×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

قصه سماح

قصة قصيرة

سماح

جمالها متواضع ككل شيء بحياتها ،أسرة فقيرة حياة بائسة أب مريض وأم مغلوبة على أمرها وأخوة صغار يقتاتون الهم والحزن من قلة الطعام ،حتى تعليمها توقف في منتصف الطريق لتعول الأسرة بدلا من الوالد ،عطف عليها القدر حين عملت بمشفى خاص لدى طبيب... ؛كان والدها يعمل سائقا عنده قبل أن يقعده المرض ،وﻷنها تعدت الثلاثين بقليل ولم يتقدم لخطبتها احد فلا مال ولا جمال ،قررت أن تنسى موضوع الزواج وتفرض "تكشيرة " على وجهها وكأنها هي من يرفض الرجال ،في كل صباح تستيقظ مبكرا لتذهب للمشفى فتركب" الميكروباص" بجوار السائق "حمدي" يتحدثان طوال الطريق عن الحياة فيشكو لها ضيق الحال وحلمه بامتلاك " ميكروباص" خاص به، فهو يعمل على هذا " الميكروباص" باليومية ،وتحكي هي له عن المشفى والمرضى الأغنياء؛ الذين يأتون للمشفى وكأنه منتجع للاستجمام والترفيه،يوما بعد يوم يشعر كل منهما بشعور غريب نحو اﻵخر وكأنه وجد نصفه اﻵخر لكن الفقر ظل حائلا بينهما ؛فالفقراء ليس من حقهم الزواج أو حتى اﻷحلام ،فظل الحب حبيسا بداخل كل منهما ﻻ يجرؤ على الفرار للألسنة والبوح به ،لكن العيون أبت أن تنكر ما يحمله القلب من مشاعر فأطلقت للنظرات العنان لتفضح مشاعرا كُبتت لسنين وآن الأوان لتنطلق بلا لجام، غيّر الحب الكثير من طباع "سماح " ورسم على وجهها ابتسامة الرضا ونظرات ملائكية فأصبحت ملاك رحمة - كما يقولون -،دعاها المدير لمكتبه وطلب منها أن تذهب لتمرض رجلا غنيا بـ" فيلته" بعد أن أجريت له عملية قلب مفتوح مؤخرا وأخبرها أن المرتب سيكون مجزيا فوافقت بكل ترحاب وفرحة وفى اليوم التالي ذهبت " لفيلا " "حسني بك " وقابلت زوجته؛ التي أخبرتها أنها لم تنجب وأن زوجها هو سندها الوحيد بالحياة وطلبت منها الاهتمام به ،صعدت " سماح " لحجرة المريض فكان راقدا على فراشه يتنفس بصعوبة فلم يلتئم الجرح بصدره وساقيه بعد، فالطبيب أخذ شريانين من ساقيه ليضعهما بقلبه فكان عليها أن تظل بجواره تراقبه حتى ﻻيتقلب في نومه ويظل راقدا على ظهره حتى يلتئم القفص الصدري من جديد ،ظلت "سماح "بجواره ﻻ يغمض لها جفن، تعطيه الدواء و" الحقن "بابتسامة رقيقة فينظر لها نظرة شكر وامتنان وفي الصباح تدعوها زوجته لتنام قليلا، فيما تظل هي بجواره بضعة ساعات قليلة حتى بدأت حالته تتحسن وسمح الطبيب للأقارب بالزيارة فمنهم من جاء ليطمئن عليه ويخشى موته ومنهم من تمنى له الموت ليرثه وكان شريف - ابن أخيه -" احد المتمنين موته ؛فهو وريثه الوحيد ؛بعد انتهاء " سماح " من عملها يوم الخميس طلبت من زوجة " حسني بك" أن تذهب لزيارة أهلها فوافقت وأعطتها مبلغا من المال على أن تعود يوم السبت لرعاية زوجها ،خرج " شريف " خلفها وعرض أن يوصلها خشية تعرضها للصوص والمتحرشين فركبت معه فإذا به يعرض عليها عرضا لم تتوقعه ،مبلغا كبيرا جدا فى مقابل أن تزيد جرعة الدواء لعمه فيمت بعد أيام ويبدو الموت طبيعيا ،رفضت العرض وطلبت منه أن تنزل من السيارة ولكنه دسّ بحقيبتها ظرفا دون أن تدري ،دخلت على والديها وأخوتها تحتضنهم بشوق ولهفة، فتحت حقيبتها لتخرج مرتبها وتعطيه لأمها ولكنها تفاجأت بالظرف داخل الحقيبة خبأته بسرعة ودخلت غرفتها لتفتح الحقيبة وتخرج الظرف فتحته فوجدت به مبلغا كبيرا ومكتوبا علي الظرف دفعة أولى، ظلت طوال الليل تنظر للظرف وتفكر كيف تفعل ذلك ؟ كيف تخالف ضميرها ومبادئها لا تستطع فعل ذلك فهي ليست قاتلة ولا يمكن أن تصبح يوما قاتلة لا؛لا ؛لايمكن.. عادت في اليوم التالي إلى "الفيلا " لتمارس عملها كممرضة وليست قاتلة تمتد يدها للدواء وتحلم بما يمكن للمال فعله بحياتها تتزوج " حمدي" ويشتري " الميكروباص " ويعيش أهلها حياة كريمة ولكن ضميرها يأبى فعل ذلك ويقف لها بالمرصاد ثم يأتي " شريف" لزيارة عمه يبتسم لها ابتسامة وحدها تفهمها ، وقبل أن يغادر يدس ظرفا آخر بحقيبتها تفتحه ليلا لتجد به مبلغا آخر ومكتوب على الظرف دفعة ثانية ،وتتوالى الزيارات وتتوالى الدفعات وضميرها يأبى فكرة القتل تضع المال بالحقيبة وتبدأ بِعَدِّه ليلا، تبتسم ثم تدسه مرة أخرى وتغمض عينيها وتحلم بالزواج من " حمدى " فهي لن تقتل ولن تخالف ضميرها مهما حدث حتى وان كان المال مجرد حلما ستعيده لصاحبه بعد أن تشبع من حلمها وان لم يتحقق ،مر أسبوعان وأراد الله أن يأخذ وديعته دون أن تفقد " سماح " ضميرها وتكون سببا فى موت " حسني بك"،سقطت زوجته مغشيا عليها وظلت" سماح" إلى جوارها بأمر الطبيب، حضر الجميع للعزاء دخل" شريف " على زوجة عمه ليطمئن عليها وحين خروجه همس في أذن " سماح" : شكرا لأن الوفاة بدت طبيعية.. هذه أخر دفعة ودس بيدها الظرف اﻷخير.

دﻻل أحمد الدﻻل
 0  0  477