×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
المخرج محمد فرحان

مقال بعنوان: "القصيدة" من حِقب الجاهلية إلى عصر المعلوماتية

"القصيدة" من حِقب الجاهلية إلى عصر المعلوماتية
بقلم الكاتب: رابحي محمد إلياس
_________________________



يدعي الباحثون والمؤرخون أن أول من نطق الشعر وقاله وقيد القوافي هو "امرؤ القيس"، وبالنظر لذلك فإن هذا الشعر قد ولد بحوالي قرنين من الزمن قبل نزول الإسلام، ومنه فإننا نستنتج أن العمر الافتراضي للشعر هو ستة عشر قرنا أقل أو أكثر، لكن شعر "امرؤ القيس" لم يبقى كما هو طوال هذه المدة، فقد طرأت عليه تغييرات وإن كانت ربما قليلة وبطيئة إلا أنها تعتبر مهمة وقد غيرت إن صح القول مسار "القصيدة" أيّما تغيير.
ما هو الشعر؟
"ليس الشعر إلا وليد الشعور, والشعور تأثرُ وانفعال رؤى وأحاسيس عاطفةٍ ووجدان وصورُ تعبيراتٍ وألفاظٍ تكسو التعبير رونقا خاصا ونغما موسيقيا ملائما, إنّه سطور لامعه في غياهب العقل الباطن تمدّها بذالك اللمعان ومضات الذهن وإدراك العقل الواعي.." (عبد الله إدريس).
"الشعر هو الكلام الموزون المقفى .. ليس هذا هو الشعر بالطبع، بل الشعر هو أسمى القول الإنساني الذي تدره عواطف النفس فتتفجر الكلمات في فضاء التعبير والبوح.. تخاطب الذات والآخر في تواصل أصيل عريق وتفاعل جميل بديع.."( بن علية رابحي).
أما الشعر بمفهومه التقليدي فهو: "الكلام الموزون المقفى الدال على معنى"
أصل أجناس الشِعر:
يعتبر الشعر العمودي أساس الشعر العربي وجذوره، وهو أصل جميع أنواع الشعر التي أتت بعده، ويعتمد هذا النوع من الشعر في كتابته على قواعد "الخليل ابن أحمد الفراهدي" وهذه القواعد تدعى علم العروض وهو علم يهتم بوزنٍ يحببه إلى الأذن ويحافظ له على أصالته، ويقوم هذا النوع من الشعر بعد نية الشاعر في إيصال فكرته على أربعة أسس هي اللفظ والوزن والمعنى والقافية، وتتميز قصيدة الشعر العمودي بأنها تُغنى وتلحن بسهولة ويسر، كما أنه من السهل حفظها والتغني بها حسب حالة المتلقي النفسية من حزن وشجن وفرح..
أفرع الشعر الهجينة:
قلنا سابقا أن الشعر العمودي هو أصل أنواع الشعر العربي، فقد أتت بعده أنواع يمكن تسميتها بالهجينة، منها ما يعتمد على الوزن القافية كحال هذا الأخير، ومنه من لا يملك لا وزنا ولا قافية.

1- القصيدة النثرية:
قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، ليس له من ضرورة غير رغبة الشاعر في البناء خارجاً عن كلّ تحديد، وشيء مضطرب، إيحاءات لا نهائية، ولقصيدة النثر إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخلية، والتي تعتمد على الألفاظ وتتابعها، والصور وتكاملها، والحالة العامة للقصيدة.

2- الشعر الحر:
نوع من أنواع الشعر لا يتبع فيه الشاعر القواعد التقليدية لكتابة الشعر، فلا يتقيد الشاعر ببحر واحد أو قافية واحدة أو إيقاع واحد. وبظهور الشعر الحُر، بدأ الشعراء يكتبون على نهج جديد باستخدامهم أعدادًا غير منتظمة من المقاطع في البيت الواحد وقافية غير موحدة وأوزانًا متداخلة ونهايات غريبة الإيقاع في الأبيات، ولكن ليس الشعر الحُر حُرًا من كل قيد، فهو يستخدم فنونًا شعرية أساسيةً مثل تكرار الحرف الواحد وتكرار الكلمات.

تلقي أصناف الشعر في الخطاب النقدي:
- في ما يخص الشعر العمودي والذي هو الصنف الأول من الشعر، فإنه من البديهي أن الباحثين والنقاد قد يلجئون إلى "علم العروض" بصفته العلم الذي يحدد ميزان الشعر، لمعرفة قدرة الشاعر ونقد أعماله وبيان الصحيح منها من المكسور.

- إنَّ إشكاليات قصيدة النثر العربية تبدأ من المصطلح، إذ أنَّ كثيرا من النقاد والباحثين لا يميزون بينها وبين (الشعر الحر)، حتى أنَّ بعضهم أخذ يتحدث عن ريادة نازك الملائكة لها في حين أنَّ الشاعرة والناقدة المذكورة كانت من أشد خصوم هذه القصيدة. أما علاقة قصيدة النثر بأنموذج الشعر المنثور الذي ظهر في الربع الأول من القرن العشرين، فهو محل إشكالية أخرى، إذ يذهب قسم من النقاد إلى أنَّ الاثنين لا يعدوان أن يكونا تسميتين لنمط كتابي واحد، في حين يرى آخرون أنهما جنسان مختلفان كل الاختلاف، لأنَّ لكل منهما خصائصه وهذا الرأي هو الأصح، ويعد الإيقاع إشكالية أخرى من إشكاليات هذه القصيدة، إذ يزعم دعاتها أنَّ لها إيقاعا خاصا يفوق إيقاع القصيدة التقليدية القائم على الوزن، بينما ينكر الخصوم هذا الإيقاع جملة وتفصيلا.

- اتخذ الشعر الحر قبل البدايات الفعلية له في الخمسينيات مسميات وأنماطا مختلفة كانت مدار بحث من قبل النقاد والباحثين، فقد أطلقوا عليه في إرهاصاته الأولى منذ الثلاثينيات اسم "الشعر المرسل" و"النظم المرسل المنطلق" و"الشعر الجديد" و"شعر التفعيلة"، أما بعد الخمسينيات فقد أطلق عليه مسمى "الشعر الحر".

خاتمة الكاتب:
تعتبر هذه المقالة البسيطة والتي أعتبرها مقصرة في حق قرائنا، عبارة عن رأي لكاتب شاب أراد أن يقدم مجمل ما يعرفه ليقارن بين موضوع قد أثار الكثير من الجدل ألا وهو (الشعر العمودي والشعر الحر ثم قصيدة النثر)، فاعذرونا إن وجدتم منا أخطاء أو تناقضات فكلنا قد نخطئ وكلامي هذا ليس منزلا من أعالي السماء وليس معصوما من الخطأ، وأرجو أن يساهم الشعراء والنقاد والمثقفون في مناقشة هذه المواضيع وإغنائها بما يعرفون ولا أعرف، فعلى جميع من يعنيهم حاضر ومستقبل هذا الموضوع أن يساهموا وأن يشركوا أنفسهم وأقلامهم وهمهم في هذا الأمر، ولا ننسى أن نقدم الشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاز هذه الأسطر من قريب وبعيد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..




مصادر ومراجع
__________


عبد العزيز موافي: قصيدة النثر من المرجعية إلى التأسيس
أحمد عبد المعطي حجازي: القصيدة الخرساء
مصطفى حركات: أوزان الشعر..الدار الثقافية للنشر-القاهرة
 0  0  596