" فتاةٌ بقرش "
قصة قصيرة
" فتاةٌ بقرش "
جلس بجوار جدته لأُمه والتى تعيش مع خاله الأكبر فى احدى قُرى الصعيد والتى تخطت أعتاب التسعين ربيعاً ،ونخر الخَرَفُ فى ذاكرتها،فقالت له: من أنت ،قال : أنا محمود ابن" إحسان " ، قالت : كيف حال أُمك ، قال: لقد ماتت أُمى منذ عامين يا جدتى. قالت :وكيف حال أبيك. قال : بخير . قالت : وكيف حالُ أولادك. قال :لم أتزوجُ بعد يا جدتى .فسكتت قليلاً ثم قالت: إذا تزوجتَ فأختر " فتاةً بقرش " فنظر إليها يسألها عن قصدها ، فإذا بالنعاس يغلبها فنامت، فتركها وخرج وكلماتها تؤزُّ سمعه أزَّاً فأتجه نحو بيت أُخته الكبرى يسألها عن معنى كلمات جدته .فأجابته قائلاً: إن جدتك أصابها الخَرَف فلا تؤاخذها فيما تقول. وبعد أشهر فاتَحَ أباهُ فى موضوع الزواج فأذِن له فى أختيار العروسة.فراح يسأل أصدقائه تاراً وأقاربه تاراً وأخته تارة عن بنات القرية وأيهن أكثر أخلاقاً وجمالا ، وبعد بحث طويل ،ما وجد ضالته.وفى احدى زياراته لأخته أشارت عليه بزيارة خالته - والتى تقطن العاصمة - فلديها بنات جميلات فقالت: اذهب والقى نظرة ولن تخسر شيئ . فسافر إلى خالته فوصل اليوم التالى ظهراً فأستقبلته بترحاب شديد ،واعدت له غداء فخماً،وبعد أن فرغ منه جلس بجوارها وفاتحها فى سبب الزيارة ، فقالت: سوف نُريك بضاعتُنا ، فنادت على ابنتها الكبرى، فأقبلت نحوهما كظبيةٌ تتمايل، يخطفُ جمالها الأبصار. فقالت الأُم: تقدمى وسلمى على ابن خالتك فسلمت عليه فقالت الأم : أُنظرى إليه جيداً ، وقالت له : أنظر إليها جيداً، فأحمرَّ وجهُ الفتاة وانصرفت مهرولة، فقال :لن أتركها لغيرى ، فضحكت الأم وقالت : وأنا لن أجد من هو أفضل منك يا ابن الغالية . ولكن ابنتى غالية إنها " فتاةٌ بقرش" فقال : لحظة يا خالتى، كررى ما قُلْتِِ ، قالت إن ابنتى غالية إنها " فتاةٌ بقرش" . قال : لقد قالت لى أُمك اختر " فتاة بقرش" لكنى لم أفهم ،فماذا تقصدين .قالت : حينما ناديت على ابنتى ونَظَرَتْ إليكَ ونَظَرتَ إليها ماالذى جذبك فيها .قال: غمَّازتُها الغائرة فى خدّيها . قالت إن الغمازات الغائرة فى الخدّ يُكنّى عنها فى العائلة وبعض عائلات الصعيد " بقرش الحَلا " فضحك، فزغردت الأمُ وامتلأ البيتُ بالزغاريد!.
بقلم/ سيد طه يوسف .
" فتاةٌ بقرش "
جلس بجوار جدته لأُمه والتى تعيش مع خاله الأكبر فى احدى قُرى الصعيد والتى تخطت أعتاب التسعين ربيعاً ،ونخر الخَرَفُ فى ذاكرتها،فقالت له: من أنت ،قال : أنا محمود ابن" إحسان " ، قالت : كيف حال أُمك ، قال: لقد ماتت أُمى منذ عامين يا جدتى. قالت :وكيف حال أبيك. قال : بخير . قالت : وكيف حالُ أولادك. قال :لم أتزوجُ بعد يا جدتى .فسكتت قليلاً ثم قالت: إذا تزوجتَ فأختر " فتاةً بقرش " فنظر إليها يسألها عن قصدها ، فإذا بالنعاس يغلبها فنامت، فتركها وخرج وكلماتها تؤزُّ سمعه أزَّاً فأتجه نحو بيت أُخته الكبرى يسألها عن معنى كلمات جدته .فأجابته قائلاً: إن جدتك أصابها الخَرَف فلا تؤاخذها فيما تقول. وبعد أشهر فاتَحَ أباهُ فى موضوع الزواج فأذِن له فى أختيار العروسة.فراح يسأل أصدقائه تاراً وأقاربه تاراً وأخته تارة عن بنات القرية وأيهن أكثر أخلاقاً وجمالا ، وبعد بحث طويل ،ما وجد ضالته.وفى احدى زياراته لأخته أشارت عليه بزيارة خالته - والتى تقطن العاصمة - فلديها بنات جميلات فقالت: اذهب والقى نظرة ولن تخسر شيئ . فسافر إلى خالته فوصل اليوم التالى ظهراً فأستقبلته بترحاب شديد ،واعدت له غداء فخماً،وبعد أن فرغ منه جلس بجوارها وفاتحها فى سبب الزيارة ، فقالت: سوف نُريك بضاعتُنا ، فنادت على ابنتها الكبرى، فأقبلت نحوهما كظبيةٌ تتمايل، يخطفُ جمالها الأبصار. فقالت الأُم: تقدمى وسلمى على ابن خالتك فسلمت عليه فقالت الأم : أُنظرى إليه جيداً ، وقالت له : أنظر إليها جيداً، فأحمرَّ وجهُ الفتاة وانصرفت مهرولة، فقال :لن أتركها لغيرى ، فضحكت الأم وقالت : وأنا لن أجد من هو أفضل منك يا ابن الغالية . ولكن ابنتى غالية إنها " فتاةٌ بقرش" فقال : لحظة يا خالتى، كررى ما قُلْتِِ ، قالت إن ابنتى غالية إنها " فتاةٌ بقرش" . قال : لقد قالت لى أُمك اختر " فتاة بقرش" لكنى لم أفهم ،فماذا تقصدين .قالت : حينما ناديت على ابنتى ونَظَرَتْ إليكَ ونَظَرتَ إليها ماالذى جذبك فيها .قال: غمَّازتُها الغائرة فى خدّيها . قالت إن الغمازات الغائرة فى الخدّ يُكنّى عنها فى العائلة وبعض عائلات الصعيد " بقرش الحَلا " فضحك، فزغردت الأمُ وامتلأ البيتُ بالزغاريد!.
بقلم/ سيد طه يوسف .