أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

أثر العقوبات الأمريكية علي داعمي حرب السودان ( الإمارات ومليشيا فاغنر نموذجا)

أثر العقوبات الأمريكية علي داعمي حرب السودان               ( الإمارات ومليشيا فاغنر نموذجا)
 أثر العقوبات الأمريكية علي داعمي حرب السودان
( الإمارات ومليشيا فاغنر نموذجا)
لم يطرأ في أذهان الكثيرين من السودانيين بصفة عامة وسكان الخرطوم بصفة خاصة أن الساعات التي اطلقها الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية لحسم تمرد مليشيا الدعم السريع سوف يمتد الي أشهر طويلة وربما عام عاني فيه السكان الآمرين( القتل أو التشريد) ، حيث ساهم الدعم الخارجي ( العسكري واللوجستي ) بصورة كبيرة في إطالتها خاصة دعم دولة الإمارات صاحبت النصيب الأكبر من الدعم، حيث ساهمت وبشكل كبير في إستمرار الحرب حتى الآن،علي الرغم من العقوبات الأميركية التي تم فرضها على مسؤولي مليشيا الدعم السريع، المتهمة بإرتكاب جرائم حرب متعددة ، إلا أن هذه العقوبات لم تنجح في الحد من تمددها إلا إذا أقنعت الولايات المتحدة الأمريكية حليفتها الإمارات بوقف دعمها للمليشيا، بقيادة محمد حمدان دقلو ولاحقا" شقيقه عبد الرحيم وبعض القيادات الأخري للمليشيا.
حيث فرضت الولايات المتحدة في سبتمبر من العام ٢٠٢٣م عقوبات على قادة المليشيا الإرهابية، التي تقاتل الجيش منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣م حتى الآن يناير ٢٠٢٤م.
وأعلنت الخارجية الأميركية فرض قيود على التأشيرات تخص عبد الرحمن جمعة قائد قوات المليشيا بغرب دارفور، بسبب تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان، كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق محمد حمدان دقلو المدعو (حميدتي) لدور الجماعة شبه العسكرية في انتهاكات حقوق الإنسان.
وتعتبر هذه العقوبات خطوة مهمة في الحد من حراك قيادات المليشيا الإرهابية وتوسيع دائرة الحرب وإطالة أمدها.
قد تشير هذه الخطوات إلى تحول في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصراع في السودان، إلا أن واشنطن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود للمساعدة في إنهاء العنف.
وكانت الحكومة الأميركية قد فرضت أيضا" في يونيو من العام ٢٠٢٣م عقوبات على كيانات تجارية مرتبطة بكل من الجيش ومليشيا الدعم السريع أبرزها شركة الجنيد الخاصة بالمليشيا ومنظومة الصناعات الدفاعية الخاصة بالجيش، ما يشير إلى وقوف واشنطن على مسافة واحدة تجاه الأطراف المتحاربة ظاهريا" وجوهريا" مع الطرف الاقوى للحفاظ علي مصالحها الاستراتيجية.
ومع ذلك، فإن العقوبات الأميركية الأخيرة التي استهدفت مليشيا الدعم السريع فقط، تشير إلى تحول طفيف في السياسة الأميركية تجاه هذه المليشيا التي وصلت جرائمها إلى مستوى غير مسبوق، حيث وصفت حميدتي بحليف مجموعة فاغنر الروسية في السودان، حيث لم يكن بوسع الولايات المتحدة الأمريكية تجاهل حليف فاغنر في السودان، إذ يتذكر العديد من المشرعين الأميركيين الإبادة الجماعية في دارفور عام ٢٠٠٣م التي ارتكبتها مليشيا الجنجويد سيئة السمعة،حيث شردت الآلاف من سكان دارفور تحت قيادة المتمرد حميدتي.
و نلاحظ أن الولايات المتحدة من خلال الموجة الجديدة من العقوبات أوضحت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي بينما يكرر الجنجويد الجدد أعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبوها في دارفور وينشرون الفوضى في البلاد.
وفي حين أن لدى الحكومة الأميركية العديد من المخاوف أيضا بشأن سلوك قوات الجيش السوداني، إلا أن هناك فرقا" واضحا" بين الجيش المنظم والمحترف والمليشيا العائلية التي تتلقى المشورة من مجموعة فاغنر التي تدير بشكل مشترك مناجم الذهب المرتبطة بروسيا.
كما نلاحظ أن هذه العقوبات تفتقر إلى القوة ولن تعيق قوات مليشيا الدعم السريع عسكريا" بسبب الشبكة المالية الواسعة للمجموعة التي تعمل من دولة الإمارات العربية المتحدة.
كذلك نلاحظ أن الاستراتيجية المالية لمليشيا الدعم السريع تشبه كثيرا" بل تبدو مُلهمَة من تلك التي اعتمدتها مجموعة فاغنر، إذ أنشأ حميدتي شبكة هائلة من شركات الظل يديرها شقيقه الأصغر القوني حمدان دقلو في دبي.
و تواجه الولايات المتحدة الأمريكية صعوبة في التعامل مع امتثال شريكها الخليجي للعقوبات، حيث قال مسؤول إماراتي إن بلاده تؤكد عدم انحيازها إلى أي طرف في النزاع الحالي في السودان وأنها تسعى إلى إنهائه، وتدعو إلى احترام سيادة السودان الشقيق. وذكر المسؤول الذي لم يكشف عن هويته، بأن الإمارات دعت منذ بداية الصراع إلى وقف التصعيد، وبدء الحوار، لافتا" إلى أنها دعمت مسار العملية السياسية في السودان والجهود المبذولة لتحقيق التوافق الوطني نحو تشكيل الحكومة.
إلى ذلك ذكر ذات المسؤول بالجهود التي بذلتها بلاده لتقديم يد العون للسودانيين من خلال المساعدات وخص بالذكر بناءها لمستشفى في تشاد والذي تكفل بعلاج نحو سبعة آلاف حالة منذ تأسيسه.
وخلال العام المنصرم٢٠٢٣م زار مسؤولون كبار من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الإمارات العربية للضغط عليها بشأن التعامل مع روسيا لإنهاء الإقتتال الدائر في السودان والبحث عن سبل أفضل لتكوين علاقة جيدة مع النظام الحاكم في السودان.
لذلك علي واشنطن بذل جهد أكبر بالضغط على الإمارات لوقف شحنات الأسلحة إلى مليشيا الدعم السريع، التي إستلمت العشرات من شحنات الأسلحة الإماراتية عبر مطار أم جرس التشادي.
كذلك يجب على واشنطن أن تعمل بشكل وثيق مع الإمارات لكشف الإمبراطورية المالية لمليشيا الدعم السريع واستهداف هذه الكيانات التي تمول الجرائم ضد الإنسانية في السودان،
حيث أظهرت لقطات جديدة من السودان حصول المليشيا على أسلحة متطورة جديدة في الآونة الأخيرة.
وكانت إحدى الطائرات بدون طيار التي أسقطتها القوات المسلحة السودانية تحمل علامات تشير إلى أنها مصنوعة في صربيا وتم بيعها إلى الإمارات.
وأظهر مقطع آخر صاروخا مضادا" للدبابات في يد أحد جنود المليشيا، وهو صاروخ قدمته مليشيا فاغنر مقابل ذهب مليشيا الدعم السريع، التي استخدمت كلا السلاحين في هجومها الأخير في جنوب الخرطوم.
ومع ذلك لم تقم الحكومة الأميركية بإدانة شحنات الأسلحة الإماراتية.
ثلاثاء 11:13 ص
إيناس
إيناس أبو حسن قدال
وفي مقابلة حديثة مع برنامج (بي بي اس نيوز آور) PBS NewsHour، أكدت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أن الأسلحة تدخل السودان عبر الدول المجاورة، لكنها لم تذكر هذه الدول بالاسم.
ولم تكن مليشيا الدعم السريع تمتلك هذه الأسلحة المتقدمة عندما بدأت الجماعة حملتها للاستيلاء على السلطة في أبريل ٢٠٢٣م، حيث نجحت نوعا ما من مهاجمة قواعد الجيش المحصنة والأحياء المدنية المحيطة بها قبل أن يغير الجيش خطته في إدارة المعركة والتي حسمت جغرافيا" لصالحه إلا من بعض المناطق .
ويؤدي استمرار وصول شحنات الأسلحة المتقدمة هذه لأيدي مليشيا الدعم السريع إلى إطالة أمد الصراع في السودان ويمنح منتهكي حقوق الإنسان المزيد من القوة لارتكاب المزيد من الفظائع، حيث أن إيقاف تدفق هذه الشحنات من الأسلحة يمكن أن يغير بشكل جذري ميزان القوى في ساحة المعركة لأنه سيحد من قدرة مليشيا الدعم السريع على مهاجمة القوات المسلحة السودانية وقواعدها.
كذلك سوف تؤدي هذه الخطوة أيضا إلى تجميد مشروع فاغنر للذهب في السودان، والذي يساعد في تمويل الهجوم الروسي على أوكرانيا.
حيث تتمتع واشنطن بالنفوذ للتأثير على الإمارات العربية المتحدة للتخلي عن تحالفها مع حميدتي وشقيقه ومتابعة مصالحها الاستراتيجية الأخرى في المنطقة.
وعلى الرغم من العثرات الأخيرة في العلاقات الثنائية، تظل الإمارات العربية المتحدة شريكا أمنيا" واقتصاديا" أساسيا" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفي المقابل للإمارات مصالح حيوية في موانئ السودان وأراضيه الزراعية، أبرزها الإعلان وقبل أشهر من الحرب، عن مشروع بقيمة ٦ مليارات دولار على البحر الأحمر في شرق السودان، حيث يتضمن المشروع ميناء جديدا" ومطارا" وطريقا" إلى منطقة زراعية في شمال السودان ، ويمكن خدمة هذه المصالح دون دعم ميليشيا حميدتي، حيث يمكن تحقيق ذلك في ظل دولة مستقرة مسالمة.
والجدير بالذكر أن سكان شرق وشمال السودان يتشاركون العداء الشديد تجاه مليشيا الدعم السريع، حيث لجأ العديد من الضحايا إلى هناك.
ونتيجة لدعمها لمليشيا الدعم السريع، تلحق الإمارات الضرر بصورتها العامة ومصالحها الاستراتيجية طويلة المدى في السودان.
كذلك لابد من فرض عقوبات شبه مباشرة علي الدول التي توفر حاضنة وعبور لهذه المليشيا.
ولكي تحقق هذه العقوبات أهدافها بإيقاف الصراع لابد من فرض عقوبات مشددت علي أفراد من النظام الحاكم في دولة الإمارات وبالأخص راس الدولة محمد بن زايد الذي يعتبر العقل المدبر والمحرك للمليشيا المتمردة اذا لم يقتصر دعمها عسكريا" بل إمتد الي نقل عدد من مصابي المليشيا لتلقى العلاج في مستشفياتها ومرافقها الصحية في تحدى واضح للمجتمع المحلي والإقليمي والدولي الذي يسعى لوقف الحرب والمحافظة علي سيادة الدولة السودانية وعودتها للمحافل الإقليمية والدولية.

د. إيناس ابو حسن قدال
باحث في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية