نبيه أبو الحسن بقلم ميشلين أبي سلوم
نبيه أبو الحسن
بقلم ميشلين أبي سلوم
الجنون هو النقيض الكلّي للوعي التام للذات، وعلى ما يبدو أنّ فناننا الكبير الراحل نبيه أبو الحسن، استطاع الجمع بين هاتين الصفتين “الأخوَت” والعاقل في شخصيّته، بتطرّف محمود في كلتي الحالتين، فهو وإن استهلك شخصيّة “أخوت شانيه” مسرحيًّا وتلفزيونيًّا، فإنّه مشى تلك الدرب بوعيه اللافت لخطواته، بتعاون إخراجيّ مع أبرز الأسماء التي صنعت هويّة المسرح اللبنانيّ الحديث، مثل جلال خوري وريمون جبارة وبرج فازليان، كما اشترك في أكثر من عمل مع حسن علاء الدين (شوشو)، والأمر عينه مع الكتّاب والملحّنين وصنّاع السينوغرافيا.
هكذا وضع “الأخوت” الوقت كلّه بين أيدٍ أمينة، لتتراكم التجربة، وتترسّخ الصورة، ويصبح أخوت شانيه رمزًا للمجنون الفطن الذي “يجدبها” حينما يريد، ويتعملق بأفكار خلّاقة حينما تقتضي الحاجة. ثنائيّة الحرّ الذي يهرب أو يتهرّب من الخدمة العسكريّة ومشقة الفلاحة والضرورات الاجتماعيّة، فينصرف إلى مزاجه وفلسفته الخاصّة للحياة، مسخّفًا بالقضايا الكبرى، متأمّلًا بأدقّ التفاصيل التي تبدو عابرة من ناحيتنا.
ربّما “أخوت شانيه” الأوّل لم يكن كذلك، فنحن لا نعرف عنه سوى النزر اليسير من السيرة، حيث أنّ التاريخ ينشغل عمومًا بالملوك والفاتحين ورجال الدين. لكنّ نبيه أبو الحسن مدّ يده إلى ما هو أبعد من مائتي سنة، صوّب تلك البلدة المتربّعة على رابية في جبل لبنان. قطف منها مجنونها حسن حمزة وأعاد تركيبه وترتيبه على المسرح والشاشة، ليكون ندًّا للأمير بشير الثاني الشهابيّ الكبير. وهي واحدة من حسنات الفنّ، قوّته بليّ عنق التاريخ، وظفره بالحقيقة التي يجب أن تكون وليس التي كانت.
بقلم ميشلين أبي سلوم
الجنون هو النقيض الكلّي للوعي التام للذات، وعلى ما يبدو أنّ فناننا الكبير الراحل نبيه أبو الحسن، استطاع الجمع بين هاتين الصفتين “الأخوَت” والعاقل في شخصيّته، بتطرّف محمود في كلتي الحالتين، فهو وإن استهلك شخصيّة “أخوت شانيه” مسرحيًّا وتلفزيونيًّا، فإنّه مشى تلك الدرب بوعيه اللافت لخطواته، بتعاون إخراجيّ مع أبرز الأسماء التي صنعت هويّة المسرح اللبنانيّ الحديث، مثل جلال خوري وريمون جبارة وبرج فازليان، كما اشترك في أكثر من عمل مع حسن علاء الدين (شوشو)، والأمر عينه مع الكتّاب والملحّنين وصنّاع السينوغرافيا.
هكذا وضع “الأخوت” الوقت كلّه بين أيدٍ أمينة، لتتراكم التجربة، وتترسّخ الصورة، ويصبح أخوت شانيه رمزًا للمجنون الفطن الذي “يجدبها” حينما يريد، ويتعملق بأفكار خلّاقة حينما تقتضي الحاجة. ثنائيّة الحرّ الذي يهرب أو يتهرّب من الخدمة العسكريّة ومشقة الفلاحة والضرورات الاجتماعيّة، فينصرف إلى مزاجه وفلسفته الخاصّة للحياة، مسخّفًا بالقضايا الكبرى، متأمّلًا بأدقّ التفاصيل التي تبدو عابرة من ناحيتنا.
ربّما “أخوت شانيه” الأوّل لم يكن كذلك، فنحن لا نعرف عنه سوى النزر اليسير من السيرة، حيث أنّ التاريخ ينشغل عمومًا بالملوك والفاتحين ورجال الدين. لكنّ نبيه أبو الحسن مدّ يده إلى ما هو أبعد من مائتي سنة، صوّب تلك البلدة المتربّعة على رابية في جبل لبنان. قطف منها مجنونها حسن حمزة وأعاد تركيبه وترتيبه على المسرح والشاشة، ليكون ندًّا للأمير بشير الثاني الشهابيّ الكبير. وهي واحدة من حسنات الفنّ، قوّته بليّ عنق التاريخ، وظفره بالحقيقة التي يجب أن تكون وليس التي كانت.