×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

دراسة. نقدية تمثلات الـأنثروبولوجيا مقاربةٌ في كتاب " أمناجي ثواب ... وكوميديا الألم "

تمثلات الـأنثروبولوجيا
مقاربةٌ في كتاب " أمناجي ثواب ... وكوميديا الألم "
عبد الرقيب الوصابي

الأنثروبولوجيا هي علمُ الإنسان. وقد نحُتت الكلمة من كلمتين يونانيتين هما anthropos ومعناها "الإنسان" و logos ومعناها "علم". وعليه فإن المعنى اللفظي لإصطلاح الأنثروبولوجيا (anthropology) هو علمُ الإنسان.
وتعُرّف الأنثروبولوجيا تعريفاتٌ عدة أشهرها:
علمُ الإنسان
علمُ الإنسان وأعماله وسلوكه.
علمُ الجماعات البشرية وسلوكها وإنتاجها.
علمُ الإنسان من حيث هو كائنٌ طبيعي واجتماعي وحضاري.
علمُ الحضارات والمجتمعات البشرية.
هذهِ التعريفات هي "للأنثروبولوجيا العامّة"، ويمكنُ من خلال التعريف الرابع أن نعرفَ " الأنثروبولوجيا الاجتماعية " : بأنها علم الإنسان من حيث هو كائنٌ اجتماعي. (1)
وكتاب " أمناجي ثواب... وكوميديا الألم " هو ذاكرة شعبية سطر المؤلف بأسلوب سردي أخاذٍ التراث التهامي وما فيهِ من رقص وألعاب وعادات وتقاليدٍ؛ وما ينقلُهُ الرواة من حياة المجتمع في تهامة قبل ستين عاماً ؛ إضافةً إلى حكاياتٍ مختلفةٍ عن المقصدين" المنشدين " وعن عادات المجامع وثقافته الرائجة في تلك الحقبة الزمنية ؛ ولعل الناظرَ في سيرة أمناجي ثواب وشعره ؛ سيحدُ تجربةً فريدةُ ؛ صيغت في صورٍ بديعة وعميقة يتجلىَ فيها الإتقان والإحساس العالي ؛ شخصيةٍ عذبةٍ ومدهشةٍ من المرح والفكاهةٍ؛ الفكاهة التي يعرف صاحبها كيف يشكلها بذكاء بالغ من مفردات الحياة اليومية وتنوعاتها ؛ ومن لغة أهل الحرف والمتعاملين في الأسواق .
ولعل دراسات الأنثربولوجيا تهدف في مجمل اهتمامها إلى :-
- وصف مظاهر الحياة البشرية والحضارية وصفاً دقيقاً، وذلك عن طريق معايشة الباحث المجموعة أو الجماعة المدروسة، وتسجيل كلّ ما يقوم به أفرادها من سلوكيات في تعاملهم، في الحياة اليوميّة .
- تصنيف مظاهر الحياة البشرية والحضارية دراستها دراسة واقعية، وذلك للوصول إلى أنماط إنسانية عامة، في سياق الترتيب التطوّري الحضاري العام للإنسان : (بدائي- زراعي- صناعي معرفي تكنولوجي).
- تحديد أصول التغيّر الذي يحدث للإنسان، وأسباب هذا التغيّر وعملياته بدقّة علمية .. وذلك بالرجوع إلى التراث الإنساني وربطه بالحاضر من خلال المقارنة، وإيجاد عناصر التغيير المختلفة .
- استنتاج المؤشّرات والتوقعّات لاتّجاه التغيير المحتمل، في الظواهر الإنسانية / الحضارية التي تتمّم دراستها، وبالتصوّر بالتالي لإمكانية التنبؤ بمستقبل الجماعة البشرية التي أجريت عليها الدراسة. (لينتون، 1964، ص15).

والمؤلف يعرض في كتابه هذا سيرة شخصية معذبةٍ قلقة ؛ تعاني قلةَ ما في اليد؛ في مجتمعٍ ضيقٍ مليء بالجورِ والظلم والحسدِ والنميمةِ؛ والرزايا ؛ تنغصُ حياتُه أيمنا اتجهَ ؛ ففي عدنٍ تنغص حياتُــهُ بمحاولةِ اختطاف ابنهِ ؛ حتى كاد يتورطُ في محاولةِ قتلٍ أو أنَّــه قتل بالفعل؛ وأخيراً ؛ ينغصُ عليه في الحديدة التي كانت جلستهُ فيها ستكون حقاً حافلةً بالمسرات ؛ ونيلِ المرادِ ؛ الذي حوّل حياته إلى كابوسٍ ؛ ولكنَّه أقصدُ / مسعود ـ ويا للمفارقة ـ قد تسبب في جعل أمناجي ثواب يقولُ أجمل ما جمعَهُ المؤلف في دفتيِّ الكتاب من شعر .

لقد قام الجيلاني بدراسة " أمناجي ثواب " طبيعيًّا واجتماعيًّا وحضاريًّا؛ أي: أنه لم يدرسُهُ ككائن وحيد بذاته، أو منعزل عن أبناء جنسه، إنما قام بدراسته بوصفه كائنًا اجتماعيًّا بطبعه، يحيا في مجتمع لـه ميزاته الخاصة وفي مكان وزمان معينين؛ كما تتبع تحولات هذه الشخصيةِ وتحولات العالم من حولها؛ ورصد ملامح قلقها وعدم استقرارها ؛ ومحاولاتها للبحث عن مصدرٍ للرزق ؛ ما يحفُّ ذلك من مظاهرِ خفةِ الدم ومفارقات الحياةِ ؛ وإبراز ما تتمتع به شخصيةُ أمناجي ثواب من ميلها إلى المغامرة والطرافةِ والتعحيب...
 0  0  556