لوحة -والفنان محمد بن فهمي جماليات اللون والمعنى الباطني
لوحة -والفنان محمد بن فهمي
جماليات اللون والمعنى الباطني
ان ما ينفرد به الفنان فهمي في اغلب اعمالة الفنية هو الجمالية في استخدام الالوان الاساسية وتدرجاتها المتنوعة ناهيك عن المزاوجة ما بين الالون المكملة اي الثانوية والالوان الاساسية وتدرجاتها المختلفة حتى تجعلك ان تقف مبهورا امام هذه الكتل اللونية المختلفة والتي تخفي تحت بطانتها اسرار الموضوعة التي يراد ايصالها للمتذوق فاذا كان اللون هو واحد من اسرار الطبيعة سواء في عالمها المادي او الميتافيزيقي ولم تسطع كل النظريات النفسية والاجتماعية والفلسفية من اكتشاف اسرارة المكتنزة في ماهيتة بل انها وضعت لنا معاير وانطباعات بحثية مختلفة قد نتفق او نختلف معها في طبيعة هذا المعيار الا ان بعضها اصبح جزءا من الثقافة العامة عبر مدلولاتها المختلفة فاللون الاسود مثلا يدل على الحزن والابيض يدل على النقاء وهكذا بقية الالوان ودلالاتها التي فرضت علينا فرضا في الذاكرة المعرفية وليس في الجانب العقلي والتجريبي سواء جاءت هذه الدلالات المعرفية عبر صفة التشبية في الطبيعة او لاغراض سياسية مختلفة كما في دولة السواد ودولة البياض في العصور الاسلامية المختلفة حيث كانت الرايات تحمل في حينها معاني ودلالات سياسية وغير سياسية واستمرت هذة المعاني والدلالات الى يومنا هذا عبر الرايات المختلفة التي لا تتجاوز دلالاتها ما اشرنا الية سابقا واذا ما اردنا التمعن قليلا في تلك المعاني والدلالات فاننا بالتاكيد سوف لم نتجاوز الذاكرة المعرفية فاللون الاحمر مثلا وبحكم صفة التشبية للدم البشري وغيرة من الكائنات الحية ما هو الا دلالة عن الموت والقتل والرعب والثورة والخوف ولا يمكن لذاكرتنا المعرفية ان تصفة على انه دلالة حب وسلام وتالف ونقاء ولهذا نكون نحن البشر عموما مسيرين لتلك المعاني وليس مخيرين في البحث عن اسرار اللون بعدما وضعتنا تلك الاراء امام حقائق ودلالات شبة مطلقة لايمكن لنا من تجاوزها الا عبر رؤية الفنان وانطباعاتة المختلفة اثناء انتقاء واختيار الالوان في لوحاتة الفنية كما سبق للمخرج السينمائي دي سيكا ان غير كل الالوان الطبيغة بالوان مختلفة والتي تعبر عن وجهة نظر بطله الذي كان يعاني من حالة نفسية جعلتة ان ينظر للالوان برؤية اخرى عير الانطباع الذهني لدى دي سيكا في تفسير وتحليل الالوان الطبيعية والتي لم تشكل صدمة لدى المتفرج في عملية التناقض في الالوان ضمن وحدة البناء الدرامي بل انه استوعبها على انها وجهة نظر الشخصية التي تعاني من ازمة نفسية وبهذا نجح المخرج في ايصال انطباعة الذاتي الى المتفرج ذالك الانطباع الذي تحول الى مدرسة واتجاه في الادب والفن عموما عبر المدرسة الانطباعية والتي تركز على مفهوم الانطباع الذهني ومن اهم روادها اميل زولا وكلود مونية ومن خصائصها في مدرارس الفنون التشكيلية هي مدرسة الالوان المشرقة والمزاوجة ما بين اطياف الالوان المختلفة حتى كتب عنها اندرية ا- انا احس اذن انا موجود -وهي بعيدة كل البعد عن المدرسة الرمزية والتكعيبية في توظيف اللون على انه رمز عقلي وحسي على حد سواء وهو اشبة بالوتر الموسيقي كما قال عنها فاجنر
ولكي نضع بصمنا ورؤيتنا عن جمالية اللون في اعمال الفنان المتالق فهمي لابد من التركيز على انطباعاتنا الذاتية والتي تكمن من خلال متابعاتنا للاعمال الفنان و عن مدى علاقة الشكل بالمضمون او العلاقة ما بين المحتوى والشكل الجمالي وهل من الممكن ان يكون الشكل متناقض مع المحتوى ام متوافق معه ام مكمل ام ان لكل منها له عالمة الخاص وحسب الانطباع الحسي والذهني للفنان الذي يسعى ان يقدم لنا عالم خاص لم نكتشف اسرارة على الرغم من اننا جزء منه ولهذا قد ياتي المحتوى احيانا في المرتبة الثانية او العكس هو الصحيح انطلاق من ان كل منهما له عالم ومفهوم فكري وفلسفي وجمالي كما في مفهوم المدرسة الشكلية او قد بتوافق احيانا وقد يتناقض حسب رؤية الفنان وطبيعة المنهج الذي يتبناه وهذا ما اشعرنا به الفنان فهمي في لوحاتة المختلفة والتي تركز غالبا على جماليات الشكل واللون ويترك المتذوق في حرية كاملة لاستنباط المحتوى والذي يستشعر به كل متلقي وحسب قدرتة الفكرية والحسية والذوقبة ناهيك عن الاسقاطات المختلفة لكل متلقي سواء كانت تلك الاسقاطات في العقل الشعوري ام اللاشعوري وبهذا تكتسب لوحاتة صفة المطلق في مفهوم المحتوى وليس حالة محددة في الزمان والمكان ولهذا اعتقد بان اعمالة الفنية قد تجاوزت مفهوم الزمان والمكان المحدد وان المحتوى يدرك حسب طبيعة المتلقي وبغض النظر عن الزمان والمكان اي ان المحتوى في هذه الاعمال يمكن ان يصلح لكل زمان ومكان وبهذا حقق الفنان فهمي ما لم يحققة الكثير من الفنانين حول مفهوم الانطباع الذهني اوانه اختلف عنهم في تفسير مفهوم الانطباع عبر استخدام الالوان والاهتمام بالجانب الجمالي ومنحة المرتبة الاولى اي مفهوم الجمال اللاواقعي المستنبط من الواقع عبر رؤية الفنان وترسيخ مفهوم قديم وجديد على ان الجمال مفارق للواقع وهي مهمة لا بد من الخضوع لها لان الجمال يرتبط بمعاير وقيم مختلفة منها الاخلاق والالتزام مثلاوالتي تختلف عن مفهوم كلمة الفن العائمة في مفهوم المحاكاة ما بين محاكاة الواقع او محاكاة المثل الا ان هنالك امرا اخلاقيا في اساس كل نتاج جمالي وهذا ما يؤكدة الفنان فهمي وبهذا يضعنا امام معايير وقيم جمالية غير متحققة في الواقع بكل تجلياتة وعلينا بالبحث عنها وكشف اسرارها اولا في مكنونات الذات البشرية قبل النظر الى الطبيعة والبحث عن اسرارها الغير مكتشفة ومنها ماهية الالون وبهذا يضعنا الفنان فهمي امام محاكاة الذات عبر جماليات اللون وهي ليست محاكاة افلاطونية مثالية ولا محاكاة ارسطية للواقع بل هي محاكاة للذات الداخلية وتطهيرها من كل الامراض المكتسبة والمتوارثة جينيا او اجتماعيا اوالخ وبهذا يكتسب المتذوق عبر هذا المفهوم للمحاكاة الحرية المطلقة في التخيل عبر الوعي الذهني والحسي على حد سواء للكشف عن مكنوناتة الداخلية التي تصيبة احيانا بالفرح او الحزن او الفرح المركب او الحزن المركب احيانا وهذا ما اصابي عند مشاهدة اعمال الفنان فهمي حيث غالبا ما تكون الفرحة والبهجة تسري في مشاعرنا عبر الالوان الحارة والباردة وتدرجاتها اللونية التي تصيبك بنوع من النشوة الموقتة ثم ينتابك الحزن رويدا رويدا وانت تتامل الالوان التي تحرقك تارة وتطفئ لهيب مشاعرك تارة اخرى وما بين سعير اللهب وجماد المشاعر تقف مبهورا وباحثا عن رمزية الا لوان وما تعكسة من دلالات في روحك الغير المستقرة في موضع محدد حتى تكاد ان تصرخ ولو بصمت ولا تعرف ان كانت هذه الصرخة صرخة الم ام صرخة فرح
شكرا للفنا ن المبدع فهمي الذي جعلني ان ارى مكنوناتي الداخلية عبر اللون وجمالياتة المستخدمة كما ارى صوري في المرايا المختلفة الابعاد البؤرية
د طارق المالكي
ملاحظة- انا على بقين ان كل من يشاهد اعمال الفنان محمد بن فهمي سيخرج بانطباع قد يختلف او بتفق معي في الرؤيا