّل أحمر
فجعلت أناوب رشفاتى وسط زفرات بدخان يُنْشَر
تسلل وجدانى خارجاً من صدرى شفيفاً و نديمٌ يظهر
يناجينى فاتجاهله فليس له غير حديث واحدٍ أشهر
..
فهتف بى ؛ أنصت فسوف أُحِيلُ كسرَ قلبك ؛ يُجبْر
وتابع ؛ انظر الى القمر ألا يذكرك بوجهٍ أزهر
فقلت ؛ كيف لا أذكر سَمِىَّ القمر، مُحاكيه فى الجمال وأكثر
فقال الوجدان إنَّه يشبه تلك الزهور .. بكل عبقٍ يعطر
لا بل يشبه ألوان وريقات بستانك الزاهية ..وصفٌ أجْدَر
بل كان سامقاً كتلك النخلة الملساء بمظهر
...
فقلت بل كان صفياً كهذى الليلة ، عزف ناى يجهر
فقال وجدانى ؛ ألا تشتاق لوجهٍ قمرىٍ يأسر ؟
وفتنةٍ بين الوجنتين وثغرٍ ولحظٍ وجبين يقطر
فقلت ؛ بل دام شوقى حتى غدوت بعض أنفاسه ، تصور !
ولسوف يستنشق رائحتى تحفه فمازلت أُلازِمُه وأحضر
وعندما يُطبِقُ جفنيه لن يجدَ ظلاماً بل يجد اسمى مُسطر
ولئن احتسى ماءه أكون رواءه العذبَ .. أثمله وأُسْكِر
فى لمحةٍ عاد وجدانى لداخلى يُثنى علىّ برضاه ويشكر
يكفكفُ عبَراتِ الروح المنهملة وبوحَ الأنين ليفتر
كان ذلك ذات مساءٍ لطالما تواتر فى عمرى وتكرر
..
سيد عفيفى
image
 0  0  391